• Thursday, 28 March 2024
logo
طارق كاريزي

طارق كاريزي

الجيش ورموز المذهب

طارق كاريزي هناك تفاوت كبير بين المؤسسات الامنية والعسكرية العراقية بين عهدين، والفاصل بينهما هو عام 2003. فقد كانت المؤسسات الامنية للدولة العراقية قبل ذلك التاريخ مؤسسات قمعية يهابها المواطن بشكل رهيب. بغض النظر عن المهام الامنية التي كانت تؤديها تلك المؤسسات، الا انها انزاحت عن مسار المهام الوطنية لتتحول الى مؤسسة قمعية تمارس الارهاب ضد المواطنين وتتعامل بمنتهى القسوة مع معارضي النظام. فقد تحولت أغلب مؤسسات الامن الداخلي الى اجهزة قمعية رهيبة خصوصا خلال فترة حكم البعث (1968-2003) ومارست شتى صنوف التجاوزات المخلة بحقوق الانسان والمواطنة. أما الجيش قبل عام 2003، رغم حرفتيه العالية التي ورثها منذ تأسيسه على يد البريطانيين، فقد تحول هو الآخر الى أداة طيعة لتحقيق سياسات النظام والدخول في لجة الصراعات والحروب الداخلية والخارجية التي لم تنقطع طوال عقود متتالية. كل ذلك شكل عبأ اقتصاديا على كاهل الدولة العراقية وساهم في تعطيل عجلة النمو والتقدم وتسبب في خسائر بشرية ومادية هائلة، انعكست سلبيا على مختلف نواحي حياة المواطنين. بعد عام 2003 تغيرت الحالة بشكل كبير. فقد تحطم الصندوق الحديدي المغلق الذي كان بحجم الوطن بأكمله، ورفعت القوى السياسية التي تولت مقاليد السلطة بعد التغيير شعارات الحرية والديمقراطية. ومع كل ملاحظاتنا على واقع حال العراق والعراقيين بعد 2003، خصوصا وان المخاض قد طال واوغلت الاطراف التي تسلمت السلطات في الفساد وسوء الادارة، الا ان الاوضاع بعد التغيير قد أشرت وبقوّة الى تحولات ايجابية كبيرة في الواقع العراقي. نترك موضوع سلبيات الواقع الحالي للعراق، ونتحدث عن امور ايجابية لا يمكن غض الطرف عنها، قوى الامن الداخلي الحالية ليست قوى قمعية بل هي قوات تمارس اعمالها ضمن سقف القوانين والتعليمات السارية المفعول. والجيش العراقي الحالي قد خاض حربا وطنية شرسة ضد الارهاب وخرج منها برصيد طيب. وتعد عموم منظومة الدفاع العراقية منظومة وطنية وهي بالفعل جزء من الشعب والشارع العراقي، تتعامل بحيادية تامة مع تداعيات الازمة السياسية. وأود التشديد هنا على الجيش العراقي الحالي الذي يمارس واجباته بحرفية عالية. المشهد الوحيد الذي يستوجب التوقف عنده هو حالة من التجاوب العاطفي الذي يظهره الجيش العراقي بنسبة ما في بعض المواقع، هذا التجاوب المتمثل برفع الاعلام والشعارات الدينية (المذهبية) التي لا تتوافق بالمطلق من الهوية الوطنية للجيش. فليس من الحرفية في شيء ان تجد أعلاما تحمل صورا ورموزا وشعارات طائفية في مواقع الجيش ونقاط تفتيشه وامكان تمركزه.
Top