• Saturday, 20 April 2024
logo

الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية ل"كولان": لن نبني نهضة بدون إغلاق "حنفيات " الفساد ..ومجانية التعليم والصحة حقوق مشروعة لكل مواطن

الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية ل
الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية فى مصر هو طبيب وأحد القيادات السابقة لجماعة الإخوان المسلمين ،شغل موقع الأمين العام لإتحاد الأطباء العرب سنوات طويلة ،وأسس لجان الإغاثة العربية ،التى عملت فى مناطق الكوارث والأزمات .ولأبوالفتوح تاريخ حافل فى النضال ضد الإستبداد ،بدأ منذ شبابه الباكر ،ومازالت صورته عالقة فى الأذهان وهو طالب جامعى يرد على الرئيس الأسبق أنور السادات بجرأة وشجاعة ،دفع ثمنهما غاليا من حريته ،إذ دخل المعتقلات خلال عهد السادات ،ثم خلفه حسنى مبارك ،الذى عارض أبو الفتوح كثيرا من سياساته ،ولاسيما قضية "التوريث "،وعند إندلاع الثورة المصرية كان فى مقدمة صفوفها .
ولم تكن معارك أبو الفتوح مع خصومه السياسيين فقط ،بل امتدت إلى داخل جماعة الإخوان المسلمين التى ينسب له الفضل مع بعض أقرانه فى إعادة إحيائها من جديد فى السبعينات من القرن الماضى ،بعد دخول معظم قياداتها إلى سجون عبد الناصر ،وكان أبو الفتوح يدعو إلى إصلاح وتجديد فى كيان الجماعة ،وهو ماقوبل بالرفض أو التحفظ من كثير من قياداتها ،وبعد الثورة لم يلتزم أبو الفتوح بقرار الجماعة ،ورشح نفسه للرئاسة ففصله الإخوان المسلمون .
ورغم الإنفتاح والتسامح الذى يميز شخصية أبو الفتوح منذ وقت مبكر،والذى جعل علاقاته ممتدة بكل رموز مصر وأطيافها المختلفة ،إلا أن المراقبين يرصدون تطورا كبيرا فى خطابه بعد الترشح للرئاسة،والبعض يرى أنه تحول من قيادى إخوانى محدود إلى زعيم يسعى لطرح نفسه على الشعب المصرى بمختلف توجهاته .وفى حوارنا معه بدا أبو الفتوح مصمما على خوض المعركة الإنتخابية حتى نهاياتها بنفسية المنتصر ،رغم ما يستشعره من محاولات وضغوط قوى داخلية وخارجية لتشكيل ماهية القادم إلى كرسى الرئاسة فى مصر .


*أجرى الحوار: أسماء الحسينى



كولان: مر عام على الثورة كيف تقيم ما أنجزته وما أخفقت فيه ،وهل مصر اليوم فى خطر ؟
-هناك صراع إرادات موجود حتى هذه اللحظة،من قبل أعداء الثورة ،وهم بقايا النظام القديم على وجه التحديد ،من الفاسدين والمستفيدين ،وجزء منهم هو تنظيم البلطجية ،الذى كان الأداة القمعية للنظام السابق ،ومازالت بقايا ذلك النظام تستخدمه حتى اليوم ،سواء لترهيب أعداء النظام السابق ،أو لتعويق العملية الإقتصادية ،لإثارة الفزع الأمنى ،وهذا يعبر عن صراع إرادات يتفاعل ،لكن ثبت على مدار العام الماضى أن الإرادة الشعبية الثورية هى التى تنتصر ،وأن الثورة مستمرة كما أراد الشعب المصرى ،ولن تتوقف إلى أن تحقق أهدافها ،وان الثورة والشعب المصرى مازالا قادرين على تقديم شهداء من أجل إستقرار ثورتهم ،التى تتلخص أهدافها الرئيسية فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية ،وبالتالى لم يتخل الشعب عن ثورته .

كولان: ألا تخشى مثل آخرين من أن يتم إجهاض الثورة أو إختطافها ؟
-هذا لن يحدث ،والشعب المصرى لن يسكت ،وهذا ليس كلام ،ودليلى على هذا أنه عندما تأخر الموجودون فى السلطة على تقديم رموز النظام للمحاكمة خرج الشعب المصرى غاضبا فتم تقديمهم للمحاكمة ،وعندما تأخروا فى إجراء الإنتخابات البرلمانية خرج الشعب المصرى والثوار، فأعلنوا عن إجراء الإنتخابات البرلمانية ،وتباطئوا فى الإعلان عن الإنتخابات الرئاسية فخرج الشعب المصرى فحددوا موعدها ،أى أن كل خطوة من الخطوات الهامة من مسار الثورة تمت بشهداء جدد ،ونتمنى ألا يتكرر هذا ،لكن هذا إعلان ثابت من الشعب المصرى أن لديه إستعداد لتقديم شهداء جدد ،إذا ماحاول أى طرف معادى للثورة أن يلتف حولها أو يعوق أهدافها ،وإذا نظرنا إلى آداء الإدارة الحالية للبلد التى يمثلها المجلس العسكرى والحكومة سواء حكومة الدكتور عصام شرف أو حكومة الدكتور كمال الجنزورى نجده آداء بطيئا مرتبكا فيه سوء إدارة ،إنعكس على أوضاع العام الماضى كله من عمر الثورة .

كولان: لكن الشعب نفسه أصبح به إنقسامات ..هناك من هم مع الجيش وآخرون مع الثورة ..من وصلوا للبرلمان ومن خارجه ؟
-أنا لا أسمى مايحدث إنقسامات ،فكل الشعب المصرى مع الجيش ،والجيش والشعب مازالا يد واحدة كما أعلنت الثورة ،والآداء السىء والبطيىء للمجلس العسكرى لا يعنى أن الشعب المصرى انفصل عن الجيش ،أو أن الجيش انفصل عن الشعب ،ومايفسره البعض أنه إنقسامات أو استقطابات أنا أراه مخاضا ديمقراطيا ،وطبيعي أن يمر به الناس ،وهم يعبرون من مرحلة الكبت والمصادرة إلى مرحلة الحرية والديمقراطية ،وأن تكون آراء هنا وهناك ،لكن لايمكن أن يكون إنقساما ،لأن شعبنا غير قابل للإنقسام أصلا ،والحمد لله ليس لدينا صراعات عرقية أو دينية أو طائفية ،فالشعب المصرى كله رضينا أم لم نرض كله قطعة واحدة ،أما الخلافات فى الآراء التى تطرح فى الساحة على خلفية المواقف السياسية المختلفة ،فهى نتاج طبيعى لحالة الحريات والديمقراطية .

كولان: ومتى ينتهى صراع الإرادات ؟
-عندما تؤسس الجمهورية الثانية ويتم إنتخاب رئيس ووضع دستور ،حينئذ تكون بداية نهاية صراع الإرادات ،وليس نهايتها ،لأنه سيكون وقتها هناك سلطة تنفيذية ورئيس للدولة ،وأدوات الدولة التى لن تذهب ،وكان حسنى مبارك يستخدم هذه الأدوات لصالحه وليس لصالح الوطن ،وهذه الأدوات جميعا من أجهزة أمن وجيش ومخابرات ومؤسسات سياسية وإقتصادية ،ستتحول فى الجمهورية الثانية من مؤسسات للرئيس إلى مؤسسات للوطن ،وبالتالى ستكون هذه هى البداية .

كولان: ذكرت أخطاء المجلس العسكرى ..فى رأيك إلى أى إرادة من الإرادات يميل ؟
-هو فى الحقيقة تتدافعه إرادات ،وأنا لا أشكك فيه أبدا ،ولست مع من يتهمون المجلس العسكرى بالخيانة وعدم الوطنية ولكننى أصفه أنه بطىء ومرتبك وسىء الآداء ،لكن أن نضعه فى مصاف أعداء الثورة أو الخونة فأنا ضد ذلك ،وضد إستخدام أوصاف التكفير والتخوين عند إختلافنا مع بعضنا البعض ،فالخطأ خطأ ،لكن لاينبغى أن نذهب إلى أبعد من ذلك ،ووصف من يرتكب الخطأ بأنه خائن أو كافر أو غير ذلك ،فهذه المصطلحات ليست لها قيمة ،وتؤدى إلى مزيد من الإبتعاد وعدم تعاون الناس مع بعضهم .

كولان: البعض يرى أن قيادات المؤسسة العسكرية هى من منظومة مبارك وآداؤها لايختلف عن تلك المنظومة ،كيف ستتصرف معها إذا وصلت لكرسى الرئاسة ؟
-هذه القيادات حينما ينتهى دورها السياسى ستعود لدورها العسكرى ،وعندها سيتوقف البطء وسوء الإدارة والإرتباك ،لأن هذه الأخطاء صاحبت دورهم السياسى ،الذى عندما ينتهى سيعودون إلى دورهم الطبيعى ،كضباط فى الجيش أو المؤسسة العسكرية ،وهو الدور الذى يجيدونه ،وقد كانت الكارثة أنهم إنتقلوا إلى دور لايجيدونه فى العمل السياسى ،والخطأ الذى وقعنا فيه جميعا كشعب وكثورة ويجب أن نعترف به ،أننا فوضناهم ضمنا لإدارة شئون البلاد ،وقد أداروها لكن بإمكانياتهم ،وبهذا الأسلوب الذى رأينا ،لكن الوقت الآن لايسمح بإرباك المشهد السياسى والوطنى كله بأن نطلب منهم الذهاب اليوم ،نعم سيذهبون لكن بعد الإنتخابات الرئاسية ،وقد انتهى دورهم التشريعى بإنتخاب المؤسسة البرلمانية ،وسينتهى دورهم التنفيذى بإنتخاب رئيس للدولة .

كولان: هناك حديث عن خروج آمن للمجلس العسكرى ،وحديث آخر عن صلاحيات أكبر للجيش فى المرحلة المقبلة ..كيف ترى ذلك ؟
-الجيش لاينبغى أن تتغير صلاحياته عما هو منصوص عليه فى الدستور القديم ،وهو أن دوره الوحيد هو حماية حدود الوطن،وأن يفخر ويعتز بذلك كجيش ،أما مسألة الخروج الآمن أوالمحاكمة وما إلى ذلك لأى طرف موجود فى السلطة سواء لحكومتى شرف أو الجنزورى أو المجلس العسكرى ،فأنا مع مصطلح الخروج العادل ،ومن أخطأ يحاسب ،أيا كان مدنيا أو عسكريا ،صغيرا أم كبيرا ،لأنه لايمكن تصور ألا تتم محاسبة كل من تلوثت أياديه بدماء المصريين ،ولايملك رئيس الدولة ولا البرلمان ولا أى مؤسسة أن تفرط فى ذلك ،ويتم ذلك من خلال قضاء عادل ونزيه وطبيعى لأى طرف أيا كان .

كولان: الآن بدأ العد التنازلى للإنتخابات ...كيف تنظر للجدول الزمنى لها وآلياتها التى أعلنت ؟هل أنت راض عنها أم أن هناك صعوبات تواجه المرشحين ؟
- لأن هذه هى أول إنتخابات نزيهة لرئيس دولة تجرى فى مصر منذ 60 عاما ،فلاشك أن الآداء به قدر من الإرتباك وقدر من ضيق الوقت وقدر من التعلم للأطراف المختلفة جميعا ،حيث لاتوجد خبرة سابقة ،وهذا كله جزء منه سوء إدارة وإرباك متعمد ،وهو ما حذرت منه ،وأنه لايجوز التآمر على الإنتخابات الرئاسية بأى شكل من الأشكال ،فمصر لن تستقر إلا بإنتخاب رئيس يمثل شعبها ،والذين يريدون أن يعبثوا بالإنتخابات الرئاسية يريدون لمصر عدم الإستقرار .

كولان: وماهى مصادرك إذن فى تمويل حملتك الإنتخابية حتى الآن ؟
-أعتمد فى حملتى حتى الآن على المؤيدين ،ولا أستطيع أن أنفق على خطة دعائية قوية، لأن ذلك يريد مالا ،وأنا أرفض أخذ أى أموال ،لا من رجال أعمال ولامن أطراف خارجية .

كولان: هناك حديث عن رئيس توافقى ...قلت أنك لن تنسحب من هذه الإنتخابات إلا جثة هامدة وأن هناك أموالا وأجندات خارجية ...هل هناك ضغوط أوقوى تحاول الآن أن تشكل ماهية الرئيس القادم ؟
-إنه صراع إرادات يتجلى حسب الموقف ،وأخطر مافى المرحلة الإنتقالية هو إنتخاب الرئيس ،وبالتالى يتجلى فيه صراع إرادات وقوى داخلية وخارجية ،ومحاولة الإلتفاف على هذه الإنتخابات حتى يصدروا للشعب المصرى حسنى مبارك آخر ب "شرطة "،ونحن سنتصدى لهذا ،وجزء من تصدينا أننا مستمرون لنهاية الشوط ،لن نتردد أو ننسحب ،مستمرون لأن مشروعنا أصلا خدمة وطننا وأهلنا وحماية الثورة ،وهذا أمر سنقوم به ولن نتخلى عنه ،والتخلى عنه يعد تقصيرا فى حق الوطن ،واتمنى من الله أن يعيننى على القيام بواجبى تجاه أهلنا وناسنا .

كولان: هل تخشى من التلاعب بإرادة الشعب فى الإنتخابات الرئاسية أو التآمر عليها؟
-حلّ كلّ مشكلات مصر وأزماتها الحالية والماضية يكمن في بناء نظام سياسي منتخب يعمل على إستقرار الدولة وينهض بالوطن، ولهذا يجب أن يقوم النظام المنتخب بثورة تطهير ضد جذور النظام السابق المتغلغلة في مؤسسات الدولة، وفي الحياة العامة للمصريين والتي تتآمر على الثورة ومكتسباتها، وتتدخرّ كل أساليبها لمرحلة إنتخابات الرئاسة القادمة، ولذا يجب على الشعب أن يقف ضد كل مَن يتآمر أو يلتف حول الإنتخابات الرئاسية القادمة، وسيكون ذلك بالمشاركة في التصويت في الإنتخابات والرقابة الشعبية عليها، فنحن نملك شعباً ثائراً يستطيع أن يخرج على أي أحدٍ يتلاعب بإرادته، فهو وحده مَن سيأتى برئيسه القادم من خلال الصناديق الإنتخابية وليس من خلال الإتفاقيات أو الجلسات المغلقة.

كولان: كيف توازن فى خطابك بين أعداد كبيرة كانت تكن لك إحتراما شديدا داخل جماعة الإخوان المسلمين ،وبين الجماهير العريضة التى تتوجه لها الآن من جميع التوجهات فى مصر ؟كيف تحافظ على هذا التوازن الحرج والدقيق ؟هل تجد صعوبة فى ذلك ؟
-توجهى فى مشروعى الوطنى للشعب المصرى بكل فئاته وأطرافه ،لأن مشروعنا هو مشروع للوطن ،وليس مشروع شخص ،وبالتالى توجهنا وإعتمادنا فيه بعد الله على المصريين جميعا ،وفى القلب منهم أبناء الحركة الإسلامية ،سواء الإخوان المسلمين أو غيرهم ،وتوجهنا للجميع لأننا نريد أن نبنى هذا الوطن ،وأن الثورة قامت لكى تبنى مستقبله ،وتواجه الفقر والجهل والمرض ،وبالتالى يجب أن نتعاون جميعا من أجل ذلك .

كولان: قد يوجد تناقض بين الطرفين ؟
-أى الطرفين ؟
كولان: أبناء الحركة الإسلامية وعموم المصريين .
-لايوجد تناقض ،أبناء الحركة الإسلامية المخلصين الصادقين الوطنيين -دعينا من أصحاب المصالح أينما كانوا – ظلوا دائما فى خدمة الوطن ،وبالتالى لا أجد أى تناقض بين أبناء الوطن وأبناء الحركة الإسلامية الذين يريدون أن يخدموا هذا الوطن لوجه الله وليس لصالح أى طرف آخر .

كولان: كيف تعمل للوصول لمنصب الرئاسة والدستور لم يعد بعد ،وصلاحيات الرئيس لم تتضح ،وهناك حالة من السيولة فى العملية السياسية ؟
- لاتوجد سيولة ولافراغ دستورى ،البعض يحاول أن يقول أن هناك فراغا دستوريا ،وكيف ستأتون برئيس دون دستور ،وماهى إختصاصات الرئيس ،وهذا منصوص عليه فى الإعلان الدستورى ،وكما جاء البرلمان طبقا للدستور المؤقت ،الرئيس سينتخب على هذا الأساس أيضا ،لحين وضع دستور جديد ،وحين يوضع دستور جديد سوف يعيد ترتيب صلاحيات الرئيس والحكومة ،ووقتها سيكون إعادة النظر فى الصلاحيات ،لكن الرئيس القادم سيأتى طبقا لهذا الدستور المؤقت ،الذى ينص على أن النظام السياسى فى مصر نظام رئاسى ،وبالتالى الرئيس هو الذى يشكل الحكومة ،لحين وضع دستور جديد .

كولان: كيف تقرأ قضية التمويل الأجنبى ،والبعض يرى أن التدخلات الأمريكية مستمرة فى شئون مصر ،وأن البلد مخترقة ؟
-نعم مصر مخترقة ،فحسنى مبارك أعطى مفاتيح الوطن للأمريكان ،ونحن سنعمل على سحب هذه المفاتيح وإعادتها لأصحابها ،وهم الشعب المصرى ،فليس غريبا أن يقال إن مصر مخترقة ،وهذا ليس فكرا تآمريا ،بل واقع موجود ،وهذا هدف من أهدافنا ،أن يعاد النظر بعلاقة مصر بأمريكا ويعاد ترتيبها بما يحقق مصالح الشعبين ،وليس بما يحقق مصالح الشعب الأمريكى على حساب الشعب المصرى ،وأننا فى علاقاتنا الدولية سيعاد الإلتزام بقواعد العلاقات الدولية التى تعمل بها الدنيا كلها ،فأساس العلاقات الدولية هو تبادل المصالح ،وليس بيع الأوطان للآخرين ،لأن العلاقات الدولية ليست جمعيات خيرية ،ولو بعت كحاكم وطنك للآخرين ،فإن الآخرين لن يقولوا لك حرام عليك لا يصح هذا ،وهذا ما فعله حسنى مبارك وعصابته ،أنهم باعوا مقدرات مصر للآخرين دون ثمن يعود على الشعب المصرى ،وفقط لصالحهم ولصالح إستمرارهم على الكراسى ،وليس لصالح الشعب المصرى ،هذه الخيانة الوطنية التى ارتكبها النظام السابق ،وأنا اقول خيانة دون تردد يجب أن تتوقف ،وبالتالى فإن الرئيس الذى سينتخبه الشعب المصرى عليه أن يعيد النظر فى علاقات مصر الخارجية وليس بأمريكا فقط ،بل بكل الأطراف الدولية ،فمصر تستطيع ويجب أن يكون لها علاقة بالدنيا كلها ،لكن على اساس الإنضباط بقواعد العلاقات الدولية التى تعمل وفقها الدنيا كلها ،وهى الندية فى التعامل ،والتعاون على أساس المصالح المتبادلة ،وكل قواعد العلاقات الدولية التى تتعامل على أساسها الدول المحترمة ،ونحن لسنا فى قطيعة مع أحد ،ولن نقاطع أحدا ،لأن مصر أكبر من تتردد أو تخاف أن يكون لها علاقة بأى طرف دولى ،ولكن سنعيد ضوابط والقواعد الحاكمة لهذه العلاقات الدولية ،مع الحفاظ على المصلحة والإستقلال الوطنى .

كولان: كيف تقرأ مقولة "أن أى رئيس مصرى لابد أن يحظى بقبول ورضا إسرائيل وأمريكا "؟
-هذه المقولة قيلت فى ظل نظام انبطح أساسا أمام الأمريكان والصهاينة ،وسلم لهما مقاليد الوطن ،ولم يكن يجرؤ ان يتصرف أى تصرف إلا بمباركة أمريكية أو صهيونية ،لكن عندما يكون هناك نظام سياسى ينتخبه الشعب ويكون خادما له ومدافعا عن مصالحه ،ومحافظا على استقلاله ،فهذا الكلام لن يكون له محل من الإعراب ،والأمريكان فى النهاية يحترمون من يحترم وطنه ومن أتى ممثلا لمواطنيه ،وغير مقبول ولن نسمح لأى طرف دولى أن يتدخل فى الشأن المصرى ،دون احترام قواعد العلاقات الدولية .

كولان: ليس فقط علاقتنا بامريكا هى المرتبكة الملتبسة ،فعلاقاتنا مع أطراف عديدة فى المنطقة والعالم هى كذلك ؟
-صحيح .
كولان: لو بدأنا بالعلاقة مع إسرائيل ..كان لك رأى فى إتفاقية "كامب ديفيد " أنها إتفاقية ظالمة ،وأنه يجب إعادة النظر فيها ..مصر الآن لديها مشكلات داخلية كثيرة جدا ،هل سيكون هذا الأمر من أولوياتك ؟
-مسألة ترتيب الأولويات يتم من خلال مؤسسات الدولة ،ومن خلال حوار داخلها ،وأنا دائما أؤكد فى طرحى على أهمية بناء المستقبل ،وليس الإنشغال بالماضى ،وهذا لا يعنى إهمال الماضى ،فهناك فرق بين أن نوجه طاقاتنا الرئيسية للإنشغال بالماضى بكل مايحمله ،وبين أن نوجه طاقاتنا الرئيسية لبناء الوطن وبناء المستقبل ،ويبقى أن يكون الجزء المنشغل بالماضى متناسبا معه ،أما إعادة النظر فى أى معاهدة دولية سواء كامب ديفيد أو غيرها فهى مسألة قانونية وسليمة ،والمعاهدة نفسها تنص على ذلك ،أما متى نعيد النظر ،هل فورا أم بعد شهر أم بعد عام أو عامين ،الأمر مرتبط بمدى إحترام الآخرين لهذه المعاهدة .

كولان: البعض يخشى من إنتهاء فترة السلام مع إسرائيل والدخول فى حرب معها؟
-أطرح نفسى للرئاسة ليس لمحاربة أى طرف ،ولكن فى الوقت ذاته لن نقف مكتوفى الأيدى إذا اعتدى علينا ،وبالتالى ليس هناك علاقة بين إعادة النظر فى أى معاهدة دولية والربط بينها وبين إعلان الحرب ،والنظام السابق بإعتباره وكيلا عن الصهاينة كان يستخدم ذلك ،وكلما قلنا له نعيد النظر فى المعاهدة ،كان يقول لا نريد أن نحارب ،مع أنه لاعلاقة لذلك بالحرب قانونا وواقعا وسياسة .

كولان: تراجع دور مصر الخارجى كان أحد اسباب ثورة 25 يناير ؟
-هذه هى الكرامة ،فقضية مياه النيل ،التى هى شريان الحياة فى مصر تضيع ،وتضيع علاقاتنا بدول المنبع بل بأفريقيا كلها ،وهذا دليل على أن الذى كان يحكم لم يكن يعبأ بمصالح مصر ،وبالتالى أعتبر فى برنامجى أن قضية مياه النيل أمن قومى ،وأعتبر سيناء وتعميرها قضية أمن قومى ،واعتبر المحافظات الحدودية وأهمية نشر التنمية وإقامة مشروعات تنموية كبرى بها قضية أمن قومى ،وأعتبر الصعيد والإهتمام به قضية أمن قومى ،وكذلك أعتبر البحث العلمى قضية أمن قومى لأنه يشكل نهضة لمصر ،والأمن القومى فى نظرى ليس فقط الحفاظ على الحدود عسكريا ،هذا فقط جزء من الأمر ،لكن مفهوم الأمن القومى أبعد وأشمل من ذلك .

كولان: علاقاتنا العربية أيضا فيها مشكلات كبيرة فى العهد السابق وأيضا بعد الثورة ؟
-نحن محيطنا العربى كله ينظر لمصر على أنها دولته القائدة والرائدة ،ولايمكن لأحد أن يتصور أن مصر يمكن أن تعيش دون إخوتها العرب ،ولا أحد يتصور أن يعيش العرب بدون شقيقتهم مصر ،وبالتالى المطلوب هو إعادة ترتيب علاقاتنا العربية طبقا لما يجمعنا بالعرب من إمتداد إقتصادى وثقافى وتاريخى وأمنى ،وبالتالى تعود العلاقات لوضعها الطبيعى ،ونحن نحافظ على أمن جميع الدول العربية ،سواء أمن الخليج أو أمن ليبيا أو السودان أو غيرها من الدول العربية ،ونعتبره جزءا من أمننا القومى ،وبالتالى يجب أن نعيد العلاقات فى هذا السياق .

كولان: وماذا بشأن العلاقة مع إيران ؟
- لست مترددّاً في إقامة علاقة مع أي طرف دُولي سواء كانت إيران أو غيرها، فالعلاقة بين الدول علاقة عملية وذات مصالح مشتركة وليست جمعية خيرية، مضيفاً أن الكلمة العليا في نهاية الأمر ستكون لصالح مصر وليس لحسابات سياسية أو شخصية، وقال: "إن الشعب المصري لن يُعطي شيكاً على بياضاً لأي أحد يأخذ بنفسه القرارات المصيرية للدولة داخلياً وخارجياً، ويُقصيه عن المشهد السياسي كما حدث طوال ستين عاماً".

كولان: كيف تنظر لتطورات المشهد السورى ؟
-النظام السوري الدموي الذي لا يتوانى عن قتل شعبه الأعزل، عليه أن يرحل قبل أن تكون نهايته كسابقيه من الأنظمة الدموية، كما يجب أن تُفعّل قرارات جامعة الدول العربية الضعيفة، بدلاً من اللجوء إلى مجلس الأمن أو الناتو، وعلينا أن نفخر بالشعب السوري الذيّ يُصّر على رحيل النظام السوري الدموي، وندعمه.

كولان: أمامك أربعة ملفات داخلية ملغومة الأمن والإقتصاد والتعليم والتطهير ..كيف ستتعامل معها ؟
-أولا مسألتا الأمن والتطهير لهما أولوية لدى ،لأننا لن نستطيع السير فى بناء الإقتصاد المصرى وبناء التعليم والصحة إلا بعد حل هاتين المشكلتين ،وليس عندنا بعدها مشكلة أومعضلة ،فمصر التى استطاعت أن تعيد بناء جيشها بعد عام 1967 ،وترتيب إدارة الجيش خلال 6 أشهر ،لن تعجز عن معالجة أمورها الآن ،وأنا أرى أن الفراغ الأمنى الموجود الآن مفتعل ،وبالتالى سينتهى خلال ال 3 أوال 6 شهور الأولى على الأكثر ،ويتم إعادة الأمن الداخلى إلى آدائه ووضعه الطبيعى ،وهناك تفصيل لهذا الأمر ،وقد قدمته للدكتور عصام شرف فى شهر مايو الماضى .وأنا أعتبر التطهير ضرورة لمواجهة الفساد ،ولن نستطيع أن نبنى نهضة طالما "حنفيات " الفساد موجودة ،ولابد من إغلاقها ،وهذا يقتضى الإهتمام بمؤسسة القضاء وإستقلالها بدرجة كبيرة ،لأنها ستكون وسيلتنا فى التطهير .

كولان: وأوضاع الإقتصاد المتردية الآن..كيف ترى علاجها ؟
-مصر دولة غنية لو أحسن إدارة مواردها ،لو أغلقنا "حنفيات" الفساد ،تخيلوا أن مستشارين الحكومة يحصلون على 18 مليار جنيه سنويا ،وأن سوء إدارة الدعم الذى وصل إلى 170 مليار جنيه سنويا ،لو أحسن إدارته يمكن أن يوفر أكثر منه 50 مليار جنيه تذهب للأغنياء ،ولو أعدنا النظر ببساطة فى الهيكل والنظام الضريبى يمكن أن تحقق دخلا ،فضلا أنه مع عودة الإستقرار سيعود الإستثمار لمصر ،سواء الإستثمار الوطنى أو الأجنبى ،بكل مايصحبه من عمليات تشغيل لمواجهة البطالة ،ومن إعادة دخل قومى يحقق النهوض الإقتصادى ،وإذا نظرنا فقط إلى مشروع قناة السويس المعروض من قبل ،أو إذا زرعنا سيناء ومياهها موجودة وأرضها قابلة للزراعة ستكون لدينا مئات الآلاف من الأفدنة ،وكذلك الصحراء الغربية بها أربعة مليون فدان قابلة للزراعة،لكن المسألة هى كيف ندير كل ذلك،وكيف تفتح الباب للمصريين وللفلاحين المصريين لكى يتملكوا الأرض ،فيضمنوا الإستقرار والإستمرار والإلتزام بالدورة الزراعية التى تضعها الدولة ،ويزرع المواطن المصرى ويعيش هو وأبناؤه ويكسب ويوفر البناءعلى الأراضى الزراعية .

كولان: والتعليم والصحة ؟
-التعليم والصحة من القضايا التى أهتم بها فى برنامجى ،وأعتبرهما حقوقا يجب أن تقدم للمواطن المصرى مجانا ،ولا أحد يتصور أن ميزانية التعليم 4,5% أو5% فقط من الموازنة العامة ،وميزانية الصحة قريبة من ذلك ،ويجب ان ترتفع نسبة كل منهما فى الميزانية من 20% إلى 25%،ويتم تدبير الموارد لهما ليحصل المواطن على تعليم مجانى ورعاية صحية مجانية طوال حياته .

كولان: قلت أداة التطهير الأمن والقضاء ،وهما ذاتهما يحتاجان إلى تطهير ؟
-لذا سنبدأ بهما لإصلاحهما ،لأنهما سيكونا أداتى التغيير والتطهير فى كل مؤسسات الدولة ،لأن ذلك يجب أن يتم بشكل دقيق ونزيه .

كولان: كيف تقيم عمل الإسلاميين الذين صعدوا إلى السلطة فى مصر ...هل سيكونون نموذج طالبان أم السودان أم إيران أم السعودية أم تركيا ؟
-الإسلاميون فى مصر ليسوا طالبانيين أو سعوديين ولا إيرانيين أو أتراك أو سودانيين ،إنهم مصريون ،والنموذج الإسلامى فى مصر هو نموذج مصرى ،بغض النظر عمن يمثله ،والذى يمثل النموذج الإسلامى المصرى فى رأيى هم عموم الشعب المصرى ،وقد يكون فى القلب منه الإخوان والسلفيين وغيرهم ،ولكن هذا هو النموذج المصرى ،ولن يكون فى مصر غير نموذج مصرى ،وهذا لا يعنى أننا فى خصومة مع تجارب الآخرين ،وسنستفيد من تجربة تركيا وكوريا والصين وغيرها من تجارب العالم ،لكن فى سياق أننا أصحاب نموذج فريد ومستقل ،ونحن نملك هذا ،وأقول ذلك لأننا كشعب مصرى ،وكدولة حضارتها سبعةآلاف سنة ،ولديها ثروة بشرية تستطيع أن تنجز هذا المشروع ،تجعلنا لدينا ثقة بعد الله فى أن المصريين قادرين على أن يقدموا نموذجا مصريا .

كولان: كيف تقيم آداء الإسلاميين فى البرلمان حتى الآن ؟
-آداؤهم حتى الآن يحتاج إعادة نظر ،ولكن فى النهاية هذا البرلمان نحن الذين أتينا به كشعب مصرى ،ويجب أن ندعمه ونقف إلى جانبه ونعطيه فرصة ونساعده ،معظم أعضائه وجوه جديدة ،يجب أن نعطيهم فرصة ليفهموا آليات البرلمان ولوائحه ،ولذا من الصعب وليس من العدل أن نقيمهم الآن مبكرا ،وعلينا أن نعطيهم فرصة وننصحهم ،ونصيحتهم ودعمهم يكون بالنقد ،وليس بأن نجعلهم خارج النقد ،وحينما يخطئون نسدى لهم النصائح ،مثلهم مثل السلطة التنفيذية ،ولا أحد فوق النقد بعد الثورة ،فرئيس الدولة ينقد ويتصدى له إن قصر ،وكذلك البرلمان أو أى سلطة أخرى لأن ذلك لصالح مصر .

كولان: هناك صيغ توافقية طرحت حول الرئيس والنائب من قبل مجموعات من المثقفين ؟
-أى صيغ توافقية تطرح من قوى شعبية ،وفى النور وفى وضوح ،فهذا جهد جيد ومشكور لدى كل الأطراف ،بغض النظر عن نتيجته ،وهذا يدل على أن الأطراف كلها مهمومة بمستقبل هذا الوطن ،لكن إذا كانت توافقية بمفهوم أن طرفا فى السلطة التنفيذية يدخل كعنصر فى المسألة فهذا أمر مرفوض .

كولان: هناك مخاوف من إستثار الإسلاميين بالسلطة وأن يصبحوا حزب وطنى جديد ؟
-لايوجد إستئثار ،لفظ إستئثار لا يمكن أن نقوله طالما الأمور تمت بإنتخابات حرة ونزيهة ،وإذا انتخب الشعب أى طرف سواء إسلامى أو يسارى أو ليبرالى ،فعلينا أن نحترم نتيجة الإنتخابات ،ولانسميه إستيلاء على السلطة ولا إستئثار بها أو تغول عليها ،طالما جاء بإنتخابات ،ومن ينافس عليه أن يستخدم أدوات الديمقراطية فى أن يسعى لكى يحل محل المختلف معه بدلا من الشكوى.

كولان: وهل من مصلحة أى طرف الآن الإنفراد بالحكم فى ظل ثقل المهمة الوطنية ؟
-مصر تحتاج لتفعيل دولة القانون بشكل فعلي وليس مجردّ كتابة مواد في السجلات القانونية للدولة كما فعل النظام السابق، لنبني نظاماً سياسياً ومدنياً قوياً، ونحن جميعاً يجب أن نسعى لأن تكون مصر دولة قانون، ذات قضاء مستقلّ عن السلطة التنفيذية وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، كما تسود فيها العدالة الناجزة التي تُعيد الحقوق لأصحابها، وتتعمّق فيها الحريات والديموقراطية التشاركية، من أجل بناء الوطن ونهضته، ولكيّ ينجح أى مشروع وطني يجب أن تتعاون جميع التيارات الفكرية والقوى السياسية وتتوحدّ كيّ نُحققّ هذا الهدف معا ،ونستطيع خلق أجيال تبذل أقصى جهده لإحقاق الحقّ لا أن تسعى وراء مصالحها الشخصية أو التحايل على القانون من أجل مكاسب ذاتية لا تخدم الوطن أو المواطن، فالنظام البائد عمل على تفتيت منظومة القانون وترسيخ مبدأ إستبداد الفرد، وإستغلال ثغرات القانون كي يُفلت مجرموه من أي عقوبات، وهذا لن يحدث مجدداً بعد مصر الثورة.

كولان: مازالت هناك هواجس بشأن أوضاع المرأة والأقباط والحريات العامة وحرية الإبداع والفنون وغيرها ...كيف تنظر لذلك ؟
-حريات الناس الفردية غير مقبول أن تتدخل السلطة فيها ،سواء التنفيذية أو التشريعية ،ونحن فى النهاية نعيش فى مجتمع متدين بمسلميه ومسيحييه ،ولاينتظر أن يأتى أحد لكى يعلمه دينه ،ويقول له ماهو الصح وماهو الخطأ ،وعلى من تقدم للخدمة العامة أن يقصر دوره على أن يخدم هذا الوطن ،ويخرجه مما هو فيه من تردى وتخلف إقتصادى وسياسى واجتماعى .

كولان: الحراك الكبير الذى قمت به فى كل أنحاء مصر ..ماذا أضاف لك ،البعض يرى أنك تحولت من قائد إخوانى محدود إلى زعيم يخاطب كل فئات الشعب المصرى ؟
-نعم أنا تحولت إذا جاز التعبير إلى خادم لهذا الوطن ،وأنا سعيد بهذه الخدمة الوطنية لكل أهلى وناسى ،وأعتبر أن هذا رد لجميل هذا الشعب على ،ومهما أعطيت وبذلت وخدمت لن ارد له جميله على .

كولان: هل كان الوصول لهذا التحول صعب ؟
-لا لم تكن صعبة .
كولان: من المرشح الذى تخشاه ؟وماذا ستفعل إن لم يحالفك الحظ فى الإنتخابات ؟
-أنا لا أخشى أى مرشح ،الخشية معناها أن لى مصالح شخصية ،وأنا لا أخشى أحدا لأننى أخدم هذا الوطن ،وسواء وفقت فى الإنتخابات الرئاسية أم لم أوفق سأظل فى خدمة هذا الوطن ،ولن أتردد أو أتخلف يوما عن خدمته .
Top