• Wednesday, 17 April 2024
logo

الإعلامية بثينة كامل المرشحة للرئاسة ل"كولان ": ترشحت لكى أعرى الجميع ..وتعرضت للتشويه والتنكيل والحصار والإستهداف

الإعلامية بثينة كامل المرشحة للرئاسة ل
-الثورة مستمرة وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ..حملتى إستثنائية وهدفى محاربة الفساد والفقر
-البعض اتخذ من ترشحى مادة للمزاح ..والناس أكثر حنوا معى من المرشحين الرجال
-ترشحت لكى أعرى الجميع ..وتعرضت للتشويه والتنكيل والحصار والإستهداف
-الرئيس ليس حلال العقد ...والحكومات لاتريد إشعار المواطن بكرامته
-لابد من تطهير وزارة الخارجية ..ونظام مبارك خرب بعنجيته علاقاتنا العربية والأفريقية


بثينة كامل إعلامية لامعة طالما تألقت عبر برامجها فى الإذاعة والتليفزيون ،وهى أيضا ناشطة سياسية وحقوقية،عملت قبل الثورة فى مجال مكافحة الفساد والفقر ومقاومة التوريث ،ثم شاركت بنشاط وحيوية فى الثورة منذ أول يوم وحتى الآن ،واليوم تتقدم كأول امرأة تريد الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية ،ورغم صعوبة المهمة وجسامة التحديات التى تواجهها كامرأة ومستقلة تخوض معارك وصراعات مع جهات عديدة تفتح النار عليها بدون حسابات سياسية،إلا أنها تبدو متفائلة مقدما بنتيجة حملتها ،التى لاتبدو معالمها واضحة تماما حتى الآن ،ربما كان ذلك لأن عينها ليست فقط على كرسى الرئاسة مثل باقى المرشحين ،ولكن لأن لديها على مايبدو أهدافا أخرى ،تتعلق بإرساء قبول حقوق المرأة لدى المجتمع المصرى ومن بينها حقها فى الترشح،وأيضا التأكيد على إستمرارية ثورة 25 يناير وضرورة تحقيق أهدافها .
وبثينة كامل هى زوجة وأم لإبنة وحيدة كانت رفيقتها فى ميدان التحرير متفائلة بالجيل الشاب الذى تنتمى إليه إبنتها ،وتقول أنه قدم التضحيات ولاينبغى أن تسرق منه ثورته ،وهى ترى أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ،وأنه رغم أن الثورة لم تنجز أهدافها بعد ،إلا أنها منحت المواطن المصرى إحساسا بقيمته كفرد قادر على التأثير ولم يعد مجرد رقم ،وتقول أن الثورة كشفت عن الأقنعة الزائفة ،ولابد أن تستمر الضغوط من أجل إزالة ماتبقى من نظام مبارك ، وترى أن مصر تمر بمرحلة دقيقة ،وليس من مصلحة أى أحد أنه يتحمل المسئولية وحده،وتخشى أن يكرر الإخوان طرح صيغة تزاوج السلطة والمال ونموذج الحزب الوطنى مرة أخرى .


أجرت الحوار: أسماء الحسينى



-كيف تقيمين الثورة بعد مرور أكثر من عام ؟
=حيا الجميع الثورة بعد نجاحها ،ورويدا رويدا بدأت تظهر النوايا الحقيقية،ويتضح من الذى حياها ليكسرها أو ليقتلها ،ولاندرى إلى أين تذهب ثورتنا ،لكن المؤكد أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء،وأنا على يقين أن المجلس العسكرى إلى زوال بسبب جرائمه ،وبقدر الإحباط الكبير من مشاهد القتل والتعرية والسحل،إلا أن ردة الفعل على ماجرى للنساء من نساء مثلهن وشيوخ لم يستطيعوا أن ينتفضوا لجريمة بشعة كان من أسوأ ماواجهناه ،لأننا إنتفضنا على سوء الأوضاع فى العهد السابق ،لكن ماواجهناه بعد الثورة كان أقسى مما واجهناه فى العهد السابق ،ويقينى أن اللحظة التى أصدر فيها المجلس العسكرى أوامره بإطلاق النار على المتظاهرين العزل فقد شرعيته ،و إذا نظرنا للإخوان المسلمين نرى الوجه الآخر للحزب الوطنى ،نفس الفكر الواحد والسيطرة ،رغم أننا فى مرحلة دقيقة ،ولا أعتقد أنه من مصلحة أحد أن يتحمل وحده مسئولية البلد ،لأنها حمل ثقيل لايستطيع حمله طرف بمفرده ،فهل سيعيد الإخوان طرح صيغة تزاوج السلطة والمال مرة أخرى .
-إلى أين وصلت الثورة برأيك ..؟
=أرى فقط أن الثورة مستمرة ،ولقد توهمنا بعد تنحى مبارك أننا أنجزنا الثورة ،ورغم كل الظروف الصعبة والمنحنيات الخطيرة لازالت الثورة حية ،وقد جاء إضراب طلبة المدارس والجامعات الذى كان شكل من أشكال الإحتجاج على مقتل إخوتهم فى مذبحة بورسعيد ليمنحنى يقينا أن لا أحد يستطيع قتل هذه الثورة ،لأن أجيالا تنضم إليها كل يوم ،ورغم الضبابية التى نعيش فيها ،والاشياء الكثيرة التى يكون من الصعب علينا فهمها لأن أجهزة وجهات كثيرة تتدخل فيها،بحيث لايستطيع المرء الفهم والتمييز بسهولة هل هذه أفعال ثوار أم مخابرات أم صفقات أو توافقات ،لكن الثورة فى إعتقادى حية ،وأهم ماصنعناه هو كسر حاجز الخوف ،فلم نعد كما كنا شعببا ميتا،وهذا هو صمام الأمان الحقيقى ،وأهم من الدستور والقوانين أن يكون هناك شعب إيجابى واعى ومتيقظ .صحيح أننا لم نسقط حكم مبارك تماما ،وماحدث ماهو إلا صفقة بينه وبين المجلس العسكرى تم فيها تنحية مبارك جانبا ،وقد قمنا بممارسة ضغوط كبيرة ،حتى تم إحضاره من شرم الشيخ ومحاكمته ،ومازلنا نواصل الضغط،وكل الأمور لاتتم إلا بالضغط.
-واجهت مواقف وظروف صعبة منذ ترشحك للرئاسة وأيضا أثناء مشاركتك فى الثورة وأنت أول امرأة تقترب من منصب الحكم فى مصر منذ فترة طويلة ؟
= أنا أعرف من البداية أن تجربة ترشحى للرئاسة ليست سهلة ،وأن تكون أول من يفعل الشىء ليس سهلا ،والناس فى البداية كانوا مصدومين بالأمر ،ونحن شعب دمه خفيف ،وقد اتخذ البعض من ذلك مادة للمزاح والتهريج ،والبعض لاعمل لهم سوى التهجم على وشتمى وزروجى بأقذع الألفاظ ،وإتهامى بأنى ماسونية أو إسرائيلية أو عميلة ،وتهديدى بالقتل أو الإغتصاب .
-لماذا تصعدين دائما فى هجومك ضد المجلس العسكرى الحاكم ؟
=منذ أول يوم فى ميدان التحرير قلنا "مدنية مدنية ..لاطائفية ولا عسكرية "،وكنا وقتها ندرك أننا بحاجة لحكم مدنى ،وأنه كفانا 60 عاما من الحكم عسكرى ،لأن القضية ليست قضية مبارك ،فنحن منذ يوليو 1952ونحن فى ظل نظام عسكرى ،وعندما نقول مدنية لا نقصد فقط المجلس العسكرى فقط ،بل نرفض أيضا عسكرة الوظائف المدنية .
-لماذا تتحاملين على المجلس العسكرى وهو الذى أنهى حقبة حكم مبارك وحقن دماء المصريين ؟
=لآن الوضع أصعب بالنسبة لى من عصر مبارك ،فى العهد السابق أنا التى امتنعت عن تقديم نشرات الأخبار فى التليفزيون ،وبعد الثورة منعونى من التقديم بلا أى سبب قانونى ،والمفروض أننى من الثورة وهم معها ،وهم لم يقولوا أنهم ضدها،وبعد ذلك أوقفوا مرتبى وبرنامجى لتقديمى حلقة عن كيفية إستعادة أموال مصر المنهوبة ،وقبل الحلقة بنصف ساعة طلبوا منى عدم الحديث عن هذا الموضوع .
-لماذا أنت تعرضت ذلك ،وغيرك ممن شاركوا فى الثورة يتقدمون الآن الصفوف ؟
=هناك آخرين بالفعل استفادوا من الثورة ولم يقابلوا بهذا العسف الذى قوبلت به ،وهذا يظل بالنسبة لى علامة إستفهام ،وأنا أول شخصية عامة تحول للمحاكمة العسكرية ،وكان ذلك على أثر مشاركتى فى برنامج بالتليفزيون المصرى تم قطعه على الهواء .
-هل كنت أكثر صراحة أوحدة فى مواقفك من سواك ؟
=ربما لأننى لم أعقد صفقات أو تفاقهمات مع أحد ،لكن صعب جدا أن أفعل ذلك ،ولو كان كل المناضلين الآخرين فعلوا مافعلته كنا لوقينا البلد من أشياء كثيرة ،الآن هناك إنقضاض على منظمات المجتمع المدنى وغيرها من الأمور ،لوكنا تعاملنا جميعا بشحاعة أكبر كنا استطعنا منع أشياء كثيرة .
-لديك إصرار أيضا على محاكمة المجلس العسكرى ؟
=نعم ،ليس هناك شىء اسمه خروج آمن ،لابد أن يحاكم الجميع على جرائمهم ،ولابد أن يحاسب المجلس العسكرى على سياساته وما اقترفه ليس فى حق الثورة بل فى حق مصر ،من أول يوم أطلقت أيدى المتطرفين لحرق الكنائس ،ثم يذهب شيوخهم بعد ذلك لإعادة افتتاحها ،وهم من سبق أن روجوا للفتنة ،فى نوع من الإذلال غير المسبوق ،ثم تقسيم البلد إلى موالين للمجلس أو مع الثورة،وهو مايمثل شكلا من اشكال الفتنة أوالحرب الطائفية،ثم تجسد ذلك بشكل أكبر فى بورسعيد ،وقد كان ماحدث فيها جريمة منظمة ومدبرة .
-هل المصريون قادرون على تقبل فكرة امرأة مرشحة للرئاسة ؟
=اختاروا فى كثير من الدول الإسلامية فى أعقاب ثورات امرأة كرئيسة ،وفى أثناء جولاتى فى أقاليم مصر وجدت عدم ممانعة لفكرة ترشيح امرأة للرئاسة حتى فى أوساط كبار السن والتقليديين وفى القرى سمعت بعضهم يقولون :ولما لا نجرب امرأة ونرى ،وقد جربنا مرات كثيرة الرجال .
-ألم تشعرى بعدم تقبل ذلك فى بعض الأوساط ؟
=أكثر مرة شعرت أن هناك صدمة من الموضوع لما ذهبت إلى إحدى كليات الزراعة بإحدى المحافظات ،ووجدت الطلبة الذين تغلب عليهم عقلية ريفية ولاعلاقة لهم بالتكنولوجيا الحديثة يرفضون فكرة ترشحى ،لكن لما بدأت أناقشهم وجدت انه أصبح هناك ردود فعل مختلفة بينهم ،وأنا خلال جولاتى لم أتعرض لأى تهجم على مثلما تعرض له بعض المرشحين الرجال ،وبينهم رجال ذوى مكانة مرموقة ،لكن ربما كان ذلك بسبب أنهم محسوبين على النظام القديم أو الداعين لهم ،وذلك رغم أنى أسير بدون حراسة ،وأحيانا أرى أن كونى امرأة جعل الناس أكثر حنوا معى .
-كيف تسير حملتك الإنتخابية ؟
=حملتى ليست سهلة ،لكن الأمور ليست صعبة كذلك على أرض الواقع ،وأنا فى رأيى أن المواطن البسيط لايفرق معه ،وسينتخب من تكون معه مصلحته ،وليس فكرة امرأة مرشحة فقط ،بل أن يكون هناك من يفهم ماذا يعنى أن يكون رئيس جمهورية وأن يكون حاكم ،فى كل دول أوروبا والغرب الحكام هم خدام للشعب ،فكرة الهالة ومنطق أن المسئول سيد شعبه غير موجودة هناك ،والمسئولية هى مسئولية وليست منظر أو مظهر أو تحكم .
-ماذا عن برنامجك الإنتخابى ؟
=مهمتى صعبة للغاية ،فلايمكن لواحدة مهددة بالقتل ومطرودة من عملها وملاحقة بالإتهامات والمطاردات أن تتحرك بحرية فى حملتها الإنتخابية وأن تبحث عن مصادر تمويلها ،ولكن رغم كل هذه الصعوبات ،وعدم وجود بيئة ديمقراطية أحاول أن أواصل .
-ماهى رسالتك التى تريدين توصيلها بالضبط ؟
=رسالتى الأهم هى الترويج للثورة ،وهناك دائما مقولة تتردد أن الثورة لم تخرج خارج القاهرة والمدن ،وكان جزء رئيسى من حملتى الترويج للثورة فى الأرياف والقرى ،والتأكيد على ضرورة تلاحم الشعب والتحلى بالروح الإيجابية والتخلى عن السلبية ،وكنت أجد إستجابة رائعة ومقترحات إيجابية من الناس ،وأنا برنامجى الإنتخابى تأسس حول قضيتين محوريتين ،هما محاربة الفقر ومحاربة الفساد ،وكنت قد قطعت وعدد من الشباب الناشطين الذين أعمل معهم شوطا فى هذا الأمر قبل الثورة ،لكن للأسف عدد من هؤلاء الشباب اندرج فى العمل الثورى االذى يختلف عن العمل التنموى ،وكان يعمل معنا عدد من الخبراء فى تنمية العشوائيات ،واخترنا عددا من القرى فى الصعيد والجيزة للعمل فيها،لكن تعطل ذلك الآن بسبب الأحداث المؤسفة الأخيرة ،ولكن مثل هذه الأعمال الطوعية تظل مهمة ،وتشجع الآخرين على مزيد من العمل .
-كيف تمولين حملتك ؟
=أنا لا أشغل نفسى بموضوع التمويل ،لأننى أعتمد على خبراء ،وأعطى العيش لخبازه ،وقد حافظت طوال عمرى على شرفى ،وحتى الآن لم أجمع مليما كتبرع لحملتى الإنتخابية ،وكل حركتى ونشاطى على حسابى ،وحتى الآن لم أطبع دعايتى الإنتخابية ،بل واستحرم الأموال الهائلة التى ينفقها المرشحون فى أحياء ومناطق كان أهلها أولى بإنفاق هذه الأموال عليهم ،
-ماالذى تطرحينه بالنسبة للوضع الإقتصادى المتردى ؟
=الإقتصاد سيكون المنطلق للإصلاح ،لأنه يتدخل فى كل القضايا الأخرى ويؤثر على التعليم والصحة والخدمات ،ولست مغرورة،ولا أؤمن أنه من المفترض أن يكون رئيس الجمهورية هو حلال العقد ،وأنه من المفترض اللجوء إليه فى كل أمر ،وبرنامجى الإنتخابى سيتحدث عنه فى كل جزء متخصصون ضمن فريقى الإنتخابى ،وأتمنى أن نعود للتفكير بالطريقة الصحيحة ،وتنتهى للأبد فكرة الرئيس المفدى الذى يعرف كل شىء ،والرئيس الذى لديه كل الحلول السحرية ،والنظر إليها على أنها وظيفة ،وأن عليه فقط أن يحسن إختيار معاونيه ،وأن يتبنى الأحلام ،ورصد المشكلات ،وقد حاولت فى إطار تعاونى مع آخرين قبل الثورة فى التصدى للفساد ،ولا أكتفى بذلك فالجزء الصحفى فى داخلى يجعلنى فى كل مكان أذهب إليه أمسك بقلمى وأوراقى وأقترب من الناس ،وأدون ماذا يريدون من الرئيس القادم .
-ماذ تطرحين أيضا بشأن البطالة ؟
=البطالة أعتبرها من أهم القضايا ،وأومن طوال الوقت بالمشاركة المجتمعية ،وأنه لابد من الإعتماد أولا وأخيرا على المجتمع المدنى والقطاع الخاص ،وأن الدولة تكون الداعم لهما وليس وظيفتها السيطرة ،وأن تتدخل فقط حين يعجز الطرفان ،ولكن من المؤكد أن قضية البطالة هى أكبر من أن يتصدى لها القطاع الخاص والمجتمع المدنى بمفرديهما ،وهناك عدد من المشروعات المقدمة بالفعل لحل مشكلة البطالة منذ الحكومة السابقة ،ولكنها تحتاج إلى إرادة لتنفيذها ،وأتصور أن أجمل لحظة فى تاريخنا هو أن الفرد أصبح منذ قيام الثورة يشعر أنه ليس مجرد رقم ،وأن مجرد نزوله للوقوف فى ميدان التحرير عمل فرق،وهذا سيساعد على تشكيل روح جديدة بين المصريين .
-دائما تتحدثين عن الإنتماء والتنمية كأنهما مترادفتان ؟
=أرى الإنتماء والتنمية مرتبطين ببعضهما البعض ،لأنك ستقدمين لبلدك عندما تشعرين أن لك نصيبا فيها ،وأنك لست مجرد رقم ،وأغلب الحكومات المستبدة لاتريد إشعار المواطن بكرامته أو قيمته ،لأنها تعلم أنه لوشعر بقيمته ممكن يسقطها ،ولكننى أرى أننا جميعا فى النهاية بشر وقابلين للفساد والإفساد ،وأهمية الديمقراطية أن تردع المفسدين لأننا لسنا ملائكة .
-دائما ما تتحدثين عن وجودك فى السباق الإنتخابى وكأنه ضرورة ..لماذا ؟
=أنا موجودة لكى أعري الجميع ..لكى أضعهم جميعا أمام أنفسهم ،لاننى مرشحة امرأة ،وفى ذات الوقت أنا المرشحة الوحيدة التى كنت فى الخطوط الأمامية وقت الخطر منذ إندلاع الثورة ،وأعتقد أن وجودى مهم ،وسأفعل كل ماأستطيع فعله ،ولكننى على يقين بأننا سنستكمل ثورتنا ،وهذا يلقى على أعباء إضافية ،والحرب فوق ماتتخيلون ،والصحف لاتنشر أخبارى ...
-قلت أريد أن أعريهم ذكرتينى بالدكتور محمد البرادعى ،هل يمكن أن يقودك هذا الشعور للإنسحاب فى النهاية من المشهد كمافعل ؟
=حدثت الدكتور البرادعى بعد إنسحابه ،وأنا أعتبره شخصا ذا ضمير ،وقلبى دائما معه ومع أيمن نور لأنهما تعرضا لحروب فظيعة وتشويه كبير ولمواقف صعبة ،وصلت إلى حد التشكيك فى نسب أيمن نور ،الذى دفع الثمن من حريته وأسرته ، وأنا أرى إن أسباب البرادعى للإنسحاب منطقية ،وأتمنى أن يحذو حذوه مرشحين آخرين ،حيث يرى أن المناخ الآن غير ديمقراطى وغير موات لإنتخابات صحيحة ،فأى رئيس سينتخب ونحن ليس لدينا دستور بعد ،ورغم أننى أتفق معه فى ذلك لكننى أرغب فى أن تتم الإنتخابات ،وقد وافقنى البرادعى رغم ذلك لأن قضية حملتى هى شىء آخر مختلف ،فهى حملة إستثنائية ،فأنا أول امرأة تترشح للرئاسة ،وبالتالى حملتى أقرب إلى الحركة الإجتماعية ،ومن هنا تكتسب أهميتها وصعوبتها فى آن واحد ،لأن تغيير الأفكار يأخذ وقتا ،لكن ليس هناك شىء مستحيل ،وأنا أتذكر منذ سنوات أن طبيبة أمراض النساء فى مصر وغيرها من المهن التى تتقلدها المرأة لم يكن موثوقا بها ،والآن لم يعد الوضع كذلك ،لأن الأفكار تتغير سريعا ،وخاصة بعد الثورة ،فما كان يستلزم تغييره فى السابق سنوات لايستغرق تغييره الآن سوى أيام أو شهور .
-لكن معنوياتك مرتفعة ،ولسان حالك رابحة فى كل الأحوال ،ماذا ستكسبين بالضبط ؟
=أنا فعلا من الآن رابحة ،وسأكسب أكثر يوم أخرج على الشعب المصرى لأشكره على تحضره ،وأننى استطعت أن أثبت قبول الشعب المصرى لمرشحة امرأة ...أتمنى أن أفعل ذلك ،رغم أننى فى اللحظة الراهنة أتعرض لتنكيل وحصار ومحاكمة وإستهداف بالقتل والتشويه ،وأرى أنه طول الفترة الماضية كان هناك إستهدافا للمرأة .
=كيف ؟
فى أعقاب ثورة شاركت فيها المرأة على كل الأصعدة لانستطيع الحديث عن دورها الآن ،وللأسف تم إلغاء كوتة المرأة،واستهداف البنات فى المظاهرات وسحلهن وإهانتهن .
-هل تم إحتواء الثورة أو سرقتها كما يرى البعض ؟
=أنا متفائلة ،لأنه رغم بشاعة الواقع يكون دائما هناك رد فعل ،والأمل فى الجيل الجديد ،وربما لايمكن الحديث عن ثمار للثورة فى مصر قبل خمس سنوات ،والمهم أن نحاول جميعا ،هذه لحظة لايجوز ان نتركها تذهب هدرا ،والمؤلم فى وجهة نظرى أن الشباب يدفعون حياتهم والذى يجنى الثمار هم الكبار ،وهذا ضد طبيعة الأشياء .
-الآن كثر الحديث عن ضرورة الإستغناء عن المعونة الأمريكية والتمويل الخارجى ..كيف تنظرين لهذا الأمر ؟
= حلمنا كان لمصر الجديدة ،مصر المستقلة ،ولا أحد يريد أن يعيش عمره كله على المعونة ،وهناك تصريحات لرئيسة المفوضية الأوروبية تقول أنه لولم تنهب موارد مصر ،لإستطاعت أن تنفق على ربع اوروبا ،لذلك كنت أطالب قبل الثورة بربط المعونات بمدى تطبيق وتفعيل الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ،ونحن نعمل فى المجتمع المدنى على ذلك لانه حتى فى الدول المانحة محاربو الفساد يعملون أيضا على تنفيذ ذلك ،لأن من حق هذه الدول إذا دفعت أموالا أن تعرف هل ذهبت فى المكان الصحيح أم لا ،ولا أعتقد أننى سعيدة بوضعنا الحالى وإعتمادنا الدائم على المعونات الخارجية ،لكن رغم ذلك أرى أن الجزء الكبير من المعونة الأمريكية هو للمساعدات العسكرية ولصيانة المعدات والتدريب .
-هناك حديث عن قطع المعونة الأمريكية ..ومعونة مصرية ؟
=هذه المنظمات الأجنبية سمح لها بمراقبة الإنتخابات البرلمانية الأخيرة ،لماذا نتحدث الآن عن وجودها غير الشرعى ،وأنا فى رأيى أنهم يشاغبون مع أمريكا لأنها فتحت حوارا مع الإخوان ،لكننى لا أعتقد أن الدول الغربية ستواصل الضغط على مصر ،ولانحن القوة الفظيعة التى يستهدفونها ،ونحن بطبيعة الحال لدينا مشكلاتنا ،وليس من مصلحة أحد أن تقع مصر ،وايضا ليس من مصلحتهم أن نقوى ونصبح قوة ضاربة ،لكن فى تصورى أن أهم شىء لامريكا والغرب هو الإستقرار ،ولهذا عندما قامت الثورة لم تؤيدها واشنطن فى البداية وقالت إنها مع الإستقرار ،
-وعلاقاتنا مع القوى الإقليمية إيران وتركيا ...كيف تكون ؟
=لابد البناء على نقاط الإتفاق والثقافة المشتركة ،ويجب أن نستحضر دائما اللحظات المضيئة بين الشعوب ،وفى نفس الوقت المصلحة ،والمطلوب هنا هو تغليب المصلحة الوطنية المصرية،ولذا جعلت شعارى فى حملتى الإنتخابية "أجندتى مصر "،ففى النهاية هناك أرض تجمعنا كمصريين ،وبالتالى أى حديث عن تهجير المسحيين أو تكفير البهائيين أوغيره لا معنى ولا لزوم له .
=وما هى أولويات السياسية الخارجية التى ستطالبين بها فى برنامجك ؟
=لابد مبدئيا من الإنفتاح على العالم وإقامة علاقات متوازنة مع الجميع ،ومصر لها قيمة حضارية تستطيع بعد أن كسبت إحترام العالم بعد ثورتها أن تستغلها،وقد أطلقوا إسم ميدان التحرير على 2751 مكان فى العالم بعد الثورة المصرية ،وأعنى بذلك أن مصر أصبحت بعد الثورة رمزا ،حتى ثقافة إحتلال الميادين إنتشرت منها ،ولأول مرة فى تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية تعتذر تل أبيب عن قتل جنودنا وضباطنا بعد الثورة ،وأتصور أن مصر خرجت للعالم بعد الثورة مثل المارد الذى خرج من القمقم ،أو أبو الهول الذى خرج عن صمته ،وبقوتها الداخلية ستفرض إحترامها على العالم ،وانا بصراحة ضد التسول والمتسولين ،ويؤسفنى أن مصر رفضت العرض الذى قدمه صندوق النقد الدولى بعد الثورة بلا شروط ،ولكننى أيضا أرفض أيضا فكرة شيطنة البعض وإتهامهم بالعمالة أو الخيانة ،وهذا حدث معى شخصيا أيام الثورة .
-لكن مصر الثورة ورثت مشاكل متراكمة من العهد السابق ..كيف نتعامل معها برأيك ؟
=مازلنا نستخدم ذات أساليب النظام القديم رغم قيام الثورة ،وآمال الناس التى تنتظر التغيير الذى ستحدثه ،وكما قال الراحل أحمد بهاء الدين عندما لاتحل المشكلة أبحث عن المصلحة ،فليس هناك مشكلة لاحل لها ،ودائما الحل من أبسط مايكون ،لكن التعقيد أحيانا يكون مقصودا
-ماذ بشأن مشكلتنا الكبيرة المتعلقة بمياه النيل ؟
=عندما ذهبت ضمن وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية فوجئنا برئيس الوزراء الإثيوبى يقول لنا :أنا لن أكون أكثر قربا لإسرائيل من حسنى مبارك ،وقال علنا أن كل الإتفاقيا ت والحورات بشأن قضية مياه النيل كان عمر سليمان مدير المخابرات السابق يجهضها ،وقد اكتشفنا عند زيارتنا لإثيوبيا أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف تجاهل دعوته نظيره الإثيوبى للعشاء ،فهل هناك تخريب أكثر من هذا ،مجرد التخلى عن العنجهية سيكون مفيدا ،فالممارسة المصرية كان فيها نوعا من التعالى على القارة ،وكان التعامل السابق مع دول القارة يهدر أى علاقات سوية أومنتجة أوبناءة ،كانت علاقات تخريبية ..
-هل كان التخريب مقصودا فى رأيك ؟
=أولا لابد أن نعرف أن كل الوظائف فى كل مؤسسات الدولة لايتم تصعيد الأكفا فيها ..فى الغالب الأعم لايحدث ذلك ،وبالتالى كما نطالب بإعادة هيكلة وزرارة الداخلية لابد من تطهير وزارة الخارجية ،وهذا ملف مهم جدا .
ممن ؟
=ممن أسأوا للمصريين فى الخارج ولم يرعوا مصالحهم ومن أدوا آداء فى غير صالح الوطن ،وهم معروفون ،وهناك مبادرات شعبية من مصريين فى الخارج لرصد وقائع بعض الفساد الذى حدث ،
وقد رأينا فى تجربة زيارة إثيوبيا كيف أحدثت مثل هذه الزيارة لوفد شعبى تأثير فى ثلاثة أيام فقط ،وقد وعدنا خلالها رئيس الوزراء الإثيوبى أنه سيتم تأجيل سد النهضة وأنه لن يقوموا بأى خطوات حتى تستكمل مصر مؤسساتها .
-رؤيتك أن الحلول كلها بسيطة ..لكن كثير من القضايا معقدة بالفعل ؟
=لماذا يتم تضخيم المشكلات ،مثلا على مستوى الإنفلات الأمنى ،بالتأكيد أكبر عصيان هو عصيان الشرطة،ولم يحاكموا على ذلك ،ومع ذلك لو فكرتم فى معدلات الجريمة مقارنة بمانحن فيه ستجدون نسبتها قليلة .
-هل هذا يعنى أن الشعب المصرى بخير ؟
=الشعب المصرى أكثر من أنه بخير فقط ،أنا مؤمنة بالشعب المصرى بمميزاته وعيوبه ،لأنه فى هذا الشعب خصائص يعتبرها الخبراء أنها عيوب وهى صبره وطيبته التى أحيانا يكون فيها إجهاض للحقوق وتجاوز عن المحاسبة ،وكنت أخشى أنه بعد الدور الإجرامى الذى أداه الإعلام أثناء أحداث ماسبيرو ودعوته لحماية الجيش من الأقباط أن الفتنة الطائفية ستحرق البلد ،ولكن هذا لم يحدث
-برأيك ما أهم إنجازات الثورة ؟
=أكبر قيمة لهذه الثورة أنها أسقطت الأقنعة ،وهذا مكسب ليس بالقليل ،نحن مثل المرجل الذى يغلى ومازال هناك دورات لهذا الغليان ،وأقول للجميع أن تصدر المشهد فى هذه اللحظة ليس هو الأجمل ،لأنها لحظة صعبة ،فلماذا يطمعون فى تبوء المناصب بها ،شاى الثورة لم ينضج بعد ،وسيشربونه نيئا إذا ارادوا فعل ذلك الآن،ولكن مازال لدى أمل كبير ،لأن الثورة مازالت حية ،وهذا من وجهة نظرى هو الأمل الوحيد ،ولذا أنا طوال الوقت فى صف الثورة .
-وعلاقاتنا العربية ؟
=أنا لا أستطيع أن اتكلم عن غزة أو القدس أو اى دولة أخرى بدون الحديث عن مصر ،ولو صلحت مصر ستصلح كل الدول العربية ،ولذا لابد أن نخرج مصر من مأزقها ،وستستقيم علاقة مصر وقتها بكل الدول العربية ، لونظرنا لثقل مصرالسكانى كقوة وقمنا بترشيدها وتفعيلها سيكون الأمر مختلفا عن أوضاعنا أثناء الحكم السابق الذى ظل ينظر لذلك على الدوام بإعتباره أزمة .
-مصريون كثيرون يلومون دول الخليج ويقولون أنها لاتشعر بنا ؟
=هذا خطاب ردىء جدا ،وأنا أولا لااحب الحديث بهذا المنطق ،ولما ذهبنا لإثيوبيا كنت أقول لن نتحدث عن حقوق تاريخية ،يجب أن نتكلم عن حقوق إنسان ،وأن كل طفل موجود على ضفاف النيل لابد ان يحصل على المياه والنور والكهرباء ،لااستطيع أن أفكر هكذا إذا كنت أعتبر نفسى الأخ الأكبر ،ربنا أكرم الإنسان لأنه أعطاه مسئولية رعاية بقية الكائنات والأرض ،وهذه هى قيمة القوة ،وقوة الإنسان برشده وبعدله.
-هل سنوات السلام مع إسرائيل مهددة ..هناك من يريدون إعادة النظر فى إتفاقية كامب ديفيد ؟
=لا أعتقد أن ذلك وارد الآن أصلا ،حتى لوقيل ،نحن مازلنا نبنى بلدنا ،وهذه يجب أن تكون مهمتنا الرئيسية ،وإيمانى أن أمن سيناء ليس بزيادة دبابات فيها ،وإنما بتعميرها وتنميتها ،ولابد أن نتذكر مشروع المهندس حسب الله الكفراورى بعد حرب أكتوبر بالبناء فى مدن القناة وإعادة الأسر المهجرة ،و الأمان الحقيقى هو وجود البشر .
-بعد الثورة كل حدودنا أصبحت فى خطر وتهريب السلاح والمخدرات والبشر على قدم وساق ؟
=كله مقصود ،من أجل هذا نستكمل ثورتنا
-مقصود ممن ؟قوة داخلية أم خارجية ؟
=نحن لم نعد فى عصر الدول ،بل فى عصر الشركات الـتى تسيطر على العالم ،من مافيا السلاح وشركات النفط الكبرى ومافيا المخدرات ،وهى التى تتحكم فى العالم ،ومانحاول أن نفعله نحن أن نعلى صوت وحركة الشعوب ،يعنى حركة "احتلوا وول ستريت " وغيرها مبنية على أن الشعوب تمثل 99% والموارد كلها تتركز فى يد 1%،ولايوجد عدل ،ولذا أرى أن العدالة الإجتماعية هى رمانة الميزان للإستقرار فى أى دولة.
-هناك أوضاع جديدة تتشكل فى المنطقة كلها ونحن غائبون عنها ..السودان وليبيا وسوريا ،كيف نواجه ذلك ؟
=هناك مخططات لتقسيم مصر ايضا من الداخل ،وأعداؤك من داخلك ،فالرئيس السودانى عمرالبشير هو الذى قاد لتقسيم السودان من الداخل ،حتى لوكانت فكرة إستعمارية ،لكنها نفذت بأيد داخلية،وإحتلال العراق قاد إليها صدام حسين ،وفى العامرية بمصر عندما يحدث تهجير للأقباط إلى أى وضع سيؤدى ذلك ،هناك ألعاب مخابراتية تتم طوال الوقت ،وعندما نكون فى مجتمع مستبد وغير ديمقراطى من مصلحة السلطة القائمة فيه تفتيت المجتمع ،ليكره النساء الرجال والمسلمون المسيحيين و..إلخ ،ثم جاءت الثورة لتكسر حاجز الخوف ،وكل هذا كان مقصودا ،على أيدى الشبيحة والبلطجية وغيرها من المسميات والأدوات ،والتى كانت تستخدم كلها من أجل تقسيم الشعوب لإحكام السيطرة عليها ، وقد صنعت الثورة لحمة الشعب المصرى وأسقطت كل المخاوف .
-فى بدايتها فقط ..الآن هناك شعارات دينية وغيرهاواهداف مختلفة ؟
=دعاوى غريبة ...رجال الدين المسيحيين والكنيسة والشيوخ المسلمين كانوا معا ضد الثورة ،الكنيسة كانت تعتبر النظام السابق حاميا لها ،والشيوخ المسلمون يعتبرون الثورة خروجا عن الحاكم ،وبمجرد نجاح الثورة أصبحت هناك جمعة الشريعة وشعارات "إسلامية ..إسلامية "
-هل أنت خائفة من صعود الإسلاميين ؟
=أنا لست قلقة فهذه دورات وستنتهى ،والجميع سيجبرون على السير إلى الأمام ،وتطوير أنفسهم ،ولايجب أن نخاف ،ولن يستطيع أحد أن يفعل شيئا بمفرده فى البلد
-الإسلام قريب من نفوس المصريين ؟
=الإسلام شىء جميل ،ولايجب تشويهه هناك كثيرون يقدمون صورة مشوهة له ،والإسلام وكل الديانات السماوية قيمها الخير والحق والعدل والرحمة ،ولكنهم يستغلون الدين ،وأرجو ألا تصبح الأحزاب التى اتخذت من الإسلام شعارا الوجه الآخر للحزب الوطنى . وأرى أن هناك أخطاء فى خريطة الطريق التى سار عليه المجلس العسكرى والتى أوصلت الإنتخابات إلى هذا الشكل ،لكن ليس معنى هذا أن نجلس للبكاء على ماجرى ،ولكن دورنا أن نواصل الضغوط على نواب مجلس الشعب ،ونجبرهم على الإستجابة لمطالب الشعب .
-ما تقييمك لآداء البرلمان فى الفترة الماضية ؟
=صعب الحكم الآن ،وهو فى النهاية برلمان لمدة قصيرة ،لكن أشعر أنه مفيد أن تستمر إذاعة وقائعه على التليفزيون حتى نرى ونقيم ،وهو ليس نهاية المطاف ،فمازلنا لم نستكمل ثورتنا بعد،ولم نأت بالأفضل .
Top