• Friday, 26 April 2024
logo

الفنان التشكيلي هاشم حنون: أول معرض شخصي لي كان عام ١٩٩٠ على قاعة الرواق

الفنان التشكيلي هاشم حنون: أول معرض شخصي لي  كان عام ١٩٩٠ على قاعة الرواق
فنان من بين عدد من الرسامين العراقيين الذين تلوا مجموعات الستينات والذين أثاروا نوعا من الفضول للمعلقين والنقاد والمشاهدين، ومن الممكن تفسير عروضه باختصار بناء اللوحة عنده الى أنه دراسة في التلوين والحركة المصاحبة للون مع بعض المراجع الخارجية التي عايشها الرسامون العراقيون منذ الرواد...
حاوره: جمال الشرقي

هو فنان من بين عدد من الرسامين العراقيين الذين تلوا مجموعات الستينات والذين أثاروا نوعا من الفضول للمعلقين والنقاد والمشاهدين، ومن الممكن تفسير عروضه باختصار بناء اللوحة عنده الى أنه دراسة في التلوين والحركة المصاحبة للون مع بعض المراجع الخارجية التي عايشها الرسامون العراقيون منذ الرواد، كاشياء الحياة اليومية وفتات الذكريات التي بقيت من كاميرا الطفولة ، وهذه المراجع هي الفقرات ، الاساسية في لوحته ، اما مواده فهي الاوراق والزيت والاصباغ المائية وقد جرب مرة تلوين خشب باب قديم .. انه من الرسامين الذين عرفوا بتواضعهم ازاء مبادرات التجريب التي كانت قياسا لمدى حداثة الرسم في العراق يوما من الايام ، ولكنه حتى ١٩٩٧ والمعرض المشترك مع ضياء الخزاعي ظل يصقل موهبته ويحاول التواصل الى اسلوب خاص لعرض مراجعه وتعميق حركة اللون ليكون التلوين طابعه التعبيري ، وهكذا بدا مع لوحاته الاولى ، منذ العام ١٩٨٠ ، فقد اعاد تعريفها شيئا بعد شيء وشطف السطح من غبار الالوان الخابية ، واتضحت أفكاره الغارقة التي كانت تمويها والتباسا مشتركا مع الالوان التي لم يحاول ان يوقظها بسرد لوني ما ، تلك الافكار التي اعتبرها انذاك اصل العمل التصويري الخاص بها لما لها من ايحاءات ادبية ومن تعويض عن بناء لوحة بناء واضحا. ان سيرته فيما بعد تعطينا فكرة عن نقده لعمله وقدرته على التوجه الى بناء اللوحة اولا من دون ان يكون المرجع الخارجي بديلا عن الرسم ومن دون ان يتحاشى الرسام المشكلات الداخلية لعمله.
– اهلا استاذ هاشم الزوراء نتصل بك ونتابعك وانت في احدى الولايات البريطانية .
– الف شكر لكم وانتم تتابعون المبدعين العراقيين في كل مكان .
– البطاقة الشخصية الكاملة لطفا ؟
– هاشم حنون جاسم محمد ، الولادة ١٩٥٧ محافظة البصرة، خريج معهد الفنون الجميلة قسم الرسم بغداد عام ١٩٧٩ وخريج أكاديمية الفنون قسم النحت بغداد عام ١٩٩٩.
– لكل مبدع بيئة وعائلة عاش في كنفها وربما كانت السبب في رسم طريقة ونهجه ، حدثنا عن النشأة وتأثيراتها عليك ؟
– نعم انا في بداية مشواري الفني كان من خلال طفولتي في مدينتي الجميلة البصرة الزاخرة بالمناظر الجميلة ووسط العائلة كان هناك تشجيع من قبلهم وكذلك من قبل المدرسة عندما كنت في مرحلة المتوسطة حيث كنت أرسم في أستوديو المدرسة وبتوجيه من قبل استاذ مادة الرسم وهو فنان وخريج فنون اسمه صبري أيوب في بداية السبعينات وكان له تأثير كبير في تشجعي على السفر لبغداد لمعهد الفنون ودراسة الفن.
– كيف بدأت هواية الرسم متى وكيف تجسدت حدثنا عن بداياتك الفنية باسهاب ؟
– البداية هي من مرحلة الطفولة كما يحدث مع الكثير من الفنانين ، كنت مهتما بمادة درس الرسم واحبها عن بقية المواد التي تدرس أثناء المرحلة الاولى أي الابتدائية ثم بعد انتقالي لمرحلة المتوسطة كنت فنان المدرسة ولي نشاط فني من خلال المعارض السنوية التي تقيمها مديرية النشاط المدرسي التابعة لمديرية التربية في المحافظة في تلك الفترة وهذا ما شجع على التوجه لدراسة الفن والتفرغ له من تلك الفترة وكانت بغداد بمعهد واكاديمية الفنون حاضنة للكثير من محبي الفن ومن جميع المحافظات.
– كيف ومتى شعرت أنك يجب أن تكون رساما ؟
– أنا من أول يوم في معهد الفنون ببغداد في بداية السبعينات أحسست أنني وسط مجموعة من أساتذة فنانين وطلبة موهوبين ويجب أن أكون بمستوى جيد ودراسة الفن بشكل حقيقي ولهذا كنت أداوم صباحا وبعض الاحيان في المساء بعد الاتفاق مع أساتذتي وذلك للاستفادة وزيادة الخبرة بكيفية التعامل مع الالوان والتقنية.
– المشجعون من هم وماذا شاهدوا ليشجعونك ؟
– كان بعض من أصدقائي الطلبة في معهد الفنون وكانت علاقتنا طيبة وحسنة حيث كنا نلتقي بالمعهد ونشترك بالسكن بالاقسام الداخلية خلال فترة الدراسة كما لاساتذة الفن بالمعهد دور في تشجيعي ، كالراحل محمد مهر الدين والراحل رافع الناصري .
– هل تتذكر الرسوم الاولى وهل وثقت بعضا منها ؟
– نعم لا زالت التجارب الاولى في الذاكرة وهي الاعمال التي كان لها الفضل في تكوين اسلوبي بالرسم.
– مع الدراسة كيف تمت الموهبة وأول مشاركة لك هل في معرض أم في أي مكان ؟
– خلال الدراسة بمعهد الفنون تعرفت على اغلب المدارس الفنية حيث كنا نتابع وندرس هذه التجارب الفنية من خلال الكتب الفنية المتخصصة بالفن والمتوفرة في مكتبة المعهد ومن خلال مكتبة المركز الثقافي الفرنسي الذي كان يطل على نهر دجلة ، كانت لي مشاركات بسيطة من خلال معارض المعهد ، والمشاركة الاولى الحقيقية كانت بلوحة الشهيد عام ١٩٧٨ بقاعة المتحف الوطني المسمى بقاعة كولبيكيان في الباب الشرقي وكنت في تلك الفترة طالبا بمعهد الفنون سنة رابعة قسم الرسم.
– أول لوحة شعرت من خلالها أنك صرت صاحب مضمون وما هو مضمونها ؟
– أول لوحة هي لوحة الشهيد عام ١٩٧٨ وهي لوحة معبرة عن لحظة توديع للشهيد لمثواه الاخير، وهي تمثل مجموعة من الاطفال وهم يحملون جثمان والدهم الشهيد وهو مغطى بايزار عراقي وزوجة الشهيد في حالة حزن مع مجموعة من النساء.
– كيف كنت تخطط لترسم أو كيف تستنبط لوحاتك في بداية مسيرتك ؟
– في أغلب الاحيان أضع دراسات وتخطيطات لمواضيع اعمالي وهي تأتي من خلال التأمل والتفكير ، وانا لي اتجاه خاص بأعمالي وهذه خصوصية اعتمدها في أغلب أعمالي للتفرد عن بقية الفنانين الاخرين.
– هل أصريت أن تدخل أكاديمية الفنون ولماذا ؟
– نعم أنا اخترت الدراسة بأكاديمية الفنون واخترت قسم النحت وذلك من أجل تطوير مهارتي بهذا الاتجاه وكذلك التفرغ للفن .
– بعد الكلية انفتحت الاجواء وكنت فنانا ، حدثنا عن تلك المسيرة ؟
– انا بصراحة من فترة المعهد وبعد التخرج كانت لي مشاركات مهمة بالمشهد التشكيلي العراقي وكان اسمي يتداول بالوسط الاعلامي من خلال الصحف والمقالات النقدية في تلك الفترة أي فترة الثمانينات ، أما الاكاديمية انا تخرجت منها نهاية التسعينات وكان لي كذلك حضور ومعارض شخصية ببغداد على الرغم من أن في تلك الفترة كان هناك حصار اقتصادي على العراق.
– هل لك اطروحات فنية خاصة بك ؟
– نعم أنا فنان أنشد للجمال والحرية من خلال أعمالي وهذا نهج اتخذته في أغلب أعمالي من بداية مشواري الفني ولغاية اليوم.
– حدثنا عن مسيرتك كفنان معروف بدا خطواته للانتشار ؟
– مسيرتي الفنية زاخرة بالمعارض الشخصية والمشتركة داخل العراق وخارجه . البدايات كانت بالعراق من أول مشاركة بمعرض مشترك لمجموعة من فناني العراق عام ١٩٧٨ من خلال لوحة الشهيد المعروفة بالوسط الفني واستمرت المشاركات والمعارض الشخصية من عام ١٩٩٠ ولغاية اليوم، كما هناك الكثير من الجوائز الفنية لاعمال كلها حققت لي النجاح والانتشار لاعمالي.
– أول معرض شخصي متكامل متى وأين وماذا ضم من لوحات ؟
– أول معرض شخصي كان عام ١٩٩٠ على قاعة الرواق وهي قاعة كانت تابعة لدائرة الفنون التشكيلية تقع على شارع السعدون ببغداد وكانت تديرها الفنانة الراحلة ليلى العطار في بداية تاسيسها ، اما الاعمال المشاركة بهذا المعرض يغلب عليها موضوعة الشهادة والشهيد وهي أعمال رسمت بعد انتهاء الحرب عام ١٩٨٨ بين العراق وايران وكانت الاعمال تمتاز بالاسلوب التعبيري والتشخيصي وهي الاعمال القريبة من الهم والوجع الانساني الذي خلفته الحرب.
– حدثنا عن مشاركاتك الدولية ؟
– كانت لي مشاركات بمعارض مشتركة مع الفنانين العراقيين خارج العراق في تلك الفترة ففي الدول العربية كانت لنا بالكويت وعمان وتونس والشارقة ، كذلك بالدول الاوربية كايطاليا والنمسا والنرويج ، وخلال إقامتي بكندا كان لي حضور بمعارض شخصية حيث أقمت ستة معارض شخصية ومشاركات مع فنانين كنديين بمعارض مشتركة مهمة .
– نهجك في التشكيل واحد أم حصلت عليه تغييرات ؟
– خلال هذه الاربعين سنة من ممارسة الفن هناك الكثير من التحولات بالاسلوب والنهج في ممارسة العمل الفني ، حيث المكان وظروف الحياة كلها لها دور في تغيير الاسلوب من حيث الشكل والمضمون ، فانا عندما كنت ارسم بالعراق كان تأثير الحرب وما خلفته له تأثير على اعمالي في فترة الثمانينات وبعدها بالتسعينات كذلك تغير الاسلوب وبرزت الاعمال الاحادية الالوان والترابية وموضوعة المدن ، وبعد مغادرة الوطن عام ١٩٩٩، أقمت بدولة الاردن وكانت أعمالي في هذه الفترة زاخرة بالألوان والبحث عن مدن الأحلام والسلام.
– أين تضع نفسك مع معاصريك ؟
– أنا كبقية أقراني من جيل بعد السبعينات كان لنا دور بالمشهد التشكيلي العراقي وكانت أعمالي والحمد لله لها دور في ذاكرة المشهد التشكيلي العراقي.
– هل حصلت على جوائز ؟
– نعم كان لي نصيب من الجوائز في بداية مشواري الفني كجائزة الشراع الذهبي من دولة الكويت عام ١٩٧٨. وجائزة فائق حسن الذهبية الاولى بالرسم عام ١٩٨٧ . وجائزة اسماعيل فتاح الترك الاولى بالرسم عام ١٩٩٦ . والجائزة الاولى من معرض مهرجان بابل الدولي عام ١٩٩٨ . بالاضافة للشهادات التقديرية من المعارض العربية والدولية.
– مستوى الاهتمام الفني في الحركة التشكيلية في العراق هل يعجبك ؟
– الحركة التشكيلية العراقية متميزة ومتفردة ولها حضور في المشهد التشكيلي العربي والعالمي وأنا على تواصل مع أغلب فناني العراق والخارج وانا أحترم تجارب الشباب الفنانين العراقيين بالداخل ، واتوقع لهذه التجارب ان يكون لها دور بارز ومهم بالسنوات القادمة داخل العراق وخارجه.
– هل تحتفظ باعمالك وكم خزينك ؟
– نعم امتلك مجموعة من أعمالي لكل فترة اشتغلت عليها وهذه الاعمال تنتقل معي من دولة لاخرى وهي ستبقى لعائلتي وساهدي قسما منها لبلدي العراق.
– حنينك للبصرة وللوطن ؟
– اكاد لا استطيع التعبير الكافي لحبي لمدينتي البصرة ، لقد شكلت مدينتي البصرة مرجعية مكانية تمثلتها في أعمالي ولكن ليس بطريقة فوتوغرافية.
– اسمح لي ان ادخل معك في مجال النقد الفني ، لقد لاحظت نزوعك الدائم نحو البحث والتجريب على مستوى المادة والرؤية الفنية .. هل تعتبر معرض المصغرات الذي أقمته في مركز الفنون في بغداد عام 1993 ومعرض المواد المتنوعة الذي استخدمت فيه مادة الجنفاص العتيق مرحلة جني ثمار جهودك لمفهوم التجريب المستند على خلفية فكرية وتراكم الخبرة الجمالية؟
– كانت المصغرات تمثل بحق بداية التحول نحو التجريدية- التعبيرية، فكانت استخداما على مستوى التقنية وتعدد المواد واستثمار طاقة اللون إلى أقصاها في فضاء اللوحة، بينما كان تلصيق مادة الجنفاص تجربة استخدمت فيها اسلوب اللون الاحادي – الترابي الذي ينقلك الى أجواء الجنوب الحزين وحروبه الدائمة على مدى التاريخ، وكان الجنفاص يوفر ملمسا بصريا خشنا يستحث ذائقة المتلقي البصرية ويشكل موائمة مع الالوان الترابية التي استخدمتها لتنفيذ اللوحات في ذلك المعرض.
– إلى أي مدى كان لديك هاجس تنفيذ لوحة تشتغل على تفاصيل البيئة المحلية برؤيا جمالية خالصة؟
– هذا صحيح لقد كان هاجس المبدع الكبير جواد سليم وزملائه هو المشاركة في تأسيس مشهد حضاري متكامل أسوة بزملائهم الشعراء والقصاصين والمسرحيين والسياسيين، ولم تكن بعض جهودهم في صالح العملية الإبداعية، لاعتماد بعضهم على قيم ومفاهيم أيديولوجية فرضت من الخارج ، أعني من خارج فضاء الفن التشكيلي. وأنا سعيت الى تشكيل موضوعة الهوية المحلية بعيدا عن مسبقات أيديولوجية في تجربتي، وقمت بترسيخ القيم الإبداعية الجمالية لتحقيق عمل فني يحمل سمتي وبصمتي الشخصية، مستوعبا السمات المكانية التي أعيش في محيطها.
– من الملاحظ عليك انك توثق كلما يكتب عنك فهل نتعرف على الاشخاص الذين كتبوا عنك وماذا قالوا ؟
-كثيرون جدا وانا احاول ان اجمع كل ما يكتب عني في صفحتي الخاصة بالفيس بوك ومنهم :
الناقد د. عاصم عبد الأمير، قال كلمة الفصل:- “يمثل (هاشم حنون) قطباً مؤثراً في ذاكرة الرسم الثمانيني، وله الشأن مع ثلة من أقرانه في حمل هواجس هذا الجيل، فمع البدايات كشف حنون عن موهبة تعرف وجهتها عبر رسومه التي حملت وتيرة التعبير وتصعيدها، فيما بعد في موازاة تعالي أصوات دفوف الحرب ومن نتائجها الكارثية، بدأت ملامح تعبيرية ابتداء بعمله (الشهيد) عام 1983 هذه اللوحة حاملة لنسقها التراجيدي والمستوحاة من مشهد قوافل ضحايا الحرب..”. الفنان هاشم حنون، خريج في كل من معهد، وكلية الفنون الجميلة/ قسم الرسم، أقام (14 )معرضاً شخصياً داخل العراق وخارجه، فضلاً عن مشاركاته الدولية العديدة، حاز على الشهادات والجوائز: 1979 جائزة الشراع الذهبي/ بينالي الكويت السادس، 1987جائزة فائق حسن الذهبية الأولى بالرسم – معرض الشباب/ العراق، 1989وسام نقابة الفنانين العراقيين مع شهادة تقديرية،1990شهادة تقدير من دولة الإمارات/ الشارقة، 1994 وسام المتميزين مع شهادة تقديرية – التجمع الثقافي العراقي، 1996 جائزة الفنان إسماعيل فتاح الترك الأولى بالرسم/ العراق، 1998الجائزة الأولى بالرسم – مهرجان بابل الدولي.


نقلا عن alzawraapaper.com
Top