• Thursday, 28 March 2024
logo

الفنان الكوردي مجو كندش: كثيرة هي الأوطان التي تحولت إلى منافي دائمة لمواطنيها

الفنان الكوردي مجو كندش: كثيرة هي الأوطان التي تحولت إلى منافي دائمة لمواطنيها
ولد الفنان مجو كندش في قرية قره حلنج, قضاء عين العرب( كوباني) عام 1966, شارك منذ طفولته في المهرجانات المدرسية وحُظي بالاهتمام من قبل مدرسيه, اذ كانت موهبته ومنذ البداية ظاهرة. درس الحقوق في جامعة حلب, وشارك في العديد من المهرجانات الفنية والأدبية, درس الموسيقى على يد شيوخ الطرب في حلب (عبد الرحمن جبقجي) وذلك في مجال الغناء الفردي والعزف على آلة البزق...
حاوره: جان دوست

ولد الفنان مجو كندش في قرية قره حلنج, قضاء عين العرب( كوباني) عام 1966, شارك منذ طفولته في المهرجانات المدرسية وحُظي بالاهتمام من قبل مدرسيه, اذ كانت موهبته ومنذ البداية ظاهرة. درس الحقوق في جامعة حلب, وشارك في العديد من المهرجانات الفنية والأدبية, درس الموسيقى على يد شيوخ الطرب في حلب (عبد الرحمن جبقجي) وذلك في مجال الغناء الفردي والعزف على آلة البزق. اصدر ألبومه الأول بعنوان(Cima) من تسجيلات أستوديو نسرين في كوباني قدم العديد من الأمسيات الموسيقية الشرقية في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق.سافر إلى سويسرا ليستقر هناك, وليتفرغ كليا للفن والموسيقى, وحتى الآن ما يزال يتمرن على أصول التحكم في دقائق الصوت …..( ما زلت ادفع ضريبة تلك السنوات التي قضيتها دون تمرن …)اصدر ألبومه الثاني بعنوان (Memê alan ) الذي تضمن ثمان أغان فلكلورية.. كان لنا معه هذا الحوار:
* السؤال التقليدي الذي بات يُطرح تقريباً في مقدمة أي حوار في هذه المرحلة، كيف تعايشت أو تتعايش مع كورونا؟ ما هي تجربتك الخاصة المميزة خلال الأشهر التي مضت؟
فترة كورونا بالنسبة لي هي فترة تأمل ومراجعة حسابات، هي فترة البحث عن إجابات غير تقليدية عن اسئلة تقليدية وانا ارى بني ادم وحواء وهم يتحولون فجأة من كائنات جبارة تعمل جاهدة على ابتلاع الكون الى كائنات هشة وضعيفة تتخبط ولا حول لها ولا قوة في هذا الكون. بات الإنسان لا يقدر على السيطرة حتى على ما صنعته يداه.
كي لا اترك للفراغ مكانا في حياتي تحولت الى القراءة المكثفة وخاصة فيما يتعلق بمستقبل الانسان العاقل في ظل الايقاع المتسارع للتكنولوجيا الرقمية والخوارزميات، والذكاء الاصطناعي التي يمكنها ان تشكل على المدى المتوسط طبقة اجتماعية جديدة، طبقة الاشخاص بدون فائدة، على الاغلب سوف يندرج الفنان والكاتب والمترجم وإلى آخر القائمة في هذه الطبقة المستحدثة. إذا كان ظهور الراديو والتلفزيون والاقراص المدمجة وأشرطة الكاسيت قد قلص بشكل ملحوظ من حضور الموسيقي والمغني جسديا فسوف يعمل الذكاء الاصطناعي على اقصائه كليا من الساحة، لان الذكاء الاصطناعي سوف يعرف عن المستمع وذوقه أكثر مما يعرفه الفنان ومدير اعماله عن هذا الاخير وذلك بالطبع عن طريق جمع المعلومات وتكديس الاف البيانات الشخصية التي تتعلق بالشخص المستهدف من قبل الشركات والمواقع الالكترونية العملاقة. في هذه الحالة سيصبح الشخص المعني مسيرا بملء ارادته وباختياره وكأنه حر في خياراته. فالشركات والمواقع الالكترونية المتنفذة كامازون وفيسبوك وغوغل هي التي ستدفع المستهلك بمحض ارادته الى اختيار ما اختير له مسبقا، الزواج والملبس والماكل ووو… اما موسيقاه المفضلة فسوف تلحن من قبل الة ذكية تعرف عنه اكثر بقليل مما يعرفه هوعن نفسه استنادا الى الاف البيانات التي جمعت عنه مسبقا وهذا القليل الذي يعرفه الذكاء الاصطناعي اكثر مما تعرفه انت عن نفسك يكفي لتحديد ما سوف تختاره وتحبه ويكون على ذوقك تماما. هنا سيعلن نهائيا انتماء الموسيقي الى طبقة الاشخاص بدون فائدة، تماما مثلما دفعت الالة بالملايين من الناس الى تغيير حرفهم في القرن العشرين وانشاء طبقة البروليتاريا.
قد تسألني عن الحل؟ برأيي الحل الجزئي هو انه على الفنان التعايش مع التكنولوجيا الرقمية وتطورات الذكاء الاصطناعي حتى يستمر في سباق غير متكافئ لاطول مدة زمنية ممكنة وان لا ينزلق الى طبقة الافراد عديمي الفائدة سريعا ومن الجولة الاولى دون مقاومة. لهذا على الفنان ان يواكب التطور السريع الحاصل في مجال البرمجيات المتعلقة باختصاصه والالمام باللغة الانكليزية، لان الانكليزية اصبحت ان شئنا ام ابينا لغة العصر والعالمية. ساوضح فكرتي: في ايامنا هذه توجد برمجيات يمكنها ان توفر علينا الكثير من الجهد والمال والوقت. لم يعد المؤلف الموسيقي، في كثير من الاحيان، بحاجة الى فرقة موسيقية ولا ستوديو في عملية تجهيز وتوزيع وتسجيل اعماله، هناك برمجيات يمكنها القيام بهذه المهمة على أكمل وجه وبمنتهى الدقة.
اود ان اشيرهنا الى ان ما اقوله لك ليس بنبوءة وانما احتمالات قوية.
* في حوار سابق قلت إنك لا تتذكر متى بدأت الغناء. لكن ما هي الأغنية التي شدت انتباهك أكثر في طفولتك؟ ما هو المفتاح الذي فتحت به باب الغناء؟
كل ما اتذكره من الاغاني الاولى أو بتعبير ادق الدندنات الاولى هو صوت والدتي الحنون وهي تدندن بأغنية لمريم خان الفنانة المعروفة والتي كانت قد سمعتها من راديو يريفان كون والدي كان مولعا بمتابعة الاخبار والاغاني القديمة على الراديو. كانت جدتي ايضا تدندن لنا بأجزاء من ملحمة ممي الان المشهورة على نطاق واسع.
اما مفتاح الدخول الى عالم الغناء فكان دخول المسجلة والتلفاز الى بيتنا بالإضافة الى التشجيع الذي لقيته من اساتذتي في المدرسة وكذلك بعض الجلسات الغنائية التي تقام في بيت العائلة.
لكن البيئة الاجتماعية لم تكن اجمالا في صالحي، فغلبتها بالعناد والمثابرة.
*حدثنا قليلاً عن هذه البيئة التي عاندت موهبتك؟ ما هي ملامحها وكيف انتصرت عليها؟
كونك من كوباني صديقي جان فانت تعرف تماما موقف المجتمع الكوباني في اوائل السبعينيات من الفن والفنانين. باستثناء المغنين الملحميين Dengbêj لم يكن ينظر الى الفنان بعين الاحترام والرضى. كان كل عازف وفنان يطلق عليه لقب دومان. والدومان غالبا لم تكن له مكانة في العشيرة فكان نكرة العشيرة ومنبوذاً.
انا لم أنشأ في بيئة متدينة ولا عشائرية مغلقة، فوالدي كان كورديا تقليديا يحب الموسيقى والسفر وبعض اللهو ويصلي ويصوم من حين لأخر من باب رفع العتب. لكنه في الوقت نفسه لم يكن يسمح لنا بممارسة الموسيقى أو الغناء في حضوره. كان يحق لنا الاستماع الى الموسيقى وليس احترافها، لذا كنا محرومين من كل الامتيازات المتعلقة بتعلم الموسيقى: لا لشراء الة موسيقية ولا لأخذ دروس موسيقية. كون الحاجة ام الاختراع، اخترعنا آلاتنا الخاصة من بقايا حاويات الزيت وأسلاك كوابح الدراجات. لم يكن أحد في العائلة يشجعنا على الغناء، استخدم هنا صيغة الجمع لان اخي الصغير باران كان معي في مسيرتنا. اتذكر تماما في اول حضور لي امام الجمهور في المركز الثقافي في كوباني طلب استاذي من والدي ان يشتري لي ثيابا خاصا بمسرحية غنائية كنا نحضر لأدائها فرفض والدي شراء الملابس لذا اضطرت ادارة المدرسة ان تشتري الثياب لي وكان عمري حينها عشر سنوات. قدمنا المسرحية امام جمهور كبير لكن والدي لم يحضر.
كي اتحرر من المعوقات على المستوى العائلي قررت ترك كوباني في سن مبكرة لالتحق بالعمل على حفارة ارتوازية مع اولاد عمومتي وبذلك تمكنت من شراء اول الة موسيقية خاصة بي.
صحيح ان الغناء بالكوردية لم يكن ممنوعا رسمياً في سوريا ولكن في الوقت ذاته لم يكن مستحبا ومجالات مزاولة الغناء الكوردي كانت تنحصر في الاعراس وحفلات الطهور والخطوبة وهذا بحد ذاته كان عائقا امام الغناء بالكوردية. عدا عن الإتاوات المفروضة من رجال السلطة ومضايقاتهم المستمرة
اتذكر حين سجلنا اول عمل لنا، بالمشاركة مع اخي باران واحمد جب، بكثير من الفكاهة: تم التسجيل في الغرفة الوحيدة لصاحب محل لبيع اشرطة الكاسيت. اما الاجهزة المتواضعة فاستعرناها من صديق وحملناها على اكتافنا تحت مطر كوباني واتينا بعازف ايقاع أكثر من مبتدئ وسجلنا عشرة اغاني في ساعتين تقريبا.
* ما هي الذكريات التي حملتها من كوباني السبعينيات؟ كيف كان المناخ الموسيقي وقتذاك؟ ومن من المغنين الين كنت تحب الاستماع إليهم أو حضور جلساتهم؟
تشكل اواخر الستينيات واوائل السبعينيات مرحلة ذهبية في تاريخ كوباني، كل من عايش تلك الحقبة يشهد بذلك. كانت المقاهي والمطاعم تنتشر على ضفاف نهر كوباني وفي ظلال بساتينها التي كانت توصل غرب المدينة بشرقها مرورا بحارة الارمن. كوباني القديمة بطرازها المعماري الفرنسي ودكاكينها ذات الأبواب الخشبية وازقتها المرصوفة بالحجارة السوداء على طريقة الاحياء الباريسية. دار السينما وخمارة سركيس بوغوصيان. مشتنور بكهوفها التي يعود تاريخها الى الاف السنين وقنواتها الرومانية التي كانت تنحدر نحو كانيا عربان. الصفير المميز لقطار الشرق السريع الذي كان يمر مرتين أو أكثر في اليوم. قرية جدي بكرومها وشجرتي اللوز. كوباني بخيراتها حيث كروم العنب المترامية والخضار والفواكه وحقول القمح الذهبية في سهل سروج. كوباني اشتهرت بتسامحها حيث الجامع يجاور الكنيسة والارمني شريك الكوردي. أتذكر كوباني بتنوعها حيث كان من الممكن ان ترى في شارع واحد محالاً تجارية للكوردي والارمني والعربي والتركماني واليهودي. كان المسيحي يبارك اعياد المسلم والمسلم يبارك اعياد المسيحي. في هذا المناخ المتناغم والجميل كانت اغاني باقي خدو تسمع في كل مكان. وكان لي الحظ ان احضر بعض هذه الجلسات التي كانت تجمع باقي خدو مع صديقه عازف الكمان حمدي دومان والتي تركت في نفسي وفني اثرا لا ينسى.
* معروف عنك أنك مهتم بالموسيقى التراثية والأغاني ذات الوزن الثقيل إن صح التعبير، لماذا اخترت هذا اللون الصعب؟ ألا ترى أنك صرت على مسافة بعيدة عن الجيل الحالي الذي لا تهمه سوى الأغاني ذات الإيقاع السريع؟
سوف ابدا من الشطر الثاني لسؤالك، اعتقد ان هذا البعد وهذه المسافة ليس سببها طبيعة الاغاني بقدر ما هو كيفية ايصالها الى هذه الشريحة وباية حلة يتم تقديمها. على سبيل المثال اعطني ستوديو مجهز وموسيقيين جيدين ومنبر اعلامي وسترى كيف لأغنية فلكلورية شهيرة مثل إيموÊmo ان تصبح أغنية حديثة يتذوقها الجيل الجديد. عندي اغانٍ كثيرة تلائم روح الشباب المعاصر بكلماتها وايقاعاتها واجواءها لكنني في الوقت ذاته اتجهت الى هذا النوع من الغناء الملحمي والتاريخي لسببين، السبب الاول والاهم هو انني كأي كوردي اردت التعويض عن حرماني من هويتي وتاريخي ولغتي عن طريق الاغاني، هذه الاغاني هي الدليل القوي على عراقتي ووجودي. اما السبب الثاني فهو ان هذه الاغاني تلائم طبيعة صوتي الملحمي التراجيدي.
* في كثير من حفلاتك نراك تغني بدون آلة مع أنك عازف ماهر وموسيقي بارع، هل هذا التقليد سببه اللون الذي تغنيه أم أن الآلة تعيقك عن الاسترسال في الغناء والتركيز على الأداء المتقن؟
نعم كلامك صحيح والجواب يكمن في السؤال. لكنني أحب ان انوه الى انني قمت بتأليف مجموعة كبيرة من القطع الموسيقية لالة البزق ويمكن توزيعها لفرقة موسيقية كاملة.
* تعتبر أن أوربا أصبحت وطناً، ترفض أن تسميها منفى. كيف تحل معادلة المنفى والوطن؟ ماذا تسمي إذن كوباني التي تركتها منذ سنوات طويلة؟ هل ما زالت وطناً تحلم بالعودة إليه؟
وطنك هو المكان الذي تعيش فيه بكرامة. كثير من الاوطان تحولت الى منافي دائمة لمواطنيها.
هنا في اوروبا عرفت قدر نفسي وعرف الآخرون قدري لذلك انا مدين لأوروبا بشكل عام ولسويسرا وفرنسا بشكل خاص واعتبرهما كوطنين لي سأدافع عنهما كما ادافع عن كورديتي ردا للجميل الذي قدماه لي. اما كوباني فهي الجذور حيث ستظل جزءا من قلبي مدفونا هناك في مكان ما. اشتاق الى كوباني وذكريات الطفولة وأحب ان اراها ولو لمرة واحدة.
*ماهو جديد الفنان مجو كندش؟ هل تعمل على إصدار موسيقي قادم؟ وهل من معوقات تقف أمامك وتحول بينك وبين طموحك الموسيقي؟
هناك مشاريع واعدة وعديدة تحتاج فقط الى ارضية لانبعاثها والعمل عليها. من هذه المشاريع اداء اغانينا الايقاعية الفلكلورية مع ربع الصوت الشرقي وبدونه بأسلوب المحاورة وبالات غربية وشرقية مختلطة. اما المعوقات فأكثرها يمكن تجاوزها بإجراء بعض التفاهمات والتوضيحات وقليل من التنازلات التي لا تمس المبادئ والتي تسير في الصالح العام. لا اريد ان اتحدث كثيرا هنا عن المعوقات لان المعوقات الاساسية هي معوقات انية ومرتبطة بطبيعة هذه المرحلة فالفلاح لا يمكن ان يحصد اثناء المطر، عليه ان يتحلى بالصبر. برأيي الطموح كمفهوم لا ينطبق على الموسيقى. الطموح الاول للموسيقي هو ان لا يكون موسيقيا فاشلا بالمعنى الفني. اما الامتيازات والاضواء وإقامة المشاريع فهي تحصيل حاصل وليست طموحات.
* الدف كآلة إيقاعية تضفي للموسيقا نوعاً من الروحانية ونرى هذه الآلة ترافقك في بعض الأغاني في يد ضارب الدف الماهر عباس بختياري. ما رأيك بالموسيقى الصوفية؟
الموسيقى والطقوس والشعر والرقص الصوفي جزء مهم من تاريخ الشعب الكوردي وانت تعرف صديقي جان سيرة الصوفية الكوردية وطرقهم أكثر مني. الذكر والحال يشكلان العمود الفقري في الحلقات الصوفية والتكيات ومدينة اورفا القريبة من كوباني مشهورة جدا في هذا المضمار. كذا قمت بتلحين بعض القصائد والمدائح الصوفية واسست مع الاستاذة في علم التصوف والراقصة الصوفية المعروفة Rana Gorgani مجموعة صوفية تضم موسيققين من دول اسلامية عديدة والاستاذة كوركاني تدرس التصوف وطقوس الرقص الصوفي في باريس والكثير من المدن الاخرى. دعني احدثك عن بداية لقائي بها. في العام 2014 دعيت الى تركيا لتقديم عمل صوفي ضخم يضم أكثر من 20 فنانا من مغن وراقص وعازف وقارئ. اعددت العمل باربع لغات هي الكوردية والعربية والفارسية والتركية حيث يجتمع كل من الشعراء Melayê Cizîrî ورابعة العدوية ومولانا الرومي وYunus Emre الجميع يغني على مقام واحد مشترك بين الشعوب الاربعة ولكن كل واحد بلونه وهويته. لكن المشروع توقف بسبب هجوم داعش على كوباني وانت تعرف البقية…
في العام 2016 دعيت من قبل المعهد الكوردي في باريس للمشاركة في احتفال عيد نوروز الذي اقامته بلدية باريس في مبنى البلدية التاريخي الفخم وكان الاستاذ شفان برور والكاتب المعروف برنارد هنري ليفي والسيد سيروان بارزاني ورئيسة بلدية باريس السيدة ان هيدالكو والسيد كندال نزان مدير المعهد الكوردي في باريس وحضور أكثر من الف شخص اخرين، ففكرت بدعوة السيدة كوركاني، أيضاً، وهي بدورها لم تخيب أملي بل لبت الدعوة وبدأ بيننا تعاون مشترك نتجت عنه حفلات في دول عدة وما زال هذا التعاون قائما.
* في حين نجدك في أهم المهرجانات الموسيقية العالمية نراك بعيداً عن مهرجانات وطنك؟ هل لأن السبب كما يقول المثل الكوردي عشبة الدار مرة؟
بلادنا بجهاتها الأربع ليست بخير وامان وازدهار وهذا بالطبع يلقي بأثقاله وظلاله على كيفية التعامل مع الفن والفنانين والمهرجانات الفنية. هذه المهرجانات تقام اساسا من قبل اشخاص متنفذين ولغايات في نفوسهم وليس على مبدا بناء الذوق الكوردي العام وتوجيهه بحيث يفتخر الكوردي بموسيقاه وان كانت هذه الموسيقى “متواضعة” عوضا عن شعوره بالنقص تجاه موسيقى الشعوب المجاورة. والا فكيف نفسر اقبال الجمهور الكوردي بالآلاف على حفلة مغن تركي أو لبناني وينفرون من فنان كوردي خدم تراثه طيلة حياته؟ وبدوره نرى الاعلام الكوردي ينشر اخبارا عن الفنانين الاجانب أكثر مما ينشره عن الفنان الكوردي مهما كانت مكانته، وكأنهم بهذا يحولون المجتمع الكوردي الى مجتمع مستهلك حتى على مستوى الاخبار التي تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
برأيي ان تعامل الاكراد مع الإدارة حديث نسبيا وان الكوردي بشكل عام لم يتحرر بعد أو بمعنى اخر لم يخرج بعد من عقلية المحارب أو المحارب بفتح الراء وان الفن لم يكن يوما من مهام المحارب. اعتقد ان الفنان الكوردي الذي خدم شعبه وتراثه وافتخر بهما ليس بحاجة الى شهادة حسن سلوك من أحد مهما كان هذا “الاحد”. انا شخصيا احييت العشرات من الحفلات باسم كوردستان في جميع انحاء العالم وهذا ما افتخر به واعتبره عنوان اخلاصي المطلق لجذوري ولا انتظر مقابلا من أحد فالواجب لا يثمن. انا اعيش في سويسرا واعرف كيف يضع الناس المصلحة العامة امام المصلحة الشخصية وهذا هو مفتاح المواطنة الصالحة. وان القانون لا يعلى عليه وهذا هو مفتاح العدالة والمساواة.
* نعم، تعيش الآن بهدوء في بلدتك السويسرية الجميلة، بعيداً عن الصخب والأضواء. هل هذا اختيار نهائي؟ هل هو نوع من الانتقام لصخب أيام الشباب الذي اشتهرت به؟
كان المغني الكوردي الشعبي باقي خدو يقول عمري 83 عاما وما زال قلبي يرفع راسه كشاب في الرابعة عشرة. انا اعمل بهدوء ولست بنائم ولا خامل.
بكل حزن اقولها، ليست هناك اضواء بل ضوضاء وصخب وغبار يشوش ويشوه ولا يفيد. حين تكون هناك اضواء حقيقية في الافق سوف تجدوني بلا شك على راس الدبكة.



medaratkurd.com
Top