• Friday, 19 April 2024
logo

الفنان محسن العزاوي:المخرج الجيد والممثل المبدع هما اللذان يسهمان ويساعدان على نجاح اي عمل

الفنان محسن العزاوي:المخرج الجيد والممثل المبدع هما اللذان يسهمان ويساعدان على نجاح اي عمل
ولد الفنان محسن العزاوي في عام 1939 في مدينة الناصرية محافظة ذي قار ( لواء المنتفك ) وترعرع في احضان عائلة متوسطة الحال , منذ صغره عرف بنباهته وذكائه , ونمت لديه موهبة للقصائد الشعرية . بحيث كانت اذانه تصغي للشاعر وهو يتغنم بلفظ الكلمات ومخارج الحروف وبحنجرة تتلون وبما ترسمه الكلمات والابيات الشعرية من مضامين معانيها...
كتبه:جوزيف الفارس


لو تتبعنا مسيرة المشاهير من نجوم العالم ونجوم العراق الحبيب من كتّاب نصوص ومخرجين , واطلعنا على مسيرة كل فرد منهم, سنلاحظ ان هناك معوقات تخلق لهم ازمات نفسية ومعاناة في مسيرتهم لتقف حائلا بينهم وبين تحقيق اهدافهم الانسانية وتجسيد مضامين افكارهم وعن طريق وسائلهم الاعلامية كانت او الادبية او الفنية .
كانت هذه المعوقات تقف حائلا بينهم وبين تحقيق ماكانوا يهدفون اليه من نقد وانتقادات المظاهر البالية من العادات والتقاليد , ونقد اساليب حكام بلادهم على مايقترفونه من ظلم قراراتهم بحقوق الجماهير المتطلعة الى تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية .
كان هؤلاء المشاهيرمن نجوم العالم ونجومنا في العراق يعيشون وبطونهم خاوية , يعيشون وقلوبهم توجس حذرا من عواقب الرقابة على ماكانوا يقدمونه من العروض على خشبة المسرح . لم يهتموا بسعادة انفسهم بقدر ماكانوا يفكرون بسعادة الجماهير والذين يتابعون اعمالهم الفنية والتي كانت تعرض من على خشبة المسرح , ويتلاحمون مع مضامين نصوصهم وعروضهم المسرحية .
لقدعانى هؤلاء النجوم من الجوع والعطش والتشرد والهجرة من اوطانهم نتيجة ملاحقتهم من قبل السلطات واعوانهم لمحاربتهم ومحاربة ماكانوا يعرضونه من على خشبة المسرح بمنع هذه العروض والتي لم تكن تروق لهم لكونها لا تطبل لانظمتهم , ويسمحون للعروض الركيكة ان تسود على قاعات العروض المسرحية مجرد كونها بوقا اعلاميا لمصالح الانظمة والتي كانت سائدة انذاك .
هكذا كان واقع حال هؤلاء المشاهير من نجوم الفن , ساروا بخطوات مليئة بمعوقات يضعها الحكام واعوانهم امام تحقيق اهدافهم النبيلة خوفا من كشف ظلمهم واجحافهم بحق المواطنين والجماهير المغلوبة على امرها .
وضمن المسيرة الماضية , اي الخمسينيات والستينيات , لم يستكين الفنان العراقي , حاله حال المشاهير من العالم في الوقوف الى جانب الجماهير والدفاع عن حقوقهم المهضومة , فكانت نتيجة ذالك اما غلق ابواب فرقهم المسرحية اوالحكم على البعض منهم بالتوقيف والسجن او مطارداتهم وقطع ارزاقهم وارزاق عوائلهم للظغط عليهم .
هكذا كانت المسيرة . مليئة بمعانات الفنانين والذين هم من ابناء شعوبهم , لم يستكينوا من اجل الدفاع عن حرية الجماهير وعن قضيتهم الانسانية ,
والعديدون من الذين ساهموا في الدفاع عن قضية الجماهير , ومنهم :الفنان محسن العزاوي
ولد الفنان محسن العزاوي في عام 1939 في مدينة الناصرية محافظة ذي قار ( لواء المنتفك ) وترعرع في احضان عائلة متوسطة الحال , منذ صغره عرف بنباهته وذكائه , ونمت لديه موهبة للقصائد الشعرية . بحيث كانت اذانه تصغي للشاعر وهو يتغنم بلفظ الكلمات ومخارج الحروف وبحنجرة تتلون وبما ترسمه الكلمات والابيات الشعرية من مضامين معانيها , كانت اذانه تصغي للشاعر وتتذوق الابيات الشعرية بحيث كان يسبح في فضائيات ماتصفه القصيدة من تعابير ابياتها من المشاعر والاحاسيس ويتفاعل معها مما ساعده هذا على اكتساب كيفية تحرير المشاعر والاحاسيس الانسانية .
لقد سمي اسمه محسن من قبل عائلة يهودية تسكن بالقرب من مسكنهم , حيث استحسنوه واتفقوا مع ذويه على هذه التسمية , كي يطردوا عنهم شؤم خبر سماعهم بمقتل الملك غازي في حادث السيارة في نفس يوم مولده عام 1939
كبر هذا الفتى واصبح من الطلبة المهتمين بقراءة القصائد والشعر والادب والقصص وهو ابن التاسعة من العمر , وقد كان قدوته مدرس اللغة العربية الاستاذ عبد الرحمن والد الفنانة المبدعة سناء عبد الرحمن , وبالرغم من انه كان يحفظ القصائد الشعرية , وهذه هي كانت هوايته , وانما امنياته كانت تنصب على ان يقف مثل اصدقائه وامام الطلبة ليقرأ بصوته هذه القصائد , ولقد فرح اشد الفرح هذا الصبي حينما اختاره الاستاذ عبد الرحمن ليقف يوما امام الطلبة والاساتذة ليقرأ قصيدة بصوته وبمخارج الحروف السليمة والصوت المعبر عن مضون القصيد , حيث اشاد به الاساتذة والاصدقاء معا بعد ان اشتد التصفيق له بعد نهاية القائه للقصيدة , لقد كلف هذا الطالب وهو في التاسع من عمره لجرد مكتبة الناصرية , حيث ساعده هذا الجرد على الاطلاع و قراءة مؤلفات معظم المؤلفين .
شاءت الصدفة في احد الايام ان تزور فرقة مسرحية مصرية في الناصرية , فحينما سمع محسن بهذا الخبر افرحه وهرع باستقبالهم , وبعد ان علم بانهم يحتاجون الى شخصية فتاة لتجسد دورا مهما في المسرحية فتطوع هو القيام بذالك فاستطاع ان يجسد الشخصية بجودة عالية اعجب من خلالها اعضاء الفرقة المصرية .
مرت الايام وكبرهذا الصبي وكبرت احلامه مع الايام واصبح يعشق الفن ويتمنى ان يكون ممثلا مشهورا , فعندما بلغ عمره مايسمح له بالتسجيل في معهد الفنون الجميلة , جاء ليخبر والده عن نية سفره الى بغداد للتسجيل في معهد الفنون الجميلة ففاجئه جواب الوالد حينما علق وقال : شتريد تصير انور وجدي ! فانذهل محسن من تعليق والده ومن معرفته بهذا النجم السينمائي المصري , فدفعه فضوله ليسال والده عن كيفية معرفته بهذا النجم السينمائي , فاخبره بانه تعرف عليه من خلال مشاهدته في فلم غرام وانتقام , وهنا علم محسن بان والده من رواد مشاهدة الافلام المصرية عندها اخذ يرافقه الى دور السينما لمشاهدة الافلام العربية , فتاثر هذا الابن والذي ياتي تسلسل ولادته بالمرتبة الرابعة من بين اخوته الاربعة , فولدت لديه رغبة العشق للتمثيل وامنيته في ان يصبح ممثلا في يوم ما .
لقد حاول صناعة سينما في داره ومن خلال صندوق خشبي مثبت فيه عدسة تكبير ومعها انارة تعكس الصور المعروضة على شاشة مثبتة على الحائط , كانت الصور غير متحركة حيث كان يعرض صور لصلاح الدين ويتقاضى خمسة فلوس عن ثمن الفرجة من ابناء محلته , وبهذا هو اول من ادخل عالم الفرجة في محلته واصبح اسمه مشهورا بين اقرانه من الاطفال ومن خلال هذه السينما التقليدية عشق الفن وبعد مفاتحة والده برغبته التسجيل في معهد الفنون الجميلة واخذ موافقته انتقل الى عالم كان يحلم به , عالم المسرح والتمثيل في معهد الفنون الجميلة .
كانت اسعد لحظات حياة هذا الشاب حين دخوله لمعهد الفنون الجميلة والتلمذة على ايادي اساتذته الاكاديميين والذين يحملون الشهادات العليا والتي منحت لهم من خلال دراستهم في الجامعات الامريكية والروسية والايطالية والالمانية , في تلك المرحلة كانت امنية اي طالب ان يتخرج وان يحصل على زمالة دراسية لاكمال مرحلته العلمية في الجامعات الاجنبية ومن ثم العودة ليتعين مباشرة ضمن اختصاصه ان كان في المعهد او الاكاديمية او في الفرقة القومية للتمثيل , ومما يأ سف له ويحزنه حينما يرى طموح الطالب في هذه المرحلة تقتصر على التخرج ومن ثم على التعيين , ولهذا فان محسن العزاوي دائما يترصد للخلل والذي تنتاب المسيرة الفنية في العراق , وهو يعتقد بان المنتج هو الذي لا يطور العمل الدرامي لكونه يهتم في كيفية استرداد ماصرفه على الانتاج زائدا الربح المادي , وهذا هو مايحصل , وفي رايه ان استمرت هذه الحالة فستؤثر تاثيرا سلبيا على نوعية الانتاج , ولمعالجة هذا الخلل هو يؤكد وعن طريق الوسائل الاعلامية بان على دائرة وزارة الثقافة والاعلام ان تهدم حواجز القيود والتي تقيد تطور الدراما العراقية وان تحاول النظر الى دائرة السينما والمسرح والتي هي بدورها تعاني من العجز المالي , وتحتاج الى من يدعم ميزانتيتها .
هو يؤكد دائما على انه لا توجد محفزات للممثلين , ولا لكتاب النصوص من اجل ان يطورون من مهاراتهم في كيفية كتابة نصوصهم , ولهذا هم ينصاعون الى توجيهات المنتجين في كتابة مالا يليق بمستواهم الثقافي من اجل الحصول على مايساعدهم من المال لسد احتياجاتهم المعاشية , وكذلك مثلهم الممثل والذي يحاول الاشتراك ببعض الاعمال الهابطة والتي هي بالاصل بعيدة كل البعد عن مسيرته ونجوميته .
محسن العزاوي , هو خريج جامعة الدراما في جيكوسلفاكيا , ولشدة تفوقه وتميزه على اقرانه من الطلبة وهو طالب دعي من قبل المسرح القومي الجيكي لاسناد له مهمة مساعد مخرج في مسرحية البطة البرية من تاليف هنريك ابسن , لقد حاول محسن العزاوي في حينها على تكملة مشواره التعليمي للحصول على الدكتوراه الا ان الحظ لم يسعفه , فبعد تخرجه عاد الى الوطن وعين في معهد الفنون الجميلة وبعد سنتين انتدب لتدريس الثقافة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية .
ان محسن العزاوي مخرج ذكي بانتقاء النصوص الشعبية ولا سيما تلك التي تمتلك القضايا الانسانية والجماهيرية , ولهذا هو يبتعد عن النصوص المبتذلة ومنها التجارية لكونها لا تخدم الجماهير وليس فيها معالجة لقضايا الجماهير .
كان له دور رئيس في تاسيس الفرق المسرحية في العراق , قبل هذا كان له ميلا للانتماء الى عضوية فرقة المسرح الحديث , لكن حبه للتحرر من القيود الادارية جعله يتفق مع الفنان الكبير طه سالم وعبد الوهاب الدايني والفنان خالد سعيد وفاضل قزاز بتشكيل فرقة اتحاد الفنانين والتي نالت شهرة باعمالها وعروضها المسرحية منها : مسرحية طنطل ومسرحية الكورة ومسرحية البقرة الحلوب ومسرحيات عديدة نالت الشهرة والاعجاب بعروضها .
يؤكد هذا الفنان الاكاديمي والمخرج المبدع باعماله , ان المخرج الجيد والممثل المبدع هما اللذان يساهمان ويساعدان على نجاح اي عمل من العروض المسرحية , ولهذا فان محسن العزاوي هو مخرجا بارعا واداريا ناجحا في الوقت نفسه . انه يصب جل اهتماماته على تطوير الممثل الذي يعمل معه , من حيث قراءة النص , وتحليل الشخصية والاهتمام بالصوت والالقاء ومخارج الحروف ولفظها , وهو يحث الممثل على ان يهتم بالتمارين السويدية من اجل خلق مرونة جسدية تساعده على تكييف جسده وبموجب متطلبات الشخصية .
ان المخرج المتالق الاستاذ محسن العزاوي مخرج متنوع العطاء , فهو قدم الكوميد والتراجيد والشعبي والكلاسيك , وقد استمر في تقديم العروض الاجتماعية والملحمية والتي تعتمد على اداء الممثل الواحد ( المونودراما ) , انه يتميز عن بقية المخرجين بدراسة النص جيدا , وتعيين نقاط الضعف والخلل فيه ومن ثم يعمل على منتجته , يحذف مايراه يؤثر على سير البناء الدرامي , ويضيف اليه مايساعد على اضفاء عنصري التشويق والانبهار , وبالاتفاق مع المؤلف , غرضه من ذالك النهوض بمستوى العرض المسرحي .
لقد اخرج الاستاذ المخرج محسن العزاوي اكثر من 60 عملا مسرحيا منها : فلوس الدوه وطنطل والكورة وروميو وجوليت وجدور الحب وحضرة صاحب المعالي , ومايميزه في اعماله المسرحية انه دائما يقدم من خلالها وجوه جديدة الى الجمهور ويبرز نجوميتهم .
هذا الفنان العبقري برؤيته , والمبدع باخراجه , قدم العديد من المسرحيات والتي شارك فيها كبار الممثلين من امثال يوسف العاني وسامي عبد الحميد وابراهيم جلال ليحقق من خلالهم تلاحما للفرجة فيها حلاوة العرض المسرحي .
فنحن مهما كتبنا عن مخرجنا الفذ والمبدع الرائد الاستاذ محسن العزاوي فهو قليل بحقه , لانه مخرج كبير ومبدع ومتالق دائما بعروضه المسرحية .
Top