فرقة مسرح آشتي هي احدى الفرق المسرحية العريقة في كركوك. تأسست قبل ثلاثة عقود واستطاعت مواصلة نشاطاتها الفنية رغم صعوبة الظروف التي مرّت بها مدينة كركوك والتقلبات الدراماتيكية المتتالية التي حلت بها. الاجواء الاستثنائية التي عاشتها هذه المدينة الكوردستانية خلال العقد الاخير من القرن الماضي، لم يشكل عائقا نهائيا امام عمل فرقة آشتي، فقد استطاع اعضاء هذه الفرقة الفنية تجاوز الموانع والضوابط القسرية والحظر الشديد الذي فرضته السلطات العراقية على كل نشاط ثقافي كوردي، حيث ان هذه الفرقة استطاعت ان تقدم عروضها وسط اشواك وتهديدات السلطات...

اعداد: طارق كاريزي
فرقة مسرح آشتي هي احدى الفرق المسرحية العريقة في كركوك. تأسست قبل ثلاثة عقود واستطاعت مواصلة نشاطاتها الفنية رغم صعوبة الظروف التي مرّت بها مدينة كركوك والتقلبات الدراماتيكية المتتالية التي حلت بها. الاجواء الاستثنائية التي عاشتها هذه المدينة الكوردستانية خلال العقد الاخير من القرن الماضي، لم يشكل عائقا نهائيا امام عمل فرقة آشتي، فقد استطاع اعضاء هذه الفرقة الفنية تجاوز الموانع والضوابط القسرية والحظر الشديد الذي فرضته السلطات العراقية على كل نشاط ثقافي كوردي، حيث ان هذه الفرقة استطاعت ان تقدم عروضها وسط اشواك وتهديدات السلطات.
شكل عام 2003 انعطاف كبير في مسيرة هذه الفرقة، حيث تنفس سكان كركوك (والنخب الادبية والفنية فيها) الصعداء بعد زوال المحظورات والمحاذير التي فرضتها السلطات السابقة، ومن المهم ان نقول بان فرقة مسرح آشتي مثلما عهدها جمهورها، واصلت نشاطاتها منذ تأسيسها، ويجدر الاشارة هنا الى ان المسرح الكوردي في كركوك يعد في طليعة المسرح الكوردي في كوردستان العراق. وفي اول مهرجان اقيم للثقافة الكوردية عام 1974 في بغداد، نالت كركوك جائزة المسرح فيه، وقبل ذلك التاريخ كان لمسرحيي المدينة قصب السبق في حركة المسرح الكوردي، واول الحائزين على الشهادات العليا في المسرح هم من فناني كركوك ومخرجيه امثال د. فاضل جاف، د. فائق سلمان كاكيي، الاستاذ هاوريه زنكنة وآخرون.
بمبادرة من فرقة مسرح آشتي وبالتعاون مع قسم الثقافة والفنون في كركوك التابع لوزارة الثقافة والشباب في حكومة اقليم كوردستان، شهدت مكتبة كاريز اول عرض مسرحي منذ تأسيس المكتبة. مسرحية (الجبناء لن يصنعوا التاريخ) من تأليف الكاتب المسرحي سلام زنكنة عرض يوم 13/كانون الثاني/2021 في مكتبة كاريز.
تناول العرض قضيّة آنية وملحة حيث تشهد مناطق مختلفة من محافظة كركوك حالات من التوتر بين الفلاحين الكورد وابناء العشائر من العرب الوافدين. هذه التوترات سببها سياسات الفصل العنصري التي مارستها السلطات العراقية خلال القرن العشرين من خلال طرد القرويين الكورد من قراهم ونفيهم الى خارج كركوك واستملاك اراضيهم عنوة للدولة ومن ثم توزيعها على ابناء العشائر العربية او العرب البدو الذين سهلت السلطات العراقية خصوصا خلال الفترة بين عامي 1968-2003 الامور امامهم من اجل ترك مناطقهم في محافظات العراق العربي والقدوم الى مناطق كوردستان العراق من اجل احداث تغيير في تركيبة السكان لصالح العرب ومن ثم حسم تبعية هذه الاراضي بالضد من هويتها الكوردستانية.
شارك في التمثيل كل من الفنانين سيروان بيلانة، سلام زنكنة وجالاك زنكنة، وقال سيروان بيلانة "ان مثل هذه العروض يطلق عليها ميني دراما، باعتبار ان العرض يتم اختزاله ضمن فترة زمنية قليلة ويتم بلورة النص والعرض في نطاق محدود ليس بالضرورة ان يكون فوق خشبة مسرح جاهزة." هذا العرض الذي نال استحسان الجمهور المحدود الذي حضره من خلال مداخلاتهم وتعليقاتهم التي تلت العرض، وعبر عدد من الذين حضروا العرض تضامنهم مع فحوى المسرحية وقدرة الاداء التي ابداها اعضاء فرقة آشتي المسرحية.
يجدر الاشارة الى هذا العرض تناول آخر حالة مواجهة بين فلاحين كورد من منطقة هفتخار التابعة لقضاء داقوق جنوبي كركوك مع عدد من العرب البدو الذين سبق وان اسكنتهم السلطات العراقية على اراضي الفلاحين الكورد بعد تهجير الفلاحين الكورد وتدمير قراهم ومصادرة اراضيهم، وشهد العرض لذلك حالة من التجاوب الوجداني مع الجمهور الذي يعاني من الشعور بالمرارة بسبب تبعات وتداعيات سياسات التطهير العرقي والتمييز العنصري التي مارستها السلطات العراقية طوال القرن الماضي ضد السكان الاصليين من الكورد وغيرهم.