• Thursday, 28 March 2024
logo

البرنامج الاصلاحي لرئيس اقليم كوردستان في مجال السلطة القضائية، تفهٌمُ لأستقلالية القضاء و تطبيق لسيادة القانون

البرنامج الاصلاحي لرئيس اقليم كوردستان في مجال السلطة  القضائية، تفهٌمُ لأستقلالية  القضاء و تطبيق لسيادة القانون
القضاء وافتتاح المعهد القضائي لاعداد القضاة المحترفين وعقد مؤتمر كبير في الشهر المقبل،كلها فقرات وردت ضمن برنامج اصلاحات رئيس اقليم كوردستان من اجل استقلالية السلطة القضائية وتطبيق سيادة القانون،يريد الرئيس بارزاني عن طريق برنامج الاصلاحات أن يبلَغ العالم بأن شعب كوردستان هو الشعب الذي يُحكم في ظل بلد يسوده القانون ،و لا أحد في كوردستان فوق القانون،كما اعلن جون آدامز الرئيس الثاني للولايات المتحدة الامريكية في عام 1766 بأن امريكا هي شعب قانون وليست شعب الاشخاص،وهذا القول المأثور قد مرت عليه اكثر من 240 سنة،ولازال ينظر اليها الامريكيون بكل تقدير و حتى العالم بأسره،ان هذه الخطوة لرئيس اقليم كوردستان محاولة لاعادة آلية سيادة القانون الى سكتها ليعتز بها الاجيال القادمة.

اهمية سيادة القانون بالنسبة للتنمية
آدم سميث كبير الاقتصاديين الانكليز يتطرق في احد خطاباته الى اهمية القانون بالنسبة الى التنمية ويقول: (احد العوامل المسببة للتأخر الكبير في مجال التجارة و التنمية،هو ضعف القوانين وعدم شفافيتها في التنفيذ،الى جانب وجود الفساد في القطاع العام،هذا ايضا يشكل عاملاً في عدم الشفافية و في تعريف وتنفيذ القوانين)،ولوتأملنا بدقة في اقوال آدم سميث،نجد أن عدم شفافية القانون والضعف في تنفيذه عامل مهم في ظهور الفساد،ولهذا السبب عندما يتم البدء في عملية الاصلاحات، فأن قسم من القوانين يتطلب اجراء التعديلات فيه أومعالجة الخلل الذي يظهر من خلال تنفيذه،وفي هذا الاطار فأن برنامج اصلاحات رئيس الاقليم يضم الجانبين الآتيين:
1- اعادة النظر في الجهازين القضائي والاداري للبلد.
2- تعزيز السلطة التنفيذية عن طريق استقلالية السلطة القضائية وتعيين القضاة حسب المهنية.
وممالاشك فيه إن النقطتين أعلاه اللتين تظمنهما برنامج رئيس اقليم كوردستان، مع انه محاولة لمعالجة الخلل في السلطة القضائية وله علاقة بمستوى تقدم مجتمعنا،ولكن على المستوى الدولي وضمن اطار تصنيف كفاءات السلطات القضائية يُنظر اليها كعامل للفساد و خرق لسيادة القانون،ووفق البحوث الجديدة فأن البنك الدولي على مستوى العالم بصدد جمع برامج لتقييم مستوى نشاطات وفعاليات الانظمة القضائية في العالم، وأظهرت البحوث أن وجود السلطة القضائية الفعالة في أي بلد، سوف يؤدي الى انخفاض نسبة الفساد فيه،وهذا التوجه يبين لنا ان برنامج رئيس اقليم كوردستان جعل شخص الرئيس البارزاني أحد افراد البيشمركة لمحاربة الفساد والسلاح المؤثر الذي يقاتل به رئيس الاقليم هو سيادة القانون،وحول كيفية اعادة تنظيم السلطة القضائية و تذليل العقبات أمام تطبيق سيادة القانون،توجهنا بسؤال الى البروفسور روبرت كوجران استاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، وكانت اجابته الخاصة بذلك الى(كولان)كالآتي:( ان ضعف السلطة القضائية عبارة عن تشويه العملية القانونية،وهذا يكمن في وجود المجال لتسلم الرشاوى أو التدخل في شؤون القضاة بشكلٍ يؤدي الى الوصول الى بعض القرارات لاتستند على سيادة القانون،وحتما لايوجد برنامج سهل لنبذ الفساد القضائي،وهذا يعني أن كل البرامج تكون صعبة وبحاجة الى ارادة قوية،وسبب هذه الصعوبة يعود الى أن طبيعة اصدار الاحكام تتعلق بأن تكون للقضاة سلطات كافية،أي أن القاضي يكون قوياً عند تنفيذ القوانين والقوانين هي قوية بحد ذاتها،وهذا يؤدي الى وصول القوة الى مستوى خطورة ظهور الفساد، ولأجل مواجهة هذه الخطورة،علينا اللجوء الى القاضي العادل،وفي هذا الاطار يحتاج النظام القضائي الى مراعاة بعض الامور واعتقد بأنها هي عبارة عن:

اولاً: يجب اختيار القضاة عن طريق عملية فاعلة،ففي الولايات المتحدة الامريكية يتم اختيار القضاة عبرعمليات مختلفة،يتم اختيار القضاة و القاضي الوطني في بعض الولايات من قبل السلطة التنفيذية ثم تصادق عليهم السلطة التشريعية،وهذه العملية تضم فروعاً مختلفة في المؤسسات الحكومية بهدف التأكد من كفاءة القضاة المرشحين ولا تؤثرالصداقة على من يتم اختياره،هذه العملية تساعد في اجتثاث الفساد،وفي بعض الولايات ،يتم اختيار القضاة من قبل المواطنين،وهذا يجعل القضاة يستجيبون للضغوط السياسية اقل من قيامهم بتطبيق القانون.
ثانياً: ينبغي صرف رواتب مستحقة للقضاة،اذا كانت رواتبهم قليلة فأن احتمال قيام القضاة بالبحث عن اموال اضافية من اصحاب القضايا سوف يزداد، يجب مساواة رواتب القضاة مع دخل المحامين الناجحين.
ثالثاً: القضاة بحاجة الى الحصانة،وعليهم أن لايشعروا بأن مهنتهم تتعرض للخطرعند اصدار الاحكام في قضية معينة،يجب أن يكونوا احراراً في تطبيق القانون مهما تكون نتائجه.في الولايات المتحدة يتم تعيين بعض القضاة وبينهم القاضي الوطني بصورة دائمية (( أي مدى الحياة))،أما في بعض الولايات الاخرى لايسري نظام التعيين بصورة دائمية بل يستمرون القضاة في عملهم لفترة طويلة.
رابعاَ:يجب أن يكون القضاة مدربين بشكل جيد،وكل من كان خريج كلية القانون و محامياً ذا خبرة و قد مارس المحاماة لسنوات عدة، بأمكانه أن يصبح قاضياً ناجحاً،حتى دون التدريب .وفي الدول التي لاتمتلك تجارب قوية في مجال الحكم،ربمايكون هذا المعهد ضرورياً، يمكن أن تلقى فيه المحاضرات من قبل القضاة و الاساتذة ذوي التجارب.كما يمكن الاستعانة ببعض المحاضرين من الدول التي تمتلك اجهزة قضائية قوية. ومن الضروري اختيار أو تعيين القضاة عن طريق عملية تضم ((المراقبة و المتابعة– Checks and Balances))ويمكن ذلك عن طريق نظام تقوم فيه مفوضية قضائية بأختيار القضاة.
خامساً:يجب صرف رواتب مستحقة للقضاة للحيلولة دون اللجوء الى تسلم الرشاوى،مع وجود احتمال لاقصاء القاضي ويجب أن يكون القانون شفافاً ويعلن على عامة الناس)).

البروفسور كوجران اشار بصورة عامة وحسب ما له من التجربة عن السلطة القضائية الامريكية الى معظم النقاط،ولكن ما نقصده نحن في هذا التقريرهو اقليم كوردستان،حيث يمكن القول أنه لاتوجد فيه اولوية لسيادة القانون أو استقلالية السلطة القضائية، وحول هذا الجانب سألنا البروفسور بريان بريكس استاذ القانون في جامعة مينوسوتا، فأعرب عن رأيه ل(كولان) بما يأتي: (ان سيادة القانون و استقلالية الجهاز القضائي هما الشرطان الاساسان للاصلاحات في الدول النامية او في الدول التي هي في المرحلة الانتقالية ، سؤال مهم جداً وفي الوقت ذاته يعتبر صعباً ،الكثير من اصحاب النظريات منهمكون بهذه المسألة،خاصة في الدول التي تحررت من الدكتاتورية أو من الهيمنة الامبريالية،من الواضح أن وجود شعور قوي بشأن سيادة القانون أمر مهم،وليس اعتماداً على الحكومة فحسب، بل من اجل تنمية التجارة،أنا متأكد من وجود طريقة اسرع،سيادة القانون وسيلة مختلفة لانجاز الاعمال،وكذلك لتحديد ماهومقبول وما هوغير مقبول،وغرس الثقة بنوع الحكم،وليس بالحكام،والشعور بوجود العلاقة مع الحكومة وليس مع قائد معين أوحزب أو مجموعة عرقية،والواضح أن من الامور التي يجب تحقيقها هي تطويرو تعزيز شفافية السياسيين والمحامين والقضاة،الذين يتأهلون للقيادة ويصبحون نماذجاَ يحتذى بهم الناس،كما ينبغي تطوير الجانب التربوي للناس ، وفي الوقت ذاته يستوجب وجود مدًعين عامين يمتلكون ارادة والقدرة على اصدار الحكم في قضايا الفساد.وفي الوقت الذي تحتاج فيه سيادة القانون الى ثقة الناس،فأن الناس بحاجة ايضاً الى سيادة القانون،وهذا يعني أنه من الصعب أن يتحقق احدهما دون الآخر،والصعب ايضاً أن نوجه كل العملية بأتجاه صحيح وحقيقي.
اعيدها ثانية،لاأعتقد أن تكون هناك اجابة سهلة ،ويظهر أن بعض الدول قد حققت النجاح بوجود قادة هم محل ثقة الناس( و يتوقع أن يكونوا بمنأى عن الفساد والانانية)،ويتسنمون مواقع مهمة،ثم يجب طمأنة الناس بأتخاذ الاجراءات والتحقيق عن الفساد مع حماية استقلالية الإعلام،على أن يتم انتخاب القضاة على أساس الكفاءة والجدارة،وليس على اساس الانتماء السياسي،واضافة الى ذلك فأن تطويراداء القاضي والمحامي الخبير على نحو تطوير القيم تستغرق فترة طويلة،في اغلب الدول النامية هناك طريق مزدوج: تأسيس الجامعات المتقدمة و تأمين التدريب المهني،ولكن مع ارسال الطلبة و المهنيين الى الدول مثل( المانيا،بريطانيا،كندا،امريكا)ليتلقوا التعليم في ارقى جامعاتها،ولمشاهدة المؤسسات المهنية فيها والاطلاع على الادارة وما يمكن التوقع من القضاة و المحامين والمدعين العامين،وهذا من اجل ان يتلقى القضاة تدريباً خاصاً،كما أن وجود الشعور القوي بالمهنية سوف يؤدي الى انخفاض نسبة الفساد،في اغلب دول العالم الاشخاص الراغبين في العمل كقضاة ومدعين عامين يخضعون الى تدريب يختلف عن الذين يرغبون في العمل كمحامين،عموماَ فأن تحقيق وتطوير الشعور القوي يصب في الخدمة العامة قد يستغرق فترة طويلة.
بالتأكيد يستحسن حصول القضاة على الرواتب الكاملة للحيلولة دون حاجتهم الى مبالغ كبيرة،كما من المستحسن حماية القضاة من الضغوط السياسية والحزبية ، وهذا من أجل ابعادهم عن حالات الاجبار في مهماتهم).


الشعور بالعدالة
*في أي بلد يشعر المواطنون بوجود اللاعدالة،فأن اركان ذلك المجتمع تتعرض الى الخطر،وان هذا الخطر حاله حال الامراض الاجتماعية بحاجة الى المعالجة العلمية،وعلى المواطنين ايضاً عندما يجدون أن رئيسهم قد شعر بهذا الخطر وبدأ جهوده في هذا المجال،عليهم مساعدته و أن يحاولوا قطع دابر هذه الآفة الفتاكة في المجتمع بالوسائل الصحيحة وعبر تطبيق سيادة القانون،وحول هذا الجانب وجهنا سؤالاً الى البروفسور ستوارت كوهن استاذ القانون ومعاون عميد كلية القانون في جامعة فلوريدا، وابدى برأيه ل(كولان) على النحو الآتي: ( بغية الاطلاع على مفهوم العدالة ، في البداية يجب أن نفهم التوقعات المنطقية والصحيحة للمواطنين من الجهازالقضائي.كل واحد منا لديه هذا الشعورالذاتي حيث يعلم الامور الصحيحة والشرعية والعادلة،رغم وجود بعض الاختلافات،ولكن بأمكاننا القول بأن هناك بعض الحقائق العالمية حول التعامل الشرعي والعادل مع الافراد،وجود الجهاز القضائي لارساء تلك المفاهيم و حماية المواطنين من اللاعدالة،سواء كانت مصادرها حكومية أو اناس اعتياديين،مفهوم( الفساد القضائي)مقرون بفشل القضاة اصحاب القرارات في تنفيذ مفاهيم القوانين و العدالة حول القضايا التي بين أيديهم،علينا أن نكون حذرين عند استخدامنا لتلك المفاهيم،لانه ليس من الشرط أن تكون كل القرارات غيرمتفقين بشأنها هي حصيلة الفساد الاداري،القضاة بشر ويرتكبون الاخطاء ايضاً ،ولايعتبر هذا فساداً،من المحتمل أن تكون القوانين السائدة صعبة وفي بعض الاحيان يكون القضاة مضطرين على تنفيذها كما هي مدونة،حتى وإن كانوا غير عادلين بحق الملفات،وهذا ليس فساداَ ايضاً،الفساد عبارة عن قرار متعمد يتجاهل القوانين والحقائق،كما هو عبارة عن اتخاذ قرار لايتفق مع القانون والعدالة،ومن هذا المنظور يُنظر الى الفساد بأنه تدخل اختيارى في عملية اتخاذ القرارعلى اساس المقومات الاساسية للقانون و العدالة،من الممكن أن يحدث الفساد في كافة المراحل وفي عموم الجهاز القضائي،بدءاً من القضاة و اساليب عملهم وكتابة عملية اتخاذ القرارات،حسب تصوري فأن الخطر الرئيس للفساد الاداري يكمن في انعدام ثقة المواطنين بالجهاز القضائي،انعدام الثقة يعني أن المواطنين لايثقون بعد الآن بجهاز يحقق العدالة ويحميهم وفق مبادئ الحقوق العالمية، وحتما هذا يتجاوز الى حسم الخلافات عن طريق استخدام العنف،والارهاب والتعاملات الاخرى من قبل الاشخاص والمجاميع التي تعتقد بأنه لاتوجد وسيلة أخرى لحماية حقوقهم).

* وحول كيفية تفعيل القضاة ومهنة القضاء يقول البروفسور كوهن: (مايسمى بالقاضي (المحترف)هو الشخص الذي اكمل الدراسة و تلقى الخبرة ويقوم بتدريب الآخرين ليعملوا بأمكانيات قضائية،وهذا على عكس من التعيين المسيس للقضاة الذي لم يتلقوا اي تدريب قضائي ومن المحتمل ان يقعوا تحت تاثير الاحزاب السياسية او الحكومة التي اختارتهم،في بعض الدول مثل المانيا،يتم انتخاب القضاة من بين الذين اكملوا الدراسة وتلقوا التجارب تؤهلهم لتسلم تلك المناصب القضائية، السؤال هو: هل بأمكان هذا النظام أن يكون سبباً للابتعاد عن احتمال حدوث الفساد؟ جوابي هو:يتوقف هذا على قوة صفات وخصلات الافراد للابتعاد عن الفساد،كما يتوقف على مدى ما يتعرض له القضاة من الضغوط المباشرة وغير المباشرة من قبل الحكومة أو الافراد الاقوياء الآخرين،كذلك يتوقف على وجود جهاز انضباطي يقوم بمحاسبة و اقصاء القضاة الذين لايتعاملون وفق المستلزمات القانونية.وحسب رأيي إن الآلية الاساسية للسلطة القضائية الحرة وسيادة القانون عبارة عن:
(1) عملية التعيينات،وذلك بأختيار الاشخاص المناسبين لكي يتولون مهمة ارساء القوانين و العدالة كحكام عادلين ومستقلين.
(2) اعطاء الضمانات للقضاة بأن فترة تعيينهم تكون طويلة،لمدة خمسة عشر عاماً، او مدى الحياة كما في امريكا،وذلك حتى لو ان القرارات التي يصدرونها لاتتفق مع أهواء الحكومة أو السلطات الحاكمة الاخرى.
(3) وجود نظام انضباطي فاعل و مستقل يجري التحقيقات في حال وجود الفساد،ويعاقب القضاة الذين لايعملون حسب الضوابط و التعليمات.
(4) وجود جهاز المحاكمة العلنية يسمح للمواطنين بالحضور في جلساتها.
(5) وجود نقابة للمحامين يضم المحامين لهم السلطة والارادة في أن يطلعون الرأي العام والسلطات عن القضايا المحتمل حدوثها والمتعلقة بالفساد القضائي.
(6) دعوة القضاة الى تدوين آرائهم حول التبريرات الخاصة بأصدار قراراتهم.
(7) وجود جهاز اعلامي يتولى نشر التقارير حول حالات الفساد ويكون بمنأى عن التدخل الحكومي في حال نشره للتقارير).
* وحول اقليم كوردستان، الذي قرر رئيسه أن تكون سلطته القضائية مستقلة و ارساء سيادة القانون فيه،اوضح البروفسور ستوارت على النحو الاتي:( انعدام التجربة يشكل مشكلة جدية لدى معظم الدول النامية،ينبغي اعداد برامج تدريبية للقضاة حديثي التعيين للاطلاع على المقومات الاساسية والمتعلقة بالادلة،الاجراءات المناسبة لرفع و سير القضايا،ايجاد الحلول بين القوانين و السلطات الاخرى،التعامل الاخلاقي والمهني بين المحامين والقضاة،ورغم انعدام التجارب القضائية في بعض البلدان،فأن تجربتي الشخصية في مقابلة المحترفين في الدول النامية جعلتني على دراية بأن الاشخاض الذين تدربوا على المفاهيم القانونية الاساسية ومن الذين اتخذوا المفاهيم الاساسية للحقوق والعدالة كعناصر ضرورية،اولئك سوف يستطيعون أن يصبحوا قضاة في مدة قصيرة. ولذلك اذا ما قرر بلدُ تطوير برنامج لاعداد القاضي المحترف،فأنه يحتاج الى التدريب الخاص و الكفاءة و القابلية الشخصية، والاهم من ذلك،على الحكومة والسلطة القضائية القبول ببعض الحقوق الاساسية،الحقوق التي قد تكون مثبتة في الدستور أو القوانين الاساسية،بعض اهم القرارات القضائية قد صدرت في التأريخ، عندما كان الجهاز القضائي مستعداً الى أن يشير الى اخطاء الحكومة ويدعم حقوق الاساسية للاقليات ضد الاستبداد والقمع والتعامل الجائر،ولتحقيق ذلك يجب أن يكون الجهاز القضائي بمنأى عن التدخل الحكومي،وهذا يعيد بنا الى السؤال الرابع ،وفي النهاية فان كل هذه القضايا مرتبطة بشبكة الاصلاحات الاساسية و السياسية).

القاضي الدكتور محمد عمر مولود عضو محكمة تمييز كوردستان وعضولجنة اصلاحات رئاسة اقليم كوردستان لتنفيذ برنامج اصلاحات السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان ،ان برنامج اصلاحات رئيس الاقليم متعدد الجوانب و يشمل مجمل مجالات الجهاز القضائي و افتتاح المعهد القضائي ،وللحديث حول اعادة النظر بالجهاز القضائي وافتتاح المعهد توجهنا بعدد من الاسئلة الى الدكتور محمد عمر، اجاب مشكوراً على اسئلتنا التي تلخصت تحت عنوان (لماذا كان برنامج اصلاحات الرئيس ضرورياً؟ وفيما يأتي نص الاجابات:
ممالاشك فيه بعد سقوط النظام العراقي السابق في 2003 وتشكيل النظام الفدرالي في العراق في 2004 و تأسيس المؤسسات الحكومية الجديدة وفق دستور عام 2005 و تخصيص17% من موازنة العراق الى اقليم كوردستان،شهد الاقليم ازدهاراً اقتصادياً ملحوظاً ودخلت اليه اموال طائلة و نتيجة لذلك شهد الاقليم تقدماً مضطرداً على مستوى الخدمات الحكومية و نمو وتوسع المدن والحاجات الجديدة حيث أن موجة المستجدات الاقتصادية غطت الاقليم بسرعة كبيرة وبشكل مفاجئ،ولم يكن قد اتخذت لها الاستعدادات اللازمة من قبل والمؤسسات الحكومية لم تكن عند مستوى تلك المستجدات الاقتصادية و الاجتماعية التي حدثت في كوردستان بهذه السرعة،لذا تعرضت هذه العملية الى الخلل وحتى ظهر فيه الفساد،وقد شعرت جماهير الاقليم بهذه الظواهرغير المرغوب فيها في السنوات الاخيرة،كما انتاب الكثير من المخلصين في الاقليم قلق بالغ خوفاَ من أن يسير هذا الكيان السياسي الذي يضم البرلمان والحكومة والسلطة القضائية المستقلة في اطار عراق فدرالي والذي هو ثمرة دماء مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين ونضال شعبنا لأكثر من نصف قرن،يسيرنحو اتجاه سئ بناء على الرغبات و المطاليب غير المشروعة لبعض الانتهازيين،وكان المخلصون من ابناء بلدنا ينتظرون بفارغ الصبر الموقف الجرئ للسيد رئيس اقليم كوردستان،من اجل وضع حد للخلل والفساد،لانه ليس هناك أى شريف و صاحب ضمير يشك في اخلاص وحرص الرئيس البارزاني لهذه التجربة،ولقد تحققت الامنية وقدم سيادته في نوروز من العام الحالي برنامجاً شاملاً بالاصلاحات وفي مختلف المجالات،وليس هذا فقط وانما دخل بنفسه الساحة و سخر كل امكانياته و طاقاته من اجل انجاح المشروع الجديد،لذا من الضروري أن نشير هنا الى أن الثقة بين الشعب والقيادة كادت أن تضعف، ولكن الآن بفضل هذا البرنامج الاصلاحي عادت الثقة مرة اخرى الى قوتها ورصانتها،وينظر الناس بتفاؤل الى هذا البرنامج،كما يتوقعون منه الكثير،من هنا حسب رأيي فأن البرنامج حقق الكثير من اهدافه،لان ايقاف ظاهرة الفساد عند هذا الحد يشكل بحد ذاته نجاحاً كبيراً و مؤثراً،فضلاً عن ان الجهود لم تتوقف عند هذا الحد،لان البرنامج ليس مؤقتاً وانما مستمر و دائم لحين تحقيق كامل اهدافه.

لايخفى على الجميع أن برنامج السيد رئيس الاقليم للاصلاحات برنامج شامل،اي انه يشمل كل مجالات الحياة الاجتماعية للمجتمع الكوردستاني منها الادارية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية،لان هدف البرنامج هو الوصول الى مرحلة المؤسساتية في عموم دوائر ومؤسسات حكومة اقليم كوردستان،لذا يمكننا القول هنا بأن اكبر عامل للوصول الى هذا الهدف هو تطبيق مبادئ سيادة القانون و السلطة القضائية القوية والمستقلة.
ومن هذا المنحى يهدف السيد رئيس الاقليم الى اجراء اصلاحات عميقة وجذرية في هذا المجال،لأن سيادته كان متحمساً جداً لمباشرة المعهد القضائي بعمله الذي صدر قانونه وتمت المصادقة عليه عام 2008 وتم تعيين مديره العام بمتابعته الشخصية،وقد ازيلت كافة المعوقات امام مباشرة المعهد المذكوربمهامه، ويتوقع ان يستقبل المعهد اول وجبة من الطلبة في العام الدراسي 2011-2012 .

ومما لاشك فيه أن تأسيس المعهد و مباشرة الدوام فيه يشكلان خطوة كبيرة في مجال رفع مستوى السلطة القضائية،وكذلك مهنيتها واستقلاليتها،ولايخفى أن البعض كانوا ينتقدون اجراءات تعيين القضاة واعضاء الادعاء العام في اقليم كوردستان،ويتشككون في وجود التدخلات الحزبية في هذا المجال،رغم أن اكثر هذه الانتقادات لم تكن في محلها، لأن القضاة و اعضاء الادعاء العام يؤدون واجباتهم بحيادية ومهنية،ولكن تأسيس هذا المعهد ومباشرته بمهامه سوف لن يبقي المجال امام توجيه مثل هذه الانتقادات،لان قبول الطلبة في المعهد يجري بشفافية، حيث يعلن مسبقاَ افتتاحه وقبول الطلبة عبر وسائل الاعلام و يحق لأي شخص يجد في نفسه الكفاءة التقديم للمعهد،وبعد انتهاء فترة التقديم يتم اجراء اختبارات علمية للمتقدمين بالأعتماد على المعايير العلمية والمهنية وبعيداً عن أي تدخل حكومي أو حزبي ،ويتم اختيار ذوي الكفاءة والقابلية ، والمقبولون فيه يتلقون الدروس النظرية والعملية لمدة سنتين على ايدي اساتذة متخصصين،وفي كل سنة دراسية يخضعون الى العديد من الامتحانات،ويقطعون مراحل عدة حتى يصلون الى مرحلة التعيين كقضاة أو كأعضاء الادعاء العام.

لذا من المؤمل ان يؤدي المعهد وعملية تخريج القضاة واعضاء الادعاء العام منه مستقبلاً الى تعزيز ورفع مستوى استقلالية السلطة القضائية في الاقليم، وبقي أن اقول إن مهمة المعهد القضائي لاتقف عند هذا الحد،وانما انيطت به ادوار اخرى،منها فتح دورات ضرورية للقضاة واعضاء الادعاء العام الذين هم مستمرون في وظائفهم في الوقت الحاضر،بغية زيادة مستواهم العلمي والاطلاع على العلوم الحديثة في هذا المجال،حيث لايتم منح خريجي القانون مستقبلاً اجازة المحاماة، حتى يلتحقون بالمعهد و ينهون دورة مستلزمات دراسية ومن ثم يحصلون على شهادات التأهيل من المعهد.والمحور الآخر من برنامج السيد رئيس الاقليم في هذا المجال عبارة عن تفعيل الادعاء العام وهوجهاز مهم ويجب ان يكون له دورمتمييز في تنفيذ هذا البرنامج الاصلاحي، ولهذا الغرض هناك مشروع برنامج خاص لتعديل قانون الادعاء العام المرقم 159 لسنة 1979 المعدل والذي يضم جوانب عدة لتعزيزو تفعيل جهازالادعاء العام بالاخص ازالة الازدواجية من حيث تابعية هذا الجهاز،لأنه مرتبط بمجلس القضاء في الوقت الحاضر و وفق مشروع القانون سيصبح هذا الجهاز قسماً من أقسام وفروع السلطة القضائية وينفصل عن وزارة العدل من كل النواحي، كما يضم مشروع القانون نصوصاً عدة لزيادة دور الادعاء العام في مراقبة المؤسسات الحكومية ليصبح اكثر جرأة في مواجهة ظاهرة الفساد الاداري والمالي في الاقليم.

وفي الختام استطيع القول أن السيد رئيس الاقليم يريد أن يكون لنا جهازاً قضائياً مستقلاً بكل معانيه والذي يصبح افضل و اكبر سند لتنفيذ مشروع الاصلاحات في مجالات المجتمع الكوردستاني الاخرى،لان سيادته يولي اهتماماً متميزاً بهذا الحهاز،ولاثبات هذه الحقيقة فقد قسًم في احدى الجلسات بضريح والده الراحل الزعيم مصطفى ا لبارزاني و يشرفه اذا مااستدعي يوم من الايام للحضور امام المحاكم وهوشئ يعتز بها.

ان سيادة القانون واستقلالية القضاء هي من النقاط المهمة في مشروع الاصلاحات،ومن هذا المنطلق فقد تم تخصيص جزء من برنامج اصلاحات رئيس اقليم كوردستان لسيادة القانون واستقلالية الجهاز القضائي،و هذا نابع من حقيقة مفادها أن هذا المجال لايخلو من الخلل وعلى القضاة و القانونيين اعداد بحوث علمية عبر اجراء الحوار وتبادل الاراء،ليصبح مجلس القضاء اكثرقدرة وقوة،وحول برنامج اصلاحات السيد رئيس الاقليم ،قال الدكتور محمد عبدالرحمن سليفاني عضو محكمة تمييز اقليم كوردستان الخبير في مجال مجلس القضاء وأحد القضاة المشاركين في سن قانون المعهد القضائي لاقليم كوردستان في حديث خاص ل(كولان) بما يأتي:

القاضي مستقل وصاحب قراره القانوني
وفق القانون المرقم 14 لسنة 1992 كان القضاء تابعاً لوزارة العدل من الناحية الادارية،ثم صدر في اقليم كوردستان القانون المرقم 23 لسنة 2007 حيث اصبحت بموجبه السلطة القضائية مؤسسة مستقلة، والمعلوم أن هناك ثلاث سلطات هي( التشريعية و التنفيذية و القضائية) لاتتبع احداها الاخرى وكل واحدة لها صلاحياتها المستقلة،وهذا لايعني بأنها متضادات،ولكن على السلطات الثلاث التنسيق والتعاون من اجل المصلحة العامة ومصلحة البلاد،رئيس تلك السلطات في العراق هو رئيس الجمهورية، وفي اقليم كوردستان هو رئيس الاقليم،وبما أن السلطة القضائية في اقليم كوردستان مستقلة، نحن كقضاة كنا مسرورين بأننا نستطيع من الآن فصاعداً ارساء دعائم السلطة القضائية في حدود القانون و كذلك اصدار الاحكام المطلقة،و الجانب الاخر هو استقلالية الحكم فهذا الجانب كان موجوداً لدى الحكومة العراقية منذ القديم، أي منذ تأسيس الحكومة العراقية ومايزال مستمراً،حيث أن القاضي مستقل في اصدار احكامه وهو صاحب قراره الخاص،وليس لرئيس المحكمة و لا لللرئيس ولا لرئيس الوزراء الحق في تدخل شؤونه وقراراته،والقاضي المقتدر و الجرئ لايقبل ذلك بأي شكل من الاشكال..

استقلالية السلطة القضائية بحاجة الى خطوات عملية
يعتقد خبراء القانون أن مع بدء الاصلاحات وانتهاء المرحلة الاولى منها ،تدخل الاصلاحات في المؤسسات الحكوميىة مرحلة مهمة وبالأخص الاصلاحات المقرر اجرائها في مجال القضاء،أن هذا الجانب- حسب الخبراء- لايخلو من الخلل والكثير من الجوانب الادارية والتنظيمية وتفاصيل ادارة الامور بحاجة الى المراجعة والخطوات العملية، وحول هذا الموضوع قال الدكتور محمد عبدالرحمن السليفاني:منذ الوهلة الاولى لصدور قرار استقلال السلطة القضائية في اقليم كوردستان كان الرئيس البارزاني السند والدعم القوي لانجاح السلطة و ارساء سيادة القانون، كما ان الرسالة التي اعلنها الرئيس البارزاني للاصلاحات قد نفذت عملياً منذ شهور في مجالات عدة،وهذه عملية مهمة وناجحة سيما في المؤسسات الحكومية،كما نرغب ونتمنى أن يتم دعمنا من الجانب القضائي لاجل سيادة القانون والعدالة،وحسب قانون السلطة القضائية وقانون الاحزاب ، يجب ان يكون القاضي مستقلاً وغير منتمي الى أي حزب و أن لايمارس أي نشاط حزبي،لكي يتمكن من اداء واجبه دون التدخل وبشكل مرضي وحيادي،في كل الاجتماعات و اللقاءات مع السيد رئيس اقليم كوردستان كان سيادته يؤكد على سيادة القانون واستقلالية السلطة القضائية،ولكن هذا يتطلب خطوات عملية وأن يقوم السيد رئيس الاقليم بدعمنا شخصياً،كما على رئيسي برلمان كوردستان ومجلس الوزراء و وزير الداخلية تقديم الدعم اللازم لنا،وكذلك على السلطة التنفيذية أن تكون سنداً لنا، ويجب تكون لنا ميزانية مستقلة وممولة،وفق المادة (4) من قانون السلطة القضائية المرقم 23 لسنة 2007 والذي ينص على:ان تكون لها ميزانية خاصة ويقوم بأعدادها مجلس القضاء ويرفعها الى برلمان كوردستان للمصادقة عليها،نحن لدينا اكثر من (200)قاضي و (2500) موظف ومنتسب بلغت ميزانيتنا التي رفعناها الى البرلمان للمصادقة عليها (69)مليار دينار، وللاسف قام البرلمان بتخفيضها الى(54)مليار دينار،وهذا يؤثر سلباً على سيادة القانون و استقلالية السلطة القضائية،يجب ان يقدم الرئيس البارزاني الدعم لنا في تلك الحالات،ما يؤسفنا اكثر هو قيام برلمان كوردستان بتخفيض ميزانيتنا وتحويلها الى ميزانيتهم،حيث كلنا يعلم والاخرون عدد اعضاء البرلمان ليكون (200) موظف ايضاً،كما ان المادة(62) من القانون ينص على تمويل ميزانية مجلس القضاء وبضمنها الرسوم والغرامات الموجودة في المحاكم،لاننا لدينا وارداتنا، كما أن المادة(8) والفقرة(29) من قانون الموازنة المرقم (6) لسنة (2001 ) لم تتيح رئيس مجلس القضاء الفرصة ان يؤدي مهامه بالشكل الصحيح، لقد حضرت شخصياً الى البرلمان نيابة عن رئيس مجلس القضاء وناقشنا بالتفصيل موضوع الميزانية حيث اكدنا ضرورة أن تكون الميزانية على شكل تمويل و تكون صلاحية صرفها لرئيس مجلس القضاء،وأبلغناهم بأننا لانتمكن من الرجوع شهرياً الى وزارة المالية والى الخزينة، ورغم ان القرار قد صدر و الميزانية لم تخصص على شكل تمويل،ولكن صلاحيات صرفها انيطت برئيس مجلس القضاء،وفي هذه الحالة علينا الرجوع الى وزارة المالية والخزينة ايضاً،وهنا يكمن الخطأ حيث يكون رئيس مجلس القضاء مكتوف الايدي ولايستطيع اداء اموره بشكل جيد وفي الوقت المطلوب،وهذا يعتبر خللاً سيكون له التأثير السلبي على سيادة القانون واستقلالية السلطة القضائية،ومن ناحية اخرى لقد تم تعيين (6) آلاف من افراد الحماية القضائية في بغداد الى جانب الفين آخرين في الايام القليلة الماضية،وهذا يعني أن رئيس السلطة القضائية في بغداد له صلاحية تعيين وزيادة الرواتب وصرف المخصصات والامور الاخرى،هذه هي استقلالية القضاء،ليس كما هو الحال في اقليم كوردستان حيث اننا تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء وننتظر كرمه لاجل زيادة (50) الف دينار،أو يقوم وزير المالية بزيادة(10)آلاف دينار لي،هذه ليست استقلالية السلطة القضائية، اذا اراد رئيس الاقليم اجراء الاصلاحات في هذه المجالات، يجب أن يصدرقراراً يمنع بموجبه البرلمان ورئاسة مجلس الوزراء أو الوزارات التدخل في شؤون السلطة القضائية من أجل سيادة القانون ويرفع من استقلالية السلطة القضائية بغية تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية في اقليم كوردستان.

من جهة اخرى فأن افراد حماية القضاة ليس لديهم الاسلحة لحراسة القضاة،وزارة الداخلية تتحجج ازاء القضاة،توعز الى الشرطة بعدم قيامهم بأداء التحية للقضاة،وهذا يعني بأنهم لايحترمون القضاة،لاتوجد مثل هذه الامور في اي مكان في العالم،لان للقضاة قدسيتهم،وان اداء التحية ليس للاشخاص وانما احترام للمرسوم،لذا ما اراه في اقليم كوردستان هو البلد الوحيد الذي لايُحترم فيه القضاة،هذا الامر وامور اخرى ينبغي توضيحها للسيد رئيس الاقليم ليطًلع عليها شخصياً.

وفي اطار حديثه عن معالجة تلك المشكلات اوضح عضو محكمة تمييز اقليم كوردستان ل (كولان): (ان المحاكم والقضاة من انزه السلطات والاشخاص جهوداً في اقليم كوردستان،انني لا أرى الخلل والتقصير في المحاكم والجهاز القضائي بأي شكل من الاشكال،هنا أود الاشارة الى بعض النماذج من نشاطات محكمةالتمييز،فعلى سبيل المثال في الهيئة المدنية تم حسم (98%) من مراجعة الامور وفي الهيئة الجزائية(90%) وفي هيئة الاحوال الشخصية تم حسم (99%)منها،المحاكم تعمل من أجل مصلحة الناس و البلد وعلى اكمل الوجه،ولكننا لانتلقى الدعم اللازم من اي طرف ، ولايزال بعض الجهات و الوزارات تعتقد بأننا تابعين الى وزارة العدل،كلاً فأن صلاحيات رئيس مجلس القضاء يقابل مستوى صلاحيات رئيسي الوزراء والبرلمان وان مجلس القضاء جهة مستقلة وغيرتابع لوزارة العدل،ومع انه ورد في القانون أن رئيس مجلس القضاء هوبمرتبة الوزير ولكن هذا يعتبر خطأً،وهذا يعني ان القانون فيه خلل و لم يستمع البرلمان الى ارائنا عندما تمت المصادقة على القانون،ورئاسة مجلس الوزاء هي التي سنت لنا القانون،وهذا لايجوز حيث لاعلاقة لها في ذلك،لكوننا نحن القضاة والقانونيين والخبراء بأمكاننا سن القوانين ونحن أدرى بما نحتاجه،ولكن على خلاف من ذلك يضعون العراقيل أمام تنفيذ مهماتنا،وفي الواقع أن القاضي هو صاحب القرار ويصدر قراراته بكل جرأة،حيث اننا لانخشى من أحد و لانعرف غير القانون،ونصدر القرارات وفق القانون،ولهذا أكرر هنا ثانية يجب أن يطٌلٍع السيد رئيس الاقليم على تفاصيل تلك المشاكل والخلل لاجل انجاح سيادة القانون واستقلالية السلطة القضائية ومن ثم يقرر معالجتها.

جاء في الدستور العراقي وفي المادتين(87و88): تعبرالسلطتان القضائية ومجلس القضاء مستقلتان، ،وقانون السلطة القضائية في اقليم كوردستان المرقم(23) لسنة(2007) كما في قانون بغداد يؤكد استقلالية السلطة القضائية والقاضي يصدر احكامه أثناء المحاكمات،ولكن الذنب لايقع على القضاة و المحاكم والحقيقة لايقبل المقابل تنفيذ القرار،ونحن نعلم أن السيد رئيس الاقليم يؤكد دائماً على استقلالية السلطة القضائية وسيادة القانون،ولكن حسب رأيي أن المقربين من سيادته لاينقلون له المعلومات الكاملة والصحيحة والاً فأنه لايقبل من أحد خرق سيادة القانون واستقلالية السلطة القضائية، نحن مستعدون أن نكون في خدمة سيادته لعرض كل المشاكل والخلل امامه وتحديد مواقع الخلل والتقصيراينما تكون وتحليلها لسيادته.

وبالتأكيد فيما اذا تم احترام سيادة القانون و استقلالية السلطة القضائية في اقليم كوردستان فأن الاوضاع فيه تتوجه نحو الاستقرار،ولكن خلاف ذلك فأنه يؤدي الى عدم تحقيق المساواة و والديمقراطية والعدالة الاجتماعية،وبمعنى آخر لايجوز أن نقول إن هذا ابن مسؤول أو أخ لشهيد أو مسؤول في الحكومة لكي لايصدر الحكم بحقهم،وفي الحقيقة أن رئيس البلاد والشخص الاعتيادي و الشرطي و ذوي المراتب،كلهم متساوون امام القانون والمحاكم،من جانب آخر هناك جماعات اخرى خصصت لها الحصانة امثال رئيس الوزراء والوزراء والمحافظ و ضباط الشرطة ..الخ،وهذا لايجوز،لان هناك اشخاصاً متهمون لكننا لانتمكن من استدعائهم الى المحاكم واصدار الاحكام بحقهم بسبب هذه الحصانة،هذا ليس خلل وتقصير من المحاكم،ولكن الخلل يكمن في السلطة التنفيذية التي لاتقدم لنا الدعم و في القانون ذاته ايضاً،يجب مراجعة قانون مجلس القضاء وتعديله من اجل ارساء سيادة القانون و استقلال السلطة القضائية،ولو تظافرت جهود الجميع ،سيؤدي ذلك حتماً الى الحفاظ على سيادة القانون والى استقلال السلطة القضائية ويتقدم بلدنا و وتتحقق المساواة و العدالة الاجتماعية و والديمقراطية ، عندها يلتزم الكل بالقانون و بالتساوي ويحمون البلاد.

وبهذا الخصوص وتأكيداَ على هذا اضرب لكم مثلاً،عند احدى زياراتي الى امريكا للمشاركة في دورة حضرها ايضاً رئيس السلطة القضائية العليا العراقية،سألني احدهم :كيف القضاء عندكم والى أي حد يتمتع بالأستقلالية؟لانه في حال تمتع القضاء بالأستقلالية والقانون يكون سائداً،فأن النشاط الاستثماري سيزداد في بلدنا ويقضي ذلك على البطالة وينعم الاقليم بالرفاهية،ويعيش الرئيس و رئيس مجلس الوزراء والبرلمان والجميع في سعادة وسؤدد وتتعزز الثقة بين الافراد و السلطة ويحصل كل فرد على حقوقه في اطار القانون وينعم البلد بالأمن والاستقرار، ولهذا اقول هنا من المؤكد ان بالاصلاحات التي بدأت وتستمر وشملت كل النواحي، سوف نصل الى مرحلة اخرى من التقدم والعدالة الاجتماعية،ويتجسد كل هذا من خلال سيادة القانون واسستقلالية القضاء وهي احدى نقاط مشروع الاصلاحات،وبشكل عام يجب اتباع الامور الآتية من اجل تفعيل سيادة القانون و صلاحيات المجلس القضائي المستقل:

1- تعديل قانون السلطة القضائية في اقليم كوردستان.
2- تكون الصلاحيات المالية والميزانية مستقلة وعلى شكل تمويل.
3- أن تكون دورالعدالة غير تابعة الى وزارة التخطيط،ويجب أن تكون من صلاحية رئيس المحكمة والشعبة الهندسية.
4- أن تكون جميع الوزارات والجهات الاخرى في السلطة التنفيذية دعماً وسنداً للسلطة القضائية.
احدى الخطوات الاصلاحية لرئيس الاقليم هي افتتاح المعهد القضائي في اقليم كوردستان من اجل مهنية عمل القضاة،بحيث ان هذه الخطوة تجعل من منصب القاضي منصباً مهنياً ومستقلاً و محايداً،وحول هذا الجانب قال الدكتور محمد عبدالرحمن سليفاني : (افتتاح المعهد القضائي في اقليم كوردستان،يؤدي الى اعداد قضاة متمكنين و ذوي الخبرات والمهارات واصحاب قرارات،بالرغم من ان لدينا الآن في كوردستان قضاة متمكنين ويصدرون الاحكام بكل جرأة و في اطار القانون،وحسب رأيي كان من المفروض أن يجري تاسيس المعهد القضائي قبل سنوات من الآن وأنا احد المشاركين في سن قانون المعهد القضائي في اقليم كوردستان،القانون الذي صدر بخصوص تاسيس المعهد يعد نوعيا وعلميا وشاملاً على مستوى العام المعاصر،المعهد القضائي لايعلمك علوم القضاء والقانون فقط، بل يعلم القاضي أن يحافظ عى شخصيته ويكون جريئاً ومستقلاً في اصدار أحكامه ، ومن أجل انجاح هذا المعهد واعداد القضاة ورفع مستواهم يجب أن لايتدخل أي شخص أو جهة في الشؤون الداخلية لمجلس المعهد،ويكون القبول فيه على اساس المقدرة والتجربة والقابلية وليس على اساس المحسوبية و المنسوبية والانتماء الحزبي والقرابة،بالتاكيد سوف يكون المعهد القضائي احد مكاسب سيادة القانون واستقلالية السلطة القضائية واذا ما تم دعمه دعماً قوياً وعملياً من قبل الرئيس البارزاني، سوف يشكل خطوة فاعلة وجيدة للقضاة ذوي السلطة والجرأة في اصدار الاحكام.

ويجب أن نعلم أن القضاة في اقليم كوردستان كانوا قبل الآن يتولون مناصبهم عبر الاختبار و القدرة الذاتية،ولم يتول احد منهم المنصب خارج اطار التعليمات،خاصة القضاة ال(52) الذين باشروا مؤخراً وافقت عليهم اللجنتان الخاصة والقانونية،لآن للقضاة مكانة مرموقة داخل المجتمع ويؤدون واجباً مقدساً،كما يقول الامام علي (رض) :(خلفاء الله في الارض)،كما يقول الخليفة ابوبكر الصديق (رض) بصدد المقاضاة : (القوي عندي ضعیف حتی اخذ الحق منه و والضعیف عندي قوي حتی أخذ الحق له)، هذا يعني ان تطبيق سيادة القانون و استقلالية السلطة القضائية في اقليم كوردستان يتطلب الدعم و التعاون من جميع الاطراف لكي يحضر كل فرد ودون تمييز ووفق القانون أمام المحاكم للتحقيق معه والهدف من ذلك أن تأخذ العدالة الاجتماعية والمساواة و الديمقراطية مسارها الصحيح،وهذه مقومات لتشكيل الدولة،علينا أن نكون كالدول الاخرى مثل الولايات المتحدة الامريكية و الدول المتقدمة والديمقراطية حيث يمثل كلنتون و اوباما و رئيس الوزراء الاسرائيلي أمام المحاكم،وهذا امر طبيعي حيث أكد الرئيس البارزاني لمرات عدة وأمامي لمرتين : (انا مستعد شخصياً الحضور أمام المحاكم اذا ما استدعتني)،ليكن كل المسؤولين والاطراف والاشخاص عند مستوى موقف الرئيس البارزاني حيث أن سيادة القانون والعدالة بالنسبة له أهم من الامور الاخرى عندما يتم تنفيذه على الكل بشكل بحيادية وتساوي ،ومن المفروض أن يستدعي الرئيس البارزاني المخالفين ويحقق معهم، لذا أؤكد لو أننا قدمنا الدعم الكامل لسيادته في مشروعه الاصلاحي حتما سيؤدي ذلك الى تحقيق سيادة القانون و استقلالية السلطة القضائية وتقدم البلد وارساء دعائم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتعتمد علينا دول العالم،ويتوجه اقليم كوردستان نحوبناء دولته المستقلة والحصول على الاعتراف الدولي،وأن أي دولة لاتتحقق فيه سيادة القانون و استقلالية السلطة القضائية ولايتم تقديم الدعم الكامل لها ، لايمكنها تحقيق النجاح أبداً).



ترجمة / بهاءالدين جلال
Top