• Friday, 29 March 2024
logo

دور الرئيس و تأثيره في المراحل الحساسة لخلق امكانيات الدولة و بناء المؤسسات

دور الرئيس و تأثيره في المراحل الحساسة لخلق امكانيات الدولة و بناء المؤسسات
ترجمة/ بهاءالدين جلال


(( عملية بناء الامة، هي عملية خلق امكانيات الدولة وبناء المؤسسات من الصفر،يقول مونتيسكو بهذا الصدد :عندما تُنشأ المجتمعات،يقوم القادة ببناء المؤسسات،ثم تقوم تلك المؤسسات بتحديد نوع الرؤساء))لان الرؤساء في الدول النامية يظهرون قبل تكامل المؤسسات السياسية،وإنّ نمط بناء المؤسسات يعكس النظام الشرعي للدولة،ولكن في الدول المتقدمة ولأنّ المؤسسات تحدّد صلاحيات الرؤساء،فإنّ تحديد السلطات يبدو كنظام شرعي،لهذا فعملية بناء الامة تحت تأثير أي وضع أو في أي ظرف تكون، فهي مهمة صعبة،صحيح أنّ بعض الدول استطاعت أن تنجح فيها،ولكن الكثير منها فشلت أو تفككت،إنّها عملية تنظيم و نجاح وإنجاز و بناء نظام جديد،يقول ميكافيلي بهذا الصدد((لايوجد شيء اصعب من عملية اعادة التنظيم،لايوجد شيء الى النجاح أصعب من الشكوك والقلق،أواخطرمن تحقيق الانجازات،ولكن الاصعب من كل هذه الامورهوعندما تريد وضع نظام جديد))إنّه يقول لنا إنّ عملية بناء الامة عملية صعبة و طويلة المدى وهي بحاجة الى تكاليف كثيرة و قوة عمل كبيرة،وهي بحد ذاتها عملية تبني المجتمع على المستويين السياسي و الاقتصادي بحيث يكون قادراً على تأمين المستلزمات الحياتية لأفراد المجتمع،نجاح العملية على مستوى أبعاد بعيدة المدى و امكانيات الامة على البقاء،يتوقف على نوعية و طبيعة الرئيس الذي يسعى لأنجاحها،لآن وجود الرئيس في هذه المرحلة ضروري لتحقيق الاهداف و توجيه الشعب الى المشاركة في عملية بناء الامة،لذا نجد في هذه المرحلة و الامة في طور الانشاء فإنّ الامة تضيع في العملية لولا وجود رئيس مقتدر و شرعي يمتلك آراء و وجهات نظر منطقية للمستقبل،ان الرئيس الفذ و المقتدر يستطيع حسم الاوضاع لصالح الامة عند الازمات و المستجدات التأريخية)) ....... البروفسور جونك نام كيم/مركز الشرق و الغرب في لاهاي


في عام 1991 عندما كان الرئيس البارزاني رئيساً للجبهة الكوردستانية ،اعلن على عموم الكوردستانيين في كويسنجق،ضرورة اجراء الانتخابات و ملء الفراغ الذي تركته السلطة المركزية و اتخاذ الخطوات نحو بناء دولة القانون، وكان اقليم كوردستان آنذاك كالأتي:
1- من جراء انتفاضة ربيع 1991 لم تبق أي مؤسسة حكومية في كوردستان، لأنّ انتقام الجماهير دمرها جميعاَ.
2- و عدا مراكز المدن الثلاث (اربيل و السليمانية ودهوك)كان معظم مناطق الاقليم مهجراً و استوتْ مع الارض اكثر من 4500 قرية و عشرات المدن و القصبات و قد تم اسكان المواطنين في المجمعات القسرية.
3- كانت المدن الكوردستانية قد اهملتْ من حيث الخدمات وبناء المؤسسات و المعامل و الشركات.
وهذا يعني أنّ اقليم كوردستان بأختلاف الدول مابعد الحروب أو الدول مابعد الاستعمار وحتى دول العالم الثالث، بدت أضعف منها جميعاً وإنّ بنائه التحتي لم يكن قد تضرر فقط، بل كان مهدّماً من الاساس وعلى المستويات السياسية، الاجتماعية، و الثقافية، واذا أمكن تسمية الدول مابعد الحروب والعالم الثالث دولاً تحت التنمية Underdeveloped،فإنّ البنية التحتية لأقليم كوردستان كانت تحت الصفرUnder Zero ،ومن هذه النقطة اذا كانت عملية بناء الامة كتعريفها العالمي عبارة عن(خلق امكانيات الدولة وبناء المؤسسات من الصفر)فإنّ عملية بناء الامة في اقليم كوردستان كانت عملية بدأتْ خطواتها من تحت الصفر نحو خلق مستلزمات الدولة وبناء المؤسسات،و الاكثرمن ذلك الظروف و الخصوصية السياسية التي مرّ بها اقليم كوردستان،بالمقارنة مع كل العمليات التي بدأتْ في عموم العالم بعد عام 1990،كانت أوضاع اقليم كوردستان خاصة و خطرة و تتعرض بأستمرار للتهديدات الداخلية و الخارجية، وعلى سبيل المثال:
1- بعد الهجرة المليونية في ربيع عام 1991 و لعدم وجود ملاذ داخل البلاد يلجأ اليه المواطنون، و تكاد أن تؤدي الى كارثة انسانية و إنّ توجّه اللاجئون الى الدول الجوار وسيما الى تركيا وايران سيشكّل خطراً اقليمياً، لذا تقرر جعل فوق خط العرض 36 منطقة ملاذ آمن وتحت مظلة دولية لحماية مجموعة من البشر وليست لأمة لاتمتلك كياناً و هوية.
2-هذه المنطقة الامنة التي كانت تسمى(بروفايد كومفورت) و سميتْ فيما بعد منطقة منع الطيران(نو فلاي زون)كانت قد أُنشأتْ وفق كل الوثائق الموجودة للتعاون و المساعدات الانسانية،ولم يكن ورائها أي هدف سياسي،ولكن كل الدول الجوار و الدول العربية و الاسلامية كانت تعتبرها بداية لانشاء دولة كوردستان و تهديداً لمستقبلها،لذا كانتْ المنطقة تتعرض بأستمرار الى التهديدات الخارجية و الداخلية والحكومة العراقية.
3- وطيلة اعوام 1991 -2003 لم تخصص للمنطقة موازنة عن طريق الحكومة المركزية في بغداد،ولم يُسمح لها أن تتخذ خطواتها لبناء اقتصادها بالاعتماد على نفسسها،لأن الدول الجوار و العالم لم تكن مستعدة للانفتاح عليها اقتصادياً و تجارياً،بالاضافة الى أن العقوبات التي كانت قد فُرضتْ على العراق طالتْ مناطق بروفايد كومفورت ايضاً،وكان العالم صامتاً ازاء الحصار الذي فرضته الحكومة العراقية على اقليم كوردستان،وحتى الموارد المخصصة لمناطق الملاذ الآمن من واردات النفط مقابل الغذاء من قبل الامم المتحدة لم تكن تُسلّم الى المؤسسات الشرعية في اقليم كوردستان مباشرة، بل كانتْ تُصرف من قبل منظمة الامم المتحدة.
4- وما يُؤسف له،هوإندلاع الاقتتال الداخلي بين الاطراف السياسية الكوردستانية، وكان من اكثرها ألماً و أسفاً الاقتتال بين البارتي و الاتحاد.
ليس الهدف من هذه النقاط هو الاشارة الى أنّ عملية بناء الامة في اقليم كوردستان واجهت لوحدها المعوقات و التحديات الصعبة دون الامم الاخرى،بل أنّ الهدف هو أنّ تلك التحديات و المعوقات التي كانت تواجه العملية في اقليم كوردستان كانت تختلف عمّا كانت موجودة لدى الامم الاخرى،وكان الاقليم بحاجة الى قطع عدد من المراحل لتوازن مشكلاتها و تحدياتها مع الامم الاخرى،وفي هذا المنحى اذا أشرنا الى التجارب الناجحة في شرق آسيا مثل( سنغافورة ،تايوان، كوريا الجنوبية)لوجدنا أنّنا لانزال لم نصل الى الظروف و الاوضاع السياسية التي بدأتها تلك الدول ، ونشير اليها بسرعة:
- عملية بناء الامة بدأتْ في سنغافورة عام 1965،أي بعد اعلان استقلالها عن ماليزيا،ولكن كما اشار اليها الرئيس السنغافوري السابق (لي كوان يو) في كتابه(من العالم الثالث الى العالم الاول) يتحدث عن أنّ هذا الكتاب يتضمن قصة نجاح و انتصار سنغافورة في(1965-2000)وهذا يعني أنّ نجاحات سنغافورة هي نجاح مابعد الاستقلال.
- تايوان التي انفصلت عن الصين كدولة مستقلة عام 1949 بعد انتصار ماوتسي تونك، ومنذ ذلك الحين بدأت بعملية بناء الامة،تايوان الدولة المستقلة التي لم تمثل فقط بلادها، بل شغلتْ مقعد جمهورية الصين في الامم المتحدة الى عام 1971،عرف العالم تايوان كجمهورية صينية، وليست الجمهورية الصينية الحالية،والى جانب كونها دولة مستقلة في عملية بناء الامة و لمدة 22عاماً،وبعدها رُفعتْ عنها صفة الدولة في المواثيق الدولية فقط، ولكن على صعيد الاوضاع الداخلية و العلاقات التجارية مع العالم لاتزال يُنظر اليها أنها دولة مستقلة.
- كوريا الجنوبية التي بدأتْ عملية بناء الامة(سيماول)على يد بارك جانك بعد مرور 8 سنوات على انتهاء الحرب و ظهورها كدولة مستقلة،ولاتزال يُنظر اليها كصاحبة لأنجح عملية بناء الامة في العالم،وهي بدأتْ في مرحلة لم يصلها اقليم كوردستان لحد الآن.
والسؤال هنا هو: هل أن الظروف والاوضاع في البلاد تُسهّل عملية بناء الامة؟ جواب هذا السؤال لايجوز ب(نعم) أم ب(لا)،ولكنها تُبيّن مراعاة خصوصيات أوضاع البلاد و مستوى تأثير الرئيس و القيادة في تلك المرحلة و من هنا لو نظرنا الى عشرين سنة الماضية من حياة الامم،لرأينا العديد من الازمات الخطرة من الصومال و هايتي و كمبوديا و البوسنة و كوسوفو و رواندا و لايبريا و سيراليون و كونغو و افغانستان وحتى العراق،و رأينا ايضاً العديد من القادة فشلوا في تلك العملية، و تعاني الكثير من الامم حتى اليوم من أزمة انعدام القادة الكاريزميين،وهذه اشارة الى حقيقة أنّ الرئيس يلعب دوراً مؤثراً و رئيساً في قيادة تلك المرحلة،فبدون الاشارة الى دور و تأثير الرئيس في هذه المرحلة لو اجريتْ اي دراسة لتقييمها، ستصبح ناقصة،ولكن بالنسبة الى دول العالم الثالث يشير عدد من الاختصاصيين في مجال عملية بناء الامة الى نقطة أخرى التي تعرقل العملية، وهي أنّ دول العالم الثالث التي كانت سابقاً مستعمرات،وارث الاستعمار لتلك الدول هو أنّها أُنشأتْ بشكل عشوائي،دون مراعاة الشروط بعيدة المدى للأمن الداخلي والخارجي،وكانت نتائجها أنْ أدّتْ الى تكوين مجموعة من الدول الجديدة،تتمتغ بكافة خصوصيات الدولة،ولكنها ضعيفة من حيث الامكانيات الفنية،وفي المقارنة بين الاوضاع السياسية لأقليم كوردستان وبين الدول الاستعمارية ،نجد بأننا نختلف عنها ايضاً،صحيح أنّ تلك الدول ضعيفة من الناحية الفنية، الاّ أنها تمتلك أحقية الدولة،هذا في الوقت الذي لاتزال تمتعض فيه الدول الجوار و العربية و الاسلامية بذكر دولة كوردستان،وتنظر الى مسألة دولة كوردستان كأنها خرق لحقوقهم.
تحديد الظروف الخاصة للأمة ودور الرئيس في هذه المرحلة الحساسة
الاختلاف والحالة النادرة و خطورة الاوضاع وظروف عملية البناء في اقليم كوردستان تُظهر لنا اختلاف عقلية و القدرة الخارقة لهذا الرئيس الذي هو الرئيس المنتخب لآقليم كوردستان في هذه المرحلة الحساسة ألا وهو السيد مسعود بارزاني،ومن هنا عندما نقيّم هذه العملية الحساسة نتحدث عن دور و تاثيرالرئيس مسعود بارزاني،وفي الوقت ذاته نتحدث عن السيد جلال طالباني الذي كان رفيقاً للرئيس البارزاني في العسر و اليسر، ولكن بسبب منح السيد طالباني منصب رئاسة الجمهورية كممثل لشعب كوردستان في العراق بعد عملية تحرير العراق،والرئيس مسعود بارزاني هو الرئيس المنتخب لشعب كوردستان ومنذ ذلك الحين تم تنفيذ الاتفاق الستراتيجي الموقع بين البارتي و الاتحاد وقد تم ايضاً ترتيب البيت الكوردي ،وقد يؤكد هذا التقرير حصرياً على دور الرئيس البارزاني ،وقد لعب الرئيس طالباني دوراً متميزاً وبارزاً على مستوى العراق وهو مبعث اعتزاز لنا جميعاً.ومن هنا عندما نريد تقييم دور الرئيس البارزاني نحس بأننا بحاجة الى عرض اوضاع اقليم كوردستان في اطار هذه الظروف الخاصة والتي مرّ بها الاقليم على مر 20 سنة الماضية عموماً و بعد عملية تحرير العراق خصوصاً،ولو أشرنا مرة اخرى الى بداية عملية اعادة بناء كوريا الجنوبية كتجربة ناجحة، لوجدنا كما يتحدث البروفسور جونك نام جيم في كتابه(القادة لمرحلة بناء الامة:قضية الرئيس الكوري) عن أنّ المشاكل و التحديات التي واجهتْ كوريا تختلف عن ما واجهتْ دول العالم الثالث، لأنّ كوريا كانت دولة مجزأة،دولة مابعد الحرب،وقد اُلحقتْ بها اضرار بالغة في الحرب،وكانت تقال أنّ التجزئة قد خلقتْ لنا مشكلة الهوية،الى جانب أنّ المحتلين الحقوا اضراراً بهويتنا القومية،وفي الوقت الذي كانت كوريا الشمالية تنظرفيه الينا كأعداء،ولكن في وجهها الاخر كانت تُرى كشريكة لما بعد الاتحاد،ولهذا فإنّ عدم استقرار السياسي و الحكومي كان احدى ظواهركوريا الجنوبية مثل عموم دول العالم الثالث،لذا فإنّ بقاء كوريا الجنوبية هدفاً رئيساً، والظروف تُحتّم ايلاء المزيد من الاهتمام بالجيش في كوريا الجنوبية،والنظر الى حدوث الانقلاب وانتصار جنرال عسكري(ويُقصد به بارك جانك) ووصوله الى قمة السلطة بأنّه امر اعتيادي.
بسبب الخصوصيات التي اشار اليها البروفسور جانك في كتابه،يقول بصراحة اكثر أن اوضاع كوريا كانت استثنائية، لذا فإنّ دور الرئيس بارك جانك كان استثنائياً ايضاً وما فعله لبلاده يختلف عمّا فعله أي قائد آخر لأمته في العالم الثالث، وماتفتخربه كوريا الجنوبية بنجاح عملية (سيماول) و الرئيس بارك جانك،هوأنّ الرئيس بارك عندما بدأ عملية(سيماول) كان الدخل الفردي للشخص الواحد 80$ دولاراً،ولكن في الثمانينيات وصل الى 4000$، وعلى أية حال ليس بأستطاعة أحد التغافل عن التجربة الناجحة لكوريا الجنوبية،ولكن بأمكاننا تقييم دور رئيسنا ( السيد مسعود بارزاني )من التجربة الكورية)).
اولويات برنامج الرئيس مسعود بارزاني في عملية بناء الامة
لم تجرعملية بناء الامة بين امم العالم بأسلوب واحد و تحت ظروف مشابهة،وعلى سبيل المثال في الدول الاوروبية بدأت عملية بناء الامة متزامنة مع الدولة القومية و كانت عملية طويلة المدى،ولكن في دول العالم الثالث بدأت تلك العملية بعدعملية اعلان الدولة،كما أنّ ظروف تلك الدول كانت في عهد التقدم التقني، لذا تطلبتْ اوضاعها بذل اقصى الجهود لانجاح العملية بدلاً من حاجة عملية بناء الامة الى قرون عدة،ونجد أنّ دول العالم الثالث ينبغي عليها انجاح العملية في عقود قليلة،وبين التجربتين لونظرنا الى تجربة اقليم كورد ستان،لوجدنا أنّ تجربة بناء الامة لاتشبه تجربة الدول الاوروبية التي بدأتْ متزامنة مع عملية بناء الدولة،و بدأت بهذه المرحلة الحساسة كتجارب دول العالم الثالث بعد الاعلان عن استقلالها، لذا فإنّ الاوضاع الخاصة لاقليم كوردستان نظّمتْ اولويات برنامج الرئيس البارزاني في عملية بناء الامة بشكلٍ يختلف عن الامم الاخرى،
وهي مشكلة عدم وجود الكيان السياسي للامة الكوردية و شعب كوردستان في العراق.وكذلك حماية واستمرار التجربة الحالية لأقليم كوردستان كأساس للكيان السياسي لشعب كوردستان، هذه الاولويات منحتْ العملية واجهة يتطلب من خلالها تقييم برنامج الرئيس:
1- مشكلة عدم وجود كيان سياسي للامة الكوردية و لشعب كوردستان في العراق.
2- ضمان حماية هذا الكيان و بقائه و المحافظة عليه.
لانجاح هذين الهدفين حدّد الرئيس البارزاني خمس اولويات،ويشير اليها بأستمرار، وقد قبِل سيادته منصب رئاسة اقليم كوردستان،والاولويات الخمس هي:
الاولى:التصدي لعدم تكرار الاقتتال الداخلي و القتال بين الكورد و الكورد.
ويقصد سيادته بأنه لايجوز تكرار الاقتتال بين القوى السياسية داخل اقليم كوردستان مرة أخرى،وكذلك تكراره بين القوى السياسية في الاقليم و الاجزاء الاخرى،حتى لو كان لوجود قوى الاجزاء الاخرى من كوردستان اضراراً،ولاجل ذلك لقد بادر سيادته على مستوى القوى السياسية داخل كوردستان بالجلوس مع عموم القوى لحل الخلافات بلغة الحوار و السلام، وكما اعلن عن استعداده على مستوى قوى الاجزاء الاخرى من كوردستان للوصول الى حل بلغة الحوار دون أنْ يشكّل ذلك خطراً على أمن اقليم كوردستان،لقد شعر الرئيس البارزاني كرئيس لمرحلة تأريخية وحسّاسة للأمة بأنّ اهم التهديدات في هذه المرحلة والتي تواجه الامة هي تهديدات عدم الاستقرار داخلياً و كذلك بين قوى واطراف الحركة التحررية الكوردستانية،وكل محاولاته تصب في ايجاد حلول لهذه العوامل التي تشجّع على عدم الاستقرار و تغييرها الى عوامل الاستقرار في المجتمع الكوردستاني،الرئيس البارزاني يقرأ في الاستقرار و تنظيم البيت الكوردستاني النقاط الآتية:
أ- الاستقرار والسلام في البيت الكوردستاني من عوامل تعزيز المؤسسات و ارساء النظام السياسي.
ب- انّ مجتمعما بحاجة ماسة الى التنظيم على المستويات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية،لايمكن للعملية النجاح من دون استقرار و توحيد البيت الكوردستاني.
ج- ولكي تكون المشاركة السياسية للمواطنين في مستوى عال، ينبغي المحافظة على ارواح و ممتلكات المواطنين ويسري في البلاد القانون و النظام،ومن اجل ذلك يستوجب تعاون عموم الاطراف السياسية و بالتالي تعاونها مع مؤسسات اقليم كوردستان.
د- تعزيز القدرة السياسيية لصياغة سياسة كوردستانية من اجل حل مشكلات الاقليم مع بغداد.
ثانياً:المحاولة من اجل أنْ يصبح اقليم كوردستان دولة مؤسساتية.
الجانب الذي يشكل الاولوية الثانية لبرنامج الرئيس البارزاني في عملية بناء الامة،هي المرحلة الثانية للتعامل مع مؤسسات اقليم كوردستان،وهذا يعني أنّ اقليم كوردستان قد قطع اشواطاً في بناء المؤسسات و أنها قائمة فعلاً في الاقليم.ولكن ما جعله الرئيس البارزاني من اولويات برنامجه هو أنّ يصبح هذا البلد بلداً مؤسساتياً،ولهذاعندما أشار الرئيس البارزاني في المرحلة الاولى وفي عهد الانتفاضة بضرورة اجراء الانتخابات لملء الفراغ االذي خلفته السلطة،ان هذه الخطوة تعني ان الرئيس كان يقصد بذلك بناء المؤسسات الشرعية لأطلاع العالم على حقيقة النظام الديمقراطي واتخاذ الخطوات نحو بناء الديمقراطية،أما اليوم عندما يدعو بتحويل كوردستان الى بلد المؤسسات فإنه يقصد به أن تحكم المؤسسات فيه تحت مظلة سيادة القانون و تضع الحدود للسلطة من أجل تقليل الروتين،لتقوم المؤسسات ذاتها بالتشجيع في مجال تشغيل القدرات البشرية وتطويرها،وهذه اشارة الى استمرار عملية الاصلاحات التي بدأها الى أنْ تصبح كوردستان دولة المؤسسات و سيادة القانون.
ثالثاُ:بناء مكانة متميزة لشعب كوردستان يكون جديراً بنضال و تضحيات هذه الامة.
ان هذه النقطة التي هي تأكيد لتحديات المجتمع الدولي والقوى التي لاتسمح للكورد بأنْ يصبح صاحب دولة مستقلة ، و بيان للارادة السياسية لشعب كوردستان،ليستطيع من خلال ظروف معقدة أن يجعل بناء هيكل الدولة المعاصرة و المؤسسات الدولية واقع حال،بدون الاعتماد على دعم أي قوة خارجية،ويشير الى انه لمن دواعي السرور افتتاح أكثر من 20 قنصلية عالمية في اربيل و اربع منها قنصليات لدول الأعضاء الدائمة في مجلس الامن،وهذا يعني أن هذا المجلس لايعتبر اقليم كوردستان كخطر على السلم و الامن الدوليين فقط،بل يحسبه كياناَ ديمقراطياً في الشرق الاوسط يستحق تعزيز علاقات مباشرة معه،والنجاح الذي حققه في ظل قيادة الرئيس البارزاني اصبح بوابة يتم من خلالها التعامل مع الكورد و قضيته على مستوى اعلى و بأسلوب آخر،ويتم استقبال رئيسه في مقام رئيس دولة،وكما رأينا كيف تم استقبال رئيس اقليم كوردستان في الايام القليلة الماضية من قبل رئيس دولة النمسا في قصره الخاص،وقبله في قصر اليزيه و البيت الابيض و القصور الملكية والرئاسية في السعودية و الاردن و دول اخرى،وهذا دليل على أنّ اقليم كوردستان أصبح في ظل الرئيس مسعود بارزاني دولة الامر الواقع،واضطر العالم على استقبال رئيسه على هذا الاعتبار.
رابعاً:اعادة المناطق المقتطعة من سنجار الى خانقين وبضمنها كركوك.إنّ هذه ليست فقط مسألة اعادة بعض المناطق الى اقليم كوردستان، بل أن الرئيس البارزاني يؤكد في هذه المسألة على النقاط الآتية:
أ- اعادة المناطق المقتطعة تعني تنفيذ الستور العراقي و الالتزام به.
ب-الالتزام بالدستور العراقي يعني تثبيت هوية العراق الجديد كدولة فدرالية و ديمقراطية.
ج- الاعتراف بالدولة الديمقراطية و الفدرالية يعني الايمان بتقسيم السلطات بين الدولة الفدرالية.
د- حسب الدستور العراقي ،تقسيم السلطات في الدولة الفدرالية يعني توسيع سلطات الاقاليم و تكون سلطة الحكومة الفدرالية المركزية حصرية اومحدودة.
ه - تحديد سلطة الحكومة الفدرالية المركزية ،يعني إنهاء السلطة الفردية وحلم العودة الى الدكتاتورية و الحكم الفردي.
و- انهاء السلطة الفردية،و الديمقراطية أي بداية للتعايش الاختياري بين مختلف المكونات و تكوين الهوية الوطنية المشتركة،والتي تُعدّ غير مشتركة منذ تأسيس الدولة العراقية.
وبعدعودة المناطق المقتطعة الى اقليم كوردستان بالطرق القانونية والدستورية،وينتهي بذلك الظلم الذي لحق بالشعب الكوردستاني في العراق على مر التاريخ،وحل قضيته في العراق تتحول الى مدخل يتم من خلالها حل قضية الشعب الكوردي في الاجزاء الاخرى سلمياً.
خامساً:بذل الجهود من أجل أن تصبح الامة الكوردية( ليست كورد العراق لوحده)صاحبة لغة القراءة و الكتابة.وهذا يعني أنّ اللغة الكوردية الموحدة تصبح جسراً يربط بين عموم الكورد في العالم و في الاجزاء الاخرى من كوردستان،وأشار رئيس اقليم كوردستان أنّ هذه تعتبر عملية غير سهلة ومن المحتمل أنْ لايرى الاجيال الحالية اللغة الموحدة،ولكنه أكد ضرورة أنْ يأخذ خبراء اللغة في كوردستان هذا الامر على محمل الجد والعمل من أجله.
ان محاولات رئيس أقليم كوردستان هذه،والمتعلقة باللغة الموحدة ، تعني أنّ سيادته يريد أنْ يشير الى أنّ عملية بناء الامة عملية طويلة المدى وعلى الاجيال اللاحقة الاستمرار فيها، ولكن المهم في هذه الظروف والمرحلة الحساسة هو اتخاذ الخطوات بالاتجاه الصحيح وان ملامح نجاح هذه العملية ظهرتْ في اطار برنامج و رؤية الرئيس البارزاني الى المستقبل،ولسنا فقط كأمة كوردية و شعب كوردستان ْ نعتز بها، بل أنّ عموم العالم يحترمها ومستعدون للتعامل معها بكل تقدير.
افيل روشوالد ل(كولان):
بعد تحرير فرنسا، حاول ديغول ارساء دعائم للهوية القومية لبلاده،البروفسور افيل روشوالد استاذ التأريخ في جامعة جورج تاون و المتخصص في تأريخ مقارنة السياسة العرقية في اوروبا و الشرق الاوسط،عبّر عن رأيه حول أهمية عملية بناء الامة و دور الرئيس فيها بمايلي: ((المسألة الرئيسة في عملية بناء الامةهي من أين نبدأ؟كيف يتم توزيع الواردات وهل هناك موارد طبيعية و بشرية؟ اذنْ فإنّ العناصر السستراتيجية و التأريخية العميقة تلعب دورأ مهماً في هذه العملية،ولهذا فإنّ بذل المزيد من الجهود لبناء المؤسسات بشكل أسرع يعتبر من الافضلية،وعلى رأسها امكانية بناء مستوى محدود من التعاون لبناء المؤسسات الاطول عمراً من القادة،يمكن أنْ يكون بسمارك نموذجاً سلبياً في المانيا القرن العشرين،والذي كان رئيساً عبقرياً،وشخصية فذّة و حكيمة،وله القدرةعلى تنظيم الشعب و بناء المؤسسات،ولكنه لم يتمكن من انشاء نظام يمتد الى مابعده،بحيث عندما لم يبق في السلطة،اتخذت الاحداث اتجاهاً خاطئاً و بنهج سريع،اذنْ فإنّ قدرة بناء تلك المؤسسات التي تمتد الى مابعد هؤلاء القادة مهمة جداً،وكان جورج واشنطن يتعامل مع مجتمع كان يسوده الانقسام العميق،في الحقييقة كان لحرب استقلال امريكا التاثير على الحرب الداخلية،لأن الجزء الاكبر من السكان بقي مخلصاً لبريطانيا،وديغول بدأ حياته كقائد سياسي في الاربعينيات،وكان العدد القليل من الناس على دراية بهذا القائد،ولكن كانت له تصورات عن فرنسا اعظم من الاوضاع التي خلّفتها مباشرة من الهزيمة و الاحتلال،بالرغم من أنّ نجاحه كان يعود الى اخطاء هتلر و التحالف الكبير الذي تشكّل ضد هيتلر،ولكنه غيّر تصوراته الى أساس لصياغة الهوية القومية الفرنسية،وبالنسبة لغاندي، كان اكبر هزائمه هي أنّه لم يستطع صياغة أساس للتحالف بين الهندوس و المسلمين،لهذا فإنّه كان قلقاَ من الانفصال بين الهند و باكستان،وكذلك بولونيا التي يمكن أنْ يُنظر اليها كتجربة لبناء الامة في غياب الدولة،بالتأكيد كانت للبولونيين دولة،لها صفة التعددية القومية الى القرن التاسع عشر،ولكنها تعرضتْ للتجزئة من قبل جيرانها،ولكن على مدى القرن التاسع عشر ، بعد هزيمة الثورة المسلحة والسياسية تمكنوا من بناء الفكر القومي و الثقافي ،وبهذا فقد تمكنوا من الاستعداد والعودة الى عملية بناء الدولة في القرن العشرين)).
كريستن فابي ل( كولان):
بغية بناء الهوية القومية ينبغي بناء المؤسسات أولاً،لأنّ تلك المؤسسات لها علاقة بالدولة القومية المعاصرة
وحول بدايات عملية بناء الامة يقول الدكتور فابي استاذ العلوم السياسية في جامعة ماسيوشيد والمتخصص في سياسات الشرق الاوسط و البلقان و تطوير المسائل العرقية و الهوية السياسية: (( يمكن أنْ تكون المراحل البدائية لبناء الدولة حاسمة،احياناً كثيرة نعتبر في علم السياسة أنّ تلك المراحل البدائية الحساسة هي فترات مهمة،ونقصد بذلك انّ القرارات الرئيسة التي يتم اصدارها،بأمكانها أن تكون لها تأثيرات و نتائج طويلة المدى تستمر لمدة عقود أو قرون.التغييرات الضرورية من أجل الحصول على التقدم في مستقبل الامة تغييرات مؤلمة بالنسبة الى المرغمين على التعايش معها،يجب أن يتمتع قادة هذه المرحلة بشخصية قيادية وجماهيرية بغية الحصول على دعم الاغلبية وتشكيل التحالفات،ولكن في الوقت ذاته عليهم أن يكونوا ذوي السلطة و الحسم لارساء تغيير جذري، أثبت التأريخ أن عملية البناء هي المكون الرئيس للهوية القومية،كما نراها في اوروبا و المناطق الاخرى،حيث من الصعب المحافظة على افكار التعددية الثقافية وحتى على التوازن بينها بدون قصة النفوذ التأريخي للآمة،ومن هنا يبرزالكاريزميون،واذا كان يمتلكون الدعم الجماهيري كما ينبغي،حينها بأمكانهم المحافظة على الجوانب الايجابية للثقافات المتعددة في حين بأستطاعتهم ايضاً ضمان نوع من قوة التنظيم الاجتماعي،واذا ما تحدثنا من الناحية المفهومية ،فبأمكان النظر الى عمليتي بناء الامة و الدولة كعمليتين منفصلتين،وحسب اعتقادي فإنّ العمليتين مرتبطتان بشكل لايقبل الفصل،وبالنسبة لبناء الهوية فأنك بحاجة الى مؤسسات الدولة و المتعلقة بالمجالين التربوي و القانوني للنشر الفكري و الافكار القومية.ان الهويات القومية لاتُبنى في الفراغ ،بل عن طريق البناءات الدسستورية التي نربطها احياناً بالدولة القومية الحديثة. وفي الكثير من الحالات تعتبرعملية بناء الدولة الناجحة الشرط المسبق للعملية الناجحة في بناء الامة.
مارك بيسينكرل( كولان):
في عملية بناء الامة يصبح الرئيس رمزاً يتجاوز تقسيمات المجتمع ويجمعها معاً
البروفسور مارك بيسينكر استاذ العلوم السياسية في جامعة برينسون و المتخصص في بناء الدولة و القومية و الحركات الاجتماعية وكذلك في الاتحاد السوفيتي والدول مابعد الشيوعية ،يعبّر عن رأيه حول دور الرئيس كرمز للامة في مرحلة بنائها ل(كولان) قائلاً: ((من الضروري أن يكون للامة كاريزمي من أجل مأسسة البلاد،وعندما تتحول الى المؤسسات،عندها من المحتمل تغيير دور الزعيم الى دور المؤسسات،ولكن قبل هذه العملية يُعدّ القادة وعلاقاتهم مع الشعب رمزاَ مهماَ ،كما يتطلب وجود رمز يتجاوز حدود التقسيمات في المجتمع،اذن السؤال مرة اخرى هو:قبل عملية مأسسة الآمة عندما تقع الشكوك على هويتها ،ما الذي يقطع حدود المجاميع المختلفة التي هي في اطارالأمة؟
إنّ المسألة هي مسألة الرمز ما الذي يُوحّد الناس بين كل التنوعات الموجودة في اطار أرض محدودة؟ لذا فأن الكاريزما يستطيع أنْ يلعب دوراً في هذه الناحية،ومن هنا من المهم أنْ نشير الى أنّ ليس بأمكان أي شخص أنْ يصبح رمزاً،بل القائد الذي يصبح رمزاً هو الذي يتمكن من بناء الأمة،بل الذين يوحّدون الناس ويجدون سبيلاً من أجل لم شملهم،اذن من المحتمل أن يكون ظهور أشخاص من أمثال جورج واشنطن، دي كول أو غاندي حالة استثنائية، ولكنهم عملوا جميعاً كرموزمن أجل توحيد الأمة،وحتماً أنّ المؤسسات تُعدّ مهمة لعملية بناء الأمة بعد استكمال بنائها،لآن تلك المؤسسات سوف تصبح العوامل الرئيسة في خلق وتعزيز الهوية. وفي الاماكن التي اجريت الدراسة بشأنها مثل الاتحاد السوفيتي السابق،كان للمؤسسات دور في تعزيز الهوية القومية،وكذلك في تعزيز الهوية التي كانت موجودة سابقاً،الأختلاف بين عمليتي بناء الأمة و الدولة يكمن في أنّ الاولى تقترن أكثر بشعور الانتماء الى المجتمع،في حين الثانية لها علاقة بمؤسسات الدولة،أي، مؤسسات بيروقراطية، المؤسسات الاقتصادية لتنظيم اقتصاد البلاد..الخ،ولكن البناء مع وجود نوع من الحكم الذاتي،لذا اعتقد انهما عمليتان مختلفتان،الاولى لها علاقة بشعور الانتماء و العضوية في المجتمع، و الثانية تتعلق بمؤسسات الدولة، اذا كانت لديك دولة مستقرة، فعليك أولاً تحقيق عملية بناء الأمة،ولكن في الحقيقة لايمكن أبداً أنْ يحدث ذلك،ولكن في الفترة مابعد تفكك الاستعمار، تَقدّم بناء الدولة على بناء الأمة،وقد لعبتْ الدولة فيمابعد دوراً رئيساً في بناء الأمة،يدور الكثير من الجدال حول أي من العمليتين تتم أولاً،ويمكن أنْ تجري الاثنتان، ولكن من الاجدر وجود الأمة في البداية ولكن في الحقيقة لايمكن أبداً أنْ يحدث ذلك)).
اوريت روزين ل( كولان): لكي نتمكن من بناء أمة حيّة،يفترض أن يكون قادتنا كاريزميين ويلعبون دَور المعلمين لأمتهم
البروفسور اوريت روزين استاذ التأريخ في جامعة حيفا والمتخصص في تأريخ شعوب الشرق الاوسط ،يقول بصدد دورتأريخ الامة و تأثير القائد في عملية بناء الامة ل(كولان): ((اذا تم بناء الأمة بشكل عقلاني ،فأنها يجب أن تكون عملية واسعة و مبنية بشكل قوي و تشمل جوانب الحياة كافة،وعندئذٍ سوف يُولد الشعور المشترك بأنّ الجميع جزء من الامة ذاتها، لذا فإنّ بناء روح التعاون مهمة جداً وتكون مستعدة للمشاركة في تلك العملية،وكذلك فإنّ وجود القائد ضروري في هذه المرحلة،لأن الامم بُنيتْ على يد القادة الحكماء،أنا شخصياً أُفضّلُ القائد الحكيم ويكون في الوقت ذاته كاريزمياً ويشعر ايضاً بأنّه مربي ومعلّم ممتاز،فكّروا في مهاتما غاندي وفي ديفيد بن غوريون،وكانا الى حد كبير قائدين كاريزميين،أرادا تقديم نماذج لأمتيهما، ومن أجل بناء أمة حيّة،على القادة أنْ يتحلون بالكاريزمية،ومطّلعين على مايدور حولهم،كيف ينظر اليهم الشعب و قادرين على انتقاد أنفسهم،والى جانب أهمية للرئيس في هذه المرحلة،ولكنْ لايمكن أن نُحمّل الرئيس كل الامور،ويفترض أنْ يكون الرئيس مديراً ناجحاً وهذا يعني أنّه له الدراية بأنّ بناء الامة بحاجة الى معلّم،انك بحاجة الى المسرحي واللغوي،معلم ومؤلف أغاني في رياض الاطفال، ومؤلفي الكتب المدرسية،والاطباء الذين يمتلكون شعور الانتماء للأمة، ولأمتهم الكوردية،اذن لا تقع كل الامور على عاتق القادة،بل أنها بحاجة الى بناء كبير،وعلى الاكثر الى الطبقة الوسطى،حيث أنّ معظم الواجبات في اوربا تقع على تلك الطبقة، انك بحاجة الى العاملين في الحركات القومية والمطّلعين على عموم جوانب المجتمع،وكذلك تحتاج الى القائمين على بناء المدن،والذين يبنون اسساً في المناطق النائية بهدف تقريبهم من المركز ليشعروا بأنّهم جزء من الأمة،اذنْ القائد الجيد هو الذي يعرف حدوده، وحوله اشخاص يدركون بأنّ بناء الامة يتطلب الاهتمام بمختلف الجوانب،منها القانون، الصحة،التربية،لذا فإنّ القائد المتميز و الدولة الحديثة يسعيان فهم احاسيس الناس،وهذه مسألة صعبة للغاية. ويجري الحديث كثيراً عن التعددية الثقافية،وهذه صعبة ايضاّ لأنّه لايمكن تعريف الامة دون وجود شيء يوحّدها،من جهة أخرى اذا أردتّ التوغل في حياة الناس وتحاول تغيير ثقافات الاشخاص الذين لايشعرون بأنّهم جزء من الأمة بل هم الاقلية،فإنك تقوم بأبعادهم، أنا اعتقد أنك يجب أنْ تحاول بناء شيء يربط بين افراد المجتمع ويعطي مثالاً ومقدّمة للناس وتترك فراغاً ليعيشوا حياتهم وفق عاداتهم)).
Top