• Saturday, 20 April 2024
logo

احد مرتكزات تطبيق الديمقراطية هو التعوّد على التداول السلمي للسلطة

احد مرتكزات تطبيق الديمقراطية هو التعوّد على التداول السلمي للسلطة
احد مرتكزات تطبيق الديمقراطية هو التعوّد على التداول السلمي للسلطة

ترجمة/ بهاءالدين جلال

روعة المجتمع الديمقراطي يكمن في التداول السلمي للسلطة،وما اروع الاوقات التي يحضر فيها رئيس الحكومة السابق في مراسيم تسنم الرئيس الجديد للحكومة،ويقدّم له التهنئة قبل أي شخص آخر و يتمنى له الموفقية و النجاح، واذا كان هذا الاسلوب غريباً لحين مباشرة التشكيلة الخامسة للحكومة،فأنه مع بدايتها ،علّمَنا نجيرفان بارزاني كرئيس لمجلس الوزراء أنّ روعة الديمقراطية تكمن في التداول السلمي للسلطة،ولكن السؤال الرئيس هو: هل أنّ نجيرفان بارزاني شخصياً كرئيس لمجلس الوزراء في التشكيلة الخامسة كان سعيداً بالتخلي عن منصبه هذا؟مما لاشك فيه أن مصداقية نيجيرفان بارزاني، كانت تؤكد من خلال آخر رسالة له بمناسبة الانتهاء من فترة رئاسة الحكومة،بأنّه لم يكن سعيداً أنْ يترك برامجه بشكل ناقص و دون الانجاز الكامل ،ولكن بسبب التعوّد على تطبيق مباديء الديمقراطية في اطار الاتفاق الستراتيجي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي كان يتطلب منه التخلي عن رئاسة الحكومة الى مرشح الاتحاد،فأن العملية تمتْ بنجاح ودون تردّد و لأول مرّة في تأريخ الديمقراطية في العراق و الأقليم ، حيث جرى في غضون عدة أيام و بعد اجتماع الدورة الجديدة للبرلمان،تكليف شخص آخر لتشكيل الحكومة الجديدة واصبحت التشكيلة الخامسة حكومة تصريف أعمال،لحين بدء التشكيلة الجديدة مهامها في 30 يوماً وهي الفترة القانونية المحددة لها،وكما رأينا من على شاشات التلفاز، وبعد منح الثقة بالتشكيلة الجديدة،كان نيجيرفان بارزاني أول شخص قدّم التهنئة للدكتور برهم أحمد صالح كرئيس جديد للوزراء،كانت تلك خطوة مثالية في ذلك اليوم،وكان موقفاً لرجل محب للديمقراطية وهو نيجيرفان بارزاني،ولذا فأنّ مجلة كولان قامت عند تغطية هذا الحدث بتقديم التهاني الى نيجيرفان بارزاني حيث كتبتْ بعنوان كبير وعلى غلافها(خطوتك هذه ،كانت درس آخر للديمقراطية).
اذنْ لم يكنْ يهمنا كصحفيين،منْ كان رئيساً للوزراء سابقاً ومنْ سيخلفه،بل المهم لدينا هو كيف يُدار الحكم في هذا البلد؟ أي أنه ليس مهماً منْ هو رئيس الوزراء أو منْ هو رئيس البرلمان،بل أنّ المهم هو انْ يفهم المسؤلون الحقيقة في هذا الأقليم، وكما اشار اليه الرئيس مسعود بارزاني هذا العام خلال مشروعه الاصلاحي،في هذا البلد لنْ تدوم الرئاسة أو السلطة لأي شخص، بل أنّ شعب كوردستان هو صاحب السلطة الدائمة،ولهذا مهما تكررتْ هذه العملية في أوقاتها بشكل منظّم و مهما تعوّدنا على تداول السلطة، فإنّنا نكون أكثر تعاوناً مع شعبنا و مجتمعنا من أجل التعرّف على ثقافة الديمقراطية ونخطو نحو الادارة الناجحة وفق المباديء الاخلاقية للديمقراطية،والتخطيء نحو الادارة الجيدة و في اطار نظام ديمقراطي يعتبر عملية طويلة وتدريجية التي تجد مسارها من خلال التداول السلمي للسلطة،ولهذا اذا تقدمتْ الخطوات تشكيلة بعد تشكيلة وتحققتْ المزيد من الانجازات، أو لن تكون الاوضاع السياسية موالية لتشكيلة ولم تتمكن من تحقيق مكاسب كما حققتها سابقتها،وهذا لايعني ايضاً بأن هذه التشكيلة أو الأخرى لم تكن ناجحة في اعمالها،ولذا عندما يتم الحديث عن التداول السلمي بين التشكيلات الوزارية في اطار الاتفاق الستراتيجي بين البارتي و الاتحاد،لايُقصد بذلك التقييم أو المقارنة،بل القصد هو التعوّد على عملية التداول السلمي للسلطة،ومن دون شك من المحتمل التغاضي عن بعض الاخطاء و التقصير في اطار هذا التعوّد وذلك لمعالجة الافرازات السلبية السابقة أوكانتْ من أجل أنّ تكون عملية تعوّد التداول السلمي للسلطة ناجحة،من الممكن أن يكون هذا، لدى البعض نظرياً مثار الأنتقادات أو موقفاً سلبياً،ولكن ما حققته التشكيلتان الخامسة و السادسة لحكومة اقليم كوردستان في هذه المرحلة التأريخية من عملية بناء الديمقراطية في الأقليم،يعتبر مثالياً على مستوى عموم العمليات الديمقراطية في العالم بعد انهيار جدار برلين،وعندما نقول مثالية ليس من منطلق أنّ الديمقراطية في كوردستان لاينقصها شيء ولاتواجهها أي مشكلة،بل أنها مثالية من منطلق أنّ ليس بأمكان أي شخص أو سلطة أنْ يتستر على التقصير و ظاهرة الفساد أو سوء استخدام السلطة،أو ارغام الناس بالتصفيق له،أن جمال هذه التجربة يكمن في أنّ وسائل اعلام البارتي و الاتحاد وصلتْ الى المستوى الذي تستطيع من خلاله توجيه الانتقادات الى حكومتها،وتنشر يومياً عشرات من مواقع الخلل و التقصير و شكاوي المواطنين،وفي المقابل إنّ روعة الديمقراطية تكمن ايضاً في أنّ وسائل اعلام المعارضة لاتبخل بشيء وما يتاح لها تقوم بنشره،وفي الوقت ذاته أنّ السلطة قد سُلبتْ منها الحقوق في تسجيل الدعوة القضائية حتى اذا ما وُجّهتْ الاساءة اليها،وحتى لوقامتْ بتسجيلها فإنها سحبتْها تحت تأثير الرأي العام و لم تسجل هذا كخلل او تجاوزاً للحقوق،ومن هنا اذا ما وردنا مثالاً عن وزيرة الخارجية الامريكي التي تعتز بالديمقراطية و حرية الصحافة في بلادها و تقول: ((ان كل ما تنشره وسائل اعلام بلادها، ليس صحيحاً تماماً،ولكنها تثبت حقيقة وهي وجود الحرية في هذا البلد))ونحن ايضاً نعتز بذلك، مع أنّ وسائل اعلام البارتي و الاتحاد هي لسان حال الحزبين وأنّ كل وسائل اعلام المعارضة تتسلم ميزانيتها من حكومة اقليم كوردستان، نجد أنّ كلّها توجّه معاً الانتقادات الى الحكومة والاكثر من ذلك أنّ اطراف المعارضة تطلب تغيير الحكومة أو حلها،وفي المقابل فإنّ الحكومة والسلطة السياسية في الاقليم تصغي اليها ومستعدة لحل الحكومة و تشكيل حكومة جديدة ذات قاعدة عريضة سلمياً،او اجراء انتخابات مبكّرة،إنّ هذه كلها لها معنى واحد لنا ككورد و كشعب كوردستان،أنّ هناك حرية الى حد كبير جداً في هذا البلد،مع احترام لمباديء الديمقراطية.
سؤالنا هنا ليس هو المديح للتشكيلة الخامسة أو السادسة،لأنهما كانتا تشكيلتين للبارتي و الاتحاد وعدد من الاحزاب الاخرى ونفذتْ معاً برنامج القائمة الكوردستانية من خلال الأنجازات الكبيرة و بالرغم اخطائهما ،بل أنّ الذي يستوجب الوقوف عليه هو أنّه أمر مهم أنْ يستطيع الكوادرالمتقدمة للبارتي و الاتحاد تنفيذ برنامج موحّد، والعمل كفريق واحد،ووزراء التشكيلة يعملون معاً في غضون (6) سنوات من الادارة المشتركة ولم تظهر أية مشكلة بينهم، تستحق الاشارة اليها كمثال من خلال هكذا تقرير،ونقصد بذلك أنّ أي وزير أو عضو برلمان لم يقدّمْ استقالته سواء كان رئيس البرلمان أو رئيس الحكومة بارتياً أو اتحادياً،إنّ روح العمل المشترك هذه،والاستعداد لتكملة برامج الغير، هو جانب من نجاحات الاتفاق الستراتيجي بين البارتي و الاتحاد،و جانب آخر من نجاحات التشكيلتين الخامسة و السادسة لحكومة اقليم كوردستان وهما ايضاً ثمرة الاتفاق المذكور.
تداول السلطة وفق الاتفاق الستراتيجي
وفق الاتفاق الستراتيجي بين البارتي و الاتحاد ،يكون في هذا الشهر موعد لتداول السلطة في اقليم كوردستان،انّ هذا التغيير لايشمل فقط رئاسة مجلس الوزراء، بل أنّه يشمل رئاسة برلمان كوردستان ايضاً،وهذا يعني أنّ في هذه الدورة سيكون منصب رئيس مجلس الوزراء من استحقاق الحزب الديمقراطي الكوردستاني و منصب رئيس البرلمان من نصيب الاتحاد الوطني الكوردستاني،اذن ما حققه الاتفاق الستراتيجي ليس فقط توزيع السلطات بين السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية، وإنّما يشمل التداول السلمي للسلطة بين الحزبين،ان هذا التداول الذي من المقرر تكراره في غضون هذا الشهر،انها العملية الثانية التي يتم تنفيذها في الاقليم بنجاح،ويمكن الاشارة اليها بعدة نقاط:
1- ان هذا الاتفاق أنهى ( المناصفة- فيفتي –فيفتي)و الادارتين وأحدث معه اساليب جديدة ومتقدمة،للتكيف لفترة من الزمن رسمياً وفعلياً أن يتسلم البارتي رئاسة الحكومة مرّة وتتسلمها مرة أخرى الاتحاد.
2- ان هذا الاتفاق كان تجربة للتعلم لو كانت رئاسة الحكومة لفترة بذمة البارتي لاتكون الاخيرة عند الاتحاد و بالعكس.
3- الى هنا اذا ماكان ذلك هو التداول السلمي للسلطة بين هذين الحزبين وهما يمتلكان قاعدة جماهيرية عريضة،فإنّ بعد 25 من تموز 2009 ظهرت قوة معارضة ، عدد مقاعدها اقرب الى مقاعد البارتي أو الاتحاد في البرلمان.اوبمعنى آخربتحالف اطراف المعارضة فإنّ عدد مقاعدها في البرلمان سيكون اكثر من مقاعد كل من الاتحاد و البارتي على حدة،وهذا يعني أنّ الانتخابات القادمة ستكون مختلفة،ومن المحتمل أن يشمل باب التداول السلمي للسلطة عدا الحزبين الاطراف الاخرى في المعارضة، أو بصيغة أخرى حتى ولو يقوم الحزبان بأعدة تشكيل الحكومة فإن تغييراَ سوف يطرأ على التشكيلة ويكون بشكل اكبر تشكيل حكومة وطنية ذات قاعدة عريضة،وليس بمشاركة البارتي و الاتحاد فقط.
بناء الثقافة الديمقراطية تبدأ من سلوك الاحزاب السياسية
مع كل الانتقادات التي تواجه الاحزاب السياسية،ولكنْ لايزال الباحثون والمختصون السياسيون متفقين على هذه النقطة وهي أنّ الديمقراطية النيابية مستحيلة بدون وجود الاحزاب السياسية،حتى أنّ بعض الباحثين في مجال اهمية الاحزاب السياسية لبناء الديمقراطية توصّلوا الى قناعة، بأنّه اذا كانت الاحزاب السياسية هي السبب في ظهور المشكلات التي تواجه المجتمعات ، فإنها في ذات الوقت تُعتبرعوامل لحلها،من هنا لو قارنّا الاوضاع في اقليم كوردستان مع آراء الباحثين والمتخصصين في مجال الديمقراطية،فمن المعلوم إنّ أسباب عموم مشكلات مجتمعنا سببها سلوك الاحزاب السياسية الكوردستانية ( الاحزاب الحاكمة و المعارضة) ولكن السؤال هو: اذاكانت الاحزاب السياسية جزءاً من المشكلات ألا تكون هي نفسها مفتاح حل لها؟ الواقع السياسي للاشهر الماضية في كوردستان أظهرتْ لنا أنّ الاحزاب السياسية كانت جزءاً من المشكلات،ولكن الآن نراها تسعى الى حلها،و السؤال هو كيف حدث هذا التحوّل في سلوك الاحزاب لتتغير من كونها جزءاً من المشكلة الى جزء من الحلول؟جواب هذا السؤال يتعلق بموقف السيد رئيس اقليم كوردستان وهو اعلى سلطة منفذة في كوردستان،لانه ردّ على عموم الاحزاب و جماهير كوردستان بأنّ ما يمكن تنفيذه بصيغة ديمقراطية ، فهو مستعد لتنفيذها جميعاً،وأنّ أي طلب سياسي لن يتجاوز حدود مباديء الديمقراطية،فإنّ سيادته قد اعلن عن استعداده للأستماع اليه و تنفيذه،وفي هذا المجال ان برنامج رئيس اقليم كوردستان للبدء بالأصلاحات و محاولاته لتطبيق سيادة القانون و اعادة موازنة الاحزاب المعارضة ورفع العقوبات السياسية،كلها تشكّل عوامل لعودة الامل في انّ تُبدي كل الاحزاب السياسية الحاكمة و المعارضة استعدادها لحل المشكلات سلمياً،وهذا لايعني أيضاَ أنّ المنظمات غير الحكومية و المدنية ليس لها تأثير وإنّ كل المسائل يتم حلها من قبل الاحزاب السياسية،بل يعني عندما تقوم المنظمات غير الحكومية و المدنية برفع اصواتها المعارٍضة أو ترفع مطالبها، فإنّه من المهم أن تصغي اليها السلطة السياسية في البلاد و تستجيب لها وتقرأ معارضتها بأنّها ورقة ضغط،ومن هنا يبرز الدورالمهم للأحزاب السياسية في كيفية التعامل مع ضغوط و مطالب المنظمات غير الحكومية و المدنية، ولكن لو كان السؤال بصيغة أخرى،هل أنّ بأمكان المنظمات غير الحكومية و المدنية أنْ تحلّ محل الاحزاب السياسية؟وبدون شك إنّ تجارب دول العالم على مستوى الدول المتقدمة و النامية أثبتتْ حقيقة أنّ المنظمات غير الحكومية و المدنية لاتتمكن من أنْ تحلّ محل الاحزاب السياسية، وحول هذا الجانب يشير ايفان دوهرتي رئيس برامج الاحزاب السياسية في منظمة (NDI) وفي احدى كتاباته بعنوان(اختلال التوازن الديمقراطي، ليس بأمكان منظمات المجتمع المدني أنْ تحلّ محل الاحزاب السياسية) يشير فيها الى أنّ ( مامس فايبر يشير الى الحزب السياسي كضرورة و يولد من رحم المجتمع الديمقراطي،ولكن في السنوات الاخيرة أصبحتْ الجهود الدولية من أجل مساعدة الديمقراطية عاملاً لولادة أخرى الا و هي منظمات المجتمع المدني،واكثر من ذلك يُدّعى الى أنّ منظمات المجتمع المدني هي مصدر الديمقراطية،انّ هذا التصوّر إنْ لم يكنْ مبالَغ فيه الى حد كبير،ولكن بأمكاننا القول إنّ المجتمع الدولي تدعم منظمات المجتمع المدني بشكل متعمد وتعمل من اجل تطويرها وتوسيعها،وعلى حساب ظل الاحزاب السياسية التي اصبحت أقل اعتماداً،وبدون شك إنّ تلك المحاولات ضرورية وجيدة مع أنّها تجاوزت التأكيد شبه الحصري على المجتمع المدني،وقد ظهرتْ في الآونة الاخيرة اتجاه آخر يكمن في رصد مبالغ طائلة لبرامج المجتمع المدني،ولكنْ في المقابل تم اهمال الاحزاب البرلمانية كنوع من العقوبة،كما أنّ الكثير من المانحين من القطاعين العام والخاص يفضلّون الانتماء الى المنظمات المدنية بدلاً من الاحزاب السياسية، في الوقت الذي تعتبرفيه مشاركتهم مهمة في نشاطات الاحزاب السياسية،ما ادّى الى احداث خطر حقيقي على الديمقراطية،لأنه عندما يجري دعم منظمات المجتمع المدني وهي جزء من المعادلة السياسية،دون أن يتم فيه تقديم الدعم اللازم للاحزاب السياسية التي تنظّم مصالح تلك المجاميع،فإنّ ذلك يؤدي الى حدوث خلل في توازن المعادلة السياسية و الاكثر من ذلك اهمال الاحزاب السياسية،وتفكّك التمثيل البرلماني والعملية السياسية، هذا في حين أنّ المساعدات التي يتم تخصيصها الى منظمات المجتمع المدني تهدف الى دعم الديمقراطية،ولكن بهذا الشكل تكون نتائجها عكسية،والسبب هو أنّ بدون الاحزاب و المؤسسات السياسية القوية و المسؤلة و المؤثّرة، لايمكن المساومة عن طريق الحوارو لايمكن ايضاً حلحلة المشكلات، وفي هذه الحالة يكون الباب مشرعة أمام القادة الشعوبيين الذين يدعمون المؤسسات الحكومية و المؤسسات المتوازنة المتخصصة في المجتمع ويتجاهلون سيادة القانون)).
اذن اهم نقطة في بناء الديمقراطية المحافظة على توازن الديمقراطية،ويحدث هذا التوازن عندما تتحمل كل العناصر في المجتمع المدني المسؤوليات وتتمتع بحقوقها كل ضمن مستواه،ولكن الذي يلعب الدور الرئيس و الحاسم في هذه المعادلة ، هي الاحزاب السياسية التي من المفروض أنْ تكون قوية وموثوقة.
پاكیت هينری ل( كولان) :التبادل السلمي للسلطة شرط مسبّق ومهم جداً لأنجاز الاصلاحات المهمة
البروفسور باكيت هنري استاذ علم الاجتماع و الدراسات الافريقية في جامعة براون و المتخصص في المجتمع و الديمقراطية والاحزاب السياسية،اتّصلنا به حول دور الاحزاب السياسية في بناء الديمقراطية وقد عبّر عن رأيه ل(كولان) قائلاً:
( جوهر الديمقراطية عبارة عن المحافظة على التوازن بين السلطات و عملها في مراقبة بعضها للبعض،كما هو عبارة عن منافسة القوى و تمثيل اكثر الاصوات الممكنة،و كيفية تعامل الاحزاب السياسية مع المعارضة،وكيف يتم التعامل مع صوت معارض من بين الاحزاب السياسية ؟ويمكن هنا البدء ببناء الديمقراطية في اطار الاحزاب،لذا من الضروري تقدير بعض الامور الرئيسة في الاحزاب،ماهي الاجراءات اللازمة بشأن تمثيل الاصوات السفلى في تحديد السياسات؟وأكرّرها ثانية بأعتقادي أنّ الديمقراطية تبدأ من الاحزاب،وذلك اذا كانت لديك صفة تمثيل الناس و اصواتهم،وما عليك الاّ العمل فيها من اجلها،لأنّه من الصعب جداً تعليم الناس ثقافة أخرى،لأنّ بداية عملية بناء الديمقراطية صعبة و شاقّة،كما أنّ تبادل السلطة من البداية صعبة هي الأخرى،أنا اعتقد أنّ افضل طريق للسير في هذا الاتجاه هو البحث عن أسلم نموذج لتبادل السلطة الذي ظهر في مجتمعكم،دَعُوا الناس يطّلعون عليه وعلى أهميته،و لو وُجد نموذج محلي لتتعلموا منه و البناء عليه، عندئذِ بأمكانك البدء بعملية اعادة تربية الناس في أنّ التبادل السلمي للسلطة يدخل في مصلحة البلاد،وكذلك التشخيص الواضح للمواقع التي يحكمها الاخرون فيما بعد،لذا من الضروري أنْ تمتلك تعليمات واضحة حول إشغال السلطة،و بكل تأكيد فإنّ تبادل السلطة يحدّد المسار لكل الامور،ماذا يحدث عندما يتسلّم القائد الجديد السلطة،و لتحقيق ذلك يتطلب أنْ يكون تبادل السلطة بشكل ديمقراطي،بحيث يتفق مع المعايير الديمقراطية ،اذا ماتمكنتَ من تخقيق ذلك،فإنّ القائد سوف ينجز الاصلاحات السهلة،لأنّه يُعتَبرقائداَ شرعياً،اذنْ انكم على حق تماماً بأنّ وجود التبادل السلمي للسلطة الشرط المسبّق و المهم جداص لأنجاز الاصلاحات المهمة.
ستیفن فورد ل( كولان): التبادل السلمي للسلطة عاملٌ لبناء الثقة بالنظام الديمقراطي
الدكتورستيفن فورد استاذ العلوم السياسية و فلسفة السياسة في جامعة نورث تكساس و المتخصص في الفلسفة و الاخلاق السياسية،سألناه حول تأثير بناء ثقافة الديمقراطية، فأجاب ل(كولان) : ((بناء ثقافة الديمقراطية مسألة صعبة الى آخر حد،لانك اذا أردت أن تعمل بجدية و فاعلية،علينا أن نتفهم الحقيقة وهي أنّ ثقافة الديمقراطية تحتاج الى عدة عناصر مختلفة وعندما نريد بناء هذه الثقافة،يجب توفّر كل تلك العناصر،منها معرفة الشعب عن كيفية المشاركة في السياسة،احدى المسائل الصعبة في ثقافة الديمقراطية هي القبول بنتائج الانتخابات و التداول السلمي للسلطة،و يتطلب ايضاَ وجود ثقة بين ابناء الشعب حول عدم استخدام السلطة من قبل الجهة الفائزة لمصلحتها الخاصة،ويجب ايجاد نظام سياسي يقوم فيه الحزب الحاكم بالتعامل العادل مع الاطراف الاخرى،وفي هذه الاوضاع فقط يثق الشعب بالنظام السياسي،اذنْ جزء من المهام هو بناء الثقة بين ابناء الشعب،وهذا يتطلب أنْ تكون الانتخابات من اجل التبادل السلمي للسلطة،وبالنسبة لبناء سيادة القانون في المجتمع، هي ذات المسألة، فأنك لاتعلم كيف تبنيها،عدا اتخاذ خطوات صغيرة وبناء الثقة،ا،ا غير واثق في أنّ الديمقراطية هي الحل بالكامل؟لأنه اذا لم يتطلع الناس العاديين على القيم الديمقراطية ، فإنّ التصويت سوف يعقّد الاوضاع،لذا يفترض أن يكون للناس أولاَ توجهات مناسبة ومنْ ثمّ الاحزاب السياسية، حينها ينفّذ الحكام مطالب الناس،ويجب أولاّ تعليم الناس كيف يحترم سيادة القانون ،وعندئذٍ تصبح الديمقراطية نظاماً مفضلاَ عندما يكون هناك نظام سياسي مقتدر،لذا وكما أشرت سابقاً،بأمكاننا تحسين فرص تحول الديمقراطية،لو قمتَ ببناء تجربة تحصل فيها عدة تداولات سلمية للسلطة، عندئذٍ تستطيع بناء الثقة،ولو تمكنتَ من بناء مؤسسات مواتية،سوف يسهل عليك التصدي لحزب حاكم يقوم بالسيطرة على كافة الامور بشكل كامل،اعتقد عليك التخطي نحو بناء تلك المؤسسات بهذا الشكل،أي بناء توازن بين الاحزاب بحيث لايملك أي حزب زمام السيطرة الكاملة)).
آتول كوهلي ل( كولان) :الطريق الوحيد لأرساء الديمقراطية هو اجراء العديد من عمليات التداول السلمي للسلطة لكي يتفهم الناس أهمية الديمقراطية
البروفسور آتول كوهلي استاذ العلوم السياسية و العلاقات الدولية في جامعة برينستون وأحد كبار الباحثين في معهد وردوولسن الشهيرو المتخصص في مسائل الديمقراطية بصورة عامّة و ديمقراطية الهند خصوصاً، حول كيفية تعوّد المجتمع على الديمقراطية و بنائها في الدول النامية، تحدث ل(كولان) قائلاً:
(من الصعوبة أنْ يتم في فترة قصيرة وعلى مستوى واسع تعويد المواطنين على ثقافة الديمقراطية،السبيل الوحيد لأنجازهذه العملية هو تطبيق الديمقراطية وبمرور الزمن،وذلك بعد اجراء العديد من عمليات الانتخابات، يبدأ المواطنون بفهم الديمقراطية،وكذلك بالنسبة للدور الذي يتطلب أنْ يلعبوها،وعلى سبيل المثال إنّ دولة كالهند تسودها الديمقراطية بمستوى جيد و الحزب الرئيس فيها هو حزب المؤتمر،ولكن نجد أنه ليس ديمقراطياً في داخله، وفي الوقت ذاته يُعتبرعاملاً مساعداً لنجاح الديمقراطية في البلاد،اذنْ العملية الديمقراطية يحظى بالنجاح حينما تسمح القوانين للأحزاب السياسية أنْ تتنافس فيما بينها،بأعتقادي إنّ هذه الاوضاع أهم من أنْ نسأل هل أنّ الاحزاب تتعامل بينها بالنهج الديمقراطي أم لا؟والمسألة هنا هي لو قَبلتْ الاحزاب السياسية بأرادة المواطنين وحتى اذا ماتم قبول نتائج عملية انتخابية واحدة،فإنها تحدث تغييراً كبيراً في سايكولوجية المواطنين،وبرأيي حينئذٍ يجعل المجتمع يبدأ بالتفكير في أنّ هناك حلاً سلمياً لتداول السلطة وبالنسبة الى عدم قيام الاشخاص الذين يتسلمون مقاليد السلطة بأستغلال السلطات لصالحهم،ومن أجل بناء العملية الديمقراطية ينبغي أولاً بناء الثقة بحيث لايتمكن أحد من السيطرة على النظام،ومع استمرار هذه العملية يثق الناس أكثر بالنظام،الجانب الآخر هو بناء المؤسسات وهي مهمة جداً بالنسبة الى المجتمعات النامية،وكان السؤال الرئيس دائماً هو:كيف يتم بناء المؤسسات القوية و الجيدة؟جواب هذا السؤال على نوعين،إمّا المؤسسات المبنية سابقاً ولاتزال موجودة،وإمّا إنْ لم تكن لديكم مؤسسات جيدة حينها ينبغي على قادتكم بنائها،وعلى سبيل المثال قد يجوز هناك مؤسسات فاعلة في بلادكم ،أيْ مؤسسات سابقة،بالشكل الذي لاتكون لمباديء البيروقراطية أي سلبية،ولكن يمكن أن لاتكون الاحزاب السياسية بهذا المستوى،أو عدم وجود برلمان فعّال لديكم، لذا من المفروض أن تُبنى هذه المؤسسات من قبل القادة لأنّ الأمر في النهاية يعود اليهم ،وهذا هو السبب في وجود اهمية كبيرة لدورالقادة،بحيث تلعب الطبقة السياسية الدور الرئيس وتلتزم بهذه المهمة و تتفهم آلية تنفيذها،لذا بأعتقادي أنّ دور الطبقة السياسية و خصوصاَ العليا والقادة مهم جداَ في الديمقراطيات الحديثة)).
Top