• Friday, 03 May 2024
logo

القضية الكوردية في سوريا و آخر معوقات التحول.. ندوة كولان بالتعاون مع قسم الفلسفة في كلية الآداب/جامعة صلاح الدين

القضية الكوردية في سوريا و آخر معوقات التحول.. ندوة كولان بالتعاون مع قسم الفلسفة في كلية الآداب/جامعة صلاح الدين
ترجمة/بهاءالدين جلال


لمتابعة تقييم الاوضاع الراهنة في سوريا و تقدير الأبعاد القومية فيها و التحديات التي ستتمخض عن التحولات المتوقعة،نظمت مجلة كولان و بالتعاون مع قسم الفلسفة في كلية الأداب بجامعة صلاح الدين يوم الأثنين الموافق 18/6/2012 في فندق شاهين بأربيل ندوة بعنوان (القضية الكوردية في سوريا و اخر معوقات التحول،لمجموعة من السياسيين و المفكرين و المثقفين الكورد وهم(الدكتور كاوه محمود،عدنان مفتي،فلك الدين كاكه يي،د.سربست نبي،هيمن هورامي،عبدالرحمن صديق،د.زياد يوسف،نوزاد جمال)كما شارك العشرات من اساتذة الجامعات و المثقفين و الأعلاميين و الخبراء و المختصين في تبادل وجهات نظرهم وتعليقاتهم والحديث عن آخر المستجدات في الشرق الأوسط و المسألة المحورية في سوريا و كذلك القضية الكوردية فيها،والتي يرتبط بها مصير جزء من الشعب الكوردي في غرب كوردستان،لأن الشعب الكوردي يقيم على أرضه التأريخية وقد ألحق قسراً بالدولة السورية ولقضيته خصوصيتها، وافتتح السيد فرهاد محمد رئيس تحريركولان الندوة حيث رحب بالضيوف، ثم طلب من السيد ريبوار سيويلي رئيس قسم الفلسفة بكلية الأداب /جامعة صلاح الدين تقديم كلمة الأفتتاح.
ثم أدار ماجد نوري سكرتير تحرير مجلة كولان الجلسات الصباحية وقد تم التأكيد على الموضوع الرئيس للندوة حيث أنه لايخفى على أحد أنّ ريحاً قوية للتغيير هبتْ على منطقة الشرق الأوسط منذ سنة ونصف ولازالت مستمرة حتى اليوم،وأن وظيفة الثقافة و المثقفين ليست الوقوف بوجها ولا الخضوع أو السير على عكس اتجاهها،و الوصول الى الأماكن المخفية و الزمن المجهول،بل أنّ وظيفة المثقفين تكمن في التنظير الفلسفي للأنتفاضات و النظرة البعيدة الى نتائج التغيير و فهم عوامل و أهداف المستجدات.
المصير المحتوم للأنظمة الأنقلابية
الموضوع الأول للندوة في جلستها الصباحية قدّمه الدكتور كاوة محمود وكان يخص موضوعاً حول ملامح عدم وضوح نتائج التحولات التي هزّتْ منطقة الشرق الأوسط على المديين القريب و البعيد،حيث عزى أسبابها الى الأزمة العريقة و المعقدة و المبكرة للأنقلابات التي أوصلتْ هذه الأنظمة الى سدة الحكم قبل اكثر من نصف قرن،وقد تواجه الآن موجة كبيرة من الأنشطة المدنية الجماهيرية الغاضبة،أو تتعرض الى هجمات عسكرية لأزاحتها وصولا الى مساعدة الجماهير المنتفضة من اجل التغيير عن طريق طائرات الناتو،كما حدث في اسقاط القذافي وهو الذي وصل الى الحكم عبر الأنقلاب ايضاً، وحول هذا الموضوع قال الدكتور كاوة محمود: ((كل الدول التي حدثت فيها التغيرات،وصل قادتها الى الحكم منذ منتصف القرن الماضي فصاعداً عبر الأنقلابات العسكرية،تلك الدول لم تمر بمسيرتها التأريخية المتطورة وهذه الأنقلابات كانت في تلك الفترة تسمى من قبل قوى اليسار و المنظمات المدنية ب (الثورات) امثال ثورة 1952 في مصر و ثورة 14 تموز 1958 في العراق التي كانت تنال الدعم الجماهيري،ثم وقعت في اطار الخطابات الشعوبية ولأستمرارها في البقاء استطاعت الأستفادة من الحرب الباردة بين المعسكرين،فمثلاً كان قطب الأتحاد السوفيتي آنذاك يدعم بقاء القادة الأنقلابيين ضد تطلعات شعوب المنطقة ، وبعد سنوات التسعينيات كانت تلك الأنظمة تتعاون مع قطبها الأحادي ولمصلحة بقائها اصبحتْ تقتنع بأمريكا و الغرب على أنّها تساعد على انتصار الدولة المدنية على جبهة الأرهاب، ولكن بعد سنوات الألفين عندما نمتْ مفاهيم حقوق الأنسان و المواطنة و الحكم الرشيد و التنمية الأقتصادية و البشرية في الفكر الليبرالي العالمي،جعلتْ المجتمع الدولي تغيّر سياساتها في مواجهة الأرهاب،لأنّ حكّام المنطقة لم تكن بأمكانهم مكافحة الأرهاب،ولم يكونوا مواكبين للمفاهيم الجديدة للفكر العصري الأحادي القطبي العالمي،وكانت ثورة المعلومات و الأتصالات السريعة ادوات ادت الى اسراع موجة التغييرات،والاّ لم تكن هناك ثورة الفيس بوك ،فمثلاً اندلاع الحرب العالمية الأولى لم يكن بسبب مقتل ولي العهد النمساوي، بل كان سببه هو انتهاء دور الأمبراطوريات و اعادة توزيع العالم، وما يحدث الآن، ماعدا العوامل المحلية و دور القوات المشاركة في التغييرات و خصوصيتها وهي غير متشابهة وليست على مستوى واحد ولاتُعرف كيف تعود المنطقة الى مسارها الطبيعي،كما أنّ لتحالف الدول العظمى انعكاساته في توجيه اساليب التحول، لذا فأنّ ماحدث في تونس يختلف عن مصر وكذلك هناك اختلاف بين اليمن و البحرين،وفي ليبيا وصلتْ الأمور الى مستوى التدخل الدولي،أما في سوريا فهي تتراوح بين القطبين،فقد ادتْ الأوضاع الى تعامل الأمم المتحدة معها،وهناك مخاوف من أنّ التحولات تقتصر فقط في تغيير دكتاتور بآخر،أو تغيير الأنظمة العسكرية و القومية بأخرى دينية و بتسلط الأحزاب الأسلامية عن طريق الأنظمة الدولية الدينية وذلك بالسيطرة على عموم القوى الديمقراطية في المنطقة)).


المعوقات التي تواجه القضية الكوردية في هذه التحولات
يعتمد الشعب الكوردي في الأساس على شرعية قضيته على ارضه، وهو يتطلع في سوريا الى بناء دولة ديمقراطية تعددية مدنية،وعلى أساس الشراكة بين العرب و الكورد،و حدد السيد عدنان مفتي في موضوعه تلك المعوقات التي تواجه الشعب الكوردي في هذا الجزء من كوردستان وتتلخص في كون بعضها تأريخية و أخرى تتعلق بالجغرافية السياسية كما أنّ بعضهاَ لها علاقة بالأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا،وحتى أنّ الشخصية السياسية برهان غليون كان يرفض القضية الكوردية بشكل صريح وكان يطلب عند ذكر كلمة كوردستان أنْ تُذكر ايضاً لاذيقستان،وأجرى السيد عدنان مفتي في البداية قراءة تأريخية و اجتماعية لكورد سوريا حيث قال: (( منذ آلاف السنين تمت الأشارة في عهد الميتانيين و اليارسيين وقبلهم في الكتابات الهيروغليفية الى وجود الكورد في حلب و دمشق و ودرعا و حمص الحالية،ثم أقامت مجموعة اخرى من الكورد بسبب نضال الأيوبيين في تلك المناطق وحتى في مصر،حتى وصل الزمن الى التأريخ الحديث و الشخصيات الكوردية المعروفة التي شاركت في خدمة حضارة الشام،وقد تسنم العديد من الكورد منصب رئيس الجمهورية و وظائف اخرى أمثال حسني زعيم و محسن برازي و عبد يوسفي وآخرون،كما أسهمتْ شخصيات كوردية أخرى في اندلاع ثورة سوريا التحررية ومنهم حمد كورد علي أو غوتي،ولكن عندما طالبت الأسرة البدرخانية بحقوق الكورد في هذا الجزء، تجاهلت الحكومات السورية هذه المطاليب)). تطرق بعدها الى دور الجغرافيا السياسية الكوردستانية في سوريا و كيفية التغييرات البيوغرافية التي طرأت بسبب التعريب واضاف: ((لقد تم ترحيل أهالي اكثر من 400 قرية كوردية بسبب اقامة حزام عربي و فرض اللغة العربية على اللغات الأخرى في الثقافة و المعرفة من اجل تسمية سوريا بقلب العرب النابض،لقد منعوا الكورد من التكلم بلغتهم الأم، انّ خالد بكداش سكرتير الحزب الشيوعي السوري كان كوردياً ولكن لم يتكلم ابدا باللغة الكوردية،ولن تجد في تأريخ الحزب الشيوعي السوري موقفاً واحداً يدافع فيه عن قضية الكورد المشروعة وعن حقوقه،في حين قال سلام وعادل في مؤتمر عام 1956 بما أنْ العرب يناضل من اجل امتهم الموحدة فإنّ للكورد الحق ايضاً في النضال من اجل توحيد امتهم،وهذه وثيقة يحتفظ بها التأريخ،بالرغم من أنّ حافظ الأسد كان يدعم الأحزاب الكوردية العراقية ولكن قي الوقت ذاته كان يتجاهل الكورد في سوريا،حتى أنّ المجلس الوطني السوري والمعارضة كلاهما يرفضان في الوقت الحاضر وجود الشعب الكوردي في سوريا،وهذا يعني أنّ التأريخ يعيد نفسه، لذا على الشعب الكوردي هناك انْ يكون له برنامج مشترك من اجل ضمان حقوقه التأريخية)).
اما الدكتور زياد يوسف فقد قدّم تحليلاً واضحاً للجانب الجغرافي و كذلك لتوزيعات الكورد في سوريا الذين يمارسون المهن الزراعية و الصناعية،ومن الناحية الجيوسياسية فإنّ اقليم كوردستان سوريا يحاذي حدود اقليم كوردستان العراق و يطل على البحر المتوسط و يمتلك ثروة طبيعية و معدنية ونباتية وحيوانية كبيرة.وحول وطنية القضية الكوردية المشروعة تحدث السيد فلك الدين كاكه يي من خلال موضوعه عن خمسين عاماً من الحكم العسكري للحكومات السورية ضد الشعب الكوردي حيث قال: ((لم تظهر حتى الآن أية معارضة كوردية فاعلة،لقد انتفض في حينها الأخوان المسلمون وقد تم قمعهم بأبشع صورة ولكنهم لايتحدثون عن المسألة الكوردية حتى يومنا هذا، الأحزاب المعارضة الأخرى حالها حال النظام الحالي ومع أنها تعتبر نفسها الممثلة الحقيقية لعموم سوريا الاّ أنّها لاتملك موقفاً مبشّراَ للكورد،في حين انّ الآلاف من الكورد حرّموا في سوريا من الجنسية،ماعدا بعض الشخصيات التي تدعم القضية الكوردية المشروعة وتؤكد على أنهاّ تساعد في حل الأوضاع في البلد وأنَ القضية الكوردية قضية وطنية ومن تلك الشخصيات جمال أتاسي،والمجلس الوطني السوري الحالي لايملك رؤيا شفافة و واضحة ازاء الكورد وهو شبيه الأنقلابات العسكرية السابقة،هناك منْ يتمنى أنْ تظهر من بين عائلة بشار الأسد شخصية تتمكن من ازاحته عبر الأنقلاب،وبشكل عام فإنّ الكورد في سوريا على الرغم من المآسي التي يعانون منها ولكنهم غير موحدين وهم مشتتون،وليس ليهم هدف موحد،في حين أمامهم حدود واسعة التي هي محل اهتمام الأمريكان لذا دعوا المعارضة على الأعتراف الضمني بالقضية الكوردية،وذكر اسم الكورد في الدستور كشعب وحقوقهم ليست أقلاً من حقوق الشعب العربي، وفي المقابل تبذل امريكا جهوداً من اجل انضمام الكورد الى المجلس الوطني،وهذا يعني صهرشعب،يجب أنْ تكون لهم شروطهم و التنسيق مع المجلس كحليف، وما تظهر على ارض الواقع بشكل عام أنّ اغلب الحركات الكوردية تخطط للثورة بالوسائل السلمية ولكن الأمور تخطتْ الآن الى مرحلة اخرى حيث تم تسليح الشعب السوري و تحولت الى حرب أهلية ..))
نشوءالمعسكرات الجديدة والأمن القومي الكوردي
عندما نتمعن في نماذج تلك التحولات بدقة نجد أنها تظهر كأفرازات لوضع جديد للنظام العالمي من اجل المناورة و تشكيل تحالفات جديدة و وضع معاير حديثة من قبل الأقطاب،واعتمد السيد هيمن هورامي في موضوعه الخاص بالتعليق على المستجدات في سوريا و مشكلة الأمن القومي الكوردي، اعتمد هورامي على التقنية التحليلية للمشهد السياسي و تحليل العناية و ديناميكية التغيير، وحول دور الأقطاب و المعسكرات الجديدة قال:
((هناك احتمالات لحدوث مجموعة اخرى من المستجدات في الشرق الأوسط لأن المنطقة اصبحت موزعة على المعسكر الأمريكي وحلفائها كتركيا و فتح و.والخ،وكذلك معسكر ايران و سوريا و حماس و قسم آخر من الحلفاء الكلاسيكين في المنطقة،وقد طرأت تغييرات على اسلوب تحالف المعسكرين ،فالقوى العظمى بقدر ما تصب اهتماماتها على فهم تلك التحولات فإنها غير مهتمة بالأقرار حول اسلوب صياغة المعسكر من جديد،نرى أنّ تركيا وايران اصبحتا على عداء من بعضهما،وكانتا قبل التغييرات متفقتين مع انهما تتنافسان فيمابينها سراً، ولكنهما الآن على عكس ذلك،وهذه لها تأثيرات على الملف السوري ايضاً،لاعبان اساسيان جديدان دخلا المعادلات السياسية للبيئة الستراتيجية و المنظومة الأقليمية للمعسكرات،الأول هو ظهور الأخوان المسلمين والثاني اقليم كوردستان العراق،انّ ملامح التحولات غير مستقرة و ظهرت في سياقات مختلفة،وتظهر مجموعة من المفارقات في هذا الوضع الجديد وهي:
1- ايران واسرائيل اللتان هما الطرفان الأساسيان في الصراع المقابل،نجدهما متفقتين على بقاء بشار الأسد ونظامه،لأن هذا النظام يخدم بشكل جيد ستراتيجية الطرفين.
2- تركيا واقليم كوردستان ، العلاقات بينهما دخلت مرحلة متقدمة وتتطلع تركيا الى تعزيزها يوماً بعد يوم،خاصة في مسألة تعامل الأقليم مع الملف السوري،المفارقة تكمن في انها لاترغب في انشاء اقليم للكورد في سوريا على غرار اقليم كوردستان.
3- تعميق الصراع بين الشيعة والسنة.
4- عدم استقرار الغالب و المغلوب في المنطقة.
ومن اجل حسم الصراعات هناك عدة مشاريع صيغتْ من قبل الأقطاب المختلفة التي لها تأثير على الأحداث ومنها مشاريع : امريكا/ايران/اسرائيل/السعودية/الأخوان/ الظواهري والسلفيين/الشعوب التي ليست لديها دول/الأقليات/مشروع الطاقة. إنّ الكثيرمن هذه المشاريع لها وجود في احداث سوريا بسبب أنها دولة محورية وهي تشكّل نقطة مشتركة للجيوستراتيجية الشرق الأوسط، تلك المشاريع لم يكن لها الدور البارز بشكل من الأشكال في احداث مصر و تونس وليبيا)).
الدين و دوره المؤثر في التحولات
وحول اهمية و دور الدين و المعارضة الأخيرة قدّم الأستاذ عبدالرحمن صديق في موضوعه توضيحاً و يتلخص فيما يأتي:
((مثلما يبتعد الكثير من الناس عن السكر و الملح، ولكن هذين العنصرين متوفران في كمية من الأغذية التي يتناولونها،حال ذلك حال الدين فمهما يكون التدخل فيه صعباً ولكن ابعاده تتدخل في الحياة العامة للأنسان،فلأمريكا و الغرب التجربة المرة في سوء استخدام الدين،و منذ القرن الخامس الميلادي حتى القرن الخامس عشر وبشكل متواصل،نجد أنّ للكنائس و الدول الثيوقراطية تأثيراً يمتد لآلاف السنين، ومن اجل التلاعب بالمثلث و تحويله الى خط مستقيم كان الحاكم يقول أنا المركز أبلّغكم أوامر الله، ورجال الدين هم الذين اخرجوا الله من هذا المثلث وتحول الى الخط المستقيم للحاكم و الناس،حتى وصلوا الى عصر النهضة حيث نضوج مفهوم الدولة،ولكن بين الأمرين كان للدين تأثيره الخاص)).واضاف في اطار حديثه عن الموضوع: (لايجوز النظر الى القضية بأنها قضية مكون صغير وهو يضم ثلاثة ملايين انسان، ولكنه لايختلف عن الشعب العربي وانما هو مكون اساس و اصيل في سوريا،وكما يتصور المجلس الوطني السوري قضية الشعب الكوردي بأنها قضية تخص اقلية قومية كقوميات التركمان و الأشوريين و الأرمن و الجركس).
و اشار ايضاً الى أنه يتوقع كل السيناريوات و الأحتمالات في سوريا و نوه الى بعض دلائل قوية التي تذهب بالبلاد الى كوارث ومآسي و صراعات داخلية وهناك احتمال لتفاقم الأمور بحبث يؤدي أخيراً الى اندلاع حرب شاملة بأسم المذاهب بين السنة و الشيعة وتعم المنطقة بأسرها،لذا على المعارضة الكوردية في هذه المنطقة توحيد خطابها و التخلص من التشتت الذي أصابه وأن تجتمع تحت مظلة واحدة كما هي القوى و الأحزاب الكوردستانية في جنوب كوردستان وتجمعت تحت مظلة الجبهة الكوردستانية وأبعدت الأفكار عن المسائل النفسية،وذلك من اجل قيام الكورد في هذا الجزء من كوردستان بدورهم الفاعل لأيجاد مكانة مرموقة لهم في اعادة تأسيس الدولة السورية و بهذا سوف يكون لهم الدور المتميز في معادلات التغيير و التحول الديمقراطي في هذا البلد)).
و تطرق الأستاذ عبدالرحمن صديق في موضوعه العلمي الى الحقائق التأريخية و الديموغرافية و الجغرافية و الدور الذي يضطلع به الكورد في سوريا وكيف اُدخل جزء من الأرض الكورد وشعبه قسراً في هذا البلد بعد اتفاقية سايكس بيكو ولاسيما بعد اصدار النقاط ال(14) لويلسن،وفيها تمت الأشارة بصراحة ضمن ديباجاتها الى حل القضية الكوردية وفق مباديء تقرير المصير للشعوب.
كيفية تعامل الكورد مع بقايا العنصرية
كل المواقف التي تظهر بمعاداة القضية الكوردية المشروعة ومن أي جهة من المعارضة هي عبارة عن مخلفات جذور العنصرية التي سببت مآسي و فواجع و سفك للدماء، ولهذا السبب يعتقد الدكتور سربست نبي من خلال الموضوع الذي طرحه في المؤتمرأنّ الأزمة ليست فقط انقلاباً أو تغييراً في الأنظمة بقدر ماهي أزمة تجديد السلطة و الدولة السياسية،واذا كانت شرعية التغيير تسري فقط لتغييررؤوس السلطة وبقاء مظاهر النظام و مخلفات العنصرية،فلا تتحقق المساواة للجميع ولا تتوفر الحريات للأفراد،كما أنّ الكورد لايستطيع تحقيق اهدافه السياسية و التأريخية المشروعة، وحول ذلك قال: ((قام بعض الشبيبة من بين عموم المكونات بأشعال الثورة، ولكنها تمت قرصنتها من الجوانب المادية و السياسية و الأعلامية،والآن لانستطيع وصفها بالثورة في معناها الحقيقي،كما أنّ غياب الخطاب البديل و المشروع السياسي و نخبة طليعية وجماهيرية لأدارة الحكم محل نظام بشار الأسد كانت عوامل محفزة لأطالة الفترة الزمنية للثورة والى سقوط الآلاف من الشهداء والجرحى،ويصعب على الكورد في الوقت الحاضر ايجاد طرق للتعامل مع نظام قومي عربي عنصري الذي يمتد من عهد الناصريين ، وكونوا مطمئنين أنّ النظام القادم في سوريا لايتمكن من الحل الجذري لهذا الميراث العنصري، اضطهاد الكورد في سوريا له جذوربسبب العنصرية وقبل مجيء بشار ووالده الى سدة الحكم وسوف يستمر طالما الهدف الرئيس للثورة هو فقط اسقاط نظام بشار.المعارضة في سوريا تعكس التشتت الذي يعاني منه المجتمع،فإذا طالبت الأغلبية العربية وهم الشيعية في العراق بالديمقراطية وليست بالعلمانية،فإنّ الأقلية السنية تطالب بالعلمانية وليست بالديمقراطية،الأمور في سوريا على عكس ذلك ،الأغلبية السنية تطالب بالديمقراطية وليست بالعلمانية في حين تطالب الأقلية العلوية و الأسماعيلية بالعلمانية وليست بالديمقراطية،انها أزمة مسلبية عنما يجري الحديث عن دولة عصرية من غير التطرق الى المفهومين الدولة و المجتمع المدني،ففي الفكر المعاصر لايجوز الفصل بين العلمانية و الدولة،بعض الساسة الكورد الذين يفهمون الديمقراطية بشكلها التقليدي على طاولة الحوار يقبلون بالدولة الأغلبية الديمقراطية،عندما يتحدث العرب لنا عن الديمقراطية الأغلبية، علينا ككورد أنْ نقول لهم :هل أنتم تقبلون انشاء دولة يهودية في فلسطين بهذه الديمقراطية الأغلبية مثلما كان نتنياهو يتحدث اليكم وفق هذا المبدأ وكاد حكام العرب أنْ يقيموا القيامة بوجهه!!
وفي سوريا الحالية لايمكن تحقيق هذا التوازن الديمقراطي العلماني لأن نظام بشار استطاع منذ البداية أنْ يوقع المعارضة في الفخ الذي نصبه لها،وينعكس ذلك في عسكرة الثورة، الأسلاميون ايضاَ التحقوا بالثورة في الشهر الثالث من اندلاع المواجهات وهذا نابع من نظرتهم الشوفينية وذلك لأنهم لم يستطيعوا الوصول الى الحكم عبر صناديق الأنتخابات،ولم يحدث في التأريخ أنْ تمخض عن الثورة المسلحة أي نظام ديمقراطي،مخابرات النظام استطاع جر الكورد الى دائرة الأنشقاق وكذلك عبر سياسته الخارجية تمكن من التغلغل الى الأجندة الدولية من اجل تحويل مشكلته الى مشكلة ستراتيجية دولية ولقد اسعفتْ روسيا و الصين للنظام،ولقد تاهت القضية الكوردية بين نفق مظلم للصراع الدائر للتكية الأردوغانية وبين الأسلامية المعتدلة في منظور امريكا و السلفية و الجهادية الأسلامية ، قد اتصا ب القوى السياسية الكوردية بالوهم اذا ما توقّعتْ أنْها تجد بصيص أمل لمطاليبهم في هذه الصراعات،وفي آخر تصريح يقول شفقة رئيس الأخوان المسلمين أنهم سيمنحون الكورد حق التكلم باللغة الكوردية وكأنه يتصدق عليهم،وشخص مثل الشخ عرعود الذي خصصت له دول الخليج ثلاث قنوات فضائية وهو لايسمح لأي كوردي المشاركة في برامج تلك القنوات باللغة الكوردية،أما الكورد في سوريا فهم لايملكون قناة فضائية ليعبروا فيها عن خطابهم القومي،وهنا نلوم اقليم كوردستان الذي لم يقدم لهم أي دعم من اجل تأسيس قناة خاصة بكورد سوريا،هناك في علم الأجتماع الأرادة الأغلبية و الأرادة العامة، وعلى سبيل المثال قطر دولة صغيرة ولكنها متكافئة مع الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة،الكورد في العراق وإنْ يشكل ربع السكان الاّ أنه وبسسب الأرادة التأريخية النوعية العامة وبدون أي اعتبار للكمية فهو متكافيء مع الأغلبية العربية،لذا فمن الخطأ أنْ نقول أنّ الكورد هم القومية الثانية في سوريا،وإنّ أي عقد اجتماعي و سياسي للشراكة لايكون تحت الأرادة العامة فإنّه سيُبقي على العنصرية الى الأبد في سوريا)).
ولكن بخلاف رأي الدكتور سربست يعتقد السيد عدنان مفتي أنّه الحري بالكورد أنْ يواصل نضاله الى جانب المعارضة،لآنّ نصف السكان الكورد مقيمون في المناطق العربية وعليهم أنْ يلعبوا دورهم الآن والاّ كيف سيكون لهم الدورمستقبلاً،الفدرالية في هذا الجزء من كوردستان تحققت بفضل نضال القوى السياسية الكوردية ضد النظام كما كانت لها علاقات صداقة وودية مع المعارضة العراقية ، ولهذا نجد أنّ الكورد نال تأييد المعارضة عند كتابة الدستور العراقي..
ضبابية المشاهد
وأخيراً تحدث السيد نوزاد جمال عن دور الأعلام وشبكاته المتعددة التي تجعل العالم يرى الصور فقط من غير معرفة مايدور في حياة الذين يظهرون في تلك الصور،أي أنّ التفاصيل تضيع فيها ، الصور العامة تشير الى وجود ظالم و الشعب يقوم بمواجهته، وفي هذا الصدد قال:
((امثال تلك الصور كثيرة في الأعلام الكوردي،فهي توصف فقط المسائل و الأحداث،لذا نرى كثيراً ما يُثار هذا السؤال:الى أي حد تشكل الأنتقادات والأخبار تساؤلاً حول بناء مواقف محددة؟كيف نستطيع معرفة مايدور في سوريا بشكل واضح و صريح؟ماهي المشكلة الرئيسة و لماذا كل هذه المجازر و اراقة دماء الأبرياء وهل هذا نموذج للربيع العربي؟ماهي الدوافع و الحوافز وراء هذا النموذج من التحولات؟ماذا يحصّل الشعب الكوردي في سوريا من الربيع العربي و ماذا يكون مستقبلهم؟وهل يتجرأون بالقول عن أنّ ما يحدث في سوريا يتعلق قسم منه بتحرير جزء آخر من الوطن؟ المئات و الآلاف من الأسئلة لاتتحول الى صور لانجد لها أجوبة لدى المثقفين و الأعلاميين في الجنوب وهل هي من الجهل بالمسألة أم لايرغبون الحديث عنها وليست محل اهتمامهم؟
السيناريوات السورية
خلال موضوع السيد هيمن هورامي طُرحتْ ثلاثة سيناريوات لنتائج الأحداث في سوريا،الأول هو ازاحة بشار ونظامه، والثاني بقاؤهما،والثالث هو استمرار الحرب الداخلية في سوريا،واضاف في هذا الصدد قائلاً:
((إماّ أن يسيطر الأخوان المسلمون على السلطتين التنفيذية و التشريعية ويطغي عليهما الفكرالمذهبي وإماّ أنْ يكون الكورد و الأقليات و العلمانيون مسيطرين داخل العملية السياسية و تشكيل جبهة بينها لأدارة البلاد، واضعف السيناريو هو اخماد الأنتفاضة كما في ايران التي تمكنت من اخماد جميع الأنتفاضات، وذلك بدعم بشار من قبل روسيا و الصين و ايران،واذا مااستمرت الحرب الداخلية فإنّ سوريا تتجه نحو الفشل و تخسر حكومة المركز السلطة و تتشتت البلاد وتتفاقم حدة الحرب المذهبية وحينها تتفاعل مقومات الحرب القومية و تشتد الصراعات السياسية وتتحول أغلبها الى عوامل وتهدد أمن و استقرار اقليم كوردستان،لأنّ أمن الكورد في سوريا هي ضمن منظومة الأمن القومي الكوردي،يتأثران ايجاباً و سلباً،وبالنسبة لحماية المصالح من أي تهديد محلي أو خارجي،يجب أنْ تتحول القضية الكوردية الى معادلة صعبة في المنطقة،وتتحقق اللامركزية السياسية للكورد في سوريا،وتثبيتها فعلياً في الدستور، كما يترسخ أمن و استقرار اقليم كوردستان العراق وأنْ لايتعرض الى تهديد وخطرالفناء من أي جبهة غربية وقوة كوردية، وتتقدم الديمقراطية في الشرق الأوسط ، وهنا يتبادر الى الأذهان سؤال وهو: أي قوة و اجندة سياسية و اقليمية سوف يكون لها التأثير على الأقليم، الجواب هو العائق الأول اذا تسنم الأخوان السلطة فإنّ حرية الكورد في سوريا سوف تتعرض الى الخطر،واخطر العوائق هو تشتت الخطاب الكوردي وتحوله الى جزء من اجندة صراع لمعسكر الذي تتعرض له المنطقة،العائق الآخر هو مقاطعة حزب العمال الكوردستاني والحزب الأتحاد الديمقراطي عن الستراتيجية القومية للحركة التحررية الكوردية وتنفيذ جزء من سياسات ايران و استخدامها في افشال تجربة أقليم كوردستان و القوى السياسية الكوردية الأخرى في سوريا، وان سمات هذه المقاطعة واضحة والتي ادخلتْ الكورد في سورية في حرب داخلية،سواء بأرسال مفارز متحركة الى المدن أو بأغتيال كوادر الأحزاب الكوردية في سوريا أو بأهانة الشخصيات الكوردية المعروفة ))
Top