• Thursday, 02 May 2024
logo

ثورة أيلول بداية تأريخ لرفض الأحتلال والقهر

ثورة أيلول بداية تأريخ لرفض الأحتلال والقهر
يحتاج المرء الى قرون عديدة ليلم ببعض قوانين الطبيعة إلا أنه، بحاجة الى يوم واحد ليلم بالمهمات الملقاة على عاتقه إن فكر بحكمة .
فولتير



يتحدث البروفيسور(حنا أرندت) عن الثورة في كتابه (فوق الثورة) بقوله:
إن لم تكن الثورة تهدف الى الحرية فإنها لا تعتبر ثورة... ويتوقف أرندت أمام معنى فهم الثورة بقوله: إن الفهم المعاصر للثورة لهو في علاقة جدلية مع الفهم القائل : الثورة تعني أستئناف مسار التأريخ بصورة جديدة و مباغته، فهي قصة جديدة لم تدرك ولم تستجد في السابق وتظهر للعيان مع بداية الثورة.. وهي تلك الفكرة التي كانت مجهولة وخافية قبل ثورتي أمريكا وفرنسا العظيمتين في نهاية القرن ال(18) ولم تكن لأي من المشاركين فيها توقعاتهم بشأن الدراما الجديدة لما بعد الثورة ، أي لم يدركوا شيئا عما تؤولان اليه، إلا أن الثورة سوف تبدأ، بمجرد أندلاعها، بتحويل أتجاهها...

ثم يتحدث(كوندور سيه) عن الثورة بأقتضاب و يقول(تطبق كلمة الثورة فقط على الثورات الهادفة لتحقيق الحرية)، إلا أننا نتساءل عن تعريف الحرية لدى هذا المفكر؟ و يكتب(حنا أرندت) في كتابه المذكور حول الثورة الأمريكية التي يعتبرها الملحمة للثورة الفرنسية و يربط الهام الثورة الأمريكية بالفترة الثقافية لأوربا ..
يكتب عن الثورتين بالقول: هناك أعداد كبيرة من الدراسات والبحوث حول تأثيرات الثورة الأمريكية على الثورة الفرنسية وتأثير المفكرين الأوربيين، إبان العصر الثقافي على مسار الثورة الأمريكية وأعلن المجلس التأسيسي للثورة الفرنسية، على سبيل المثال لائحته لحقوق الأنسان والمشابهة لمثيلتها التي صيغت في فرجينيا في أعقاب الثورة الأمريكية.. ثم أن قادة هذه الثورة الذين يسمون (الآباء المؤسسين للجمهورية الجديدة) قد أعتبروا نظرية (مونتسكيو) لفصل السلطات أهم أبداع في الجمهورية الجديدة تلك). أي أن ما يتحدث عنه(آرندت) عن معنى الحرية و يربطه بتلك النظرية إنما يعني أن يكون هدف الثورة بناء نظام ليبرالي ديمقراطي و تنظيم الحريات في أطار سيادة القانون ما يعني بأختصار:
1-فصل الدين عن السياسة
2-فصل القانون عن السياسة

وهما نقطتان في غاية الأهمية و كما يقول فولتير(إن الأنسان يحتاج الى يوم واحد فقط)، من التفكير اللوجيكي) لفهم واجبات الأنسان وأهداف الثورة.. إلا أننا نتساءل هل تحقق هذا الفهم حتى الآن عبر العديد من السنين وليس في يوم واحد؟
ويبلغنا التأريخ بإن ذلك لم يتحقق، إلا أن مسار هذا التأريخ و بمجرد بدء الثورة سيتبين بصورة مباغته، وتغدو الثورة الأنقطاع الفاصل بين عصرين، ما يجعلنا نشعر، عند عودتنا للتأريخ، أن بدء الثورة الأمريكية يوزع و يقسم التأريخ الأمريكي الى مرحلتين، وهما المرحلة الأستعمارية و مرحلة تأسيس الجمهورية(الولايات)الأمريكية و كذلك الحال بالنسبة للثورة الفرنسية،(رغم الأنتقادات التي سادت عقب ثورة المفكرين فيما يخص أعمال العنف والشغب) ومع ذلك فإنها تعتبر بالنسبة للأنسانية جمعاء، إلا انقطاع أو الفصل بين مرحلتين من التأريخ الأنساني وهما أنهاء مرحلة سلطات الملكية و الكنسية و بداية بناء النظام الديمقراطي الليبرالي والتي يعتبرها(نهاية التأريخ ) أي بداية تحقيق الحرية وتكثيف المساعي لحمايتها.
إن هذا التوجه الفكري و رغم كونه نابعا من أصل ان الحرية تتحقق في ظل النظام المؤسساتي الليبرالي الديمقراطي وتتم المحافظة عليها أيضا إلا أن الحقيقة تقول أنه على مدى أكثر من قرنين ما بعد الثورتين الفرنسية والأمريكية ورغم أن المجتمع الغربي الليبرالي الديمقراطي قد مارس فيهما، نموذجا للنظام السياسي الذي لم تمارسه الأنسانية عبر التأريخ أفضل منه، إلا أنه و حين يشعر المرء، بإن الحرية لا تزال تتعرض للمخاطر على مستوى فهم الحرية والتمنيات لحماية الحرية و كرامة الأنسان، في ظل النظام الليبرالي الديمقراطي عندها يتوجب بذل تلك المخاطر.
أي أن هذه العودة الى خلفيات التأريخ والفهم الثوري توجهنا نحو حقيقة أنه عندما نتحدث عن أية ثورة و مساراتها يكون من الأهمية بمكان أن ننظر اليها وكأنها كانت حدثا يسائلنا عن الراهن.. ما يوجب أن تكون قراءتنا لها بكون الهدف من الثورة فقط إيرادها كحدث لا غير و ليس وفق رؤية مذهبية أو فكرية.. لذا فعندما نبتعد عن تكلما الوجهتين نرى أن القراءة الجديدة للثورة تحاول إيجاد(أستمارة بحث) للراهن و بصورة نظرية.. و يظهر هذا الراهن، في عودته للثورة، كحدث أو بداية لتأريخ جديد، يظهر ثانية و يكشف عن هدفه من تلك القراءة و يبحث بنظرة جديدة في معاني الثورة و قيمها وأسباب أندلاعها.. إن عودة الى هذه الخلفية أو الى جوهر الثورة تعني تجاوز مرحلة ما بعد الثورة وإعادة بناء المجتمع وتأسيس النظام المؤسساتي من أجل ضمان حماية الثورة و في مقدمتها حماية حماية الحرية، و بالتالي تعلمنا بإن العودة الى حقبة الثورة والتأريخ بصورة عامة والتحقيق من أسباب أندلاعها وقيمها ليست الغاية منها أن نعتبر مرحلة الثورة أقدس من هذه المرحلة أو أن نعتبر الراهن مخالفا لتلك المرحلة، بل أن الهدف منها هو لبناء تواصل متماسك بين الماضي والحاضر و نقول لأنفسنا وللأجيال القادمة بأننا قد تجاوزنا المرحلة الثورية ووضعنا رحالنا في مرحلة أخرى وهما حقبتان، رغم أختلاف تفاصليها لا ترفض أحداهما الأخرى، بل تكونان معاً الأمة والقومية عبر عجلة التأريخ و حتمية أستمرار تلك الفكرة التي أثارت الثورة و ذلك ضمانا لحماية الحرية في إطار بناء نظام مؤسساتي ديمقراطي و ليبرالي وعلى أسس من سيادة القانون، ما يدفعنا للقول: إذا كانت الثورتان الفرنسية والأمريكية هما نتاج معاصر فإن الضرورة تحتم أن يبنى العقل المعاصر توافقه مع المرحلة الجديدة للمجتمع الأنساني، وكما بنى هذا العقل تأريخا جديدا أواخر القرن الثامن عشر، فإن على تلك العقلية ذاتها، أي العقل الأنساني و ليس الغربي لوحده، أن تحقق الأستمرارية بذلك التأريخ الجديد وألا تسمح بظهور تأريخ آخر وتحت مسمى آخر.
(ثورة أيلول وأنقطاع بين مرحلتين من التأريخ).

ويربط(برنار كروتويزن) في كتابه( فلسفة الثورة الفرنسية) قيم تلك الثورة و معانيها مع بدايات عصر ال( )، أي أن الفكر الثقافي والتنويري ذاك والذي كان جوهر الثورة إنما يبدأ من (ديكارت) وصولا الى(مونتيسكو و روسو و فوليتر)
ما يبلغنا أن كل ثورة إنما هي نتاج فكر أو تفكير جديد لرفض واقع سابق ولا نقصد بذلك النظام السابق بل تقاليد أنظمة سابقة ضاربة في الأعماق منذ مئات السنين وأحدثت خلافات وعداءات بين بنى البشر وبالتالي قتلهم على أيدي أخوتهم، ما يؤيد الأشارة الواردة في كتاب(فلسفة الثورة الفرنسية)بإن تلك الثورة قد أنهت نظاما قديما وأعلنت عن ظهور نظام جديد، ذلك النظام القديم الذي ساد في العصور المظلمة في أوربا إبان القرون الوسطى ولأكثر من(1000) عام.... هنا، وإذا ما سيرنا ثورة ايلول و فلسفتها في أطار رفض واقع سابق، حيث كان ذلك من أولا أهدافها، فعندما نشعر أن ذلك الوقع يبدأ من معركة(جالديران) وأن الفكر الذي أثار الثورة من جديد هو نتاج أكثر من(400) عام من الزمن كما أن التفكير في الواقع السابق يعني أنهاء واقع الأضطهاد و بداية واقع الحريةوالأنعتاق ، وفي قولنا(رفض واقع ما بعد معركة جالديران) إنما اشارة ضمنية الى و جود و ظهور تلك الحقيقة في خصال القائد البارزاني مصطفى و تصرفاته و ناضل بجدارة و بصورة عملية من أجل محو ذلك الواقع في عموم أجزاء كوردستان بل پێشمەرگە و مقاتلا لرفضه والأهم من ذلك أن البارزاني القائد، قد أعلن بعد سقوط و نكسة جمهورية كوردستان الديمقراطية في مهاباد و لجوئه مع رفاقه الى الأتحاد السوفيتي السابق، أعلن برنامج جمهورية كوردستان الحرة حيث تظهر فيه كوردستان حرة و حتى قبل معركة جالديران، لذا فإن الحقيقة تقول إن التأريخ الجديد الذي بدأ منذ يوم 11 أيلول 1961 و بصورة مباغته و جديدة هو بداية ذلك الـتأريخ الذي يضعنا في مسار نخطوفيه نحو كوردستان حرة، و نجد عندها أن قادة الثورة عندما تبدأ ثورتهم لا يدركون أولا يتوقعون شكل وتفاصيل الدراما الجديدة ما بعد الثورة لذا فعندما نجري قراءة منصفة للثورة وبالأخص لثورة أيلول، كثورة أمة بأكملها إنما نجري قراءتنا لبداية ذك التأريخ الجديد الذي هو نتاج ذلك الفكر التنويري والثقافي لأجيال هذه الأرض المتعاقبة والذين كان جل أهدافهم هو أنهاء المرحلة السابقة و بدء عهد من الحرية و يربط ذلك بحد ذاته كسلسلة مترابطة أو نوع من التوافق والتوارد التأريخي لنضال الأمة، بين الحاضر و الماضي وعلى أختلاف وأسلوب النضالي لكل مرحلة، ولكن فصلا في حلقة داخل مسلسل واحد و ليس بفصل تلك الحلقة وأهمال تلك السلسلة التي بنت تأريخ أمة كاملة بالتضحية بأرواح أبنائها، لذا فإننا عندما نقرأ ثورة أيلول بأعتبارها حلقة من سلسلة ثورات أمة بكاملها وصمودها و مقاومتها فإننا نراها مستمرة منذ أيلول وحتى الآن، صحيح أن ثورات أخرى قد ظهرت بعد ثورة أيلول إلا أن المهم هو أعتبار الثورات التي سبقت ثورة أيلول أو أعقبتها سلسلة واحدة وجمعها كلها في نقطة واحدة وهي أن الهدف منها كان تحقيق الحرية وبناء كوردستان حرة فيها سنتعرض الى خطا تأريخي كبيرس لو قرأنا ثورة أيلول من منطلق حزبي مؤيد أو معاد لها فلو قرأناها من وجهة نظر الحزب الديمقراطي الكوردستاني فحسب، عندها نعجز عن أن نعطى الثورة وتلك السلسلة التأريخية التي تعتبر ثورة أيلول أحدى حلقاتها، حقها ويتخلص السبب في ذلك في :
1- صحيح أن من قاد ثورة أيلول كان البارزاني مصطفى ، وكان أيضا رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني(البارتي) الذي كان له هو الآخر دور رئيس في الثورة، إلا أن ما يحتم علينا الوقوف عنده هو عودة أو أستذكار ذلك الفكر والتوجه مرة أخرى حيث كان القائد ينظر الى البارتي كحزب سياسي و رآه وسيلة لتنظيم نضال الأمة و جمع كل القدرات والأمكانات لرفض الواقع السابق وبناء واقع جديد، ولم يكن الحزب والحزبية بالنسبة للبارزاني القائد ومعاداة بعضنا للبعض ورفض المقابل بل كان الهدف منه هو لضمان جمع والأعتراف بالأخر وجاء تأسيس البارتي وعلى هذا الأساس، بأعتباره خيمة تجمع المبادئ المختلفة، أي أن الحزب، و كنتاج لفكر البارزاني و نضاله، هو الأخر وسيلة لأقامة حلقة أخرى أي أننا عندما ننظر الى البارتي و ثورة أيلول وفق فكره و وجهته نجد أن البارتي هو وسيلة لأندلاع الثورة والتي هي ثورة أمة بعينها وليست ثورة طرف سياسي معين وهو الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
2- لو أمعنا النظر في أعوام ثورة أيلول وبالأخص أعوام(1961 – 1970) وتوقيع أتفاقية آذار بين قيادتها و بين الحكومة العراقية آنذاك لوجدنا أن الملمح الجديد أو الدراما الجديدة لواقع الثورة قد جعلت البارتي مجرد ممثل فيها ولو كان يؤدي الدور الرئيس، ولم يكن عموم بيشمةركة الثورة، القوة الحدركة للثورة من أجل الحرية والأنعتاق، ينتمون الى البارتي بل كانت أطراف سياسية أخرى مشاركة فيها ومنها الحزب الشيوعي العراقي وجمعية احياء الكورد(كازيك) وبتوجهات سياسية و تنظيمية مختلفة فضلا عن المستقلين من أبناء كوردستان ...
3- وهناك نقطة أخرى نتعلمها عند عودتنا الى فكر البارزاني ووجهات نظره للأحزاب وبالأخص للبارتي، وهي أن الحزب السياسي عندما يمثل أمة ما في مرحلة التحرر الوطني ما يعني عدم جواز التنافر وعدم الألتقاء بين الحزب السياسي، وأيا كان وبين الأحزاب الأخرى و ذلك في أطار المصلحة الوطنية والقومية العامة .
أو ألا يعتبر مشكلاتها وكأنها مشكلاته ولا يتعاون معها في أوقات الشدة .. وكانت تلك الخصلة تتجلى في تصرفات البارزاني كقائد كفئ وليس فقط كرئيس للحزب الديمقراطي الكوردستاني.
لقد كان و بيشمه ركة ناضل من أجل رفض الواقع قبل أن يكون رئيسا للبارتي، وكان بيشمةركة لأية ثورة تندلع في أي جزء من كوردستان من أجل رفض ذلك الواقع، و دون أن يحسب لوجهات نظرها أو موقعها أي حساب، هنا وعندما نتابع ذلك الماضي المجيد والقومي للبارزاني عندها نتمكن من التنويه الى أن الشيخ أحمد البارزاني عندما أرسل الملا مصطفى البارزاني لمساعدة الشيخ محمود الحفيد وثورته في السليمانية أو الى مساعدة الكورد في شمال كوردستان فإن البارزاني عندما ذهب الى السليمانية و حث الخطى نحو المرحلة القادمة من ثورة بارزان الثانية قد لاقى كل تعاون منهم وأبدوا له كل التسهيلات من أجل أندلاع تلك الثورة.. وعندما وجد البارزاني أن الثورة هذه تحتاج الى من يتزعمها فقد شكل لجنة بأسم(لجنة الحرية) وحين تأسست جمهورية كوردستان الديمقراطية في مهاباد فقد تولى البارزاني و بيشمه ركته حماية الجمهورية والدفاع عنها، ويبلغنا كل ذلك أن الحزب والثورة هما في فكر البارزاني و توجهاته و سيلة لتحقيق الحرية، غير أنه من المهم أيضا أن نقف على معاني الحرية وقيمها في فكر هذا القائد.
معاني و قيم الحرية في فكر البارزاني و توجهاته

إن الحرية تشمل في فكر البارزاني مصطفى جميع الحقوق السياسية والمدنية والأجتماعية وأكثر من ذلك أن الأمة الحرة في فكره، هي تلك الأمة التي تعترف بوجود مختلف القوميات والديانات، وسواء كانت تتعايش في أطار بلد واحد أم مجاورة لبعضها البعض. وأن تفعيل هذه الفكرة داخل المجتمع إنما يحتاج الى خطوات بعينها كان البارزاني قد خطا نحوها في مرحلة الثورة:
1- فصل الدين عن السياسة .
2- فصل السياسة عن القانون
ولو نظرنا الى تلكما النقطتين لشعرنا بفكر سياسي لذك القائد التأريخي وكيف قرأ واقع بلاده وكشف أهداف الثورة و ركزها في الحرية ولوجدنا من ناحية أخرى أن الملا مصطفى البارزاني كان مؤمنا بحتمية تحرر الكورد والكوردستانيين من نير المحتلين لكوردستان وأن تكون بلادهم حرة بعد ذلك وأن يشعر أهلها بالحرية، وهذا يشابه بالضبط تفكير الزعيم الأمريكي جورج واشنطن في حرية أمريكا وكيف أنه و سائر قادة الثورة الأمريكية وبالأخص (توماس جيفرسن) قد فكروا في وجوب أن تكون جمهوريتهم المستقلة جمهورية حرة، لذا فإن المفكر السياسي الألماني(حنا أردنت) قد وجد لائحة الحقوق التي أعلنت بعد أنتصار الثورة في فرجينيا مماثلة للائمة حقوق الأنسان التي أعلنت بعد الثورة الفرنسية وأكثر من ذلك فإنه يعتبر لائحة الحقوق في فرجينيا ملهماً للثورة الفرنسية وعليهم أن يصدروا هم أيضا لائحة بأسم حقوق الأنسان.. هنا و بالعودة الى تأريخ ثورة أيلول نرى أن الملا مصطفى البارزاني كان قد أعلن فيها وعلى مرحلتين ، ليس فقط لائحة الحقوق بل و شكل مجموعة من المؤسسات لحماية الحقوق والحريات وحتى مؤسسة لحماية البيئة و حقوق الحيوانات والأحياء، ما يعني أنه قد سعى، وعلى مرحلتين من أجل بناء المجتمع الحر أو يتبع الأساليب المناسبة لبنائه.
وكانت المرحلتان:
- مرحلة الثورة والحكم في المناطق المحررة
- مرحلة أتباع الأسلوب القانوني لأهداف الثورة و ينعكس ذلك بالأخص في أتفاقية آذار لعام 1970 وكانت جميع الحقوق والحريات في المناطق المحررة منظمة في المرحلة الأولى بقانون، وكالآتي:
1- أشار القاضي رؤوف رشيد الذي تولى في التشكيلة السادسة لحكومة أقليم كوردستان منصب وزير العدل في لقاء مع مجلة(كولان) صراحة بإنه قد عمل إبان ثورة أيلول، في مجال القضاء والمحاكم حيث كانت أمورها وشؤونها تسير وفق القانون ولم يتدخل أي مقر حزبي في شؤونها و هو ذات المسار الذي أمن الأستقرار في المناطق المحررة من زاخو الى خانقين.
2- لم يكن هناك أي مظهر للخلاف القومي أو الديني في تلك المناطق بل كان الجميع يعتبرون مواطنين كوردستانيين ما يبرر تولى مواطن كوردستاني مسيحي رئاسة المحكمة العليا للثورة وكانت كل الديانات و قبلها تكوينة قيادة الثورة و مؤسساتها والمواطنون من مسلمين وأيزديين و مسيحيين، يحظون بالأحترام والتقدير، وعلى مستوى القوميات كنت تجد أن المواطنين من كورد وآشوريين وتركمان يتعايشون معاً و يتبؤ الجميع مواقعهم في المؤسسات العامة وفق مؤهلاتهم و كفاءتهم وكان من الطبيعي جدا، ملاحظة التنوع الديني والقومي في قيادة الثورة والحزب وتشكيلات البيشمةركة وما تفتخر به حقبة ثورة ايلول أن هذا التنوع قد أنعكس في صفوف شهداء كوردستان وأن العشرات والمئات من شهداء أيلول الأبرار كانوا من الأخوة الأيزديين والمسيحيين والكلدان والآشوريين والتركمان وقد كان روح التعايش تلك وبالأخض مبدأ قبول الآخر قد حققه مبدأ المعايشة الأخوية.
3- أتخذت الخطوات المناسبة ولأول مرة خلال ثورة أيلول، لتأمين حقوق المرأة وتأسس أتحاد نساء كوردستان للدفاع عن حقوقها، فقد كن في ثورة أيلول يشعرن بالحرية، وكن ، مثل الشهيدة ليلى قاسم، على أستعداد دائم لصعود المشانق من أجل أنتصار الثورة أو أن يك (بيشمه ركة) جنبا الى جانب مع أخوتهن، في خنادق الشرف والدفاع عن ألأمة هذا الى جانب أن نساء كوردستان البطلات، كن، أسوة بالبيشمةركة الرجال وبالنسبة اليهم الزوجة و الأم والأخت وكن السند والمعين لهم في الأوقات العصيبة.
- وجاءت المرحلة الثانية أي مرحلة أتباع الأساس القانوني للحقوق، بمثابة الوصول الى أهداف المرحلة الأولى للثورة وكانت في تلك الحقبة المطالبة بحق الحكم الذاتي لكوردستان العراق في إطار أتفاقية آذار 1970، حيث كانت تلك الأتفاقية تأتي في إطار الدفاع عن حقوق شعب كوردستان إذا كان ينظر اليه كشعب متحد، كانت تراعي أيضا الأختلاف القومي والديني لمختلف المكونات الكوردستانية وتم تحديد حقوقها جميعا في إطار تلك الأتفاقية و ما تفتخر به ثورة أيلول وقادتها و رجالها حتى الآن، أن الحقوق التي حددها الدستور العراقي لعموم المواطنين الكوردستانيين و بجميع مكوناتهم هي ذات الحقوق التي سجلت في أتفاقية آذار 1970 ما يعني أستحالة إنعدام أي تواصل بين ثورة أيلول وبين الوقت الراهن أو فصله عن الماضي أو عدم أنطلاقنا جميعا نحو مستقبل مشرق وضاء.

أيلول للراهمن
يقول الفيلسوف الألماني المعاصر(أكسل هونيس):
لا يمكننا تطوير وعينا الذاتي مالم نعترف بالمقابل(إن الأشارة الى مقولة هذا الفيلسوف هي تركيز ذلك الوعي الوطني والقومي الذي كان يتمتع به كل فرد من هذا الوطن خلال ثورة أيلول وهو الأعتراف المتبادل وأحترام المقابل ، أي أننا لا نهدف من وراء قراءتنا هذه لثورة أيلول سرد تأريخ الثورة لقرائنا بل هو إيجاد أفضل السبل لقراءة الوقت الحاضر بروح حقه الثورة ووعيها ونخطو نحو المستقبل أي بمعنى آخر تجاوز هذه المرحلة والتقدم نحو أمام بتوافق ووئام مع أختلاف المرحلة والحقبة ما يكشف حقيقة وضعنا في المرحلة الراهنة والعودة والأساس الذي رسخه البارزاني مصطفى عند إنطلاق أول شرارة من ثورة بارزان لعام 1943 عندما أعترف بالشعب المقابل أي الشعب العربي وأبلغهم أنه يحارب الأنظمة التي تشوه وتدمر الأخوة بين الشعبين فهما أخوان.. وقد أوجد لنا أعتراف البارزاني القائد هذا بالشعب العربي العديد من الأصدقاء في الدول العربية وبأعداد الكبيرة وضمن احترام الكثيرين من العرب للثورة والنضال الثوري الكوردستاني، إما على المستوى المحلي فقد أوجد أعتراف البارزاني بالديانة والقومية المقابلة تعايشا ووئاما وأستقرارا مشهودا في صفوف الثورة و مناطقها المحررة كما أن أعتراف البارزاني بالأحزاب السياسية التي كانت موجودة في كوردستان قد أوجد وحدة صفوف رائعة تحت خيمة ثورة أيلول..
وكان لا يلغى ذلك الأعتراف بالمقابل حتى في حالة أرتكاب الأخطاء أزاء الثورة وكان أن حافظ على وحدة البيت الكوردستاني بالتسامح والأمان وهي أمور لا يعتبر التذكير بها مساندة لعموم الأطراف أو أنتقادا لها بل أن دروس ثورة أيلول وعبرها إنما تشكل تلك الأرادة الخيرة التي يمكن لكل الأطراف أن تعيد تنظيم نفسها وشؤونها على وفقها وتبدأ إعادة التنظيم هذه من الأعتراف بالمقابل وفق مستويات مختلفة يمكن تحديدها في بضع نقاط:
1- على جميع المؤسسات الدولية أحترام سلطات بعضها البعض وأن تخضع جميعها لسيادة القانون.
2- يجب الأعتراف بالأحزاب السياسية كبرت أم صغرت، وليس لأحد، بأستثناء شعب كوردستان تصنيف حجم الأحزاب السياسية وهو تصنيف تفرزة صناديق الأقتراع وعلى جميع الأحزاب أحترام ذلك .
3- على المستوىي الديني: يجب أحترام جميع الديانات و عدم التمييز فيها بينها.
4- على المستوى القومي: وقد أعترف الرئيس مسعود بارزاني، على غرار البارزاني الراحل، بإن القومية هي القومية صغرت أم كبرت أعدادها و يجب أن يكون مواطنو كوردستان متساوين في الحقوق وهو أساس يجب أستمراره والى جانب خصوصيات القوميات المتعايشة مع الكورد في كوردستان، الواجب هو أن يشمل هذا الأعتراف جميع التفاصيل، به حقوق المرأة يجب الأعتراف بها أسوة بحقوق الرجال في المجتمع وهي حقوق يجب حمايتها وفق القانون وإن كانت موجودة الآن وسارية و معترفا بها على مستوى أرفع المؤسسات في أقليم كوردستان.
Top