• Thursday, 02 May 2024
logo

التنمية الإنسانية أو البشرية و الإصلاح المؤسساتي

التنمية الإنسانية أو البشرية و الإصلاح المؤسساتي
ترجمة: دارا صديق نورجان


إذا ما كانت المؤسسات مهمة فان الأمر يحتم أن يكون البديل المؤسساتي مسألة سياسية حاسمة ...و لو أردنا استمرار التنمية و استقرار كامل الاقتصاد فإن ذلك يتطلب تعاون عميلة البديل المؤسساتي , ويجب أن تشمل بدايات هذا البديل التي تبدأ من اعتماد المؤسساتية في المؤسسات الرسمية أن تشمل و بسرعة أكبر ...والأكثر أهمية من ذلك هو أن الإصلاح الذي يجري داخل العمل المؤسساتي سيكون بمثابة ضمانة متساوية للجميع و بمن كانوا يقفون في طريق الإصلاح المؤسساتي و تحدث خيبة الأمل في إطار العمل المؤسساتي الحديث عادة عندما يشعر ناس أنهم خاسرون في مجمل العملية و أصبحوا عاطلين أو يعجزون عن العيش كما كانوا في السابق
عملية التنمية المستديمة و المستقرة إنما بحاجة إلى تحول جذري و توحيد التقاليد الاتباعية و القوانين الرسمية ووجود علاقات جيدة بين القوى المختلفة و تنظيم القيم المختلفة و مجاميع الضغط (اللوبيات) .إن عملية التحول المؤسساتي يضم ضمانين لعاملين أساسين و مهمين الأولى هي الانقطاع عن نهج وروتين العمل المؤسساتي السابق مع مقاومة و صمود العمل المؤسساتي الجديد إزاء تأثيرات المصالح المضروبة و المتضررة و التي كانت في السابق عائقا أمام الانتعاش الاقتصادي. والثانية يجب أن يكون ذلك التحول ضمانة لإعادة تقسيم الانتعاش و المنافع الاجتماعية للتنمية لأن يصار إلى معرفة سبل تحول المؤسسات وتنفيذ العمل المؤسساتي الذي أتى معه بالتنمية الاقتصادية و منها تحسين الحياة المعيشة للأفراد و دخلهم ,تغيير أنماط العيش ,تغيير الأساليب الدراسية و الصحية ,ما يؤكد حاجة التحول إلى الدور الفعال للحكومة و السياسة المؤسساتية لان ذلك سيكون الضمانة لتنمية اقتصادية مستديمة و مستقرة
باسكوالي دي مورو
حدد البروفيسور (باسكوالي دي مورو) أستاذ التنمية البشرية في جامعة روماتير(Roma ter) الايطالية في بحث بعنوان (دور المؤسسات في التنمية البشرية) نقطتين مهمتين لإنجاح هذه العملية و هما:
1-وجود حكومة فاعلة سيكون من شأن برنامجها إتباع سياسة مؤسساتية و يبدأ الإصلاح المؤسساتي في إطار عمل المؤسسات الرسمية
2-وجود استقرار سياسي لبناء التوازن بين المجموعات والقوى المختلفة و كذلك مجموعات الضغط (اللوبيات) ولو أمعنا النظر انطلاقا من هاتين النقطتين في برنامج عمل التشكيلة السابقة و الحالية لحكومة إقليم كردستان و على المستويين سنشعر بالفعل ونجد فيه النقطتين اللتين حددهما البروفسور باسكوالي شروطا للتنمية البشرية بصورة عامة لذا فعندما نتحدث عن الإصلاح المؤسساتي فإننا نعرض بذلك و بصورة مباشرة غايتنا في أن الهدف من الإصلاح المؤسساتي هم إيجاد انقطاع بين الأسلوب القديم للعمل المؤسساتي و الروتين البيروقراطي المتجاوز لحدوده و مصالح أشخاص في بقاء هذا الوضع كما هو و بين تغيير أسلوب إدارة المؤسسات إلى صيغ جديدة بعيدة عن الروتين البيروقراطي المتزايد و إطار العمل المؤسساتي الجديد صامدا إزاء تأثيرات الأشخاص الذين تتضرر مصالحهم جراء هذه الصيغة الجديدة و كانوا فيما مضى يعيقون التنمية الاقتصادية في الإقليم..
إن اهتمام هذا التقرير و تأكيده على التنمية البشرية لهو مسعى لتمييزها عن الانتعاش الاقتصادي ولا يكمن الهدف من ذلك التمييز في انتفاء تأثير و علاقة الانتعاش الاقتصادي بالتنمية البشرية أو أهمية احدهما أكثر من الآخر أي أن التنمية البشرية لا تنحصر فقط في زيادة آلية الإيرادات و الثروات في البلاد بل إنها عبارة عن العمر الطويل و الحياة الهانئة و المرفهة للمرء. وهذا يشمل في الواقع جميع مجلات الحياة منها: منح فرص متساوية لجميع الأفراد ,رفع المستوى الدراسي و التعليمي, زيادة الرعاية الصحية , رفع قدرات الأفراد عن طريق التدريس و التأهيل و رفع تلك القدرات و تفعيلها في إطار المؤسسات لضمان إدارتها بصورة منظمة .......الخ. ما يعني أن هذا التوجه يؤدي بنا إلى جميع المصالح العامة للمجتمع في نقطة واحدة و التأكيد على أن عملية التنمية البشرية تعرف ,كعملية, بأنها توسع مريات الانتخاب أمام الأفراد عن طرق رفع قدراتهم و تحديد واجباتهم في إطار العمل المؤسساتي.

"العلاقة بين المؤسسات و التنمية البشرية"
إن السعي لتحليل علاقة التنمية البشرية بالمؤسسات ليس بالعمل الهين بل هو مهمة صعبة و معقدة ويكمن تعقيد ذلك في أن فكرة التنمية البشرية هي متعددة الجوانب و تكمن مشكلتها في أن هذه التعددية تضم جملة مؤسسات مختلفة و الواجب وجود تعاون تام بين تلك المؤسسات طريقا لنجاح عملية التنمية البشرية . هنا لو وجهنا نظرة سريعة إلى برنامج عمل التشكيلة السابقة لحكومة الإقليم و حصره في إطار التنمية البشرية وربط نجاح هذه العملية بالإصلاح المؤسساتي وبناء علاقات متوازنة بين الأحزاب السياسية في السلطة و المعارضة و المنظمات المدنية ومجموعات الضغط ,فأننا نشعر أن حكومة الإقليم سوف تحتاج,كحكومة فاعلة, أن تصل بالمشاركة بالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية داخل المجتمع وتنسجم معها ما يهيئ الأرضية لهدف واحد و هو التنمية البشرية أي أن حكومة إقليم كوردستان سوف تسعى في هذه المرحلة إلى جمع عموم المؤسسات الرسمية و غير الرسمية ومختلف المجموعات و الأحزاب عند نقطة واحدة و هي التنمية البشرية , كما أن جميع المساعي التي تبذل لمعالجة المعضلات و الانتقادات ستزيح بشكل من الأشكال جملة من الإشكالات أمام عملية التنمية البشرية.
لذا إن كانت المؤسسات عبارة ,حسب آراء الاقتصاديين التقليديين,عن جملة من الأس والعادات الاجتماعية الفعالة و المنسجمة في الهيكل الاجتماعي للمجتمع,فإن الاقتصاديين المعاصرين ,وإلى جانب تأكيدهم على ضرورة أن تنسجم إدارة المؤسسات مع تقاليد المجتمع ,يؤكدون أيضا على إدارة المؤسسات بشكل تتمكن من تغيير قدرات الأفراد و إمكانيته و تصرفاتهم ,أو بمعنى آخر أن التوجه الصحيح لإدارة المؤسسات هو توفير فرص متساوية أمام الجميع, وأن تكون سببا في تحريك القدرات الخصبة للأفراد كشرط أساسي لتحريك تلك القدرات في إطار العمل المؤسساتي. وذلك لأننا عندما نكشف تلك القدرات الكامنة نشعر أن أمامنا عدة مجالات توفر جملة خيارات أمام الأفراد وهذا ما يحول إنسان بقدرات خفية وخامل إلى إنسان نشط ذو قدرات واضحة بالتالي ستغير نشاطات الأفراد و المجتمع إلى مجتمع نشيط ما يبرر أهمية المؤسسات بالنسبة للتنمية البشرية توافقا مع أهمية تشجيع المؤسسات لاكتشاف القدرات الخفية إلى قدرات اليوم الظاهرة و البارزة و إعادة التعاون بين القدرات الجديدة.و نقول من هذا المنطلق أن السياسة المؤسساتية التي تتبعها الحكومة في مؤسساتها الرسمية سيكون لها, أي جانب تأثيرها على المؤسسات غير الرسمية و بنشاط أكبر و على إعادة التوازن في العلاقات بين عموم القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني و المجموعات المختلفة داخل المجتمع . وستتوجه هذه السياسة في أحد محاورها و بصورة غير مباشرة و تكون في خدمة التنمية البشرية و الممارسة الديمقراطية و الحكم الرشيد ..لذا نجد أن أحد الأسباب غير المباشرة لنجاع عملية التنمية يتجسد في النقاط ذات العلاقة بالجانب السياسي لحياة المجتمع ...مثلا:
1-حرية التعبير: أي أن رؤية حكومة ترغب و تسعى لأن يكون لها دور فعال في العملية عليها أن تؤمن بحرية الرأي و التعبير.
2-استجواب و مساءلة الحكومة و الوزراء: وهذا يعني أيضا أنه عندما تكون الحكومة وسائر الوزارات مستعدة لمساءلتها و استجوابها أمام البرلمان و التي ستبث للمواطنين عادة , فإن ذلك يعني أنه فضلا عن أن هذه الخطوة تنشئ الثقة بين البرلمان و الحكومة ,إنما تشجع الناس لدخول العملية و المشاركة بها و نعلم أن مشاركة الناس في بناء السياسة العامة للبلاد إنما تعني مشاركتهم ليجدوا أنفسهم داخل العملية.
3-تنظيم التوازن في العلاقة بين القوى السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني و مجموعات الضغط بمعنى أن حطم البلاد سيكون عن الحاكم و المعارضة و نشاطات منظمات المجتمع المدني ومختلف مجموعات الضغط.
4-تأثير الإصلاح المؤسساتي للمؤسسات الرسمية على غير الرسمية أو مؤسسا ت القطاع الخاص ,وهي نقطة في غاية الأهمية بالنسبة لنشاطات الحكومة وفاعليتها في عملية التنمية البشرية . وذلك لأن الحكومة حين تبدأ الإصلاح المؤسساتي من المؤسسات ت الرسمية فإن ذلك يعني أنها إن كانت عاجزة عن التعامل مع المؤسسات الغير رسمية التي سبقت أن كانت عائقا أمام عملية التنمية البشرية ,فأنها لا تتمكن من التعامل مع شركة أو مؤسسة اقتصادية تحتكر السوق أو أن تكون شروطها لتشغل الشباب وبدلا من كشف قدراتهم الخصبة ,هو تعطيل قدراتهم العلنية و أن يجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بد أن يكونوا ضمن هيئات العمل.لذا فإن إصلاح المؤسسات الرسمية ينتقل مباشرة إلى إصلاح الغير رسمية منها و تضعها هي أيضا في مصافي أو خدمة التنمية البشرية..وتغدو شركات المجتمع و مؤسساته مصدرا لفرص متساوية أمام الجميع ما يوسع سبل الاختيار أمام الأفراد بصورة عامة.
5-رفع مستوى الدراسة و تأمين أرضية متساوية للدراسة أمام الجميع, فإن ذلك و إلى جانب رفع مستوى الوعي لدى المجتمع , إنما يوجه باستمرار الكوادر الوسطى والأقدم لجميع مجالات حياة المجتمع . وهذه النتائج التي تجري تحولات على جميع مجالات الحياة إنما يرفع جميع مستويات الحياة من حياتية إلى صحية
السؤال البارز هنا هو هل بإمكان أي من هذه المجالات النجاح بدون مؤسسات؟ الرد على السؤال يبين الفرق بين تقدم مختلف الدول وجوابا حول كيفية بناء المؤسسات وبدء الإصلاح المؤسساتي في الوقت المناسب.
"نوع وصيغ الحكم في عملية التنمية البشرية"
كانت بحوث المختصين و إلى ما قبل تسعينيات القرن الماضي فيما يتعلق بالحكم تدور حول نوع الحكم أي حول نوع الحكم (الحكم الديمقراطي والصيغة الاقتصادية الرأسمالية تضمن بناء مجتمع مرفه أي أن صيغة المجتمع الاشتراكي و اقتصاد الدولة هي التي تبني ذلك المجتمع المرفه)وانتهت تلك السجالات مع سقوط جدار برلين و اقتنع العالم بأن الاحتمال الأول أي أن الحكم الديمقراطي و صيغ الاقتصاد الرأسمالي الذي يسمى بالاقتصاد الحر,هو الذي يسير بالمجتمع نحو حياة هانئة ...ثم نلاحظ أن نوعا آخر من السجالات السياسية قد بدأ لاحقا ولابد لنا هنا أن نثير تساؤلنا باتجاه أي من صيغ الحكم الديمقراطي و أي من صيغ اقتصاد السوق تبني و تنتج الحكم الرشيد و الجواب على هذا السؤال الذي شغل معه عموم المنظمات الاقتصادية العالمية وأصبح في ذات الوقت برنامجا ذاتيا للأمم المتحدة مفاده أن دول العالم , و كما هي الآن متفقة على منع انتشار أسلحة الإبادة الجماعية و الأسلحة النووية ,إنما منشغلة الآن في ضمان اتفاق جميع الدول الأعضاء فيها بالمبادئ المحددة للحكم الرشيد ولا بد أن نتساءل أيضا مع وجود كل هذه المساعي وقرار أكثرية المجتمع الدولي بإتباع نظام ديمقراطي و تؤمن بالحكم الرشيد و تؤكد الأمم المتحدة عليها لماذا نرى أن نماذج الحكم الرشيد أقل من السيئ .إن الرد على هذا السؤال يتعلق بجانبين الأول :بقاء آثار حقبة القطبين و الحرب الباردة داخل ملفات الأمم المتحدة . والثاني هو التزام الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بتوقيعها على الاتفاقيات التي تبرمهالدولية.نا نرى ليس في هذا المجال بل في العديد من المجالات الأخرى مثل منع أسلحة القتل الجماعي ,الإبادة الجماعية ,التجارة بالإنسان ...الخ نرى أن عدداً ملحوظا من الدول تخرق تلك المبادئ و الاتفاقيات و تتنصل من الالتزامات الدولية .
إلا أن ما يهمنا هنا هو أنه توقف أمام صيغ الحكم أكثر من التوقف أمام الجوانب الأخرى و نرغب في التأكيد على أن مسألة صيغ الحكم بعد سقوط جدار برلين غدت أولوية المجتمع الدولي و المنظمات العالمية مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي و هي كلها تؤكد على التطوير و التنمية البشرية وأن صيغ الحكم المصدقة و المقبولة عندما تكون في خدمة التنمية البشرية تكون هي الحكم الرشيد وأن إدارة مجموع الحكم الرشيد هي الحكومة الفعالة في مجمل عملية الحكم وهي عملية إن لم تكن عملية صعبة بالنسبة للدول المتقدمة التي تكامل لديها نظامها المؤسساتي,فإن ذلك يقابله في مساعي الدول النامية إلى أخرى متقدمة كثرة المشكلات و المعضلات هنا بالإمكان التنويه إلى أن مثل هذا التحول هو ليس عبارة فقط عن زيادة الثروات و فعاليتها فقط بل أن التطور و التنمية هي ثروة حقيقة في صيغ الحياة و تحول من العلاقة بين الحكم والمعارضة و مختلف المجموعات و هذا و هذا التحول هو بحاجة إلى بناء المؤسسات و إصلاح المؤسسات الموجودة حالياً. إن السبب الرئيسي في الإصلاح الدائم في مؤسسات الدول النامية يعود إلى أن تلك المجتمعات هي في مرحلة تحولات شاملة و أن تكون المؤسسات بشكل تنسجم مع المرحلة الجديدة للمجتمع و هناك مسألة أخرى تشكل عوائق أمام الدول النامية هي المؤسسات ت الاقتصادية غير الرسمية التي تتعرض معها الحكومة إلى معضلات في محاولاتها الإصلاحية و ذلك عندما تحاول الحكومة تغيير المؤسسات الرسمية بل إن أصحاب تلك المؤسسات غير الرسمية و دفاعا عن مصالحهم الخاصة الوقوف في وجه الإصلاح المؤسساتي ما يتسبب في تغيير خطوات الحكومة أو منعها ما يبرر أن يغدو وجود سياسة مؤسساتية و حكمة فعالة في هذه الحالة ضروريا لتفضيل ثقافة التحول وتسريع عملية التنمية .وإن تداول المؤسسات و إصلاحها لهو مهمة صعبة و يتفهم ذلك الاقتصاديون العاملون في هذا المجال. ما يدفعهم كثيرا لحصر العملية في إطار مجموع النظام الديمقراطي كحق مشاركة و مسؤولية ديمقراطية و حق الملكية الخاصة بدل تداول الجانب الاقتصادالدولة.ح المؤسساتي بشكل مباشر و هنا فقد نشر البنك الدولي عام 1996 و بشكل منظم مؤشرات الحكم وأكد في ذلك على المؤسسات ت السياسية و غير الرسمية و قد استخدم الكثير من الباحثين هذه المؤشرات و تبين لهم فيما بعد أن حق التعبير وفعالية الحكومة و الاستقرار السياسي هي عوامل مهمة لأداء التنمية البشرية...إن هذه النقطة تبين ضعف المؤسسات الاقتصادية و يعظم شأن من يضعون مصالحهم فوق مصالح المجتمع في حال عدم وجود حكومة فاعلة أو استقرار سياسي في الدولة ...ما دفع بالبنك الدولي لأن يرى أن تنظيم العلاقة و الفاعلية و بصورة صحيحة بين المؤسسات وبين الانتعاش الاقتصادي فأن المؤسسة السليمة ستكون سببا مناسبا لجمع وفرض الإيرادات على منتجي الانتعاش الاقتصادي و يلاحظ بوضوح التنمية البشرية
"حكومة إقليم كوردستان و التنمية البشرية"
إن عملية التنمية البشرية لا تعني عملية الانتعاش الاقتصادي المتسارع إلا أنه يمكن جعلها سببا لعملية التنمية البشرية.أي بمعنى آخر أن تصبح عملية الانتعاش السريع سببا لكشف القدرات الخفية للفرد و غير الفرد العاطل إلى آخر نشط...إن هذه العملية تختلف من الناحية النظرية ,عن الخطوات العملية التي تتخذ لإنجاح هذه العملية المهمة .فقد أشار أحد البالتقدم منأن الحالة التي شهدتها (بتسوانا)في تسعينيات القرن الماضي وهي ضمن العديد من الدول التي قطعت أشواطا بعيدة في عملية الانتعاش الاقتصادي, و التي عجزت عن تخطي ذات المستويات في مجال التنمية البشرية ,ويعتقد هذا الباحث أن عدم وصول (بتسوانا)من ناحية الرعاية الصحية مستوى تضمن فيه زيادة معدلات أعمار الأفراد أي أن ذلك البلد لم تبلغ فيه مستويات الرعاية الصحية مستوى التقدم و الانتعاش الاقتصادي المتسارع فيه. كما أن هناك بعض التقدم من الناحية الدراسية (مثلا في بعض لدول مثل كوبا ) دون وجود أي تقدم على مستوى دخل الفرد و نظم الحياة . وهذا يصح أيضا في بعض دول شرق آسيا وذلك بسبب تأخر ما يتعلق بحرية التعبير و المسؤولية الديمقراطية مقابل تقدم مناحي الحياة العديدة مثل التعليم و الصحة و مستويات المعيشة حيث نجد فيها تقدم التنمية البشرية . وإذا ما عهدنا في هذا الإطار إلى إجراء مقارنة منصفة ضمن تجارب جميع العالم الثالث , بين التجربة الديمقراطية لإقليم كوردستان و جميع التجارب الناجحة في عمليات التنمية لوجدنا في التجربة الكوردستانية أن عملية التنمية فيها حيث تخطو التشكيلة الحكومية السابقة إلى تحسينها و تحديثها ,تكتسب نوعا جيدا من الإختلاف و هو انعكاس للخصال و خصوصيات شعب كوردستان و حركته التحررية...ولا نقصد من هذه الخصوصية إجراء أية مقارنة بين إقليم كوردستان وبين تجارب بعض دول القطاع أو المعسكر الشيوعي مثل هنغاريا أو سلوفاكيا و جمهورية التشيك أو بولندا أو دول البلطيق اللاتي أصبحن في فترة قصيرة أعضاء في الاتحاد الأوربي لأن تلك الدول كانت في السابق تمتلك تجربة ليبرالية و بنى تحتية مؤسساتية ...لذا فإن مقارنتنا ستكون مع دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا و شرق آسيا التي بدأت من الصفر ..ولم تتمكن أي من تلك الدول اعتبارا من اليابان إلى البرازيل من أتربط بين عملية التنمية والعملية الديمقراطية حتى أن الأمريكيين أنفسهم وهم الذين كتبوا دستور اليابان و أشرفوا على إعادة بناء كوريا الجنوبية لم يكونوا مستعدين منذ البداية و حتى التسعينيات أن يضحوا بالاستقرار السياسي والاقتصادي من أجل الديمقراطية السياسية ...مماأوجد موقعا مميزا لتجربة إقليم كوردستان ضمن تجارب التنمية و التعامل معها وفق هذا التمييزو هي ذات الخصوصية و الاختلاف التي بدأت مع التشكيلة الخامسة لحكومة إقليم كوردستان قد أوجدت انتعاشا اقتصاديا متسارعا في الإقليم . وهيأت أرضية مناسبة لحث الخطى نحو تنمية بشرية سليمة إلا أن خطوة التشكيلة الخامسة هذه قد تزامنت مع ظهور الأزمة الاقتصادية على مستوى الدول الغربية و الولايات المتحدة و تحولات الدول العربية و تأثيراتها على أوضاع الإقليم و عدم الاستقرار السياسي و لحكومي و الأمني في العراق ما جعل الانتعاش الاقتصادي يشهد نوعا من التباطؤ من جهة و عدم التمكن من تهيئة الأرضية المناسبة لتنشيط القدرات فيه هذا مع استمرار عملية تطوير القدرات إلا أن هذا الحديث يؤطد على تنشيط القدرات و في جميع المجالات على المستوى الداخلي . إلا أن نيجرفان بارزاني و مع بداية تأليفه للتشكيلة الحكومية السابقة قد استأنف ثانية مسألة تهيئة الأرضية لاستئناف التنمية المتسارعة و البدء بعملية التنمية البشرية و قد بدأت هذه العملية التي طرحت نفسها في الواقع في إطار البرنامج الاصلاحي ,بدأت بالاصلاح المؤسساتي ليتجاوز بذلك الأسلوب القديم في إارة المؤسسات و الروتين البيروقراطي المتزايد عن اللزوم نحو مرحلة جديدة تلبي فيها المؤسسات الرسمية تطلعات و طموحات المواطنين أو بمعنى آخر يتوافق مع القيم الاجتماعية الراهنة . وتبدأ الخطوة الأولى من هذا التوافق من مافحة الفساد و معاداته و تغدو هذه العملية متعددة و تسير في إطار برنامج حكومة فعالة لإدارة المؤسسات بأسلوب جديد , ذلك العامل الذي قال عنه د.علي قرداغي في إحدى مقابلاته مع مجلة (كولان) يشعر فيه أن لحكومة إقليم كوردستان برامجها لجميع مناحي الحياة و تسعى لحث الخطى نحو الأمام ما يعني أن البرنامج متعدد التوجهات هذا هو في أساس برنامج للتنمية البشرية و تعمل فيه حكومة الإقليم اجراء و إحداث تحولات و بشكل عملي في جميع المجالات (الدراسة و الصحة و مقاييس الحياة و مستويات دخل الفرد ...الخ) ما يعني أن عملية التنمية بصورة عامةو عملية الانتعاش الاقتصادي و التي نعيشها اليوم في الإقليم ستكون جزءا من عملية التنمية البشرية و أن تتقدم جميع أسس حياة المجتمع معا نحو العمل على بروز مظاهر إحدى دول العالم الأول في دولة من العالم الثالث.
Top