• Friday, 03 May 2024
logo

ما هي اوجه التشابه بين الأسد و ميلوسوفيج في ارتكاب الجرائم وابادة الشعب ؟

ما هي اوجه التشابه بين الأسد و ميلوسوفيج في ارتكاب الجرائم وابادة الشعب ؟
ترجمة/ بهاءالدين جلال


في اللحظات الأولى من انطلاقة الأنتفاضات السورية كان معظم المراقبين يعتقدون أنّ بشار الأسد يترك السلطة مبكراً قبل أنْ تتحول البلاد الى مذابح، والأهم من ذلك هو أنّ التوقعات كانت تشير الى أنْه في حال عدم تنحي بشار الأسد عن السلطة فإنّ المجتمع الدولي لن يسمح بظهور ميلوسوفيج آخر ليحوّل بلد الى بحيرة من الدماء،وللأسف كانت كل التوقعات عكسية،حيث أنّه لن يقلد الأسد ميلوسوفيج بل ما يفعله بأبناء الشعب السوري لم يفعله ميلوسوفيج ابداَ بيوغسلافيا السابقة وبشعب كوسوفو،وفي المقابل كانت التوقعات تشير الى قيام المجتمع الدولي بالتدخل كما فعله في كوسوفو و صربيا حيث وضع حداً لميلوسوفيج،ولكن مرت قرابة سنتين ويتصرف الأسد تصرفاَ أسوء من ميلوسوفيج ولايبدو في الأفق أية بارقة أمل لقيام قوات الناتو و المجتمع االدولي بأتخاذ موقف معين ازاء سوريا،حتى أنّ القتال الذي دار
في حلب في الأيام القليلة الماضية بين المسلحين وجيش الأسد و اشتعال الحرائق في معظم احياء المدينة و ترك العشرات من جثث الضحايا في الشوارع والأزقات الاّ أنّ المجتمع الدولي لايزال صامتاَ و حتى وصل الأمر الى تصريح وزير الدفاع الأمريكي الذي ادلى به و فحواه أنّ نظام الأسد يقوم بتغيير أماكن وجود اسلحته الكيميائية،وهذا يعني أنّ الأسد اذا ما وصل الى وضع سيء فأنه سوف يُقدم على استخدام تلك الأسلحة،خاصةاذا امتد القتال الى دمشق العاصمة وشكّل خطراً على النظام.
جيش الأسد لايزال أقوى من الجيش الحر
الفرق بين النظام البعثي للأسد وبين نظام البعث الصدامي هو أنَ الأخير كان نظاماَ من الأقلية السنية في حين أنّ نظام البعث للأسد هو من الأقلية العلوية وهي جزء من المذهب الشيعي، لذا فإنّ هناك تشابه بين النظامين من حيث تشكيلات الجيش والأمن والمخابرات وقد تم تدريبها بحيث ارتبط مصيرها بمصير النظام،لذا فمن الأهمية بمكان أنْ نتوقف عند القراءة للتشكيلات العسكرية والأمنية والمخابراتية للنظام السوري ومستواها القمعية التي يستخدمها النظام حالياً ضد ابناء الشعب السوري،كما لو قارننا بين المعارضتين السورية و العراقية قبل سقوط النظام،نجد أنّ مستوى المعارضة السورية ليس احسن من مستوى المعارضة العراقية قبل سقوط نظام صدام حسين،وكيف أنَ المعارضة العراقية لم تكن قادرة على اسقاط النظام البعثي في العراق كذلك المعارضة السورية ليس بمقدورها اسقاط نظام الأسد بتشكيلتها الحالية،واذا ما تم اخراج الكورد من اطار المعارضة السورية عندها تصبح قراءة الكورد في سوريا الى مجموع المعادلة كقراءة القيادة السياسية لأقليم كوردستان قبل سقوط النظام و عدم مشاركتهم في اجيندا أي جبهة معارضة حتى يتم تحديد حقوقهم،والحالة ذاتها حيث قامت القيادة في اقليم كوردستان قبل سقوط النظام السابق في العراق بتحديد حقوق الكورد و فرضها على المعارضة ،ولكنها اذا ماتمكنت من السيطرةعلى الأوضاع فإنها تتراجع و حتى أنها تحاول اعادة السيطرة على اقليم كوردستان واحتلاله،وفي هذا الأطار فأن سقوط نظام السوري بدون تشكيل تحالف دولي سواء تحت مظلة الأمم المتحدة أوالحلف الأطلسي أو تحالف اختياري بقيادة الولايات المتحدة أو فرنسا ليس بالأمر الهين،وحول هذا الموضوع سألنا البروفيسور رينود ليندرس استاذ العلاقات الدولية و سياسات الشرق اوسطية في جامعة امستردام،الى أي مدى يكون سقوط نظام الأسد في الظروف الحالية أمراَ ممكناَ؟حيث كانت اجابته عن السؤال:قبل كل شىء انا لست مع الرأي القائل أنّ النظام السوري بقيادة بشار الأسد آيل للسقوط، صحيح أنه فقد السيطرة على عدة مناطق ولم تبق له الشرعية في الحكم،الاّ أنه لايزال متحديا للبقاء و من المبكر أنْ نتوقع ما سيحدث بعد سقوطه، ومن الأفضل الأنتظار لحين انتهاء الوضع الراهن حيث اشتداد المواجهات اليومية بين قوات النظام و المعارضة،اما بشأن المجتمع الدولي و خاصة القوات الغربية،اعتقد أنه شيء واضح ، فالدول الغربية ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الأوروبية لاترغب في اي تدخل من اجل التغيير او اسقاط النظام، لقد قامت تلك الدول في البداية بفرض العقوبات الأقتصادية والحصار على سوريا و ابدت الى حدما تأييدها الى المعارضة السورية، ولكن ليس في مستوى التدخل حتى انني اشكك في نية واشنطن لأسقاط النظام السوري،وسبب ذلك يعود الى أنّ نتائج الملف السوري غير واضحة حيث من المتوقع أنْ يكون لها تداعيات على عموم المنطقة، يمكن أنْ اكون متشائماً في طروحاتي هذه، ولكن لن أجد أي بادرة من الغرب حول دعمه للمعارضة السورية من اجل اسقاط النظام.
إنّ الحديث حول سقوط النظام أوعدمه في هذه المرحلة،لايغيّر من المسألة شيئاً حيث أن السقوط بات امراً حتمياً و المسألة مجرد وقت ليس الاّ،ولكن المهم هنا هوعدم اطالة امد السقوط كما لاحظنا في حال نظام صدام حسين الذي استمر الوضع لأكثر من 12 سنة حتى وصل الأمر الى قيام الولايات المتحدةالأمريكية بقيادة تحالف اختياري بمفردها،ومن هذا السياق لاحظنا كيف أنّ الشعب العراقي ذاق المر حتى سقط النظام البعثي في العراق، وحول التغييرات التي من المحتمل حدوثها بعد سقوط نظام الأسد قال البروفسور رينود ليندرسن : (( على أية حال لوفرضنا أنّ النظام السوري سوف يسقط،فإنّ هذه الحالة يكون لها تأثير كبيراولاً على ايران،وانها تتراجع كثيراً بعد سقوط النظام السوري،حيث انهما حليفتين منذ عشرات السنين وقداعلن المسؤولون الأيرانيون أنهم يدعمون نظام الأسد ،ولنفس السبب اعتقد أنّ سقوط نظام السوري يخدم مصالح السعودية،و يغيّر المعادلة حتى في العراق،لأنكم تعلمون جيداَ أنّ رئيس الوزراء العراقي ينفّذ السياسة الخارجية الأيرانية و يدعم النظام السوري،من جهةاخرى سيكون لسقوط النظام في سوريا تأثير كبير على لبنان بسبب التحالف الموجود بين حزب الله و النظام،وبما تشكل سوريا من بوابة لوجستية لأيصال التموين الى حزب الله وبسقوط النظام تتعرض مصالح هذا الحزب الى خطر،ومن الممكن أن تستغل الولايات المتحدة و اوروبا سقوط نظام الأسد لتجميد حزب الله أوتجريده من الأسلحة،وهذا بالتالي يؤدي الى قيامه(حزب الله)برد فعل مبكر و شن حرب ليقطع الطريق امام الجميع من اجل الحفاظ على ترسانة اسلحته،وبأختصارفمن المتوقع حدوث تغييرات في المنطقة بسبب وجود سياسات اقليمية مختلفة،وسقوط النظام السوري تعيد المنطقة الى ماقبل عشر سنوات من الآن و تغيّر المعادلة و ظهور قوى جديدة فيها)).
المعادلة السياسية للمنطقة بعد سقوط نظام الأسد
لو قمنا بأثارة سؤال من عنوان هذ التقرير،وهو هل ماحدث بعد سقوط ميلوسوفيج في البلقان يحدث مثله في الشرق الأوسط بعد سقوط الأسد؟ هذه المقارنة اذا قادتنا في الظاهر الى التشابه الكبير بين تصرفات كل من الأسد وميلوسوفيج فهذا لايعني أنّ التغييرات التي حصلت في البلقان بعد ميلوسوفيج تتكرر بعد رحيل الأسد، مع أنّ التوقعات الى حد كبير بالنسبة الى الكورد هي شبيهة بكوسوفو،وكيف أنّ الأخيرة نالت استقلالها واصبحت دولة ،قد يجوزأنّ تأتي ظروف معينة تخطو فيها كوردستان نحو تشكيل دولة مستقلة بعد سقوط الأسد، ومن جهة اخرى لوتحدثنا على المستوى الديمقراطي وبديل النظام بعد الأسد،ينبغي أنّ نتوقف على نقطة مهمة وهي أنّه لطالما لم تستطع المعارضة من اتخاذ خطوة دبلوماسية على صعيد توحيد صفوفها بشكل جيد لذا فإنّ هناك الكثير من المخاطر على هذه النقطة وعلى من سيحل محل النظام الحالي، سيما اذا تسلم طرف اسلامي سياسي مقاليد السلطة في سوريا ولم يراع حقوق القوميات والديانات و المذاهب الأخرى في البلاد ويجرها الى حرب اهلية وحينه سوف تواجه سوريا المخاطر التي لم تواجه صربيا بعد سقوط نظام ميلوسوفيج،وحول هذه المخاطر سألنا الصحفي وعضوالمكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي مفيد الجزائري حيث أكد ل(كولان) قائلاً: ((اذا اخذنا تأثيراتها على العراق، فبلا شك أنّ العراق و سوريا دولتان جارتان وتربطهما علاقات مشتركة، لذا فهو من الطبيعي اذا ما حدث أمر في دولة من الدولتين حتماً ستتأثر بها الدولة الآخرى،والنقطة المهمة في تأثير تلك التغييرات تكمن في منْ سيأتي بعد الأسد، نحن نؤيد بأستمرار حق الشعب السوري في تغيير نظام حكمه،ولكن بالطرق السلمية، والشعب السوري له حق مشروع في اختيار نظامه بالوسائل الديمقراطية،كما نرفض كل انواع التدخل في شؤون سوريا وتسليح الأطراف لأنّ ذلك سوف يؤدي بالنتيجة الى اندلاع حرب اهلية مدمرة و وصول نظام الى السلطة دون رغبة وتطلعات الشعب السوري بدون مراعاة الأسس الديمقراطية،وقيام هذا النظام بفرض ارادته بالقوة والسلاح،من جهة اخرى هناك مخاطر من تزايد نفوذ القاعدة و المنظمات الأرهابية الأخرى، لذا فإنّ تزويد الأطراف بالأسلحة والتدخل ليس في صالح تشكيل نظام ديمقراطي ومدني يضم غالبية القوى السياسية وعموم ابناءالشعب السوري، كما أنّ للملف السوري تداعيات خطيرة على معظم دول المنطقة، فهي تختلف عن سائر الملفات الأخرى المتعلقة بالربيع العربي، بسبب وجود ثلاث مسائل مهة جداَ في الملف السوري،الأولى: مفهوم توازن القوى الذي خسرناه منذ عم 1991،وكما تعرفون استمرت الحرب الباردة بين السوفييت و الولايات المتحدة من سنة 1945 و حتى 1991،ولكن بعد عام 1991 وانهيار الأتحاد السوفيتي، تحولت امريكا الى القوة العظمى الوحيدة في ادارة العالم،وتحاول اليوم مرة اخرى لعب دور السوفيتي السابق و اعادة بناء التوازن،لذا نجد أنّ هناك توجهات مختلفة بشأن الملف السوري منها تزويد النظام بالأسلحة و في المقابل تسليح المعارضة و دعمها من كل النواحي، المسألة الثانية: رسم خارطة الشرق الأوسط الجديدة لتنسجم مع أمن اسرائيل،ولكن الأخطر من كل هذه المسائل هي مسألة الهلال الشيعي و السني،مع وجود بعض الدول التي تمهد لأندلاع حرب طائفية، لذا اعتقد أنّ الدول سوف تتأثر بهذه المسألة، منها العراق و ايران و لبنان و تركيا و الأردن،وبشأن الموقف الرسمي للحكومة العراقية اعتقد انّ عليها التعامل مع الملف السوري بحكمة و عقلانية،وفي هذه المرحلة أرى أنّ ايام بقاء الأسد في السلطة باتت معدودة،ولكن حين قضاء هذه الفترة فإنّ انهاراَ من الدماء سوف تراق،لذا اعتقد أنّه من الضروري التعامل مع هذه المسألة بحكمة ودراية،وهنا اذا سألنا ما سوف تؤول اليه الأوضاع بعد سقوط نظام الأسد؟ فاني متأكد أنّ الأنظارسوف تتحول نحوايران بعد سقوط النظام السوري،لعدة اسباب منها انتهاء التحالف الثلاثي بين ايران و حزب الله و سوريا، وسوريا تشكّل الخط الدفاعي الأول،ولهذا اعتقد أنّ الأدارة الأمريكية و دول الأتحاد الأوروبي سوف تحاول اضعاف البنية الداخلية الأيرانية عن طريق المعارضة الأيرانية،هناك احتمال للضربات الأسرائيلية- الأمريكية،و بالتالي الحاق الأضرار بعموم المنطقة، وبالنسبة الى العراق بما أنّ المواطنين يستطيعون تغيير السلطة بالأسلوب الديمقراطي لذا فإنه لايتأثر بها كثيراً، أما تركيا رغم انها تعتبر نفسها دولة ديمقراطية ولكنها غير ديمقراطية بحق الشعب الكوردي ،لذا من المحتمل أنْ تواجه مشكلات كبيرة،و بالنسبة الى الكورد في عموم المنطقة أرى أنهم يحاولون بشتى الوسائل نيل حقوقهم وحرياتهم المشروعة اسوة بسائر الشعوب الأخرى في المنطقة،واخيراَ سوف تكون لتك التغييرات تبعيات وتداعيات كبيرة على عموم القوى والدول في المنطقة)).
Top