طارق كاريزي
الروائي الكوردستاني عمر سيد اختط لسرده مسارا خاصا. عبر اربع روايات له صدرت خلال السنين الاخيرة، تجاوز هذا الكاتب من حيث الفحوى ومادة السرد جغرافية الهم الكوردستاني والوسط الاجتماعي لهذه البيئة، ليوسع من مداه السردي ليشمل بلد لم يعرف الاستقرار منذ تأسيسه قبل قرن من الآن.
المعاناة العراقية بكل تفاصيلها المسهبة والمتشعبة هي الثيّمة الرئيسة لروايته الاخيرة (فوضى السين ومجالس المآتم) التي صدرت باللغة الكوردية، حيث غاص في خضم المعاناة العراقية عميقا ليستعرض تقلبات دراماتيكية مذهلة عصفت بالكيان الاجتماعي العراقي وهزّته بقوّة من الاعماق. ومصدر التقلبات مغامرات لا تنتهي ابطالها (س) من الاشخاص.
كركوك هي محطة ومركز احداث الرواية، هذه المدينة الكوردستانية التي تقدم نموذجا للتنوع الاجتماعي العراقي كانت الساحة التي شهدت احداث الرواية وتشابكاتها. وضمن فعاليات امسيات الاربعاء اقامت مكتبة كاريز امسية خاصة بالروائي عمر سيد وروايته الاخيرة (فوضى السين ومجالس المآتم)، حيث قدم كل من الناقد علي شيخ عمر والكاتب الصحافي طارق كاريزي قراءة نقدية وعرض اولي عن الرواية، بعدها تحدث عمر سيد عن مبررات ولادة النص بمضمونه وشكله السردي الذي ظهر.
واكد كاتب الرواية على اهمية التركيز على شحذ الذاكرة الجمعية للأجيال في ظل فقدان ونسيان كم واسع من الاحداث التي تعصف بالبلد ومواطنيه وترسم بقسوة بالغة ملامح حياتهم بما فيها من تقلبات دراماتيكية تعجز الاجيال التالية ملامسة حيثياته التي باتت مع مرور الايام اشبه بالسراب. وهذا يجعل الروائي امام مهمة توثيق جمالية ابداعية ترتقي بنصه السردي الى مصاف الشاهد على التاريخ واحداثه المأساوية في بلد لم يذق سكانه طعم الاستقرار والطمأنينة منذ تأسيسه، وكأنه احاطت به تعويذة شرّ مصدرها العفاريت الخفية.
قال عمر سيد في معرض رده على مداخلة حول روايته الاخيرة، بأن نصه تعامل مع واقع عاشت الاجيال السابقة تفاصيله المحبطة ودوامته القاتلة. وانتقد عدم مجاراة الروائيين وكتاب السرد الادبي في كوردستان لكم الاحداث التي مرّت بشعب كوردستان.
من المهم الاشارة الى ان رواية (فوضي السين ومجالس المآتم) تستعرض طيف واسع من الاحداث التي عصفت بالعراق منذ بداية ستينيات القرن الماضي ولم تنتهي حتى الآن.