• Thursday, 28 March 2024
logo

14 آذار .. ذكرى ولادة مصطفى بارزاني: القائد التاريخي الذي اقترن اسمه بقضية شعبه

14 آذار .. ذكرى ولادة مصطفى بارزاني: القائد التاريخي الذي اقترن اسمه بقضية شعبه
يصادف اليوم، الرابع عشر من مارس / آذار، ذكرى ولادة القائد الكوردي التاريخي الخالد مصطفى بارزاني، الذي اقترن اسمه بقضية شعبه، وكرس كل سنين حياته لخدمة شعبه والدفاع عن حقوقه المشروعة، ولم يتوانى يوما عن تقديم اكبر التضحيات في سبيل الكورد كوردستان.

البارزاني هو قدر الأمة الكوردية، هكذا يصف المفكر مسعود محمد وجود البارزاني في تاريخ الأمة الكوردية، فبعد مرور أكثر من قرن على ميلاد الزعيم الكبير و42 عاماً على رحيله، وما زال حاضرا بيننا بنهجه وإنجازاته والأحداث التاريخية في حركة التحرر القومي الكوردي التي ارتبطت بشخصه، والبارزاني الذي قاد الحركة التحررية الكوردية لعقود، هو صاحب مقولة: «إن الثورة والحرب ضد الحكومات لا يعني الحرب ضد شعوبها لأن الحكومات تذهب والشعوب باقية».

قاد هذا القائد التاريخي الحركة التحررية الكوردية في ظروف ما كان لغيره ان يتجاوزها بحكمة وبصيرة وشجاعة نادرة ميزته عن غيره من الزعماء الذين قادوا نضال شعوبهم.

لم يستسلم يوماً، كما لم يساوم على قضية شعبه، ولم يعرف اليأس خلال نضاله أبداً، كان وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء رجلا صلباً لايلين أمام أعدائه، ذو شخصية فذة، يترك أثراً في نفس أي شخصٍ يلقاه، قسمات وجهه توحي بالقوة، ظل شامخاً كالجبل خلال حياته التي باتت نهجاً يحتذي به مَن يعشق النضال.

ولد بارزاني الخالد في 14 مارس/آذار 1903 في منطقة بارزان، ساهم عام ١٩١٩ في ثورة الشيخ محمود الحفيد وقاد قوة مؤلفة من ٣٠٠ مسلح لدعم الثورة وكانت نقطة البداية لهذا القائد الأسطوري.

عام ١٩٢٠ انتدبه شقيقه الأكبر الشيخ أحمد للمساهمة في ثورة الشيخ سعيد پيران في كوردستان الشمالية (جنوب شرق تركيا).

ثم شارك أخاه الأكبر أحمد بارزاني في قيادة الحركة الثورية الكوردية للمطالبة بحقوق الكورد القومية.

ثم قاد عام ١٩٣١- ١٩٣٢ القوة الرئيسية للبارزانيين للدفاع عن محور ميرگة سور- شيروان، مقابل القوات الإنكليزية.

وفي عام 1935 تم نفيه إلى مدينة السليمانية مع أخيه أحمد بارزاني، وفي عام 1942 هرب من منطقة نفيهِ ليبدأ حركته الثورية الثانية ١٩٤٣- ١٩٤٥ ثورة بارزان، قادها ضد الحكومة العراقية المدعومة من قبل البريطانيين.

وفي شرق كوردستان (كوردستان إيران) عندما أعلن الكورد هناك أول جمهورية كوردية في مدينة مهاباد في ١٩٤٦ حضر بارزاني الخالد الحفل المقام بمناسبة إعلان الجمهورية وكان على يمين مؤسسها قاضي محمد، وعين قائداً لجيش جمهورية كوردستان حيث منح رتبة جنرال.

خدم مصطفى بارزاني كقائد للجيش في الجمهورية الوليدة التي لم تدم طويلًا، فبعد 11 شهرًا من نشوئها تم وأدها من قبل الحكومة الإيرانية.

أسس الحزب الديموقراطي الكوردستاني في عام 1946، وانتخب رئيساً له، وأعيد انتخابه للرئاسة في جميع مؤتمرات الحزب.


وبعد انهيار الدولة الكوردية الوليدة، توجه بارزاني الخالد إلى الاتحاد السوفييتي مع 500 من بيشمرگته سيرًا على الأقدام مجتازين حدودًا جبلية وعرة في إيران وتركيا والعراق تلاحقهم جيوش هذه الدول، حيث واجهوا عقبات كثيرة في طريقهم وصولاً إلى الحدود الأذربيجانية السوفييتية ودخولهم الاتحاد السوفيتي، وبقوا هناك لعشر سنوات.

خلال فترة حكم ستالين لقي مصطفى بارزاني ورفاقه معاناة شديدة، وبعد موت ستالين في ١٩٥٣ تحسنت أوضاعهم كثيراً، والتحق البارزاني بأكاديمية اللغات في موسكو حيث درس الاقتصاد والجغرافية والعلوم، إضافة إلى اللغة الروسية.

في عام 1958 ومع إعلان الجمهورية العراقية دعى الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم القائد التاريخي الكوردي للعودة إلى العراق وتم استقباله استقبال الابطال وبدأت مناقشات حول إعطاء الكورد بعض مطالبهم القومية، ولكن مطالب البارزاني والشعب الكوردي لم تتطابق مع ما كان في نية الرئيس عبد الكريم قاسم إعطاءه للكورد، فأدى ذلك إلى تجدد الصراع مرة أخرى حيث قام عبد الكريم قاسم بحملة عسكرية على معاقل مصطفى بارزاني عام 1961.

وبعد تولي الرئيس العراقي عبد السلام عارف الحكم تم الاتفاق على حل شامل للقضية الكوردية حيث أعلن اتفاق أبريل/ نيسان عام 1964، والذي تضمن منح الكورد الحقوق الثقافية والإسهام في الحكم وبعض الحقوق الأخرى، إلا أن التيار القومي العروبي تمكن من التسلل إلى السلطة ونسف كل ما أتفق عليه فاستمرت الدولة باجراءاتها القمعية ضد الشعب الكوردي، فتجدد النزاع المسلح بين الطرفين، وظلت القضية الكوردية تؤرق حكومة بغداد والبارزاني يقضّ مضجع القيادة العراقية.

بعد 9 سنوات من الحرب بين الكورد بقيادة البارزاني الخالد أضطرت الحكومة العراقية إلى الأتفاق معه وتوقيع إتفاقية الحكم الذاتي للكورد في مارس/آذار عام 1970، وسميت باتفاقية آذار التي تعد أول اعتراف رسمي من الحكومة العراقية بحقوق الكورد، لكن ذلك لم يدم طويلاً بسبب انقلاب قيادة حزب البعث على الاتفاقية عام 1974 وتوقيعهم لأتفاقية الجزائر مع شاه إيران حيث تنازل بموجبها العراق عن شط العرب وعن المطالبة بالأحواز مقابل توقف إيران عن تقديم الدعم العسكري واللوجستي للثوار الكورد وهذا ماحصل فعلاً.

غادر بعدها مصطفى بارزاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث توفي هناك عام 1979، في مستشفى جورج واشنطن إثر مرض عضال، وتم نقل جثمانه إلى شرق كوردستان ليدفن في مدينة شنو (أشنويه) حيت تم بعد الانتفاضة الشعبية في إقليم كوردستان في عام 1991 نقل جثمانه إلى اقليم كوردستان ليعاد دفنه في مسقط رأسه بمنطقة بارزان.

إن المعارك التي خاضها هذا القائد الأسطوري للشعب الكوردي تشهد على ما كان يتحلى به من شجاعة، عرفه الكورد قائداً حكيما في قراراته، غيوراً على شعبه ومحباً لهم، و لهذا أحبه الشعب و حمل السلاح معه وكافح تحت رايته وقيادته.

«نحن إخوان الأحرار جميعا ونتعاون معهم سواء كانوا عربا أو عجما أو تركا أو انكليزا أو روسا»، هذا ما قاله البارزاني الخالد في إحدى خطاباته، أما عن الحكومة العراقية فقال: «نحن في العراق نحتاج إلى حكومة ديمقراطية وعادلة، تجيء إلى الحكم عن طريق انتخابات حرة بعيدا عن الضغط والتهديد والاضطهاد والاعتداء، وأن تكون لها قوانين عادلة يصنعها الشعب بنفسه حتى لا تقول الحكومة كل يوم قررنا ما يلي وتحكم الشعب وفق أهوائها، والشعب لا يستطيع ولا يجرؤ على محاسبتها».





باسنیوز
Top