• Saturday, 20 April 2024
logo

عفرين بعيون: التاريخ، الكُرد، والسوريين!

عفرين بعيون: التاريخ، الكُرد، والسوريين!
هي ليست مدينة كُرديّة عاديّة، ولعل عدم عاديتها لا يعود إلى أنّ الحرب تدكُّ بها، أي على قياس مثلما نتذكّر المناقب الجيدة عن الوفيات نجلب مميزات جيدة عن عفرين. لا؟! الأمر ليس كذلك فعفرين مميّزة من حيث الجمال أي الطبيعة (جغرافيِّة) ومن حيث التاريخ. الكثر، وخاصة المتربصون، ظنوا أن سبب اهتمام الكُرد بعفرين يعود إلى كونها قريبة من البحر، بمعنى، يمكن الكُرد فقط من خلال كرداغ تأسيس دولة.
وفي الحقيقة أن عفرين على مرمى حجر من البحر، هي لصيقة بجبال أمانوس (من الأراضي التركيّة)، وهو الجبل يطل على البحر الأبيض المتوسط مباشرة. مدينة بهذه الأهميّة تثير الرغبة لدى أي كاتب للكتابة عنها، هي مدينة بكامل المواصفات، الكثر كتبوا عنها، وأبنائها أيضاً أمثال الدكتور محمد عبدو، ومروان بركات وغيرهم، ومن الأجانب روجيه اليسكو، عدا عن المقالات والدراسات عديدة من قبل أبناء عفرين وغيرهم. المدينة التي نتحدث عنها هي ما زالت قضاء، لم تصبح محافظة (ولايّة) في زمن النظام، حتى لم يكن هناك مشروع محافظة، مع أن في زمن العثمانيين كانت قد حازت صفة الإدارة بكامل موصفات الولايّة، وفي زمن الفرنسيين أيضاً أسسوا لها إدارة خاصة، وفي زمنين كانت تطلق عليها اسم "كرطاغ"، نلفظ الآن بـ “كُرداغ"، والعفرينيون لا يحبون هذا الاسم هم يتفاخرون بـ “جياي كورمينج". وعفرين هو اسم من نهر "آفرين" تمر جانب مركز المدينة أو بقربها.
في الجغرافيّة السوريّة كانت تسمى" جبل الأكراد" في لحظة أن هناك أكثر من "جبل الأكراد"، في اللاذقيّة أيضاً" في مناطق تواجد الكُرد يسمى بـ “جبل الأكراد"، بيد أن الاسم الرسمي لها أي في سجلات الدولة السوريّة" عفرين". تجدر الإشارة أن مساحة عفرين تبلغ ٣٨٥٠ كم مربع تعادل ٢ بالمائة من المساحة السوريّة، تبعد عن حلب جنوب شرقي ب ٦٣ كم، وعن أعزاز وهي منطقة "درع الفرات" ب ١٤ كم من الشرق طبعاً، طولها من شمال إلى جنوب ٧٥ كم، ومن غرب إلى الشرق ٥٥ كم. يبعد مركز المدينة عن حدود مع تركيا من الشمال ٤٠ كم عند ميدان أكبس، ومن ناحية الغرب ٢٨ كم وكما قلنا الى الشرق ١٤ كم. يقدر عدد سكانها الآن ب ٩٥٠ ألف نسمة. طبعا العدد تقريبيّ.
عفرين بعيون التاريخ
لعل أغنيّة" وي لي ميرو" أعتقد غناها أيضاً الراحل بافي صلاح، تعكس جزءاً من المحددات التاريخيّة لعفرين ومكانتها السياسيّة، فهي الأغنية تنقل حال انتفاضة الكُرد، وخاصة عفرينيين في وجه السلطنة العثمانيّة، وكيف أن السلطنة أعدمت أحد عشر من آغوات عفرين ومنهم آغا بطال بعد انسحاب جيش إبراهيم باشا، ويقال مقولة "لا تتعفرن عليّ" والذي يرددها أهل حلب، مصدرها من تلك الانتفاضة، حيث تزامنت مع رسالة آغا بطال بطال إلى والي مصر طالبا فيها دعمه لإعلان دولة كُرديّة، ما يعني أن هم الدولة لدى العفرينيين والكرد محض اللحظة، أو عبر محطات تاريخيّة إنما همّ يشغل بال الكُرد صغيرهم وكبيرهم. وعفرين هي من المدن أخذت نصيبها في الأروقة الإدارية والسياسيّة، حيث العثمانيون وبالرغم من اعتبار عفرين جزءا من ولاية كلس لكنهم تعاملوا مع عفرينكُرطاغ بمقام ولايّة، والفرنسيون كذلك حيث عمروا عفرين وبنوا سراي، وأعطوها صفة الإدارة الذاتية، ومع أن إبراهيم هنانو كان يستقوي بأهل عفرين فانّ الفرنسيين لم يتأخروا باهتمامهم لعفرين على عكس العثمانيين الذين حووا اللجنة الوطنيّة عندهم في عنتاب، وبدأت اللجنة تتسرب إلى داخل عفرين، وتحرض الناس على الفرنسيين وتدمير الإدارة التي قامت بين ١٩٢٥-١٩٢٧.
ولا يمكن القفز على حركة المريدين وأنت تتحدث عن عفرين، وهي حركة أسستها الشيخ غير معروف مكانه اسمه إبراهيم خليل، حسب روجيه ليسكو ضابط مخابرات عثماني، واستغل فقر الناس وهمّهم القومي وجندهم بالكثر لحركة دينيّة ضد الفرنسيين. وحالتهم لم تتغير في ظل النظام البعث وبالرغم من تعيين بشار الأسد المحامي الراحل عصمت غباري كأحد أعضاء صياغة دستور ٢٠١١ إلا أن حال عفرين كما حال بقية مناطق كردستان سوريا من التعريب والقمع والاعتقال. الخ.
وبعيون السوريين:
المقاربات مختلفة هنا، والصورة النمطيّة عن عفرين تختلف، في داخل السوريّ، السوريون يعرفون عفرين أكثر من أي مدينة كُرديّة أخرى، ولعل السبب(بظننا) يعود إلى أمرين: الأمر الأول: هو انخراط العفرينيين في وظائف الدولة في شكل متقدم عن بقيّة الكُرد السوريين، وتوزعوا في أكثر من محافظة، في الشام تجدهم، وكذا في الطبقة (الرقة) وغير ذلك، في حلب هم أول من تواجدوا هناك، وأسسوا حارات، مثل في الشيخ مقصود، العفرينيون يسمون ذاك الحي بـ “جاي سيدو" وهم أغلبيّة في كل أحياء الكُرديّة بحلب مقارنة مع كُرد المناطق الأخرى. لم يتركوا وظيفة في الدولة إلا وانتسبوا اليها، في الجيش العديد منهم ارتقوا الى رتبة العميد، مثل: عبد الحميد غباري، وعبدالقادر عبد الرحمن (قرية بريمجة)، وأحمد ديكو، وغيرهم، وفي البرلمان وأيضاً الوزراء والسفراء، والسفير السوري عند انطلاق الثورة أي في آذار ٢٠١١ عيّن النظام سفيره في ايطاليا من عفرين، وهو علوي كُردي من "ماباتا" يعني "معبطلي" حسب الاسم العربي لها. وناحيّة معبطلي، هي علوية كرديّة، وعند حصار عفرين لم يتجرأ أحد من أبنائها المرور على حواجز الجيش الحر خوفاً من نحرهم. وهناك رئيس الجامعة الأوربية في دمشق أصله من عفرين ومن قرية "قاسم" "كوندي قيسم" من آل "ديكو" وهم من آغوات عفرين، وهناك موظفون الدولة الكثر، من مدراء ومدراء عامين، المهندس صلاح حنان كان مديراً حتى قبل ثلاث سنوات في كهرباء حلب، والدكتور رشدي مختار كان عضو فرع حزب البعث بحلب، ومدير الخدمات يدعى محمد منلا علي.
ومن الغرابة بمكان أن الأخير صحيح كان مقيماً بحلب إلا انّه كان يؤدي كل صلاة الجمعة في عفرين، تحديدا في زيارة" حنان" في كفرجنة، ونحن نتحدث عن زيارة حنان حيث قبر نورالدين ديرسمي هناك، ملحوظة: إن موظفي عفرين لم يبخلوا لأهلهم، فاستغلوا تواجدهم بالوظائف وخدموا عفرين وقراها. في ٢٠١٠ تم تنوير كامل منطقة عفرين، لم يبق قريّة إلا ووصلوا الكهرباء فيها، وكذلك من ناحيّة القرى والخدمات. وعندما ظهرت موضة الكرة القدم في سوريا، وظهور أهميّة الفرق المحليّة قام موظفو كُرداغ بجمع المال، ودعموا نادي "عفرين الرياضي" حتى يتمكن من الفوز على الفرق الرياضيّة السوريّة الأخرى! وهناك نكتة حول موظفي عفرين، ومدى انتمائهم القومي، نكتة دارجة عنهم، وسرعان ما يرددها الكرد من المناطق الأخرى حين التقائهم بأي عفرينيّ، والنكتة هذه ظهرت عندما حلّ أحد الكُرد من منطقة أخرى ضيفاً على متطوعين في المخابرات، وسرعان ما وجد صورة الخالد معلقة على جدران منزله، وهو استغرب وسئل من والدة عنصر المخابرات ما هذا؟ ردت وقالت "" كينده صحي مخاباراته ليه زه كالي حه زد ه كه"، معناه بالعربي" صحيح هو متطوع بالمخابرات لكنه يحب الختيار-أي الراحل مصطفى ملا بارزاني". على فكرة انّ مفردة "كينده" هي مفردة عفرينيّة خاصة، ومعناه هو أي للعاقل وغير العاقل.
وملحوظة أخرى أن غالبيّة العفرينيين المقيمين بأوربا يستثمرون جل أموالهم في عفرين نفسها، ويبنون أبنيّة حديثة لهم في قراهم. والأمر الثاني: هو اشتهار عفرين بالزيتون، ولا تستغرب عندما يقال انّ زيتون عفرين تواجد على موائد كل السوريين، والحلبيون لا يفضلون زيتون عفرين على زيتون ادلب والسويداء والغوطة.
وليست نكتة، إنما حقيقة واقعة، فان أحد المهندسين من عفرين جلبوا أشجار زيتون إلى كُردستان العراق، وهناك مزرعة كاملة لأشجار الزيتون، وبدؤوا يحصدون مواسم الزيتون هنا في كُردستان. والحق لا يختصر اشتهار عفرين على الزيتون، فرُمّان باسوطة أخذ الشهرة أيضا، وراجو إحدى نواحي عفرين تشتهر بالحديد، فإذا كانت الجزيرة تشتهر بالنفط فإن راجو تشتهر بالحديد كما كوباني بالقمح والقطن والكمون. يذكر انه توجد في عفرين (٢٠) مليون شجرة زيتون، وبين (٥-٦) آلاف شتلة زيتون. وهناك ست نواحي بمقام المدن في عفرين: راجو، بلبل، معبطلي، جنديرس، شيخ حديد، شرّان، مركز مدينة عفرين، ويقارب عدد قراها ٣٦٠ قريّة.
عفرين في "الأول"
هناك مزحة كُرديّة، تقول: في دولتنا محافظتنا، وفي محافظتنا منطقتنا، وفي منطقتنا ناحيتنا، ومن ناحيتنا قريتنا، ومن قريتنا بيتنا، ومن بيتنا أنا وليس غيري! لا.. لست من عفرين، انما والحق انّ عفرين تتميّز عن غيرها، فمثلاً، أول من أطلق الرصاصة في وجه تواجد الفرنسين، هو محو ايبو شاشو من عفرين، ويُقال انه أول من تواجد بأوربا هو من عفرين، وأول امرأة كرديّة صارت معلمة كانت من عفرين اسمها نجاح سليمان عينت في عام ١٩٥٦ في محافظة الحسكة بلدة عامودا حيث أتت من عفرين إلى عامودا لتعلم أبناءها، وأول معلم كُردي من عفرين اسمه خوجه عفدي عيشه، جد المحامي شوكت نعسان أحد المؤسسين لأول تنظيم سياسي كُردي سوري في ١٩٥٧، فضلاً انها تُعرف بأنها أول مدينة كرديّة تتفوّق عن البقية المدن الكُرديّة الأخرى بحملة الشهادات العلميّة.
وقد يكون الأمر غريباً، أن عفرين هي فقط تُعرف بالجبال والسهول والأنهار، فمثلاً تجد في أراضيها ثلاثة أنهار: نهر عفرين، والنهر الأسود، ونهر يغرا. على عكس المناطق الأخرى من كُردستان سوريا، "جاي ليلون" ربما الأشهر وسهل جومه شهير حيث هذا السهل يحاذي جبل ليلون وصولاً إلى الجبل الأسود (الامانوس بتركيا)، ليتصل بسهل العمق وثم يتصل بالبحر عند نقطة الجبل الأقرع في آخر الأفق. وجبالها عاصية وحتى أمس القريب كان يتواجد فيها حيوانات مثل الغزلان وغيرها.
في جهتها الشماليّة والشماليّة الغربية تنتمي الجبال إلى سلسلة جبال طوروس. أسماء في الذاكرة: "ملازم"، "و "علي تجو"، و" جميل هورو"، و" عدنان دلبرين"، و"بافي صلاح" خليل غمكين" وغيرهم من المغنين.
والفنانون التشكيليون: حنيفة سليمان، وشكران، وحسكو حسكو، ونهاد الترك، وفاروق محمد، والراحل صلاح الدين محمد وأسماء أخرى لا تسعفني الذاكرة "تجدر الاشارة ان الرئيس شكري القوتلي ورئيس وزارئه ناظم القدسي عند مجيئه إلى عفرين والقائه لكلمة في ساحة عفرين الشهيرة زار معرض الفنانة حنيفة سليمان وذلك في أواسط الخمسينيات. وأماكن مثل" كفرجنة"، و"باسوطة" و" نبي هورو"، "جبل سمعان"، "عين دارا" الخ. هذه المفردات وما ان تكبر حتى تكبر معك وأنت طفل من كُردستان سوريا، هي ليست مفردات عابرة عاديّة، إنما لكل مفردة مكانة خاصة، فمفردة "ملازم" هي مفردة لازمت مخيلة العفرينيين، حيث هو اسم لشخص نسمي بالكُردي "أشقياء" بقي في الجبل وصار يقاوم الشرطة لسنوات، وعلي تجو هو اسم لمغني شهير، لم يبق عاشق وعاشقة من عفرين إلا وحفظ أغانيه، وجميل هورو الشهير هو مغنٍّ له صدى كبير قطع مسافات طويلة ليغني إلى جانب عيشه شان، وعدنان دلبرين هو المغني لم يترك حفلة زواج والا غنى فيها. وكفرجنة مكان سياحي إلى جانب أماكن خلابة أخرى، وباسوطة، مشهورة بقلعتها، وبخصبة أراضيها، وتعرف بـ"الرمان" حيث ثمرة الرمان باسوطة ليست كغيرها.
الأماكن الأثرية:
هناك مواقع أثريّة تدل على عمق التاريخيّ لعفرين، أي أنها ليست مدينة حديثة وذلك من خلال العدد من المواقع الأثرية، والأمر الثاني هو تمازج حضاريّ وطغيان اللون التاريخيّ الكُردي، لنتحدث عن بعضها:
مدينة قورش (النبي هوري)
حيث تقع هذه المدينة قرب ملتقى نهر عفرين بنهر صابون سي على منحدر تلة قائمة على الضفة اليمنى لنهر صابون سي، وتبعد عن مدينة حلب 70 كم إلى الشمال الغربي منها ومن مدينة عفرين 23 كم إلى الشمال الشرقي منها. أما الموقع الفلكي لـ"قورش" ـ النبي هوري ـ الذي حدد من قبل أرسطاطالس اليوناني الذي قدم مع الاسكندر إلى (بيروا) حلب حاليا ـ حدد كالآتي: طولها أربع وستون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة، بيت حياتها أربع درج من العقرب ومن العواء عشرون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، طالعها الصرّفة بيت ملكها الجبهة يقابلها اثنتا عشرة.
أما لماذا سميت بـ"هوري"؟ يقول بركات بأنه بعض المصادر التاريخية تؤكد أن مدينة النبي هوري كانت مزدهرة في الفترة الحورية خلال القرن الثاني قبل الميلاد وكانت تسمى (خورو، هوريا، هوري)، ويقول مروان بركات وهو الذي دوّن تاريخ كُرداغ: "لا ندري ان كان هذا الاسم أطلق على المدينة نسبة إلى أحد الآلهة أم أحد ملوك تلك الفترة التاريخية أم انها سميت بهذه التسمية في فترة لاحقة نسبة إلى الهوريين الذين حكموا هذه المنطقة لفترة من الزمن".
دير سمعان قلعة سمعان:
تقع قلعة سمعان شمال غربي مدينة حلب على بعد 40كم، وجنوب مدينة عفرين على بعد 20 كم، وتقع على القسم الجنوبي الشرقي من "جبل الأكراد" على قمة من قمم جبل ليلون المحاذي للضفة اليسرى لوادي نهر عفرين. يقول اسبيبرو في أصل سمعان ودعوته: انه من قرية تدعى (صيص) اسم المنطقة الحالية هي (اصلاحية) في شمال الغربي من قورش ـ النبي هوري حاليا ـ على مسافة 25كم من ميدان اكبس. وكانت قورش حينها مركز أسقفية ثيوذوريتزوس التي كانت تشمل(800) رعية. أما حول ولادة سمعان كان بين عامي (380 ـ 390 م) تعلم من والديه أن يرعى القطعان لكي يتوافق مع الرجال العظام أمثال (داود الملك النبي، ويعقوب ويوسف العفيف وموسى المشترع والرجال الملهمين الذين اقتدوا بهم»، وحين توفى القديس سمعان العمودي عام 459م بعد أن عاش على العمود مدة 42 عاما، لم يكن في موقع قلعة سمعان أي بناء باستثناء السياج الذي كان يحيط بالعمود. وحين استلم (زينون) الإمبراطورية الرومانية في عام /474/م أراد أن يبني كنيسة لا مثيل لها في كل الإمبراطورية على شرف القديس سمعان العمودي، فكانت بداية العمل بكنيسة دير سمعان في عام 476م. وتم انتهاء من الكنيسة حوالي عام/490/م. (كتاب عفرين عبر العصور، تأليف مرون بركات، دار عبد المنعم -حلب 2008) ويذكر انه حتى القرن السادس عشر الميلادي كانت دير سمعان مركز حج المسيحيين، وكانت تقارن بأماكن الحج المسيحية في فلسطين.
ويقال إن النبي إبراهيم عندما هاجر إلى الشام كان يرى غنمه في ارض حلب ولما حوله من الجبال ومنها جبل ليلون الذي كان في حينها أحسن الأماكن وأكثرها خصوبة للرعي وألطفها مناخاً. معبد عين دارا
يقع في جنوبي مدينة عفرين، وهو يتميّز (المعبد) بمنحوتاته الزاهية والنادرة، المصنوعة من الحجر البازلتي، والذي تم اكتشافه عام 1982 على يد بعثة سوريّة، كما أسهمت بعثة يابانية، من متحف الشرق القديم في طوكيو، بترميم بعض منحوتاته. ويُعد تل عين دارة الأثري أحد أهم مدن مملكة بيت أغوشي الآرامية وربما عاصمة لها، تبلغ مساحة الموقع عن 50 هكتاراً، وهناك من يقول بأنه يعود للعصر الحديدي، ويحوي بقايا منحوتات ضخمة من حجر البازلت، وفيه نقوش على الجدران. وحسب صور ملتقطة بالأقمار الصناعية (نشرها النشطاء في الصفحات التواصل الاجتماعي) تظهر أنّ أكثر من نصف معبد عين دارا القديم في عفرين، قد تم تحويله إلى أنقاض بفعل غارة جوية تركية.
الحالة الاجتماعيّة:
قد لا نستغرب ان نرى حال عفرين كحال السويداء، وهي محافظة سوريّة يقطنها الدروز، ومن المفارقات انّ الذي يرأس الطائفة هم آل جنبلاط، وجنبلاط نفسه كان يحكم ولايّة "كرداغ" أي عفرين أبان الحكم العثماني، ففي سوريا هناك مدينتان يمكن القول انهما تجاوزتا العشائريّة. كُرديّاً حيث عفرين، وعربيّاً السويداء، في المدينتين تلاحظ المدنيّة واضحة في نمط العيش وفي الحياة العامة، بيد انّ عفرين لم تتمكن من كسر حاجز الزواج الايزيدي من المسلم وبالعكس، مع انه تحدث الزواج بين أبناء الدينين لكن بصعوبة.
بالرغم من ذلك انه لا يمكننا القول انّ أهل عفرين هم ليسوا امتداداً من العشائر الكُرديّة بالعكس، فما زال الأهالي يذكرون أسماء العشائر مثل الشيخان، روباريا، بيان، شكاكا، وغيرها، وتجد غالبية العشائر التي في عفرين تجدها في كُوباني أيضاً، بيد انهم لا يعيرون أي اهتمام بالعشيرة، وربما لهذا السبب هم استطاعوا الخروج من القوقعة، وتقديم أنفسهم على نمط المدنيّة، والانخراط بشكل كبير في النمط المعيشي في حال حلب، حيث حلبيون يعرفون العفرينيين وانماط عيشهم أكثر من بقيّة الكُرد.
في عفرين ما زال فئة "كريف" قائمة، وطبل الـ “كريف" فاتح أي حفل للعرس، ولأهل عفرين نماذج الرقص الخاصة بهم ويبدو كل رقص شكلها يفرضها الطبيعة الجغرافيّة، هم يرفعون أقدامهم أكثر ارتفاعا أثناء الدبك بحكم الطبيعة الحجريّة والجبلية، في حين كُرد الجزيرة يهزون البدن وأقدامهم تبقى ثابتة أو بحركة بطيئة، لأن طبيعة الجزيرة سهلية رملية، في حين كوباني يرفعون أقدامهم بشكل متوسط لانّ الطبيعة ترابية لكن سميكة!
بقي القول انّ عفرين غنيّة بتاريخها، وجميلة بجغرافيتها، ومثار اهتمام لحكامها ولذلك شهدنا نزاعا وصراعا حول عفرين، ولعل ما يحدث اليوم هو بدايّة لمسار جديد وإضافة أخرى لمسارها التاريخيّ، ولأجل ذلك لم يحتفل الكُرديّ بعيد الحب.
الفالنتاين بقيت حزينة، ويا أسفاه!
Top