• Thursday, 25 April 2024
logo

ماكرون الشرق ومستقبل كردستان

ماكرون الشرق ومستقبل كردستان
لفترة ليست بالقصيرة لم أكتب عن الأوضاع بإقليم كردستان العراق خاصة بعد تطورات الأحداث ما بعد الإستفتاء وما تبعه من اجراءات وقرارات لعقاب الشعب الكردي بالإقليم على رغبته فى تقرير مصيره والبحث عن حقه شأنه فى ذلك شأن أى شعب على وجه المعمورة .
كنت أتابع عن بعد ، وأترقب من خلف الستار ردة الفعل الكردستانية على تلك الإجراءات الظالمة والتعسفية من حكومة بغداد ودول الجوار.
كانت الموجة عالية ولم يكن من الفطنة مواجهتها وهو أفضل ما فعله ساسة الإقليم . فمع تصاعد الإجراءات العقابية وتعالي النبرة العدائية تجاه كرد العراق سواء داخل حكومة بغداد أو بحكومات طهران وأنقرة تعاملت قيادات كردستان بعقل وحكمة ربما منعت حدوث تداعيات أسوء مما حدث .
نجح ساسة كردستان فى امتصاص صدمة إفشال الإستفتاء وإلتزموا أعلي درجات الثبات الإنفعالي ملتحفين بالصمت الإيجابي والتحرك بعيدا عن الأضواء وتجنب أى رد فعل سلبي قد يزيد الأوضاع سوءا .
ومثلت التحركات والزيارات الدولية والاقليمية التي قام بها رئيس وزراء كردستان السيد نيجرفان برزاني عاملا قويا فى تلافي تداعيات ما بعد الاستفتاء ؛ ونجح السياسي الوسيم سواء من خلال لقاءته بالرئيس الفرنسي بباريس أو زيارته لطهران وأنقرة ثم بغداد فى تخفيف قبضة الحصار المفروضة على الاقليم قبل أن ينجح فى الغائها تماما وهو ما جسده قرار حكومة بغداد برفع الحصار الجوي على مطارات كردستان .
واستمرت سياسة نيجرفان الناجحة ودبلوماسيته الناعمة فى استعادة مكتسبات الاقليم التي فقدها عقب الاستفتاء وهو ما دفع حكومة بغداد لصرف مرتبات موظفي الاقليم التي تم وقفها.
أعتقد ان الواقعية هي أهم ما ميز سياسة قادة إقليم كردستان بعد الاستفتاء ؛ تلك الواقعية التي غابت كثيرا خلال فترة الترويج للاستفتاء والدفاع عن حق الكرد فى تقرير مصيرهم ، ونجحت تلك السياسة العملية فى تخطي تداعيات سياسة "الحق المشروع" والحلم الذي تحول لكوابيس ضربت شعب كردستان باكمله.
لم ألتق بالسيد نيجرفان من قبل ولم أتطرق له فى أي من كتاباتي حول القضية الكردية ولكنى كنت أراه مثالا ناجحا لمستقبل الاقليم وقياداته خاصة بعد رفض السيد مسعود برزاني الزعيم التاريخي للحزب الديمقراطي الترشح لفترة جديدة .
التقيت بالصدفة بأحد الخبراء العراقيين الذي يدير أحد مراكز الدراسات والأبحاث ببغداد تطرق الحوار لقضايا كردستان والأكراد والوضع بعد الإستفتاء ، اعتبر فى حديثه أن السيد نيجرفان يمثل أول نتاج شرقي لظاهرة الزعماء الشباب المنتشرة بالعالم ، فهو امتداد لعائلة البرزاني بتاريخها النضالي لكنه بنزعة شبابية تتوائم مع التحول العالمي للزعامات الشابة كما يبدو واضحا فى دول مثل فرنسا وكندا واستراليا وبقية الدولة الاخرى.

قال لي صديقي العراقي أن نيجرفان مفاوض من الطراز الاول ولديه مرونه عالية المستوى لتفاوض وإدارة الأزمات ، ولدية نوع من الكاريزما تفوق كل التصورات ومهما يكون خلافك معه لما تجلس أو تتحاور معه لا تخرج إلا راضيا " بنص كلامه ".

بالتأكيد ان صديقي العراقي أكثر إلماما مني بواقع بلاده ولكن كلماته عبرت عما تصورته حيال الرجل وما تمنيته للإقليم من قيادة شابة تصنع كردستان الجديدة متجاوزة أثار 25 سبتمبر 2017 مع تأكيدنا على حق الكرد فى تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم ولكن ربما الأمر لم يكن بالتخطيط الجيد أو الإستعداد لتبعاته .
Top