• Friday, 29 March 2024
logo

ما الذي يحتاجه العراق؟

ما الذي يحتاجه العراق؟
إخراج العراق من التبعية والطائفية والعقلية المتحجرة ليس بالأمر الهين، كونه مر بويلات وكوارث وعمليلت قتل وتهجير طائفي وفساد مالي وإداري كثيرة، إضافة إلى سياسة الإقصاء والتهميش ضد أبناء الشعب. والآن، وبعد إجراء الانتخابات، من المحتمل جداً عودته إلى دوامة الحرب لأنها السيناريو الأقرب الذي يواجه العراق في ظل التدخلات الخارجية..
إذن... ما الذي يحتاجه العراق؟
يحتاج العراق إلى قائد يكون صاحب رؤية وطنية وشخصية خبيرة بالوضع السياسي الإقليمي والعالمي، شخصية قوية تتحمل على عاتقه مسؤوليات جمة.
بعد 2003، قاد رئاسة وزراء العراق شخصيات كانوا - للأسف - من أسوأ الشخصيات. لم يستطيعوا أن يكونوا قادة حقيقيين لهذا الشعب المظلوم، لذا نطمح اليوم في قائد عادل يقود حكومة وطنية تحظى باحترام الجميع ويكون بمستوى طموح مكونات الشعب كافة، ويدرك المعنى الحقيقي للمواطنة ويخلص الشعب من الفشل والذل والفساد.
لكن أين علينا أن نبحث عن مثل هذا القائد؟
فالمجتمع تحول إلى فئات ومجاميع تهتم بالمصالح الشخصية فقط. فقد أثبتت الانتخابات الأخيرة التي جرت في 12 مايو 2018، أن أكثر من 55 بالمائة من الذين يحق لهم التصويت - حسب الإحصائيات - لم يشاركوا في الانتخابات، خاصة في وسط العراق وجنوبه. وأن نسبة المشاركة العالية كانت في إقليم كوردستان.
فلماذا لا تتساءل الأحزاب عن سبب عزوف أهالي الجنوب والوسط عن المشاركة في هذا الحق الديمقراطي؟ ألم يدركوا أن السبب يكمن في ولاءهم للأجنبي، إضافة إلى الفساد الموجود في العراق وقلة الخدمات وحرمان المواطنين من أبسط الحقوق؟ ألم يخجلوا من أعمالهم ومن أنفسهم؟ لماذا لايسائلون أنفسهم: ماذا يريد منا الوطن؟ لماذا لا يعاملون المواطنين سواسية؟ لماذا لم يبذلوا قصارى جهودهم من أجل الشعب والوطن وإسعاد المواطنين؟ لماذا لم يجدوا فرص عمل للعاطلين والخريجين من الجامعات والأكفاء؟
إذن، الشعب والوطن يحتاجان لقائد عادل يحمي مواطنيه ولا يكون السبب في دمارهم وغربتهم ويرفع المستوى المعيشي والحضاري لشعبه والاهتمام بالعقول النيرة.
خلاصة القول، نحن بحاجة ماسة لتطبيق مفهوم المواطنة لأن مصطلح المواطنة في القانون يدل على صلة تربط بين الدولة والفرد.
والآن، وبعدما انتهت الانتخابات وأعلنت المفوضية النتائج النهائية والتي جاءت بفوز قائمة (سائرون) بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تلتها قائمة (الفتح) بزعامة هادي العامري، وحلت قائمة (النصر) بقيادة حيدر العبادي في المرتبة الثالثة. بينما حلت قائمة (الديمقراطي الكوردستاني) الأول كوردستانيا، والرابع على مستوى العراق، بدأت المباحثات من هنا وهناك حول كيفية تشكيل الحكومة الجديدة. لكن الأهم من هذا كله هو احترام الدستور لأن آمال الشعب تنتظر حكومة جديدة مختلفة عن الحكومات الفاشلة السابقة التي لم تحترم الدستور وماطلت في تنفيذ بنوده.
إن حفظ الوطن وصون وحدته لا يتحقق بالشعارات، بل بالسلوك والفعل والممارسات، وإن الدستور هو الذي يحفظ للمواطن حقوقه كافة. لذا، فمن الضروري احترام بنوده قولا وعملا وعدم التفرد بالسلطة والاستبداد في الرأي والاستخفاف بمصير الشعب. وينبغي إعطاء شعب كوردستان جميع حقوقه المشروعة. أما إذا لم يلتزم القائد الجديد للعراق وحكومته الجديدة بتطبيق بنود الدستور وحل المشاكل العالقة بين المركز والإقليم خلال فترة زمنية محددة، فان البلد سيترنح تحت الظلم والاستبداد والفساد، ويعود إلى شفير الهاوية. لأن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق في واد والشعب في واد آخر.
لا بد من أن تعترف الطبقة السياسية التي حكمت العراق حقيقة أن الخلل بداخلها، وأنها هي التي ساهمت وتساهم في انهيار البلد واقتيادها إلى الهاوية، ومن الطبيعي أن يسير نحو الهاوية طالما أن هناك عنصرية وطائفية يتحكمان بعقول القوى التي تمسك زمام الأمور.
Top