• Thursday, 25 April 2024
logo

أمريكا و البحر

أمريكا و البحر
سئل البعض، لماذا يُصرّح الأمريكان بانهم ضد مهاجمة إدلب من قبل النظام السوري، في وقت إنّ غالبيّة الكتائب المسلحة في إدلب إسلاميّة راديكاليّة، والبعض منها صنف بـ"الارهابيّة" مثل جبهة نصرة وغيرها.
سؤالٌ واقعي للوهلة الأولى، لكنه سطحي من منظور المتابع للسياسة أو من منطق العلوم السياسيّة، ولعل سبب سطحيّة السؤال يعود إلى:
-الأمريكان قبل تواجدهم في شمال وشمال شرق سوريا، كانت موجودة فعليّاً في شمال غرب سوريا ولا سيما في محافظة إدلب، وحتى إنّ تواجد الأمريكان قسّم الأمريكان أنفسهم فيما بينهم ؛ فالاستخبارات حتى الأمس القريب كانت مصرّة على دعم المسلحين في شمال غرب سوريا في حين البنتاغون كانت قد فضلت دعم شمال شرقي سوريا على شمال غربها، أي الكُرد على الجيش الحر.
-صحيح إنّ جل الإهتمام العسكري الامريكي في السنتين الأخيرتين أنصب على الشمال الشرقي لسوريا إلا إنّ الإهتمام السياسي والإعلامي وأيضا دعم لقوات جنوب سوريا وجنوب شرقها لم تنقطع ما يعني أنّ أمريكا تسخر اهتماماتها في كل سوريا لكن العسكري منها شمال شرقي سوريا.
-إعادة الدعم إلى منظمة الدفاع المدني بإدلب وحماه، جماعة الخوذ البيضاء، بعد أن صرحت علناً بأنها لم تعد تموّل هذه الجماعة، وعزا البعض سبب عودة الأمريكان لدعم هذه الجماعة أنّه ثمة شغل أو عمل تنتظرها.
أعلاه مؤشرات مهمّة أنّ أمريكا لا تترك أي من الأيادي طليقة في سوريا، ومن السذاجة التفكير بأن الأمريكان يتركون منطقة في اي بقعة من العالم تتملكها، ومن صعب أن تسحب أمريكا نفسها من مكان كانت قد صرّفت عليها دولاراً واحداً.
ولا نستغرب إنّ أول قصف أمريكي على الإطلاق هو كان في المنطقة التي بين محافظتي حماه وإدلب، واستهدفت تحديد كتيبة "خراسان" وهي كتيبة يُقال عنها بأنها أشرس من داعش، أو أنها "نخبة داعش" فضلاً عن تواجد "الجند الأقصى" والأخير صورة طبق الأصل عن "داعش". كل قصف كان موجهاً لمنطقة تواجد"خرسان" وثاني قصف كان ضد داعش في كوباني بعد هجوم داعش على كوباني.
يبدو إنّ رغبة جديدة للأمريكان تظهر على السطح شيئاً، فشيئاً، وهي رغبة معقولة تعزز وتمد عمراً للتواجد الأمريكي في المنطقة، وهي بذلك تعمل على وتائر متعددة لتحقيق هذه الرغبة، إعلامياً وسياسياً تقف أمريكا ضد هجوم النظام على إدلب، ليس حباً بالتنظمات أو كرهاً للنظام إنما تستفيد من هذا التواجد الإعلامي والسياسي، حيث ثمة حقيقة تفيد بأنه إنْ أردت تزاحم طرفٍ فاسعى ما يسعى إليه هذا الطرف، فإذا كان البحر له أهميّة لدى الروس، ولدى تركيا والسنة، وإيران فإن لأمريكا أيضاً حاجة لهذا البحر، فإن لم تكن لأجل حلفائها فمن اجل نفسها، حيث المزاحمة للمتنافسين من داخل القلعة أحسن من خارجها!
بقي القول، بأنّ إدلب هو نهاية المعركة الكبرى في سوريا، ومن خلال هذه المعركة تتحدد معالم كل النفوذ وقوة كل الدول في سوريا المستقبل، وهل تريد أمريكا أن تكون ضعيفة في مستقبلنا؟
حكمة المقال تفيد" ليس من العقل أن تبدأ بخواتيم الكلام، فمسك الكلام في خواتمها"!
Top