• Thursday, 25 April 2024
logo

الإسلام السياسي في شينجيانغ

الإسلام السياسي في شينجيانغ
يُعَدُّ إقليم شينجيانغ Xinjiang من أكبر الأقاليم الصينية الخمسة وهي(منغوليا Mangolia، غوانشي Guanqxi، التبت Tibet، نينغشيا Ninqxia، وشينجيانغ Xinjiang)، الذي هو موضوع مقالنا، فمساحته تعادل مساحة ايران تقريبا، وهو إقليم غني بالثروات الطبيعية كالغاز والفحم والنفط، فهو عصب اقتصاد الصين لأنه يسد 80% من الاحتياج الصيني، والصين مستعدة للتخلي عن تايوان، ولكنها ليست مستعدة للتخلي عن إقليم شينجيانغ، يقع هذا الإقليم في أقصى غرب الصين عاصمته أورومتشي Urumqi، تحدها خمس دول ( كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، باكستان، أفغانستان)، ومعنى اسم الإقليم الأرض الجديدة، حيث قامت الحكومة الصينية بتغيير الاسم القديم وهو (تركستان الشرقية) الى شينجيانغ، ففي سنة 1760 احتلت الصين تركستان الشرقية وأطلقت عليها اسم بلاد الإيغور خوى جيانغ Hu Chiang وفي سنة 1877 أي بعد الاحتلال الثاني صدر مرسوم امبراطوري سنة 1884 بتغيير اسم تركستان الشرقية الى شينجيانغ، يسكن هذا الإقليم الأغلبية المسلمة من الإيغور Uygur وأقليات أخرى من الكزاخ والقيرغيز والأوزبك والطاجيك، ثم استوطنت الحكومة الصينية قومية (هان) الصينية لتحقيق سياسية التغيير الديموغرافي (تصيين الإقليم)، عدد سكانه أكثر من 22 مليون، في سنة 1949 كان عدد الصينيين 6% وعدد المسلمين الإيغور 80% إلا أن هذا التقسيم قد تغير كثيرا بسبب سياسية الحكومات المتعاقبة في تطبيق خطة تصيين الإقليم، لأن الإيغور ليسوا صينيين بل هم من الأتراك، وقد كانوا يعيشون في دولتهم المستقلة تركستان الشرقية، ويتكلمون بلغتهم الإيغورية وهي لغة قارلوقية، من اللغات التركية، ويستعملون الأحرف العربية، لكن الصين تعدهم من القوميات الصينية، حيث تتكون الصين من (56) قومية.
دخل الإسلام هذه المنطقة في القرن الرابع الهجري، حيث تحول الإيغور الى الإسلام على يد رئيس الامبراطورية القراخانية سنة (943م) وفي سنة 1043 تأثر بهم القيرغيز فدخلوا في الإسلام، وقد استطاع الإيغور أن يحكموا دولتهم المستقلة لعشرة قرون، وقد بدأت معاناتهم سنة 1644 عندما قامت الأسرة الحاكمة(مانشو) باضطهادهم، مما سبب حربا دامية، حيث ارتكبت مجازر بحقهم، حتى استولت الصين على تركستان الشرقية سنة 1760، ولكن الإيغور لم يتحملوا هذه المعاناة والظلم فقادوا ثورة عارمة وانتفاضة شعبية سنة 1855 بقيادة (يعقوب بك) ونالوا الاستقلال سنة 1865، لكنها انهارت أمام الزحف الصيني سنة 1875، وفي سنة 1931 قامت السلطات الصينية بتقسيم المنطقة التي كان يحكمها (شاكر بك)، وقام رئيس الشرطة بالاعتداء على امرأة إيغورية، فقامت انتفاضة جديدة على إثرها، حيث قتلوا رئيس الشرطة وحراسه، وقامت الصين بعزل الحاكم لتهدئة الأوضاع، واعترفت بسلطة الإيغور المسلمين على المنطقة، في سنة 1933 أعلن مولاي الأكبر شابيتي من جديد استقلال جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية، ليصبح (خوجا نياز) رئيسا للجمهورية و(ثابت داملا) رئيسا للوزراء، وقد دامت لثلاثة أشهر لأن جميع القوميات الصينية وقفت ضدها، وقامت الحكومة الصينية وبالتنسيق مع الروس بإسقاط الجمهورية ثم أعدمت جميع أعضاء الحكومة، وسمحت للروس بالتنقيب عن الثروات الطبيعية في الإقليم، وفي سنة 1944 أسس علي خان جمهورية تركستان الشرقية وأعلن نفسه رئيسا للجمهورية، إلا أنه جمهوريته سقطت سنة 1946، وفي سنة 1946 وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية طالب الإيغور الاستقلال لكنه فشل بعد غزو الصين سنة 1949، وهي السنة التي سيطر النظام الشيوعي على الحكم بقيادة ماوتسي تونغ(ت1976م) Mao Zedong، وفي سنة 1950 أصبح إقليم شينجيانغ جزءا من الصين الشعبية، بيد أن النزعة الإنفصالية بقيت مترسخة في عقول الإيغور على مر التاريخ، وذلك لأنهم كانوا يملكون دولتهم المستقلة التي انتزعها منهم الصينيون بغير حق، وأكثر الحركات الإيغورية جمعت بين الطابع الإنفصالي والاتجاه الإسلامي، فالطابع الإنفصالي لأنهم لا يعدون أنفسهم من الأمة الصينية، بل يريدون إعادة دولتهم المحتلة، والاتجاه الإسلامي لضمان دعم العالم الإسلامي وخاصة الجماعات الإسلامية المنتشرة، وفي مقابل ذلك نجد الحكومة الصينية قاسية معهم، لأن الانفصال أكبر تهديد لأمنها الوطني والإقتصادي، ووجود دولة إسلامية في قلب الصين تهديد خطير يجب الوقوف ضده، ولهذا لا نجد هذه المعاملة القاسية والمجحفة بحق الأقاليم الأخرى، مثل إقليم نينغشيا Ninqxia، حيث فيها مسلمون لكنهم ليسوا من الأتراك بل هم صينيون مسلمون من قومية (الهوي) لكنهم لا يريدون الإنفصال، وليس فيها جماعات إسلامية متشددة، لكنهم مع ذلك يخافون أن يمتد إليهم ما يحدث في إقليم شينجيانغ، وفيما يخص إقليم التبت Tibet البوذي فبعض القوانين لا تسري فيه، مثل قانون تحديد النسل، واحتفظوا بمدارسهم، ويستقبل رؤوساء الدول قائد إقليم التبت الروحي دالاي لاما Dalai Lama كما فعل نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا، لكن دالاي لاما تنازل عن الانفصال ورضي بالحكم الذاتي سنة 1988، لذلك لو تنازل الإيغور عن فكرة الإنفصال واندمجوا مع المجتمع الصيني مع الاحتفاظ بدينهم لربما اختلف موقف الحكومات الصينية المتعاقبة، لكن هذا مستحيل في ذهن الإيغوريين، ولهذا نجد المسلمين الصينين ليست لديهم مشكلة مع الحكومة، والصين تحترمهم وتقدم لهم الدعم والاحترام والمساندة، لأنهم لا يريدون تأسيس دولة إسلامية ولا دولة قومية، بل يعتزون بدولتهم وحضارتهم وتاريخهم القومي الصيني، مع اعتزازهم الشديد بدينهم الإسلامي، وقد ورد في الدستور الصيني المادة(36):" أن كل مواطن صيني له حرية العقيدة والدين، والدولة تحمي الشعائر الدينية للمواطنين العاديين)، ولهذا نجد في قلب الصين الرابطة الإسلامية الصينية Islamic Association of China التي تأسست سنة 1953 في عهد النظام الشيوعي عندما كان ماو تسى تونغ يحكم البلد، أسسها برهان شهيدي وآخرون من عشر قوميات صينية مسلمة، وهي مرتبطة بالحكومة، وهي تجتمع أمام الهيئة الاستشارية التابعة للبرلمان الصيني، وتلقي كلمتها، وتذاع الكلمة في الإعلام الرسمي الصيني، حيث قال الرئيس العاشر للرابطة العاشر يانغ فاو مينغ:" إن للإسلام تاريخا طويلا ومجيدا في البلاد، لكنه حذر البعض من الاهتمام بتعاليم الدين أكثر من القانون الوطني" ولهذا يدعو الى التمسك بالإسلام الصيني التقليدي الذي دخل الصين في التاريخ القديم، ويسميه (قادي مو) أي الإسلام القديم، وليس الإسلام الخارجي الذي ظهر في الآونة الأخيرة، ويقصد بكل تأكيد الإسلام السياسي، فالحكومة تساند هؤلاء المسلمين وتدافع عنهم وتحترمهم، في سنة 1989 اندلعت مظاهرات للمسلمين في الصين ضد مؤلف صيني نشر إساءة الى الإسلام، فقامت السلطات الصينية بحظر الكتاب ومن ثم حرقه بحضور ممثلي الجمعيات الإسلامية الصينية وممثلين عن الحكومة الصينية، بل إن الحكومة الصينية استنكرت جميع الإساءات التي حدثت في الغرب ضد مقدسات المسلمين، وأوضحت أن ذلك يجلب العنف ويقضي على السلم المجتمعي، وقد احتفل أعضاء الرابطة الإسلامية الصينية بمناسبة مرور خمسين عام على تأسيسها سنة 2003 بحضور ممثل الحزب الشيوعي الصيني، إلا أن الحكومة الصينية ركزت على إقليم شينجيانغ وذلك لعدة أسباب: لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية، وخوفا من انفصاله مما يدفع بقية الأقاليم الى الانفصال، والخوف انشار الإسلام السياسي بإفكاره الراديكالية بين مسلمي الصين كافة، ولهذا تعاملعت مع الإيغور بقسوة وظلم وإجحاف وصل بعض الفترات الى ارتكاب مجازر بحقهم، وتشريدهم ونفيهم وإعدامهم، مما شكل خطرا حقيقيا لمستقبل الإيغور وحياتهم، وكرد فعل لهذه السياسية الطائشة من قبل الحكومة الصينية ظهرت حركات قومية وإسلامية ومدنية إيغورية جميعها بلا استثاء تريد الانفصال لإنقاذ الإيغور من الاضظهاد والظلم، خذ مثلا زعمية الإيغور ربيعة قدير البالغة(62) عاما، أمضت ست سنوات في السجن وهي تدافع عن شعبها، وتعدها الصين إرهابية إنفصالية، أصبحت عضوة في مجلس نواب شينجيانغ، وممثلة عن الصين في المؤتمر العالمي للمرأة، هرب زوجها السجين السياسي الى أمريكا، واعتقلت هي بعد عامين قيد الإقامة الجبرية، وتمت مصادرة جوازها، ثم حكموا عليها سنة 2000 بثماني سنوات، أفرج عنها سنة 2005 لأسباب صحية، ثم نفيت الى أمريكا، ثم حكمت الصين على ابنها بالسجن(9) سنوات بتهمة الدعوة الى الانفصال، بينما تخضع بنتها تحت الإقامة الجبرية منذ سنة 2006، لكونها تمارس أنشطة إنقلابية، ولهذا قالت ربيعة إن الإيغور يعيشون في سجن كبير، لأن الحكومة وضعت مليون إيغوري في معتقل، والحكومة الصينية تقول إنه مركز التثقيف من أجل إعادة تأهليهم الوطني، في سنة 2007 طالب مجلس النواب الأمريكي بالإفراج عن أبناء ربيعة قدير، والكف عن قمع الإيغور، وتعد سنة 2009 بداية حقيقية للعنف والإضطرابات في إقليم شينجيانغ، حيث خرج الإيغور مطالبين بالإنفصال عن الصين، لأنهم لا يطيقون ظلم الصين وقمعها وقتلها لهم، وقد قتل (200) شخص، حيث يعد الاضطراب الأعنف في تاريخ الإقليم، وقد وصف أردوغان ما حدث بأنه إبادة جماعية، إلا أن الصين ستبيدهم جميعا، ولن تحقق لهم هذا الحلم الخيالي، وقد ذكرنا أسباب ذلك، فيما يخص الحركات الإسلامية الإنفصالية، ففي سنة 1992 قام الإيغور بعقد مؤتمر وطني لنواب إقليم شينجيانغ في اسطنبول حضره ممثلو أكثر من ثلاثين منظمة إيغورية إنفصالية تعمل في الخارج، وقد شكل المؤتمر اللجنة الوطنية الدولية المشتركة لتركستان الشرقية (إقليم شينجيانغ)، وتم إقرار اسم الدولة وهو( دولة تركستان الشرقية) مع اختيار علم وطني على صورة هلال في وسطه نجم يشبه العلم التركي تمام إلا أن خلفيته زرقاء، في سنة 1993 عقدوا مؤتمرا ثانيا في اسطنبول – لأن مقرهم الرئيس في اسطنبول- فشكلوا حكومة في المنفى، وتم تعيين (روزابيك) رئيسا للوزراء، ودعا المؤتمر الأمم المتحدة والمنظمة الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة المؤتمر الإسلامي(منظمة التعاون الإسلامي حاليا) بالاعتراف بدولتهم منفصلة عن الصين، في السنة نفسها أي 1993 أسس حسن محسوم ونائبه عبد الحق يابوقوان الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، حسن محسوم من إقليم شينجيانغ، ألقت الشرطة الصينية القبض عليه سنة 1993، تمكن من الفرار سنة 1997، فذهب الى أفغانستان ليلحق بحركة طالبان، ومن ثم نقل حسن محسوم مقر الحركة الى كابل سنة 1998، وذلك لكي يقوم بأنشطته الإنفصالية تحت حماية ولاية طالبان حيث كان يحمل جوزا سفر أفغاني، وقد التقى حسن محسوم وإيشان مخزومي الرأس المدبر للحركة الإسلامية بأسامة بن لادن، والتقوا أيضا بقادة الحركة الإسلامية في أوزبكستان، في سنة 1999 عقد الإيغور مؤتمر حضره ممثلون عن أربعين حركة إنفصالية، وقد اتفقوا على أن الحل العسكري هو الأمثل للمرحلة القادمة من أجل الاستقلال، ولهذا بدأوا بإرسال كوادرهم الى أفغاسنتان والشيشان وكشمير لتعلم فنون القتال والحرب، وأسسوا(20) قادة عسكرية للتدريب، ورفعت شعار( لا يمكن تحرير تركستان الشرقية بالطرق السلمية ولا بد من استخدام القوة لحل المشكلة)، وفي سنة 2001 وافقت حركة طالبان على دعم الإيغور ماديا، وتدريبهم عسكريا على حساب طالبان في قندهار، وقد خصصت فرقة خاصة للإيغور في جلال آباد، وخصص تنظيم القاعدة مركز تدريب لهم في تورا بورا لكي ينضموا الى القاعدة، والحقيقة كل ذلك على حساب أسامة بن لادن، في سنة 1996 اجتمع ممثلو عشر محافظات إقليم شينجيانغ لتأسيس حزب الله الإسلامي، وقد دعمت أمريكا هذه الحركات الإنفصالية كما دعمت الحركات الإسلامية في أفغانسنان ضد الاتحاد السوفيتي في بداية الثمانينات، ففي سنة 1995 سمحت أمريكا لجمعية تركستان الشرقية بفتح مكتب سياسي للجمعية في واشنطن، لأن المقر الرئيس في اسطنبول، وخصصت ساعتين لها في إحدى موجات أمريكا لبهث برامجها السياسية الموجهة الى الإيغور في جميع العالم وخاصة في الصين، وتحديدا في إقليم شينجيانغ، حيث التقى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون أكثر من مرة بقادة الإيغور، واستمع الكونغرس الأمريكي الى قضيتهم، وفي سنة 1999 اتهمت أمريكا الصين بأنها تمارس القمع بحق الإيغور، وتسلم بيل كلنتون من السيد (أنور) الرئيس التنفيذي للمؤتمر الوطني لتركستان الشرقية وثائق مهمة تكشف ما ارتكبته الصين من جرائم في إقليم شينجيانغ بحق الإيغور، إلا أن أحداث 11 سبتمر غيرت المعادلة كاملة، حيث تحولت أمريكا من صديق لتلك الحركات الإسلامية للإيغور الى عدو لها، بعد وجود صلات وعلاقات قوية بين قادة الحركة وأسامة بن لادن وطالبان، وهذه كانت أكبر هدية للصين لكل تستغل هذه الفرصة للقضاء على مطامع الإيغور الإنفصالية، ولهذا قامت جميع الدول المجاورة لإقليم شينجيانغ بمطاردة قادة الحركات الإسلامية والقضاء عليهم، وأصبح هناك تنسيق أمني كبير بين الصين وتلك الدول وبدعم أمريكي للقضاء على تلك الجماعات الإسلامية الإنفصالية، ففي سنة 2001 قامت الحكومة الأفغانية برئاسة حامد كرزاي بتسليم (20) إيغوريا الى الصين، وفي سنة 2002 قامت حكومة قيرغيرستان بتسليم اثنين من أعضاء الحركة الإسلامية الإيغورية الى الصين بتهمة التخطيط للهجوم على السفارة الأمريكية، في سنة 2002 حصلت الصين على دعم أمريكي لإدراج الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية في قائمة الإرهاب لصلتها بالقاعدة، ثم وافقت الأمم المتحدة على إدراج الحركة في قائمة الإرهاب بطلب أمريكي وصيني، وقد استغلت الصين هذه الفرصة لتطلب من المجتمع الدولي بمساعدتها في محاربة الجماعات الإسلامية الإرهابية وهي: الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، منظمة تحرير تركستان الشرقية، المؤتمر العالمي لشبيبة الإيغور، والمركز العالمي لتركستان الشرقية، إلا أن أمريكا ودولا أخرى لم توافق على قائمة الصين الإرهابية، واكتفت بتصنيف جماعة واحدة في قائمة الإرهاب وهي الحركة الإسلامية لصلتها بالقاعدة، ولهذا لم تتخل أمريكا عن قضية الإيغور ومعاناتهم وطموحاتهم، بل هي مستمرة في دعم طموحات الإيغور والدفاع عن قضيتهم العادلة، والحديث عن معاناتهم المستمرة من قبل الصين، وقد وقع(71) نائبا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مذكرة مطالبين وزير خارجيتهم مايك بومبيو ووزير الخزانة الأمريكية ستينفن منوشين بفرض عقوبات على الصين بسبب الانتهاكات ضد الإيغور في إقليم شينجيانغ، وقد وصفت الخارجية الأمريكية الانتهاكات الصينية بحق الإيغور بأنها الأسوأ منذ الثلاثينيات حيث شبتها بمعسكرات ستالين وألمانيا النازية، وقد اتهمت الصين تركيا والصندوق الوطني للديمقراطية في أمريكا والؤتمر العالمي للإيغور بمساندة الجماعات الإنفصالية الإيغورية، في سنة 2002 التقى الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش والرئيس الصيني السابق جيانغ زيمين واتفقا على ضرورة محاربة الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية لصلتها بالقاعدة، وفي سنة 2009 جمدت أمريكا أصول عبد الحق يابوقوان المعروف بأبي محمد التركستاني، الذي قاد الحزب الإسلامي بعد مقتل زعيم الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية من قبل القوات الباكستانية سنة 2003، قتل عبد الحق سنة 2010، وبعد تصنيف الحركة الإسلامية الإيغورية في قائمة الإرهاب بدأ قادتها وأعضاءها بممارسة العنف في الصين واستهداف المصالح الأمريكية في العالم، وشكلوا حكومة مستقلة في المنفى برئاسة أنور يوسف وكتبوا دستورا جديدا للدولة سنة 2004، إلا أن الحركة بدأت تضعف يوما بعد وخاصة بعد انهيار طالبان، والتنسيق الأمني بين الصين والدول المحيطة بإقليم شينجيانغ، والدعم الأمريكي القوي للقضاء عليها، لذلك قام أعضاء الحركة بتأسيس الحزب الإسلامي لكي يبعدوا تهمة الإرهاب، وهو في الحقيقة امتداد للحركة الإسلامية، وقد انتشر أعضاء هذه الحركة في العراق بعد سقوط نظام البعث سنة 2003، وفي سوريا بعد قيام الثورة السورية سنة 2011، وأكثرهم استقروا في سوريا، وقد ساعدت جبهة النصرة بقيادة أبي محمد الجولاني أعضاء هذه الحركة بالاستقرار في سوريا، وفتحت لهم معسكرات للتدريب، وهناك كتيبة إيغورية تقاتل في سوريا، وكتيبة أوزبكية باسم (كتيبة الجهاد والتوحيد) وكتيبة شيشانية تعرف بجنود الشام، حيث كلها تقاتل مع جبهة النصرة التابعة للقاعدة، وقام تنظيم داعش أيضا بإسكان(2000) إيغوري في الرقة (عاصمة خلافتهم) ودير الزور، وأسس مدارس خاصة بهم، ولهذا نجد كثيرا من الأسرى الذين يتم القبض عليهم من الإيغور، وبحسب التقارير الدولية وخاصة الصينية أن هؤلاء المقاتلين الإيغور يتم نقلهم من إقليم شينجيانغ الى سوريا من قبل تركيا، وبالتنسيق مع جبهة النصرة التابعة للقاعدة، وكذلك بالتنسيق مع تنظيم داعش، ولهذا تتهم الصين ودول أخرى تركيا بإيواءها أعضاء القاعدة وداعش، وقد وصل الذين تم نقلهم من شينجيانغ الى سوريا الى (3500) مقاتل، ووصل عدد الإيغور الذين فروا الى تركيا سنة 2014 الى (7) سبعة آلاف، وقد انتقدت الصين تركيا بسبب مواقفها تجاه الإيغور، وكلما اهتمت تركيا بقضية الإيغور كلما قست الصين بحقهم، فتركيا تهتم بالإيغور ليس لأنهم مسلمون بل لأنهم من الأتراك، ولهذا تقوم الجماعات الإيغورية الإنفصالية بالدعوة الى توحيد كامل الدول الناطقة بالتركية، فالبعد القومي هو الطاغي على دعوات تلك الجماعات رغم إدعاءها الإسلام، ولهذا نجد المقر الرئيسي للإيغور في اسطنبول، ويعيش في تركيا عدد غفير منهم، ونجد موقف تركيا متشددا تجاه الصين في سوء معاملتها للإيغور، وفي مقابل ذاك نجد الصين تتعامل بظلم وقسوة مع الإيغور حيث فتحت لهم معتقلا كبيرا فيه ما يقارب مليون إيغوري، ومنعت الحجاب في الأماكن العامة، ولهذا حددت السلطات غرامة تقدر ب(353) دولارا لمن تلبس الحجاب في الأماكن العامة، وفرضت قانون تحديد النسل، طفل لكل عائلة، والأغرب من ذلك مطالبتهم بتسليم مصاحفهم، وفي سنة 2014 حكمت على (إلهام توهتي) بالسجن مدى الحياة بتهمة التحريض على الإنفصال، حيث كان يدير شبكة الانترنيت خاصة حول معاناة الإيغور، وكثير من الناشطين عندما يتكلمون على الشاشات لا يريدون كشف وجوههم خوفا من السلطات الصينية، وفي سنة 2014 في مدينة ياركند حدث عنف من قبل السلطات الصينية ضد الإيغور في شهر رمضان بسبب قيودها ومضايقاتها المستمرة لهم، وقد قتل ما يقارب(96) شخصا، ولم يقف الإيغوريون مكتوفي الأيدي ففي سنة 1994 قام حزب الإصلاح الإسلامي السري بتفجير مقر تحديد النسل ومبنى محكمة التفتيش في آن واحد، انتقاما لما قامت به السلطات الصينية من قتل مولود امرأة لمخالفتها قانون تحديد النسل، وقد ماتت الوالدة بعد انهيارها، وفي سنة 2009 استهدفت الحركة الإسلامية أولمبياد بكين لنشر الذعر والخوف بين الزائرين، لا جرم أن تركيا لا تستطيع مواجهة الصين، وقد يئست تركيا من القيام بشيء تجاه قضية الإيغور، ولهذا تقوم بخطة أخرى وهي توطين الإيغور في سوريا من أجل التغيير الديموغرافي، حيث تنقل الإيغور من شينجيانغ الى سوريا لكي يكونوا الأكثرية في سوريا بغية التدخل مستقبلا للحفاظ على أمن الإيغور الأتراك، ولهذا نجد أن الإيغور هم الأغلبية في مدينة جسر الشغور التابعة لمحافظ إدلب السورية، والذي أريد أن أصل إليه، أن الصين لا تعادي الإسلام، بل تعادي من يريد استقطاع جزء منها، فهي تعتقد أن إقليم شينجيانغ جزء لا يتجزأ من الصين، ولا يمكن التنازل عنه مهما كلف الثمن، ولو كانت تعادي الإسلام لما سمح لمسلميها في أقاليم أخرى مثل نينغشيا ومحافظات أخرى بالحرية، وبتأسيس روابط وجمعيات ومؤسسات دينية، وخاصة أن الدستور كفل ذلك، ولكن المشكلة أن الإيغور ارتكبوا أخطاء، منها الدعوة الى الإنفصال – مع حقهم الطبيعي- في ظروف صعبة للغاية، حيث إن مواجهة الصين انتحار، وهناك تنسيق أمني رفيع المستوى بين الدول المجاورة، والخطأ الآخر ما قامت به الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية بالتنسيق مع الجماعات المتطرفة كتنظيم القاعدة وحركة طالبان وداعش وجبهة النصرة، ولهذا سيبقى هذا الشعب المسكين يعاني ما لم يبحث عن حل منطقي وواقعي لمشكلته، والصين تريد من مسلميها كلهم وخاصة في شينجيانغ:
1) أن يقتصر الإسلام على الجانب الثقافي والروحي والإيماني.
2) أن تكون الهوية الإسلامية أقل شأنا من الهوية الصينية.
3) يجب رفض التعاليم الدينية التي تعارض سياسة الدولة.
Top