• Friday, 29 March 2024
logo

الإسلام السياسي في الجزائر

الإسلام السياسي في الجزائر
احتلت فرنسا الجزائر سنة 1830، قاد المقاومة ضدها الأمير عبد القادر الجزائري عندما بايعه الجزائريون سنة 1832، وقد نال البيعة العامة سنة 1833، وكانت الثورات العربية تحمل في طياتها أبعادا دينية لكونها تقاوم المحتل والمستعمر، فمن الطبيعي أن يقود تلك الثورات علماء الدين، وهي ظاهرة اجتماعية منطقية، ويعد الأمير عبد القادر الجزائري مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، لأنه هو أول من قاوم الاستعمار الفرنسي من أجل الإستقلال، وقد استطاع الجزائري تكوين جيش من المتطوعين حتى أرغم القائد الفرنسي لويس دى ميشال Louis Alexis Demichels، الى عقد هدنة سنة 1834، لكن فرنسا خرقت الهدنة، واستمر الجزائريون في مقاومة الإستعمار الفرنسي مما دفعه الى معاهدة التافنة مع الجنرال توماس بيجود Thomas Robert Bugeaud لكنها خرقت مجددا مستغلة كسب الوقت للقضاء على المقاومة الجزائرية، وقد خاطب الجنرال بيجو رجال الأمير عبد القادر الجزائري:" لن تحرثوا الأرض، وإذا حرثتموها لن تزرعوها، وإذا زرعتموها لن تحصدوها"، مما دفع بالأمير الى حرب العصابات ما بين سنة 1844 وحتى 1847، وقد طلب الأمير العون من السلطان المغربي مولاي عبد الرحمن لكنه لم يستطع خوفا من فرنسا، فاستسلم الأمير سنة 1847 لينقل الى فرنسا ويسجن في مدينة بو Pau في جنوب فرنسا.
في سنة 1931 تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في نادي الترقي في العاصمة على يد الشيخ عبد الحميد باديس، بعد أن وجه نداء الى كافة علماء الإسلام في الجزائر، وهي جمعية دينية لخدمة المجتمع والدين ولا دخل لها في السياسة كما قالوا في بيان تأسيسها، فبدأوا بفتح المدارس لتعلم اللغة العربية والثقافة الإسلامية خوفا من ذوبانها في بوتقة الثقافة الفرنسية، وقد بنت علاقات متينة مع جامع الزيتونة في تونس، والأزهر في مصر، ورفعت الجمعية شعارها (الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا) ردا على احتفال فرنسا سنة 1930 بالعيد المئوي لاحتلال الجزائر، مما أثار سخط الجمعية، في سنة 1936 دعا ابن باديس الى عقد مؤتمر إسلامي في الجزائر ضد مشروع اندماج الجزائر مع فرنسا، وفي سنة 1937 دعا ابن باديس النواب الى مقاطعة مجلس النواب بخصوص مشروع الاندماج، توفي عبد الحميد باديس سنة 1940، ويحتفل الجزائريون كل(16) من نيسان بيوم العلم الجزائري تخليدا لذكرى عبد الحميد باديس، خلفه البشير الإبراهيمي الذي كان نائبا له، اختار الإبراهيمي محافظة تلمسان مقرا لممارسة نشاطه سنة 1933، وأسس هناك مدرسة الحديث سنة 1937، تولى رئاسة الجمعية في منفاه لثلاث سنوات حيث نفته فرنسا الى جنوب غرب الجزائر، ثم أفرج عنه سنة 1943، وفي سنة 1945 سجن في السجن العسكري الفرنسي وتعرض للتعذيب، ثم أطلق سراحه سنة 1946، والحقيقة أن هذه الجمعية مع كونها ادعت أنه لا دخل لها في السياسة، فهي مارست السياسية في جميع مراحلها، وربما فرنسا هي التي دفعتها الى ممارستها، وخاصة أن سياسة الإستعمار الفرنسي بقيت عدوانية ولم تتحول الى وئام، وقد تركت الجمعية أثرا كبيرا في نفوس الجزائريين، وربطت بين ثورة الأمير عبد القادر الجزائري والحالة الراهنة، في كون الجمعية استمرارية للثورة، ولهذا بقيت الثورة في ضمير الجزائريين وترسخت في خيالهم، وبعد قيام الثورة الشعبية الوطنية الجزائرية سنة 1954 وبعد سنة أي في سنة 1955 قام البشير الإبراهيمي بحل الجمعية، لينضم الى جبهة التحرير الوطني، فالرجل تخلى عن جميعة إسلامية من أجل جبهة وطنية تقود البلد الى الحرية والاستقلال، هكذا ينبغي أن يكون العالم المسلم، فانطلقت الثورة لتستمر سبع سنوات حتى يتحقق الإستقلال بعد مفاوضات كثيرة بين الثوار والرئيس الفرنسي شارل ديغول Charles de Gaulle ليتفق الطرفان في اتفاقية إيفيان Evian Accords التي تقضي بوقف الثورة، وتقرير المصير في استفتاء شعبي، وقد صوت الجزائريون بنسبة عالية جدا لصالح الاستقلال، واعترفت فرنسا باستقلال الجزائر سنة 1962، قدم الجزائريون مليون شهيد في سبيل الحرية من الاستعمار الفرنسي الذي جثم على صدورهم(132) سنة، انتخب المجلس الوطني التأسيسي فرحات عباس أول رئيس للجزائر سنة 1962، لكنه بعد سنة استقال نتيجة خلاف مع رئيس الوزراء أحمد بن بلة، لينقل فرحات من الرئاسة الى السجن، حيث بقي فيها لسنتين، تسلم بن بلة رئاسة البلاد سنة 1963 ليصبح أول رئيس للجمهورية الجزائرية، ثم عين أمينا عاما للمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني في مؤتمره المنعقد سنة 1964، وقد بدأ بن بلة بفرض النظام الاشتراكي، وقام بحبس وتصفية من يعترض طريق مشروعه، فالبشير الإبراهيمي الذي حل جمعيته الإسلامية لينضم الى جبهة التحرير اعترض على بن بلة سنة 1964، لأنه جاء بتعاليم مخالفة لثوابت الإسلام، فوضعه بن بلة تحت الإقامة الجبرية الى أن توفي سنة 1965، وقام بن بلة أيضا بقتل العقيد شعبان سنة 1964 رميا بالرصاص لمعارضته تعاليمه، قاد هواري بومدين انقلابا عسكريا ضد بن بلة سنة 1965 ليطيح به ويصبح رئيسا لمجلس التصحيح الثوري، لأنه اعتقد أن بن بلة انحرف عن مسار الثورة، فألقاه في السجن حتى أطلق سراحه الرئيس الشاذلي بن جديد سنة 1980، أصبح هواري رئيسا للجمهورية سنة 1975، لكنه أصيب بمرض عضال لم يستطع الأطباء معالجته، فتوفي سنة 1978، لم يسمح هواري بأن يكون له نائب، لذا وفاته شكل صراعا بين رجالات الحزب الحاكم بقيادة محمد صالح يحياوي وبين عبد العزيز بوتفليقة الذي كان وزيرا للخارجية في حكومة هواري، تدخل الجيش الجزائري في ترشيح الشاذلي بن جديد، فالدستور الجزائري لسنة 1976 ينص أن اختيار رئيس الجمهورية من صلاحيات جبهة التحرير الوطني حصرا، لذا أصبح الشاذلي بن جديد سنة 1979 رئيسا للبلاد وبقي في السلطة حتى سنة 1992، في سنة 1988 دخلت الجزائر في أزمة اقتصادية خانقة بعد تهاوي أسعار النفط، وقد لجأت الحكومة الى تطبيق سياسة التقشف، فخرجت مظاهرات شعبية ضد سياسة الحكومة، وقد واجهت الحكومة المتظاهرين بالنار حيث قتل بعضهم، مما زرع الخوف والهلع في النظام السياسي، فقام الشاذلي بن جديد سنة 1989 بتغيير الدستور ليسمح بالتعددية السياسية لكي يخفف من ضغوطات الشارع، لأنه منذ ثلاثين عاما كان الحزب الواحد يحكم البلد، فبعد إقرار قانون التعددية السياسية تشكل (60) ستون حزبا، ومن تلك الأحزاب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بقيادة عباسي مدني ونائبه علي بلحاج، وقد وافقت الحكومة على تأسيسها، كان ذلك سنة 1989، وقد دعا الشاذلي الى الانتخابات البلدية سنة 1990، لتفوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا ساحقا، وقد كان سبب فوز جبهة الإنقاذ أنها كانت تجربة جديدة، ووعقوبة من الشعب لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي لم يقدم حلولا لمشاكل الشعب، قامت الحكومة بالقبض على عباسي مدني وعلي بلحاج لتودعما في السجن لمدة (12) سنة، تم اطلاق سراحهما سنة 2003، ومنعا من الانخراط في العمل السياسي، غادر عباسي مدني الى قطر وتجنس بجنسيتها، حتى توفي سنة 2019، أما بلحاج فقد بقي في الجزائر، وفي انتخابات 1991 البرلمانية حققت الجبهة الإسلامية للإنقاذ نصرا كبيرا وكاسحا بقيادة عبد القادر حشاني، تدخل الجيش وألغى نتيجة الإنتخابات في الجولة الأولى، وكان ذلك صدمة للقيادة الحاكمة، وقد قدم الشاذلي استقالته بعد ضغوطات من وزير الدفاع الذي كان يريد حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تم حظر الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وسجن قادتها، ثم تم حل البرلمان وأعلن عن حالة الطواريء، والحقيقة أن النظام الجزائري ارتكب أكبر خطأ في حياته بعد إلغاءه نتائج الانتخابات، لأن ذلك نسف للديمقراطية، كان ينبغي له السماح للإسلاميين بأن يحكموا، ومعلوم أن حكمهم لن يدوم إلا فترة قصيرة، لأنهم لا يملكون رؤية وطنية لمفهوم الدولة، بل رؤيتهم ضيقة تنحصر في تأسيس دولة إسلامية لتطبيق الشريعة فقط، والسؤال الذي يطرح نفسه، أي دولة يقصدون؟ هل هي على غرار إيران أو طالبان أو خلافة داعش؟ لا يمكن في مجتمع متعدد تكوين دولة أيدولوجية، بل الحل في دولة ديمقراطية مدنية وطنية، ولهذا فالنظام يتحمل جزءا كبيرا من آثار الحرب الأهلية التي اندلعت، لهذا تحولت الجبهة الإسلامية الى جبهة مسلحة باسم الجماعة الإسلامية المسلحة والجيش الإسلامي لتدخل ضد الحكومة في دوامة عنف دموية استمرت عشر سنوات، وقد قال عباسي مدني حينها:" لو أصدرت أوامري لمريدي بأكل الدبابات بأسنانهم لفعلوا"، وكان شعارها (لا اتفاق ولا هدنة ولا حوار)، وأعلنت الحكومة الحرب على جبهة الإنقاذ سنة 1994، وعرفت تلك الفترة ما بين (1990-2000) بالعشرية السوداء لأنها كانت سنوات سوداء في حياة الجزائريين، حيث خلفت تلك الحرب الأهلية ربع مليون قتيل، فهذه مواطنة جزائرية تقول:" ربنا ما يعيد تلك الأيام التي كان المواطن يودع أهله عند خروجه من منزله لعمله كل يوم، لأنه قد لا يراهم مرة أخرى"، استدعى الجيش الجزائري محمد بوضياف بعد (27) عاما قضاها في الخارج، ليعينوه رئيسا للمجلس الأعلى للدولة سنة 1992 بعد استقالة الشاذلي، وذلك لإنقاذ البلد من الفوضى والحرب الأهلية ومواجهة الجماعات الإسلامية، إلا أنه قتل في انفجار سنة 1992، خلفه علي كافي حتى سنة 1994 ليسلم الرئاسة للواء المتقاعد اليمين زروال، دخل زروال في مفاوضات مع جهبة الإنقاذ لكنها فشلت، وقد دعا زروال الى إجراء الإنتخابات، فاز فيها ليصبح رئيسا في انتخابات سنة 1995، ووصفت المعارضة تلك الإنتخابات بالتزوير، وفي السنة نفسها أي سنة 1995 أعلنت الجماعة الإسلامية المسلحة الخلافة الإسلامية وتم اختيار شريف غوسمي أميرا لها، وبدأت بعملية الإغتيالات والتفجيرات، في سنة 1998 أعلن زروال استقالته بعد فشل المفاوضات، وتم إجراء انتخابات مبكرة، ليفوز عبد العزيز بوتفليقة بعد انسحاب ستة مرشحين من المنافسة متهمين قائد أركان الجيش محمد المعماري وزروال بالتورط في مساندة بوتفليقة، استلم بوتفليقة رئاسة الجمهورية سنة 1999، وبعد خمس سنوات أعلن ترشحه للمرة الثانية سنة 2004 ففاز بنسبة %85 تعرض للإغتيال سنة 2007، في سنة 2008 تم تعديل الدستور ليلغى تحديد فترة الترشح للرئاسة، وقد وصف بوتفليقة هذا التعديل بقوله:" سيحسن سلطة الشعب في اختيار قادته ويعزز الديمقراطية"، في سنة 2009 اعيد انتخابه للمرة الثالثة بعد فوز ساحق بنسبة 24-90%، في سنة 2013 أصيب بجلطة دماغية، لينقل الى باريس، وعاد بعد أربعة أشهر على كرسي متحرك، في سنة 2014 رشح نفسه للمرة الرابعة، وفاز بنسبة %80 مع مقاطعة المعارضة، وقد خرجت الجماهير تنتفض ضد ولايته الخامسة، وقد قرر في النهاية عدم ترشحه سنة 2019، ثم أطيح به.
بعد فوز بوتفليقة لأول مرة برئاسة البلاد سنة 1999 لم يأبه بما قاله المعارضون عندما شككوا في نزاهة الانتخابات، أطلق بوتفليقة مشروع قانون الوئام أو المصالحة الوطنية للبرلمان لإقراره، وقد رفض هذا القانون الجماعة الإسلامية المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال، دخل بوتفليقة في مفاوضات مع الجيش الإسلامي الجناح المسلح لجبهة الإنقاذ، لينخرط في عملية السلام، وكان عبد القادر حشاني يقود الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقد انتقد الجيش لأنه لم يحترم الدستور، وانتقد مشروع بوتفليقة في كونه غير كاف، اعتقل سنة 1992، ثم أفرج عنه سنة 1997، وقف ضد عمليات العنف والإرهاب التي مارستها الجماعة الإسلامية المسلحة المنشقة عن جبهة الإنقاذ وكذلك عمليات الجيش الإسلامي، أرسل عنتر زوابري زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة أحد أعضاء جماعته وهو فؤاد بليمة فقتل عبد القادر حشاني سنة 1999، وقد قررت محكمة جزائرية إعدام القاتل، كانت الجماعة الإسلامية المسلحة التي انشقت عن جبهة الإنقاذ مكونة من مقاتلين من أفغانستان والبوسنة والشيشان، تأسست سن 1992 بقيادة منصور ملياني، أعدم سنة 1992، فخلفه محمد علال لكنه قتل ليخلفه عبد الحق العيايدة، اعتقل في المغرب وسلمته للجزار ليعتقل(12) سنة، ثم أفرج عنه سنة 2006، تولى قيادة الجماعة سيد أحمد مراد الملقب بجعفر الأفغاني، قتل سنة 1994، خلفه جمال زيتوني وآخرون، وقد أصدر زيتوني فتاوى بقتل الإسلاميين والشيوخ التقليديين الذين يخالفونهم، ومن الذين قتلوا بأمر زيتوني الشيخ محمد السعيد، فقامت الرابطة الإسلامية للدعوة والقتال المنشقة عنها بتصفية جمال زيتوني انتقاما لمقتل محمد السعيد، جاء عنتر الزوابري الرجل الدموي ليقود الجماعة الإسلامية المسلحة بعد مقتل زيتوني حيث وقعت مجازر وفواجع في فترته، قتل سنة 2002، قاد الجماعة بعده رشيد أبو تراب المعورف برشيد أوكالي، وقد أعلنت مسؤوليتها عن اختطاف الطائرة الفرنسية المتجهة الى الجزائر سنة 1994، وكذلك تفجير أنفاق باريس سنة 1996، في سنة 1998 انشقت عنها الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وكان ظهورها بعد إعلان أسامة بن لادن عن تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود والنصارى بأسابيع، وقد بينت إنكارها لما تقوم به الجماعة الإسلامية المسلحة من التفجيرات والاختطاف واستهداف مؤسسات الدولة، ويعود الفضل الى مؤسسها حسن حطاب، لكن مع ذلك كانت الجماعة السلفية تعتقد بردة وكفر النظام الجزائري، لكن بمرور الزمن دخلت الجماعة في دوامة عنف دموية، ولم تلتزم بالمواثيق السابقة وخاصة في سنة 2004 -2005، في سنة 2006 انضمت الجماعة الى القاعدة، لكن حسن حطاب تخلى عن العمل المسلح، لكنه لم يسلم نفسه للسلطات، وفي سنة 2007 غيرت الجماعة السلفية اسمها الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بناء على استشارة اسامة بن لادن، وقد سمته الجماعة بأسد الإسلام، وكانت الجماعة ملتزمة بفتاوى منظرها الأيدولوجي مصطفى حليمة المعروف بأبي بصير الطرطوسي سنة 2004، لكنها تخلت عنه لتعلن انضمامها الى تنظيم القاعدة لأسامة بن لادن، وقد تولى نبيل صحراوي قيادة الجماعة سنة 2003 بعد تخلي حسن خطاب عن قيادتها، وقد تم إقصاء حسن حطاب من قبل صحراوي لأن حطاب وقف ضد انضمام الجماعة الى القاعدة، وقد قال نبيل صحراوي:" نحن ندعم بشدة ونؤيد تأييدا كاملا جهاد أسامة بن لادن ضد أمريكا الكافرة"، قتل سنة 2004، خلفه أبو مصعب عبد الودود والمعروف بعبد الملك دوركال، في سنة 2014 انشق عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلام تنظيم آخر سمي بجند الخلافة في الجزائر بقيادة قوري عبد الملك حيث كان مستشارا لعبد الملك دوركال، بايع أبا بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، وسبق أن سجن خمس سنوات أثناء الحرب الأهلية، قتل سنة 2014 من قبل وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب،
أما بخصوص الجيش الإسلامي فهو الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ، أسسه قادة جبهة الإنقاذ سنة 1993، وفي سنة 1995 أصبح مدني مرزاق أميرا للجيش الإسلامي، حيث كان عضوا في التنظيم السري لحركة النهضة لعبد الله جاب الله سنة 1987، تخلى عنه سنة 1991، ليلتحق بجبهة الإنقاذ، اعتقل سنة 1992 لسبعة أشهر، ثم هرب ليلتحق بالتنظيمات الإسلامية المسلحة التي تشكلت باسم جبهة الإنقاذ، وقد انضم الى الجيش الإسلامي، وقد وقعت اشتباكات بين الجيش الإسلامي والجماعة الإسلامية المسلحة خلقت قتلى سنة 1995، وفي سنة 1997 دخل في مفاوضات مع الحكومة ووصل الى اتفاق، وفي سنة 2000 أصدر بوتفليقة عفوا رئاسيا لينهي صفحة العنف الدموي، في سنة 2017 أسس حزبا باسم الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ، لكن السلطات منعته من المشاركة في العملية السياسية بموجب الاتفاق السابق.
حركة مجتمع السلم
تعد هذه الحركة أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، وقد أسسها محفوظ نحناح سنة 1991، كان اسمها سابقا حركة مجتمع مسلم، لكن بعد صدور قانون حظر استعمال الأسماء الإسلامية على الأحزاب السياسية، غير اسمها ليصبح حركة مجتمع السلم، هذه الحركة تعود في الأساس الى حركة الموحدين- نسبة الى دولة الموحدين في شمال أفريقيا التي أسسها ابن تومرت الأمازيغي في القرن الثاني عشر- التي أسسها بوسليماني ومحفوظ نحناح بعد استقلال الجزائر، عملت بصورة سرية سنة 1972، وفي سنة 1973 قويت وكثر أتباعها، وقد قاموا بمحاولة اغتيال الرئيس هواري بومدين، ووزير خارجية الجزائر عبد العزيز بوتفليقة آنذاك، حكم على بوسليماني محفوظ نحناح بالسجن لمدة خمسة عشر عاما بتهمة محاولتهما الإنقلاب على نظام بومدين، بقيا اربع سنوات في السجن وأفرج عنهما، في سنة 1976 أصبحت الجماعة علنية، في سنة 1980 تم حل الحركة، وعادت الى الظهور في السنة نفسها، ويعد بوسليماني مؤسس الإخوان المسلمين في الجزائر، وإن كان جاب الله عبد الله يزعم أنه هو المؤسس، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر أعلنت أن نحناح هو المراقب العام للإخوان المسلمين في الجزائر سنة 1985-1986، وتم استبعاد جاب الله مع محاولته الحثيثية ليكون بديلا لنحناح ولكن دون جدوى، وقد ساهما أي بوسليماني ونحناح في تأسيس جمعية الإرشاد والإصلاح، قامت الجماعة الإسلامية المسلحة سنة 1993 بذبح بوسليماني بالسكين بعد أن رفض إصدار فتوى بجواز قتل المخالفين، أما نحناح فقد شارك في تأسيس الرابطة الإسلامية برئاسة أحمد سحنون، وشارك في الحكومة بحقائب وزارية، وهي الحركة الإسلامية الوحيدة التي لم يتم حظرها من قبل الحكومة، وذلك حتى يقال أن الحكومة ليست ضد الإسلاميين المعتدلين بل هي ضد المتطرفين منهم، كجبهة الإنقاذ الإسلامية، شارك في الانتخابات الرئاسية سنة 1995 ونال المرتبة الثانية بعد اليمين زروال، في سنة 1999 لم يسمح له بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية بحجة أنه ليس من مجاهدي التحرير الوطني، فساند عبد العزيز بوتفليقة لرئاسة البلاد، وقد أدخل بوتفليقة حركة مجتمع السلم في الحكومة سنة 1999، وفي عهد أبو جرة السلطاني الذي خلف نحناح بعد وفاته سنة 2003 كان يؤيد بوتفليقة وخاصة عندما أيد تعديل الدستور سنة 2008 للسماح لبوتفليقة بالترشح للمرة الثالثة، مما دفع بعبد المجيد مناصرة ومصطفى بلفهمي الى الإنشقاق عنها سنة 2009، وشكلا حركة الدعوة والتغيير، واشتد الصراع بين الطرفين حول من يمثل الإخوان، فقرر المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف برفع الشرعية عن الطرفين، وأنه لا أحد يمثل الإخوان في الجزائر، لكن في سنة 2018 أعلن رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري ورئيس جبهة التغيير بقيادة عبد المجيد مناصرة وحدتهما، بعد أن أطاح عبد الرزاق مقري بأبي جرة السلطاني سنة 2013، وليرفض ترشيح بوتفليقة سنة 2014، وأعلن انضمامه الى المعارضة، وقد أعلن مجلس شورى الحركة ترشيح عبد الرزاق مقري للإنتخابات الرئاسية لسنة 2019، لكنه أعلن انسحابه، وانشق أيضا عن حركة مجتمع السلم عمار غول سنة 2012 ليشكل حزب تجمع أمل الجزائر، واستمرت الانشقاقات، اتجهت حركة المجتمع المسلم الى إبعاد نفسها عن التنيظم الإخواني الدولي، لتصبح حركة جزائرية بأفكار إخوانية، ولهذا سموا بإخوان الجزائر، أما مصطفى بلمهدي فقد أسس حركة البناء الوطني سنة 2013 لتمثل جماعة الإخوان المسلمين رسميا في الجزائر(إخوان الخارج)، أما حركة النهضة الإسلامية فقد تأسست سنة 1989 بقيادة عبد الله جاب الله، أطيح به سنة 1997 من قبل رفيق دربه الحبيب آدمي، فقرر جاب الله تأسيس حركة الإصلاح الوطني، لكنه أطبح به مجددا من قبل جهيد يونس، ليذهب جاب الله سنة 2012 الى تأسيس العدالة والتنمية، وهؤلاء يمثلون التيار الإسلامي الإخواني، وكانوا يتصارعون على قضية التمثيل الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين، فكل جماعة تدعي أنها تمثل الإخوان المسلمين، فحركة مجتمع السلم بقيادة عبد الرزاق مقري وجبهة التغيير بقيادة عبد المجيد مناصرة تحالفوا من أجل بناء البيت الإخواني (إخوان الداخل أو الجزائر)، ليمثلوا الجماعة بصورة شرعية، وقد بقيت حركة البناء الوطني وحزب أمل الجزائر بقيادة الوزير السابق عمار غول يمثلون تنظيم الإخوان العالمي، وتدعي حركة النهضة الإسلامية بقيادة دويبي وجبهة العدالة والتنمية بزعامة جاب الله أنهم يمثلون الإخوان المسلمين، وقد قررت جماعة الإخوان المسلمين في مصر اختيار مصطفى بلمهدي مراقبا عاما للإخوان المسلمين في الجزائر، بعد صراعات دامت أربع سنوات حول من يمثل الإخوان، في سنة 2012 انسحبت حركة مجتمع السلم من تحالف الحكومة وشكلت تحالفا ثلاثيا مع حركة النهضة الإسلامية بزعامة فاتح ربيعي وحركة الإصلاح الوطني بقيادة حملاوي عكوشي باسم تكتل الجزائر الخضراء، وقد أعلنوا طي صفحة الماضي، والعمل في تكتل إسلامي معتدل، وقد رفض حزبان إسلاميان آخران هذا التكتل، وهما جبهة العدالة والتنمية لجاب الله وجبهة التغيير لعبد المجيد مناصرة، لا مجمجة أن تشتتهم سبب خسارتهم في الانتخابات، وهم لم يحققوا نتيجة مرجوة في انتخابات سنة 2007، وفيما يخص انتخابات 2017 فقد فشل الإسلامي السياسي بكل تياراته، حتى قال رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس:" إن الإنتخابات وقعت شهادة وفاة الإسلاميين، والحقيقة أن فشل الإسلام السياسي يرتد الى عدة أسباب منها:
1) خوف الشعب الجزائري من تكرار العشرية السوداء وهي الحرب الأهلية المخيفة التي راح ضحيتها ربع مليون قتيل.
2) تشتت الإسلاميين وتفرقهم، حيث لم يستطعوا تشكيل جبهة إسلامية موحدة.
3) تحالف بعضهم مع الحزب الحاكم كما فعلت حركة مجتمع السلم، وتصويتها لتعديل الدستور من أجل تمديد ولاية بوتفليقة سنة 2008 للمرة الثالثة.
4) مشاركة بعض الإسلاميين في الحكومة من أجل المناصب كما فعل عمار غول رئيس حزب أمل الجزائر.
5) رفض الشعب الجزائري للجماعات الدخيلة، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والجماعة السلفية.
بقيت الإشارة الى المفكر الجزائري مالك بن نبي فقد ركز الرجل على الإصلاح الفكري في المجتع الجزائري، وقد بقيت أفكاره بمثابة إلهام لكثير من الجماعات الإسلامية، أسسوا مسجد الجامعة المركزية سنة 1968، وتأسست بعض المدارس لنشر أفكاره، وتعرف هذه الحركة بحركة الجزأرة، وهذه الحركة الفكرية تعد امتداد لجمعية العلماء المسلمين لابن باديس والبشير الإبراهيمي.
Top