• Friday, 29 March 2024
logo

الإسلام السياسي في الشيشان

الإسلام السياسي في الشيشان
كانت منطقة جنوب القوقاز تحت سيطرة الأمبراطورية العثمانية باستثناء أذربيجان التي كانت تحت سيطرة الصفويين في إيران، ومصطلح جنوب القوقاز South Caucasus يشمل(جورجيا Georgia، وأرمينيا Armenia، وآذربيجان Azerbaijan) وهي دول استقلت عن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991، وعرفت بجمهوريات القوقاز المستقلة، وكان للعثمانيين نفوذ في الشيشان في شمال القوقاز، ومصطلح شمال القوقاز North Caucasus يشمل( الشيشان Chechnya، وأنغوشيا Ingushetia وداغستان Dagestan، أديغيا Adygea، وجمهوريات روسية أخرى) وهي جمهوريات لم تنل استقلالها، وخاصة جمهورية الشيشان التي خاضت حربين من أجل الإستقلال لكنها لم تستطع، ولا تزال تناضل في سبيل تحقيق ذلك، وتاريخ نضال الشيشانيين قديم، يعود الى حقبة القياصرة الروس، وذلك عندما احتلوا القوقاز سنة 1722 في عهد القيصر بطرس الأكبر Peter The Great ، قاوم الشعب الشيشاني هذا الاحتلال بقيادة الإمام منصور من سنة 1780 وحتى 1791، وقد وقع في الأسر ليقتل بعد ذلك سنة 1794، تابع قيادة المقاومة الإمام مولاي محمد من سنة 1824 وحتى 1832، ثم أكمل مسيرة النضال المسلح الإمام حمزات، وقد قتل، ليخلفه الإمام شامل، وقد سطع نجم الأخير في منطقة القوقاز وذلك لخبرته العسكرية وتأثيره الكبير في الشباب، ففي سنة 1839 انضمت شعوب القوقاز المسلمة تجت إمرته لمواجهة روسيا المحتلة، إلا أن شامل استسلم للقياصرة سنة 1859، ليسيطر الروس على القوقاز كاملة سنة 1864، وسبب استسلام قائد المقاومة الشيشانية الإمام شامل هو ما قام به كونت حجي كيشي مؤسس الطريقة القادرية الصوفية في الشيشان، حيث حث أتباعه على عدم المشاركة في مقاومة القوات الروسية، لأن الله لا يريد الحرب، وقد انتشرت طريقته بسرعة في القوقاز وتركت آثارا سلبية على المقاومة الشيشانية ضد القياصرة، وكان قادة المقاومة الشيشانية ابتداء من الإمام منصور وانتهاء بالإمام شامل من أتباع الطريقة النقشبندية التي لا ترى ضيرا في الجمع بين الجانب الروحي والنضال المسلح، بخلاف الطريقة القادرية، وقد أسس الطريقة النقشبندية بهاء الدين نقشبند الأوزبكي البخاري، وقد أمر شامل بالقبض على كونت حجي كيشي، لكنه فر الى الدولة العثمانية، ثم عاد بعد سنتين عندما بدأت المفاوضات مع القياصرة لتحقيق متطلبات الشعب الشيشاني، ولكن دون جدوى، فقام أتباع كونت حجي كيشي بمواصلة النضال المسلح ضد الروس رافضين أوامره، حيث بدأت المقاومة من سنة 1877 واستمرت حتى سقوط القياصرة بقيادة نيكولاس الثاني Nicholas II بعد قيام الثورة البلشفية Bolsheviks Revolution الشيوعية بقيادة فلاديمير لينين Vladimir LeninK ، فيما يخص مصطلح البلشفية فمعناه الأكثرية، ففي سنة 1903 عقد اجتماع للحزب الديمقراطي الاشتراكي الروسي في بروكسل ولندن، وتم التصويت في الاجتماع حول طبيعة التعامل مع المرحلة القادمة مع الحكم القيصري، أيد الأكثرية رأي لينين في اللجوء الى الحل العسكري، ولهذا سمي تياره بالتيار البلشفي Bolsheviks ، وليصبح لينين زعيم الحركة البلشفية، وفي المقابل أيد الأقلية وهم المنشفيك Mensheviks بقيادة جوليوس مارتوف Julius Martov الحل السلمي لإسقاط الحكومة القيصرية، بعد ثورة 1917 وقعت الحرب الأهلية الروسية، بين البلاشفة وأتباع نيكولاس الثاني بقيادة لافر كورنيلوف Lavr Kornilov لتستمر الحرب حتى سنة 1921، وقد تم أسر نيكولاس الثاني وأعدم مع زوجته وابنه وبناته الأربع بيد ياركوف يورفسكي Yarkov Yurosky بأمر من لينين سنة 1918، ثم استمرت الحرب بين البلاشفة والحركة البيضاء White Movement التي جمعت جميع القوات والحركات المعارضة للثورة البلشفية بدعم من أمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان وتشيكوسلوفاكيا، باختصار كانت حربا بين الجيش الأحمر Red Army الذي أسسه ليون تروتسكي الذي كان رئيسا للجنة الثورية العسكرية، بعد أن كلفه لينين بذلك، والجيش الأبيض White Army بقيادة الجنرال بارون رانجل Baron Wrangel انتصر الجيش الأحمر للبلاشفة بعد حرب دموية خلفت مجازر وخرابا ودمارا وتهجيرا، وفي سنة 1922 تم تأسيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية بقرار من مجالس السوفيات، ليضم جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية، وجمهورية أوكرانيا Ukraine , وجمهورية بيلاروسيا Belarus ، وجمهورية ما وراء القوقاز Caucasus، وأصبحت موسكو عاصمة لها، بدل مدينة بتروغراد التي سميت لاحقا لينيغارد، ثم في سنة 1991 عرفت بمدينة سان بطرسبرغ Saint Petersburg، وفي سنة 1924 كتبوا دستورا جديدا للإتحاد، وفي السنة نفسها ضمت الى الاتحاد كل من جمهورية أوزبكستان Uzbekistan وتركمنستان Turkmenistan وفي سنة 1929 ضمت طاجكستان Tajikistan ، وفي سنة 1936 ضمت أذربيجان Azerbaijan وكازاخستان Kazakhstan وقيرغيرستان Kyrgyzstan ، وفي سنة 1940 ضمت استونيا Estonia ولاتفيا Latvia وليتوانيا Lithuania ومولدوفا Moldova ، توفي لينين سنة 1924، خلفه جوزيف ستالين Josef Stalin ، الذي كان أمينا عاما للحزب الشيوعي، بدأ في عهد الاستبداد ومحاكمة الخصوم والقتل والتهجير، توفي سنة 1953، حل محله نيكيتا خروتشوف Nikita Khrushchev في سنة 1964 تم عزله واختير ليونيد بريجنيف Leonid Brezhnev توفي سنة 1982، جاء بعده رئيس المخابرات الروسية KGB يوري اندروبوف Yuri Andropov لكنه لم يدم طويلا حيث توفي سنة 1984، ليخلفه قسطنطين تشيرنينكو Konstantin Chernenko لكنه هو الآخر توفي سنة 1985، ليأتي ميخائيل غورباتشوف Mikhail Gorbachev ليعلن عن خطة البريسترويكا Perestroika أي إعادة بناء الدولة التي انهارت، وقد كان آخر رئيس للاتحاد السوفيتي حيث أعلن سنة 1991 استقالته من رئاسة الدولة، حيث انهار الاتحاد السوفيتي في عهده، وليصبح بورس يلتسين Boris Yeltsin أول رئيس لروسيا الاتحادية، وكلف فلاديمير بوتين Vladimir Putin برئاسة الحكومة وأعمال رئاسة الجمهورية، ثم فاز بوتين في الانتخابات الرئاسية سنة 2000، ليصبح رئيسا للجمهورية، ولا يزال في هذا المنصب بعد فوزه في ثلاث دورات متتالية.
وقد سبق أن أعلن الشيشانيون عن دولتهم المستقلة جمهورية شمال القوقاز برئاسة تابه تشيرموييف سنة 1918، وقد اعترف بها البلاشفة والألمان والدولة العثمانية، وكان اعتراف البلاشفة بها مؤقتا لأنهم كانوا في بداية الثورة، ففي سنة 1922 أطلق البلاشفة الولاية الشيشانية على تلك المنطقة، وفي سنة 1925 قضوا على جمهورية القوقاز الشمالي لتصبح جزءا من الاتحاد السوفيتي، تحولت قيادة المقاومة الشيشانية الى سيت إسلامبوف، حيث دفعت مقاومته الشرسة الجيش الأحمر الى عقد اتفاقية لاحترام حقوق الشيشان والأنغوش سنة 1930، لكن البلاشفة خرقوا المعاهدة وقتلوا اسلامبوف ورفاقه رميا بالرصاص سنة 1931، حل محله أخوه حسان اسلامبوف، واستمرت المقاومة حتى سنة 1935، وفي سنة 1936 أطلق البلاشفة اسم الجمهورية الشيشانية الأنغوشية السوفيتية الاشتراكية ذات الحكم الذاتي على الولاية الشيشانية، استمرت المقاومة الشيشانية، وفي سنة 1942 أعلن في الشيشان عن إعادة تشكيل الحكومة الشيشانية التي كان يرأسها حسان اسرائيلوف، وفي سنة 1944 اتهم البلاشفة الشيشانيين بالتواطؤ مع الألمان، مما دفع ستالين بتهجير الشعب الشيشاني الى سيبيريا وبعض أصقاع داغستان، وبدأت المجازر والقتل والإبادة بحقهم، حتى جاء الرئيس خروتشوف ليعترف بحقوقهم بعد موت ستالين والسماح لهم بالعودة، واستمر الشيشانيون يقاتلون من أجل الإستقلال حتى سنة 1988 فشكلوا جبهة لتضم الشعب الشيشاني والأنغوشي وتم اختيار الحاج أحمد بيسولتانوف رئيسا لها، في سنة 1990 عقد مؤتمر وطني في غروزني Grozny عاصمة الشيشان، وأعلنوا الإستقلال عن الاتحاد السوفيتي، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991، جرت انتخابات برلمانية في ظل دولة مستقلة وهي جمهورية الشيشان – انغوش فاز الجنرال دوداييف Dzhokhar Dudayev رئيس مجلس الشعب الشيشاني برئاسة الجمهورية، لم يعترف الروس بالدولة الجديدة، وأعلنوا الحرب عليها، وقد عرض بورس يلتسين على دوداييف معاهدة الاتحاد السوفيتي سنة 1992 لكنه رفض، وقد قام يلتسين بتشكيل معارضة لدوداييف داخل الشيشان، للقيام بالإنقلاب عليه، لكنهم فشلوا، فقرر يلتسين إرسال (30) ألف جندي للقضاء على الدولة الجديدة، فاحتلت غروزني سنة 1995، بعد قصف وتدمير ومعركة عنيفة ونزوح جماعي للشعب الشيشاني، بخصوص إقليم أنغوشيا فقد انفصل عن الشيشان ليصبح جزءا من روسيا الاتحادية، فأصبح اسم الدولة جمهورية الشيشان – اتشكيريا، Chechen Republic of Ichkeria، وهي التسمية التي يستعملها المقاتلون الشيشان، في السنة نفسها قام الشيشانيون بقيادة شامل باساييف بالسيطرة على مستشفى بودينوفسك واعتقلوا رهائن لكي يجبر القوات الروسية من الإنسحاب من غروزني، فتدخلت القوات الروسية وقتل(150) شخصا، ثم قاموا بعمليات كبيرة وخطيرة في وسط موسكو العاصمة، منها احتجاز رهائن في كيزليار أدى الى نشوب معركة قتل فيها أكثر من مائة شخص، وفي سنة 1996 قتلت الطائرات الروسية دوداييف، كان دوداييف قائدا في الجيش الأحمر الشيوعي، وشارك في قتل الأفغان، ولم يكن رجلا متدينا، بل وصل الأمر به الى عدم معرفته بعدد الصلوات في اليوم والليلة، ولهذا قال دوداييف لمجلة التايم الأمريكية سنة 1996:" إن روسيا هي التي أجبرتنا على السير في طريق الإسلام مع أننا لم نكن مستعدين تماما لتقبل القيم الإسلامية"، فصراع دوداييف كان صراعا اقتصاديا حول النفط في البداية، حيث لم يسمح للروس بالسيطرة عل نفط الشيشان، فالشيشان تنتج %90 من البنزين الممتاز، لذلك أسبغ دوداييف على صراعه مع الروس بعدا دينيا، ليحول الصراع الاقتصادي الى حرب دينية بين الإسلام والكفر، حل محله سليم خان يندرباييف Yandarbiyev رئيسا مؤقتا، توصل الطرفان الى اتفاق تاريخي يقضي بانسحاب القوات الروسية بعد أن منيت بهزيمة سنة 1997، قامت انتخابات رئاسية فاز فيها أصلان مسخادف Maskhadov الذي كان وزيرا للدفاع على منافسيه رئيس الجمهورية سليم خان يندرباييف، والجنرال شامل باساييف، لكن يندرباييف لم يتحمل الهزيمة، تعرض مسخادوف سنة 1998 لمحاولة الإغتيال، أشار مسخادوف بأصابع الإتهام الى يندرباييف، واتهمه بأنه يريد هدم عملية السلام مع الروس بالتنسيق مع الجماعات الإسلامية المتطرفة، مما دفعه الى إصدار مذكرة إلقاء القبض عليه، لكنه فر الى قطر، وقد رفضت دولة قطر تسليمه لروسيا، حتى اغتالته المخابرات الروسية سنة 2004، ودخلت الشيشان في فوضى وخاصة أنها امتلئت بالمقاتلين العرب، وبالجماعات الإسلامية التي لا تؤمن بالحدود ولها صلة بالقاعدة، ولهذا تعتقد تلك الجماعات الإسلامية أنه ينبغي مواصلة الجهاد حتى السيطرة على جميع الجمهوريات وإسقاط الحكومات الكافرة التي لا تطبق الشريعة، قام مسخادف بحل البرلمان، وإعلان تطبيق الشريعة الإسلامية سنة 1999، لم يستطع مسخادف السيطرة على المقاتلين، وكانت السلطة الفعلية بيد شامل باسايف، ففي سنة 1998 جرد مسخادوف الجنرال عربي براييف من رتبته بعد أن قام بخطف أربعة مهندسين وقتلهم من شركة روسية، وقد رفض الخضوع لأوامره حتى وقع اشتباك بين أتباعه والحرس الوطني الشيشاني، وفي سنة 1999 اجتمع شامل باساييف والأمير خطاب وأسسا الجيش الإسلامي لتحرير داغستان، كما حرروا الشيشان، وإعلان الجهاد ضد روسيا، لم يكن مسخادوف راضيا بذلك، واعلن براءته من تلك العمليات التي تهدد دولته الفتية، والحقيقة أن المقاتلين العرب مع نضالهم الكبير وقتالهم العنيف لكنهم كانوا أحد الأسباب في سقوط الدولة الشيشانية، فالأمير خطاب واسمه ثامر صالح السويلم الذي جاء من السعودية وشارك في حرب أفغانستان، ثم انتقل الى الشيشان، وهو يقود المقاتلين العرب الى الجهاد أينما كان، وهكذا الأمير أنور شعبان المصري الذي قتل سنة 2001، فهم ماضون في القتال حتى يستشهدوا، ولهذا بعد استقلال الشيشان بدأوا بالتنسيق مع الجماعة الإسلامية الداغستانية لإسقاط الحكومة، لكن بوتين يختلف عن يلتسين، فقد بدأ بقصف المقاتلين حتى أخرجهم من داغستان، وبعد داغستان لم يقف بوتين بل هاجم الشيشان، بذريعة محاربة الإرهاب، وأعلن بطلان شرعية سلطة مسخادوف ليصبح مطلوب رقم(2) وخصصت(10) مليون دولار للقبض عليه، كما جعلت شامل باساييف مطلوب رقم(1)، في سنة 2000 دخل الروس الشيشان ليعلنها جزءا من روسيا الاتحادية، وتم رفع العلم الروسي، وأعلنوا النصر، كان ذلك بعد يوم من تسلم بوتين رئاسة البلاد بعد أن قدم يلتسين استقالته، وقد رحب المفتي أحمد قاديروف بهذا النصر، وتم تعيينه رئيسا لجمهورية الشيشان الروسية، بخصوص الأمير خطاب فقد قتله ابراهيم داغستاني عميل المخابرات الروسية بعد أن سلمه رسالة مسمومة، وقد أمر شامل باساييف بتصفية ابراهيم انتقاما لصديق دربه، فقتل ابراهيم في باكو Baku عاصمة آذربيجان، عين مسخادوف مكانه أبا الوليد الغامدي قائدا للقوات الشيشانية، لكنه قتل سنة 2004، لقد كان يلتسين على حق عندما قام بإقالة رئيس الوزراء سيرغي ستيباشين Sergei Stepashin ورشح فلاديمير بوتين لرئاسة الحكومة سنة 1999، جاء ذلك بعد خيبة أمله، طرح مسخادف مقترحا للسلام، لكن روسيا رفضت، وواصل بوتين الحرب رافعا شعار محاربة الإرهاب لكسب الدعم الغربي وخاصة الأمريكي في إطار الحرب على الإرهاب، وفي سنة 2000 أعلن بوتين أن الشيشان تحت سلطة روسيا الاتحادية، وعين مفتي الشيشان أحمد قاديروف Kadyrov المقرب من موسكو رئيسا لإدارة الشيشان التابعة لموسكو، كان قاديروف في البداية مع الاستقلال وشارك في الحرب ضد الروس سنة 1994- 1996 وأصبح مفتيا للشيشان، لكنه بسبب خلافات مع مسخادوف قرر الانفصال عنه لينضم الى الروس، وقد دعا الى عدم مواجهة الروس، وقد وصفه مسخادوف بالعدو رقم واحد، وأبعده عن الإفتاء، ولا ننسى أن قاديروف ينتمي الى الطريقة القادرية التي رفضت مقاومة الروس القياصرة حتى في عهد كونت حجي كيشي، بينما مسخادوف ودوداييف وشامل باساييف من أتباع الطريقة النقشبندية التي قاومت الروس القياصرة وحتى الآن، فاز قاديروف في الانتخابات سنة 2003 ليصبح رئيسا لجمهورية الشيشان، لكنه قتل سنة 2004 في انفجار في ملعب في العاصمة بمناسبة الاحتفال بيوم النصر، وأعلن مسخادوف مسؤليته عن الإنفجار، في سنة 2005 قتلت موسكو مسخادف ليحل محله عبد الحليم سعيدولايف Sadulayev واختير شامل باساييف Basayev رئيسا للوزراء، قتل سعيدولايف سنة 2006، وخلفه نائبه دوكو عمروف لأنه كان نائبا له، ثم قتل شامل باساييف سنة 2006.
الإمارة الإسلامية في القوقاز
عندما أصبح دوكو عمروف Dokka Umarov رئيسا لجمهورية أشكيريا الشيشانية، ترأس مجلس الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة للجمهورية، ومجلس الشورى في القوقاز وأمير المجاهدين في القوقاز، وتعهد بمحاربة الحكومة الشيشانية برئاسة رمضان قاديروف – وهو نجل الرئيس الشيشاني السابق أحمد قاديروف الذي قتله مسخادوف سنة 2004- التابعة لروسيا الاتحادية، وبعد مقتل أحمد قادروف رشح نجله رمضان قاديروف (آلو ألخانوف) Alu Alkhanov ليحل محل والده، في سنة 2006 عين بويتن رمضان قاديروف رئيسا للوزراء، وفي سنة 2007 رشحه بوتين لرئاسة الجمهورية، ووافق البرلمان الشيشاني بالإجماع على ترشيحه سنة 2007، لا جرم أن هذه العائلة أعني عائلة قاديروف تنتمي الى الطريقة القادرية التي وقفت عبر التاريخ وتقف حتى الآن مع الروس، ولهذا قام الرئيس الشيشاني الحالي رمضان قاديروف بتأسيس جامعة سماها (كونت) نسبة الى كونت حجي كيشي الذي وقف مع الروس القياصرة ضد أبناء قومه وقت النضال المسلح، وقد أقام حفلا كبيرا وتخرج مجموعة من الطلاب وحضره الحفل لفيف من علماء الصوفية في العالم الإسلامي، وهي رسالة لأتباع الطريقة النقشبندية التي اختارت المقاومة ابتداء في عهد القياصرة وحتى الآن أمثال مسخادوف وباساييف ودوكو عمروف، ولقد تحول رمضان قاديروف الى بطل في روسيا، لأنه وقف ضد الإنفصاليين، وقضى على خصومه، وجعل الشيشان جزءا لا يتجزأ من روسيا الاتحادية، وقد وهبه بوتين أرفع وسام عسكري روسي سنة 2002، ليتحول الى بطل روسيا، ويسميه البعض بولد بوتين المدلل، ولقد قال رمضان قاديروف:" إن الشيشان لا تستطيع الإستغناء عن روسيا، وأنها مدينة لبوتين، وأنه شخصيا مدين له بحياته، وهو مجرد جندي مشاة يأتمر بأمر بوتين"، ولهذا تركه بوتين حرا في الشيشان، وأعطاه الصلاحيات المطلقة، فقد اتهمته المنظمة الألمانية للدفاع عن الشعوب المهددة سنة 2007 بأن له سجنا سريا يودع فيه الإنفصاليين ويعذبهم، واتهم بقتل الصحفية الروسية أنا بوليتوفيكليا 2006، وتصفية خصمه البارز سليم بامادييف سنة 2008، وقتل منافسه عمر إسرائيلوف في النمسا سنة 2009، واغتيال المعارض الروسي بوريس نيمتسوف في وسط العاصمة موسكو سنة 2015، وفي سنة 2016 أقام مؤتمرا حول تحديد مفهوم أهل السنة، ليخرج البيان الختامي في أن مصطلح أهل السنة يشمل الأشاعرة والماتردية والصوفية، وقد أثار سخطا في العالم الإسلامي، لأن هذا المصطلح أعم، وقد أخرج جماعات إسلامية كثيرة من دائرة أهل السنة، وكان المؤتمر رسالة الى الدول التي تدعم الجماعات الإسلامية الشيشانية التي تقاتل روسيا، لنعد الى دوكو عمروف، كان عمروف وزير الأمن في الحكومة الشيشانية(1996-1999) وقد شارك في جميع الحروب الشيشانية ضد الروس، حيث أصبح قائدا لمجموعة مسلحة سنة 2004 بعد مقتل الجنرال رويسلان غولاييف، وبعد أن أصبح رئيسا للجمهورية انضم إليه المقاتلون من شتى البقاع ليقاتلوا ضد روسيا، وقد عين شامل باساييف نائبا لرئيس الوزراء لكنه قتل في سنة 2006، في سنة 2007 عين دوكو عمروف سفيان عبد اللهيف نائبا له في رئاسة الجمهورية، وفي السنة نفسها أعاد رتبة الجنرال عربي براييف الذي جرده مسخادوف من رتبته عندما خطف أربعة مهندسين وقتلهم سنة 1998، وفي سنة 2007 أعلن دوكو عمروف تأسيس الإمارة الإسلامية، ليتحول من ضيق القطرية الى العالمية، حيث ألغى البرلمان والحكومة، وحول النظام الجمهوري الى نظام إسلامي على غرار الولايات، هذه الإمارة التي أعلنها دوكو ستضم جميع الجمهوريات الإسلامية في القوقاز، فأعلن الحرب ضد أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وروسيا، وقد رفض كثير من قادة الشيشان ونواب البرلمان هذه الإمارة، منهم وزير خارجية الشيشان أحمد زكاييف Zakayev المقيم في لندن، وهو أمير المجاهدين الشيشان في أوربا، وقد دعا زكاييف القادة الميدانيين الى رفض أوامر دوكو، لأن ذلك سيسيء الى سمعة القضية الشيشانية نحو الاستقلال، وقد شكل معارضة قوية ضد الإمارة، واتهم زكاييف أمير الإمارة بأنه عميل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي Federal Security Service ، قامت أمريكا وكندا وروسيا والأمم المتحدة بتصنيف هذه الجماعة في قائمة الإرهاب، وخصصت أمريكا(10) مليون للقبض عليه، لأنه لها صلات بالقاعدة، أعلن دوكو مسؤوليته عن تفجيرات قطار بين موسكو وبطرسبرغ سنة 2006، وتفجير مطار دوموديدوفو Airport Domodedovo هدد سنة 2013 باستهداف الألعاب الأولبية الشتوية في منتجع سوتشي Sochi على البحر الأسود Black Sea التي ستقام سنة 2014، أعلن عن مقتل ووفاة دوكو ثماني مرات، وذلك بسبب كثرة إصاباته، لكنه يبدو أن مات متأثرا بإصاباته سنة 2013، انتصر رمضان قاديروف، وقويت سلطته، وازدادت شعبيته في روسيا والغرب، لأنه يواجه الجماعات التابعة للقاعدة، فهو رجل المرحلة، وخسر الشيشانيون قضيتهم بعد أن أعلن دوكو عن الإمارة الإسلامية، ولقد كان زكاييف على حق عندما حذر من عواقب إعلان هذه الإمارة، ولهذا يفكر زكاييف والقادة الشيشان المدنيون والمعتدلون بالعودة الى الشيشان، وقد رحب رمضان قاديروف بعودته، وعودة كل قيادي شيشاني شريطة إيمانه بأن الشيشان جزء من روسيا الاتحادية، ولا يفكر في الاستقلال.
Top