• Thursday, 25 April 2024
logo

أربيل من جديد، تفتح الأبواب الحصينة المغلقة للسلام في دار السلام...!

أربيل من جديد، تفتح الأبواب الحصينة المغلقة للسلام في دار السلام...!
إنّ موقع إقليم كوردستان بقعته الجغرافية في غليان فيّاض بتلون الصراعات، كما أنّ بروز مشاريع إقليمية ذات نزعة توسّعية بقوة هي الآخر لتثير حفيظة القوى الدولية، وهذا ما يضفي على تلك المنطقة الثراء السياسي والاقتصادي والعسكري، وبالتالي يمنحها مكانة كبيرة وأهمية فريدة في حسابات القوى العظمى في العالم.
ورغم أهمية الموقع الجغرافي لكوردستان، فإن هذا لم يجعله استخدام لغة فرض الواقع؛ بل "لم يغلق قادة إقليم كوردستان في يوم ما أبواب الحوار مع بغداد، بل على العكس تماماً، فأربيل هي من كانت، وما زالت، تحث الساسة العراقيين من مختلف اتجاهاتهم وأديانهم وطوائفهم على الحوار، بل أن الحوار والدعوة له بات من أساسيات السياسة الكوردية من أجل الوصول إلى حلول جذرية لكل الخلافات العالقة بين الإقليم والمركز".
ومن هنا، فإن ساسة الإقليم أبوابهم للحوار للدول الإقليمية؛ سيّما مع المركز مفتوحة على مرّ الثورة الكوردية؛ فاتفاقية 11 آذار في عام 1970، ومفاوضات عام 1991 رغم التهجير والأنفال والقصف الكيماوي ، إلى جانب عودة كوردستان المستقلة نسبياً عن العراق بعد سقوط بغداد عام 2003، والتنازل عن استقلاليتهم من أجل تعميم السلام والوئام، بادرين بإنشاء المؤسسات العراقية برمّتها، وعلى مقدّمتها الدستور العراقي، كما وأنّ بناء رسم الدولة العراقية الجديدة من قبل أربيل ما هي إلا الإيمان الجذري لكوردستان بالوصول إلى حلول جذرية لحل كلّ الخلافات العالقة بين الجانبين والعيش في عراق فدراليّ تعدّدي يضمن حقوق الجميع على حدّ سواء.
هذا وأن الاجتماع الأخير لرئيس الإقليم مع الأحزاب الكوردية في أربيل قبل زيارتها لبغداد، كان الهدف منها توحيد الخطاب الكوردي ومن ثمّ زيارتة العاصمة الفدرالية بصوت كورديّ واحد؛ ليطلع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح والأطراف السياسية العراقية على نتائج زيارته والمسائل التي بحثها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون...فكل هذه المباحثات المكوكية بدءاً من الفريق الكورديّ المفاوض وانتهاء برئيس الإقليم في العراق الجديد ما هي إلا خطوة بإيمان جديّة الإقليم بلغة الدستور والإخاء في ظل عراق فدراليّ يضمن حقوق الجميع.
أجل، فإن اجتماع البارزاني مع رئيس الوزراء العراقي والحديث معه بصراحة وجديّة حول حلّ المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز وتأكيده على أن عمق الاستراتيجيّ لكوردستان تكمن في بغداد، وكلنا قد وقعنا في أخطاء؛ لذلك فلنعمل معا للبدأ في صفحة جديدة، إن دلّ على شيء يدلّ على اعتراف الإقليم بأنّه صاحب المهمات والمسؤوليات ولا يهرب من المشاكل، وعلى لسان رئيسه يقرّ بالوقوع في أخطاء، ومن هنا يتعامل مع المعطيات بلغة الواقع والمنطق؛ وليست لغة الشعراء والدعايات الانتخابيّة...!
نعم، فرئیس الإقلیم ذهب إلی بغداد لیعبر عن صدق نوایا الإقلیم، ويبيّن جديّة الإقليم في لغة الوئام والتفاهم المشترك؛ ليرسم خارطة التعايش السلمي والأمن والاستقرار وتغليب لغة الدستور من جديد، وبالتالي يفلح جميع العراقين بالأمن والاستقرار، وهذا ما يتّضح جليّاً في مفردات أمله في تصاريحه، طالباً من كافة الأطراف الالتزام بالقوانين، واصفاً تمرير الموازنة ببداية جيدة تحث لحل المشكلات الأخرى لإقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، مضيفاً إنّ تطبيق القانون سيزيد من قوة العملية السياسية والتعايش المشترك وترسيخ حق المواطنة للجميع، بل وسيفتح باباً للحوار المثمر لكافة الأطراف، للعمل معاً في سبيل أمن وإعمار وتطوير البلاد.
وبقي أن نقول: إنّ الزيارات المتكرّرة لرئيس الإقليم إلى العاصمة المركزية اليوم، ودار سلام الأمس؛ سيّما الأخيرة ما هي إلا لخلق لغة الوئام، والتعايش السلمي، والتعبير عن صدق نوايا الإقليم؛ بل ويكون الإقليم هو المبادر دوماً للغة التفاهم كما كان، وإذا ما طبّق هذا النهج ستفتح آفاقاً جديدة من مرتكزات تأطير العلاقة بين أربيل وبغداد بأسس ثابتة، ترتكز عليها المصلحة العليا للشعوب العراقية في ظل الأزمات العديدة التي تمر بها البلاد، سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، وفي النتيجة تفتح أربيل أبواباً حصينة للسلام والتفاهم والدستور، طالما حاول البعض إحكام الأقفال عليها ليحكموا فيها منطق القوة والأنا من دون مسوغات قانونية أو رؤية مستقبلية لأهمية العلاقة بين بغداد وإقليم كوردستان.
Top