• Thursday, 28 March 2024
logo

مقارنة بين أحداث 31 آب و 16 أوكتوبر

مقارنة بين أحداث 31 آب و 16 أوكتوبر

د.مهدي أمين ستوني

تمر اليوم الذكرى 25 على احداث 31 آب الذي تم من خلالها استعادت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني السيطرة على مدينة اربيل بمساعدة القوات العراقية بعد أن كانت بيد الاتحاد الوطني الكردستاني حيث نسّق الرئيس مسعود البارزاني مع القوات العراقية واستطاع من خلال هذه التنسيق أن يعيد السيطرة على عاصمة إقليم كردستان مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذه يتهم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الحزب الديمقراطي بالخيانة وتصف هذه المناورة من الرئيس مسعود البارزاني بالخيانة. ما نريد القيام به في هذه المقالة هو مقارنة هذا الحدث بما حدث في مدينة كركوك حين دخلها الجيش العراقي في 16 أوكتوبر 2017 وحينها اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الاتحاد الوطني بالخيانة ايضا.

في هذا المقال يحاول الكاتب بموضوعية تامة وبدون حيادية دراسة هذين الحدثين بما يراه من خلال الإدلة التي سيطرحها الكاتب وبموضوعية. في البداية وقبل الشروع في المقصود يجب التعّرف على مفردة الخيانة حتى نستطيع من خلالها التعرف على معنى الخيانة وعلى ماهية الخيانة ومتى وكيف يصبح المرء خائنا؟ نبداء من تعريف الخيانة في معاجم اللغة. الخيانة هي الجريمة التي يقترفها الشخص ضد بلده. وجاء في المعجم العربي عامة: : التَّآمُرُ عَلَى الوَطَنِ مَعَ الْعَدُوِّ أَوْ دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ]بما يذلها[. وفي المعجم الوسيط الخائن هو: الَّذِي يَخُونُ بِلاَدَهُ بِالتَّعَامُلِ مَعَ الْعَدُوِّ. وجاء تعريف الخيانة في الدستور الأمريكي أنه شن حرب ضد الولايات المتحدة (من قبل مواطن أو مجموعة من مواطنيها) أو مساعدة أعداءها. إذا بموجب هذه التعاريف يتضح أن كلمة خائن ينطبق على من يتعامل مع العدو ويساعده ويسهل مهمته ليسطر ويحتل ارضه ووطنه ويهين كرامة شعبه ويمنعه من العيش الرغيد.

إذا جئنا ونظرنا إلى ما فعله الرئيس مسعود البارزاني حين استدعا الجيش العراقي لاسترجاع اربيل هل هذه التعاريف تنطبق على ما قام به؟ هل تعاون البارزاني مع الجيش العراقي لاحتلال اربيل وإخراج الكورد من المدينة وهل اهان الجيش العراقي سكان اربيل الغير مقاتلين؟ هل استباح عرضهم واموالهم ونهب ممتلكاتهم واهان كرامتهم؟ هل حدث شيئ من هذا القبيل؟ أم كان تركيز الجيش العراقي فقط على المقاتيلن الذين بيدهم السلاح. ثانيا: هل بقي الجيش العراقي في المدينة؟ وطرد الكورد منها وطرد الاحزاب السياسية وعمل على تعريبها ومنع التحدث باللغة الكردية أمام الكامرات؟ الكل يعلم أن هذه القوات انسحبت بعد دحر قوات الاتحاد الوطني من المدينة واستلم زمام المبادرة في المدينة الديمقراطي الكردستاني. وعاد الجيش العراقي إلى ثكناته السابقة خارج إقليم كردستان.

يعتقد الكاتب أن ما قام به الرئيس مسعود البارزاني في 31 آب 1996 يدل على دهائيه السياسية في إدارة الأمور حيث استطاع في وقت كانت فيه قوات التحالف تمنع الطيران العراقي أن تحلق فوق اجواء إقليم كوردستان العراق (خط العرض 36) من قيبل قوات كانت تسمى بالمطرقة المرفوعة المتواجدة في قاعدة انجرليك التركية أن يقنع قادة التحالف بهذه الخطوة والتي كانت من نسج الخيال حينها وان يسخّر في نفس الوقت عدوه اللدود في خدمته ويستعيد عاصمة الاقليم ويعود الجيش العراقي إلى حيث أتى بعد إنجاز المهمة. علما أن جميع التقارير كانت تشير إلى مشاركة القوات الايرانية وبشكل مباشر وميداني مع قوات الاتحاد الوطني في حربها ضد الديمقراطي الكردستاني.

وإذا ما نظرنا إلى أحداث 16 أوكتوبر من نفس المنظور يعتقد الكاتب أن هناك قياس مع الفارق. أولا: هل غادر الجيش العراقي والحشد الشعبي مدينة كركوك بعد انجاز المهمة وخروج قوات البيشمركة منها؟ هل تسلم زمام المبادرة الاتحاد الوطني الكوردستاني بعد خروج قوات البيشمركة؟ هل احترم الجيش العراقي والحشد الشعبي سكان المدينة والكورد فيها؟ هل حافظوا على السلم المجتمعي؟ هل حافظوا على ممتلكات المواطنين؟ الكل يعلم شيء من هذا القبيل لم يحدث بل قام الجيش العراقي والحشد الشعبي بإهانة الكورد في كركوك وعدم السماح لمدير شرطة كركوك بالتحدث باللغة الكوردية في المؤتمر الصحفي وامام الكامرات وهجر على إثر هذا الاجتياح الكثير من العوائل الكوردية منازلهم واغلقوا مكاتب الاحزاب الكوردستانية ومزقوا الاعلام الكوردستانية وقاموا بعسكرة المدينة ونصب محافظ شوفيني مكان الدكتور نجم الدين كريم رحمه الله وقام هذه المحافظ بارتكاب ابشع الجرائم ضد الكورد وبدأ بحملة تعريب غير مسبوقة في المناطق المتنازع عليها وبشكل رهيب وما زالت المدينة تعاني من تصرفات هذا المحافظ وفقد الكورد أكثر من 51 بالمائة من اراضيه واهانوا رموز الامة الكردية. حدث كل هذا واكثر في مدينة كركوك. بالله عليكم ابعد كل ما حدث هل يعقل أن يقارن بين احداث 31 آب و16 أوكتوبر؟

من جاتب آخر استطاع الرئيس مسعود البارزاني بحنكته السياسية في 31 آب أن يستعمل صدام حسين عدوه التقليدي على غريمه السياسي ومنافسه على السلطة جلال الطالباني, دون أن يسلم ارضه وان يهين شعبه. وجدير بالذكر أن في 31 آب البارزاني والطالباني كان كل منهما في خندق يقاتل أحدهما الآخر, في حين نرى أن في 16 أوكتوبر أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني كانا في نفس الخندق يقاتلون عدوا مشتركا, لكن تآمر الاتحاد على الديمقراطي الكوردستان سرا وتحت الطاولة مع العدو وسلمه المدينة دون علم وموافق الطرف الآخر اعتقد بدون ادنى شك هذا هو الخيانة بعينها.

وفي الختام نقول أنه مع كل ما حدث يجب على الكورد قادة وشعبا أن لا يعودوا إلى الوراء ونبش الماضي لكن عليهم أن يستذكروا هذا التاريخ ليستفيدوا من أخطاء الماضي وأن لا يعودوا لمثله لان الماضي لا يسمن ولا يغني من جوع وأن يعمل الجميل من أجل الحافظ على كيان كوردستان, فما زال هناك الكثير من العقبات التي تقف عثرة أمام تقدم كوردستان وإن لم تتظافر جميع الجهود من أجل النهوض بالأمة فإنه سيكون من الصعب تخطي هذه العقبات. وأما بخصوص التصعيد الذي يمارسه الاتحاد اليوم من إحياء هذه الذكرى فإنها في اعتقادي تعود الى الضغط الجماهيري على قيادة الاتحاد بعد الاحداث التي يتعرض لها الحزب وخاصة من أناس اللذين يتبوأون أعلا المناصب في الاتحاد لا لشئ إلا لأنهم يصرحون ويعملون ضد البارتي لذا اعتقد أن قيادة البارتي تتفهم ما يمر به عائلة مام جلال من ضغط لذا نرى من الحكمة على البارتي أن لا تصعد الموقف أكثر وهذا واضح من تصريحات المسوؤلين البارتي.

Top