• Thursday, 28 March 2024
logo

من شق وحدة الصف الكوردي؟ البارتي أم اليكيتي..!

من شق وحدة الصف الكوردي؟ البارتي أم اليكيتي..!

د. مهدي أمين الستوني

ما أن أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق النتائج الأولية للإنتخابات الأخيرة لبرلمان العراق, حتى بادر البارتي وبسرعة إلى زيارة كل القوى الكوردستانية من أجل ذوبان الجليد الذي حدث خلال الحملة الانتخابية الطويلة. وخرج منها البارتي بفوز ساحق على مستوى الإقليم والعراق. وبداء البارتي بالعمل لِلَمّ شمل البيت الكوردي والذهاب إلى بغداد بأجند مشتركة. وأخيراً توصل الى تفاهمات واتفاقات وخاصة مع اليكيتي إلى حد تشكيل وفد برئاسة عماد احمد كممثل لليكيتي وهشيار زيباري عن البارتي, وذهب الوفد إلى بغداد للتفاوض قبل عقد الجلسة الأولى للبرلمان. لكن في اليوم الذي عقد فيه جلسة البرلمان والذي كان مخصصا لأداء اليمن الدستورية وانتخاب هيئة رئاسة البرلمان وإذا بنواب اليكيتي يفاجؤن الجميع بالخروج من قاعة البرلمان مُعَلّلِن ذلك بأنهم اتفقوا مع البارتي ان لا يصطفوا مع جهة شيعية ضد جهة أخرى, وأن لا يكونوا سببا لهدم أو تفريق البيت الشيعي.

في هذا المقال يحاول الكاتب أن يسلط الضوء على وجهات نظر اليكيتي في الأزمة الاخيرة بينه وبين البارتي. وإلى أي مدى اليكيتي محق في ما يدّعيه في الأزمة الأخيرة. وهل حقاَ أن البارتي كان السبب في شق البيت الكوردي في بغداد؟

أولاً: إدعى اليكيتي أنه لم يشارك في التصويت لأنه لا يريد أن يقف بجانب طرف دون آخر. وهذا ما اتفقنا عليه مع البارتي والقوى السنية الأخرى, لكنهم تنصلوا على ما اتفقنا عليه وانحازوا إلى الصدر دون الإطار التنسيقي. وبذلك هم من خرقوا الاتفاق وتنصلوا عنه وأن البارتي بذلك كان السبب في حدوث الخلاف في البيت الكوردي وهو من يتحمل مسؤولية ما ستؤل إليه الأمور بعد هذا الخرق.

يرى الكاتب أن ما يدّعه اليكيتي ليست الحقيقة كلها, بل جزء من الحقيقة, نعم أن الاطراف فعلا اتفقت على أن لا يصوتوا لجهة على حساب جهة أخرى, وأن يعطوا المجال للبيت الشيعي حتى يتفقوا على مرشحهم دون تدخل, ويقدموه لرئاسة الوزراء إلى حدٍ اقصاه قبل عقد الجلسة الأولى للبرلمان, ولم يكن المجال فتوحا دون أجل مسمى, كما يدعي اليكيتي, لان لا الكورد ولا السنة يستطيعوا أن ينتظروا إلى ما لا نهاية ويجب وضع حد لهذا الانتطار, والحد كان واضحا هو موعد الجلسة الأولى للبرلمان. نعم كان هذا هو الاتفاق وفعلا امهل الكورد والسنة, الشيعة الكثير من الوقت من اعلان النتائج الاولية للانتخابات إلى صبيحة يوم انعقاد جلسة البرلمانية الأولى. حتى في يوم إنعقاد الجلسة تم تأجيل الجلسة عددة مرات حتى الساعة الثالثة بعد الظهر على أمل أن يصل الفرقاء إلى اتفاق لكن مع الأسف هذا لم يحصل, وعقدت الجلسة وخرج نواب اليكيتي من الجلسة ولم يصوتوا لأحد. ومن جهة أخرى كان على البرلمان أن يعقد جلسته ويقوم النواب باداء اليمين الدستورية وأن ينتخب هيئته الرئاسية, إلتزاما بالمواقيت الدستورية وخاصة بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية في عام 2018 بعدم دستورية الجلسة المفتوحة التي حدثة في الجلسة الأولى للبرلمان في 2018 لذلك ليس أمام القوى السياسية إلا أن يعقدوا الجلسة إحتراما لهذه المواقيت. لذلك تم عقد الجلسة بعد انسحاب نواب الإطار التنسيقي واليكيتي منها, وتم فيها انتخاب هيئة الرئاسة بكل سلاسة.  

لكن السؤال هنا هو: هل فعلا كان السبب وراء انسحاب نواب اليكيتي من الجلسة كان كما إدعوا؟ في الحقيقة المعطيات على الارض تقول عكس ذلك حيث ترجح الكثير من المصادر أن الانسحاب كان بأمر من دولة إقليمية. وأما ما تدعيه اليكيتي من أن البارتي بذلك شقّ الصف الكوردي وهي تتحمل مسؤولية ما ستؤل إليه الأمور بعد هذا. فهذا مردود على اليكيتي من عددت نواحي:

 أولاً: فعلا أن البارتي هو المسؤول لأن البارتي برئاسة الرئيس مسعود البارزاني لم يتنصل يوما عن مسؤولياته والتزاماته تجاة شعب كوردستان وتاريخه حافل بالأمثلة على تحمله المسؤولية.

 ثانياً: إن الذي شق الصف الكوردي هو اليكيتي وهو من خرق الإتفاقيات التي تمت بين الطرفين وانسحابه من البرلمان دون سابق انذار للبارتي حليفه الاستراتيجي, فإن البارتي لا يستطيع أن ينتظر الشيعة إلى ان يوحدوا صفهم. وإذا كانت الأمور كذلك لماذا لم يقفوا هم حتى يخرج الكورد بمرشح لرئاسة الجمهورية في عام 2018 وزج اليكيتي بمرشحه للرئاسة ضد البارتي وفاز مرشحه على حساب البارتي مستغلاً بذلك توتر علاقات البارتي مع القوى العراقية حينها بسبب الاتستفتاء .والكل كان على يقين أن المنصب من حق البارتي. أين كانت هذه الحسابات حينها, مع ذلك بلع البارتي الطعم, وغفر لليكيتي ما حدث خوفا من أن يؤثر الجفاء بين الحزبين على مصالح كوردستان في بغداد.

ثالثاً: يدعي اليكيتي أن منصب رئيس الجمهورية هو من نصيب اليكيتي لأن هذا ما تعارف عليه العراق بعد 2003 من أن رئاسة البرلمان للسنة وأن رئاسة الجمهورية للكورد ومن بين الكورد لليكيتي وأن منصب رئاسة الوزراء هو من نصيب السنة.

والله أنه شيء يدعوا الى السخرية والسذاجة في التعامل مع الأمور. مع أنهم متأكدون بأن هذا غير معقول وغير منطقي ومخالف لمباديء الاساسية للديمقراطية, لذلك فهم يعلمون جيدا والكل يعلم أنهم بذلك يخدعون انفسهم. وإلا إذا كان ما يدّعونه صحيحاَ فما الجدوى من الانتخاب إذاً. وإذا كان الأمر كذلك لماذا لم يطالب حزب الدعوة برئاسة الوزراة لأنها كانت من نصيبها بعد اياد علاوي الى اليوم لأن حتى الكاظمي جاء بمباركة حزب الدعوة, علما أن المالكي هو أكثر قوة ونفوذا في العراق من اليكيتي. أتدرون لماذا, لانه يعلم أنه سيكون محل سخرية من منافسيه والآخرين ويعلم أن في عالم السياسة الفائز في الانتخابات هو من يملك هذا الحق. ولا ادري على ماذا يستندون إليه بدعواهم هذه!!؟

رابعاً: وإذا يقول اليكيتي  أنه يمتلك الاتفاقية الاستراتيجية مع البارتي وهي ساري المفعول, نقولوا لهم أن هذا ليس صحيح, فهم من ألغوا الاتفاقية ولم يطبقوا وكان هذا واضحا حين لم يصوت نوابهم في برلمان كوردستان العراق للرئيس نيجرفان البارزاني حين تم ترشيحه في البرلمان. وإذا كان الأمر كذلك لماذا كان للبارتي مرشح لرئاسة الجمهورية في عام 2018, لذلك هم يعلمون بأن ليس لهم الحق في هذا الإدعاء لكن مع ذلك يصرون عليه.

من جهة أخرى, الكل يعلم أن منصب رئيس الجمهورية هو من حق البارتي حسب ما افرزت نتائج الانتخابات بمتلاكه 31 مقعدا اي ما يقارب ضعف اليكيتي تقربيا فبأي حق يدّعي أن هذا المنصب من حقه. وفي نفس الوقت حلفاء البارتي في البرلمان العراقي الحالي يصرحون علنا بأنهم لن يصوتوا لأحد لرئاسة الجمهورية إلا بعد الضوء الاخضر من الرئيس مسعود البارزاني بذلك يستطيع البارتي أن يمرر مرشحه لرئاسة الجمهورية بكل أريحية وسلاسة. لكن مع ذلك فإن إحساس الرئيس مسعود البارزاني بالمسؤولية ولوحدة صف البيت الكوردي وتقديرا للظروف الداخلية التي يمر بها اليكيتي تنازل البارتي ورشح شاخوان عبدالله لمنصب النائب الثاني للبرلمان وكانت هذا إشارة واضحة من البارتي بأنهم تنازلوا لرئاسة الجمهورية. لكن كما صرح فاضل ميراني سكرتير البارتي مع الأسف لم تفهم قيادة اليكيتي الرسالة, وترك البارتي وحيدا في الساحة. مع ذلك سامح البارتي اليكيتي هذه المرة ايضا خوفا من تشرذم البيت الكورد وعدم الوصول الى المطالب الدستورية للشعب الكوردي. تنازل عن المنصب لكن على أن يكون المرشح غير برهم صالح وبعد أن تم إبلاغهم بذلك رسمياَ استمروا على عينادهم. ما جعل البارتي أن يرشح هشيار زيباري للمنصب وكل المؤشرات تشير بأن مرشح البارتي امامه فرصة كبير للفوز بالمنصب إذا استمر اليكيتي على تمرير صالح دون غيره لان البارتي لديه تحالف كونكريتي مع الصدر والحلبوسي والخنجر. لكن ما اتمناه هو أن يتراجع اليكيتي عن ترشيح برهم ويقدم بدلا منه لطيف رشيد كمرشح له وبذلك سيسحب البارتي مرشحه ويصوت لليكيتي. بدون هذا الحل فإن اليكيتي سوف يسبب الكثير من المتاعب للكورد في بغداد وحتى في كوردستان وسيكون من الصعب على الكورد أن يصلوا إلى حقوقهم المشروعه في هذه الدورة ايضا لأن اليكيتي سيتبع سياسة "إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!" كما قال الشاعر أبو فراس الحمدانى.

Top