• Thursday, 28 March 2024
logo

فاجعة السليمانية ونيجيرفان بارزاني

فاجعة السليمانية ونيجيرفان بارزاني

صبحي ساليي

 

كتابة كلمات أو أسطر في صفحة من صفحات التاريخ عن كارثة كبيرة أحزنت جميع الكوردستانيين من زاخو إلى خانقين، وعموم محبي الإنسانية، ليس سهلاً خاصة لشخص أعلن عن هذا المأتم من بيته، وجلس أمام شاشات التلفاز لساعات طوال وهو يتحسر ويذرف الدموع مع كل جثة تنتشل من تحت ركام البناية المتهدمة إثر الإنفجار الذي حدث في منزل في حي كازيوه بمدينة السليمانية العزيزة. لذلك لا أحاول طرح التفاصيل وكشف الحقائق والأسرار التي لا تتراءى ولا تظهر للعيان، لأن البعض من القنوات الإعلامية، كما هي شأنها، أجادت إدارة لعبة التحول من ناقل للخبر إلى أيقونة التحليل والسير وسط التلال الرملية المتحركة، ولم تبتعد عن فضائل الواقعية والإتزان والإعتدال الإعلامي الذي يجب أن يلازم كل من يخوض غمار الشأن الإعلامي المتعلق بالأفراد أو العائلات أو حتى الأحزاب والمكونات. ولكني سأتحدث عن عميد الدبلوماسية، ومهندس الإعمار والبناء، والشخص البارع في فكّ شفرات السياسة وفتح الأبواب المغلقة، والساعي الدائم الى الوئام والسلام. الذي هو نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان الذي زار السليمانية للمشاركة في مراسم العزاء.

هذا البيشمركة بدأ حياته النضالية مبكراً على يد والده الشهيد إدريس بارزاني الذي كان مفعماً بروح الكوردايتي والتسامح، والذي تجمع فيه كل الكوردستانيين. وأتقن لغة وفنون السياسية الحقيقية من عمه البيشمركة والرئيس مسعود بارزاني الذي مارس السياسة في ضوء علاقة الأماني والرغبات القابلة للتطبيق والحقائق الثابتة بالظروف الوقتية والواقعية التي تساعد على التغيير في إطارٍ الممكن. وخلال رئاسته لحكومة ورئاسة الإقليم تفادى الصراع وصنع واقعاً سياسياً غير مسبوق في العراق وعموم المنطقة، ومارس السياسات العقلانية الواقعية وهو يمزج بين رجاحة العقل وخصوبة الفكر وقوة التصميم والإرادة وتمحيص الأمور بوعي وبصيرة.

منتصر، يصرّ على أن يتفوق في كل مكان وزمان، وخلال لقائه بالإعلاميين في مستشفى (شار) في السليمانية الجريحة، وبعد المشاركة في مراسم العزاء المقام على أرواح ضحايا الإنفجار والإطلاع عن كثب على أحوال الجرحى الراقدين في المستشفى، أسهب في التعبير عن تعازيه ومواساته ومشاطرة أحزان السليمانيين خصوصاً والكوردستانيين عموماً، ولم يخفِ حزنه الشديد تجاه ما حصل للعائلة الكريمة. 

كما أعلن، برؤيته الثاقبة المستندة إلى فكره الستراتيجي الخصب ووعيه التاريخي العميق، عن دعم بلا حدود لتوحيد خطاب وموقف القوى الوطنية وحرق كل الاختلافات، والميل للحلول الوسطى لتجسير الهوة الفاصلة بين الأحزاب الكوردستانية بشأن موعد وقانون الإنتخابات التشريعية المقبلة في الإقليم وخدمة التطلعات الكبرى، وإضافة انتصار آخر إلى سجل تجربته السياسية المديدة عبر قراءة الواقع وتوازناته العميقة، مصحوباً بالإمكانيات وقوة التصميم والإرادة التي تدخل في صنف الواقعية الخلاقة، قائلآً: (سنفتح صفحة جديدة وندشن حواراً، ونزور الأحزاب، وستكون هناك محاولات جادة لحل الخلافات كافة بالحوار وعلى طاولة الحوار).  وقال: (الشرط الوحيد لنجاحنا هو وحدة الكلمة. ويجب أن تكون مصالح إقليم كوردستان فوق كل الاعتبارات الحزبية وفوق كل شيء آخر).

 

 

 

روداو

Top