• Tuesday, 23 April 2024
logo

كركوك النموّ، كركوك السبات

كركوك النموّ، كركوك السبات

طارق كاريزي

 

اقترح على القارئ الكريم بعد قراءته لهذا المقال ان يقوم بجولة في انحاء مدينة كركوك، وان تيسر له، فليقم بجولة أبعد خارج مركز المحافظة ليتفقد أقضية ونواحي المحافظة، عندها سيجد أنني أعبر عن حقيقة شاخصة ولست ممن يلفقون الباطل ويخلطون الحابل بالنابل. الحقيقة المرّة التي سيتوصل اليها القارئ الكريم بعد الجولتين المقترحتين له، بأن المناطق الجنوبية والغربية من مدينة كركوك تعيش حالة من الاعمار والتطوير وتنفيذ المشاريع الكبيرة، فيما المناطق الشمالية والشرقية من المدينة تعيش سباتا قاتلا من حيث المشاريع وتطوير البنى الخدمية والتحتية لها. الشوارع في الشطر الجنوبي والغربي من المدينة مبلطة ومطوّرة بشكل لافت والجسور والانفاق تقام على قدم وساق، فيما المناطق الشمالية والشرقية من كركوك تعاني الاهمال وهي تعيش حالة من الحرمان من المشاريع. وهذه الازدواجية في التعامل مع أحياء كركوك أي مركز المحافظة تمتد الى المناطق التابعة لها، حيث الوحدات الادارية في شمال وشرق المحافظة محرومة تماما من المشاريع، وحركة الاعمار المدعومة من قبل الحكومة هي بدرجة الصفر والسبات في هذه المناطق، فيما الوحدات الادارية الواقعة جنوب غرب المحافظة تعيش حركة مشاريع غير مسبوقة. ليس من العدالة مطلقا بأن يكون هناك تفاوت كبير في نسبة التخصيصات المالية لمختلف مناطق المحافظة، فهناك تسريبات اعلامية تقول بأن حصة الأسد من الاعتمادات المالية تخصص وخصصت طوال الاعوام الماضية للمناطق الجنوبية الغربية من المحافظة حصرا، فيما تعاني بقية المناطق من حرمان قاتل.

العتب هنا ليس على ادارة المحافظة فقط، ومهما قدمنا في مقالنا هذا من ادلة ونماذج تدعم سياسة الكيل بمكيالين المتبعة من قبل هذه الادارة لجهة فقدان التوازن تماما في توزيع المشاريع على مناطق كركوك المختلفة، نؤكد بأنه لا ينحصر العتب بذمة هذه الادارة حصرا، بل ان العتب الأكبر يقع على كاهل ممثلي كركوك في مجلس النواب العراقي، وكذلك على القوى والشخصيات السياسية التي اختارت الصمت ازاء حالة اللاعدالة في ادارة المحافظة والتمييز الفاضح بين السكان من حيث تقديم الخدمات وتطوير البنى التحتية وتنفيذ المشاريع الانمائية والخدمية. وهذا يعيد الى الأذهان وبقوّة سياسة التمييز التي مورست قبل عام التغيير (2003) بين سكان كركوك على اسس أثنية. وليس من المنطق أبدا السكوت ازاء هذه السياسة المقيتة والسماح باستمرار التمييز بين مناطق واحياء المحافظة، هذا التمييز الذي يقدم صورة عن ادارة المحافظة لا ترى ذاتها مسؤولة ازاء حوالي 60% من مناطق المحافظة من خلال تركيزها على ضخ المشاريع على مناطق محددة فقط سبق الاشارة اليها، وكأن المناطق المحرومة من المشاريع والخدمات ليست جزءا من كركوك.

 

 

باسنيوز

Top