• Wednesday, 24 April 2024
logo

تصاعد الاحتجاجات في عدة محافظات إيرانية

تصاعد الاحتجاجات في عدة محافظات إيرانية

تجددت المسيرات الأسبوعية، أمس، في مدينة زاهدان، مركز محافظة بلوشستان، وذلك غداة احتجاجات ليلية في عدة مناطق بالعاصمة طهران ومدن إيرانية أخرى في الشهر الثالث على اندلاع أحدث احتجاجات عامة تطالب بإسقاط نظام الحكم. وردد المحتجون شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وشعارات «الموت لخامنئي» و«الموت للباسيج» و«الموت للحرس الثوري». أظهرت مقاطع فيديو على شبكة «تويتر» مشاركة النساء مرة أخرى في المسيرات الاحتجاجية. ورددن شعار «أخي العزيز سنثأر لدمائك».
وكانت عدة أحياء في العاصمة طهران شهرت شعارات ليلية مساء الخميس، فيما نزل المحتجون في مسيرات ليلية بمدن رشت شمالاً، وأصفهان، وبالقرب منها سميرم وسط البلاد، بالإضافة إلى بوشهر وجارتها برازجان في الجنوب، وكامياران بمحافظة كردستان الغربية. وتمحورت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة حول مراسم أربعين عدد من القتلى الذين سقطوا الشهر الماضي، فيما تواصل السلطات حملة الاعتقالات، وسط مخاوف دولية من تنفيذ أحكام الإعدام بحق المحتجين.
- إمام جمعة زاهدان
وعاد إمام جمعة زاهدان وأبرز رجال الدين السنة في إيران، عبد الحميد إسماعيل زهي، لانتقاد قمع الاحتجاجات. وقال في خطبة صلاة الجمعة إن «السلطات لا يمكنها أن تحافظ على النظام باستخدام الأسلحة والعسكرة». وقال إسماعيل زهي، «لا يمكنك أن تحكم بالسلطة والسجن. يجب أن يكون هناك دعم شعبي لهذا النظام حتى يستمر. إذا كان الناس غير راضين ولا يريدون السلطة، فسيكون من الصعب الاحتفاظ بالنظام في أي منطقة من العالم». وأضاف: «لقد قيل دوماً إن الثورة ستستمر طالما أرادها الشعب. يمكن للنظام أن يستمر طالما أن الناس يدعمونه... نعتقد أن المسؤولين في البلاد وكبار المديرين والقادة يجب أن يتحاوروا مع الشعب وينظروا في مطالبه، وكيف يمكنهم الحصول على موافقته».
قبل 12 أسبوعاً، سجلت مدينة زاهدان في «الجمعة الدامية» التي صادفت 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، واحداً من أكثر الأيام الدموية منذ اندلاع الاحتجاجات الإيرانية أطلقت شرارتها وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، دافعة إيران إلى حقبة جديدة من الأزمة المتفاقمة بين القيادة الدينية والمجتمع بوجه عام. وقالت عائلة أميني إنها تعرضت للضرب بعد أن ألقت شرطة الأخلاق القبض عليها في 13 سبتمبر بدعوى سوء الحجاب. وأطلقت وفاتها العنان لمظالم مكبوتة منذ سنوات في المجتمع الإيراني، تتعلق بقضايا مختلفة بداية من تشديد الضوابط الاجتماعية والسياسية إلى البؤس الاقتصادي والتمييز ضد الأقليات العرقية.
- الأقليات العرقية
وفي مواجهة أسوأ أزمة تتعلق بالشرعية منذ الثورة عام 1979، حاول الزعماء الدينيون في إيران تصوير الاضطرابات على أنها انتفاضات انفصالية من جانب أقليات عرقية تهدد الوحدة الوطنية، وليس حكم رجال الدين، حسب «رويترز». ويقول نشطاء ومنظمات حقوقية، إن التضامن بين الأطياف العرقية المختلفة في إيران خلال الاحتجاجات قوض هذه الجهود التي تبذلها السلطات، إذ ردد المحتجون شعارات مؤيدة للأقليات. وخرج محتجون من شتى أطياف المجتمع إلى الشوارع مطالبين بإسقاط النظام. ومزقت النساء الحجاب الإلزامي وأحرقنه بغضب. وقال حكام إيران إن ائتلافاً من «فوضويين وإرهابيين وأعداء أجانب» يقف وراء تنظيم الاحتجاجات. وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) الإيرانية، إن 506 محتجين قتلوا حتى 21 ديسمبر (كانون الأول)، بينهم 69 قاصراً. كما قالت «هرانا»، إن 66 من أفراد قوات الأمن قتلوا أيضاً. وتم إعدام اثنين من المحتجين، ما أثار إدانة غربية قوية، إلى جانب اعتقال الآلاف.
- أهمية ما يحدث
وتشكل الاحتجاجات، مع وجود النساء والشباب في المقدمة، تهديداً خطيراً للأولوية الواضحة في حكم المرشد علي خامنئي منذ عام 1989، وهي بقاء الجمهورية ومؤسستها الدينية بأي ثمن. ومع ذلك فإن الاحتجاجات المستمرة لا تعني أن الجمهورية الإسلامية التي تأسست منذ أربعة عقود ستختفي في أي وقت قريب، نظراً للسلطة التي تتمتع بها أجهزتها الأمنية. ويمثل سير حركة الاحتجاج بلا قيادة تحدياً لفرض نظام سياسي جديد. لكن الحرك الاحتجاجي الجديد أظهر أن المؤسسة معرضة لخطر الغضب الشعبي، ما أثار مخاوف بين كبار القادة من أن زلة قدم قد تعني مزيداً من المشكلات في المستقبل، حتى لو هدأت الاحتجاجات الحالية.
وليس هناك ما يضمن أن القوة الأكبر ستُنهي الاحتجاجات، إذ إن حملة القمع العنيفة لم تُسفر حتى الآن سوى مزيد من الاحتجاجات. وأدت الحملة القمعية على الاحتجاجات وإمدادات إيران المُشتبه بها من الطائرات المُسيّرة والصواريخ لروسيا لمساعدتها في حربها في أوكرانيا إلى إحجام القادة الغربيين عن الضغط من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي من شأنه أن يوفر لطهران موارد إضافية بمليارات الدولارات. ومع السخط الشعبي المنذر، يخشى القادة الدينيون أن يؤدي البؤس الاقتصادي إلى نفور المؤيدين الأساسيين بين الإيرانيين ذوي الدخل المتوسط والمنخفض إذا ظل الاتفاق النووي مجمداً.
- عام 2023
ستجتاح إيران ما يسميها المحللون «عملية ثورية» من المُرجح أن تغذي مزيداً من الاحتجاجات في عام 2023، مع عدم تراجع أي من الجانبين. ومع اعتقاد خامنئي (83 عاماً) أن إبداء المرونة فيما يتعلق بركائز آيديولوجية للجمهورية مثل الحجاب سيؤدي إلى انهيارها، ستتجه المؤسسة إلى مضاعفة القمع، ما يؤدي إلى مزيد من الغضب بين السكان البالغ عددهم 85 مليون نسمة، 70 في المائة منهم دون سن الثلاثين.
كما أنه من المحتمل أن يفاقم السؤال حول من سيخلفه في نهاية المطاف كمرشد، وهو دور يتمتع بسلطة هائلة، التنافس بين النخبة، ما قد يؤدي إلى اتساع الانقسامات في المؤسسة.
ولم تنجح أربع سنوات من العقوبات في وقف توسيع إيران لبرنامجها النووي أو الحد من دعمها لوكلائها في الخارج. لكن أزمتها المحلية ستمنح قوى الغرب على الأرجح مجالاً أكبر لزيادة الضغط على طهران.

 

 

 

الشرق الاوسط

Top