• Friday, 19 April 2024
logo

أزمة حكم أم إرادة سياسية مُستغلة في العراق

أزمة حكم أم إرادة سياسية مُستغلة في العراق

عبد اللطيف موسى


التطورات المتسارعة وحجم التعقيدات السياسية والاقتصادية والفكرية في العراق تظهر عمق الأزمات، والإرادة المسلوبة لدى منظومة الحكم التي تدير العراق الحديث القائم على المحاصصة وتوزيع المناصب، وتجسد العجز في أتخاذ القرار الوطني والخضوع الكامل لتنفيذ الأجندات الإقليمية على حساب أتخاذ القرارات الوطنية التي تخدم الشعب العراقي بكل آطيافه.

الحالة اليومية في الشارع العراقي تظهر انهيار أو فقدان الثقة لدى المواطنين العراقيين في هذه المنظومة التي أوصلت العراق الى هذه الأزمات من فقر وهجرة وانعدام أبسط مقومات العيش وتدني مستويات التعليم، وغياب التخطيط والستراتيجية في صنع القرارات المصيرية التي تعيد ثقة الشعب العراقي في هذه المنظومة، بالعكس من ذلك حولت منظومة الحكم هذه العراق الى ساحة لتصفية الأزمات الدولية والإقليمية والبيئة الآمنة لتغذية الفوضى والفساد الذي شكل بدوره العنصر الأساسي لتكوين الإرهاب الذي تصدره للعالم.

وكما انتقل العراق من دولة مدنية فدرالية الى دولة مليشيات طائفية، تجعل من العراق ساحة صراع وانتشار الفساد، وانهيار كافة مقومات الدولة المدنية. كل تلك الأزمات التي يعاني منها العراق تقودنا الى جملة من الاستنتاجات ومن أهمها فقدان الطبقة السياسية الحالية الإرادة الحقيقية في أتخاذ القرار المصيري الوطني في تخليص العراق من أزمات بحيث تكون تلك القرارات في خدمة المواطن العراقي وعدم تنفيذ اجندات خارجية على حساب اجندات عراق الوطنية.

إن هذه الأزمات المتوالية في العراق تظهر غياب الإرادة الوطنية في تخليص العراق من حالته هذه الى التطور والتقدم، كما أن عمق هذه الأزمات تجسد غياب مبادئ التوافق والتوازن والشراكة التي بنيت عليها العراق الحديث، والخرق الواضح اليومي للدستور العراقي تظهر انتقال العراق من دولة فدرالية مدنية ديمقراطية مؤسساتية، الى دولة طائفية مليشياتية تدار من وراء الكواليس في خدمة اجندات إقليمية بعيدة عن مصلحة الشعب العراقي.

كما أن الانهيار الواضح في بعض المؤسسات التي من المفترض أن تقوم بتمثيل سيادة وطنية وتسيسها من قبل بعض الدول الإقليمية، تظهر غياب الإرادة الوطنية المسلوبة في العراق. إن قرارات المحكمة الأتحادية ضد اقليم كردستان تظهر فقدان هذه المحكمة لسيادتها الوطنية، وتنفيذها لأجندات مشبوهة تخدم دول إقليمية على حساب الأجندات الوطنية، وتلك القرارات الجائرة تعيدنا الى قرارات محكمة الثورة في عهد النظام البائد من حيث عنصريتها وأبتعادها عن النهج الوطني الفدرالي المدني في العراقي.

أن فقدان هذه المؤسسات لشرعيتها السيادية ستدخل العراق في أزمات عميقة تقود الشعب العراقي الى المصير المجهول، وتعمل على فقدان مبادئ الثقة والتوافق والتوازن والشراكة التي بنيت عليها العراق الحديث.

بالتالي عدم قدرة هذه المؤوسسات العراقية على إتخاذ القرارات الوطنية هذا التشخيص يقودنا الى جملة من الحقائق من أهمها غياب كافة أركان وملامح الدولة المدنية في العراق، وغياب الإرادة الوطنية المسلوبة في اتخاذ القرار في خدمة أجندات وطنية، وحالة الفساد على كافة المستويات التي يعاني منها العراق، وعدم الإعتماد على الأكاديمية والعلمية في صناعة القرار وفقدان التعايش والتسامح وانتشار العنصرية والولائية والأدارة المليشياتية في الدولة. الخرق المتعمد والمستمر للدستور العراقي وتجاهل تنفيذ بعض البنود من ذلك الدستور التي تخص بعض القضايا الحساسة والسيادة في العراق، مثل التجاهل المتعمد لتنفيذ المادة 140 أو ما يسمى تحديد المناطق المتنازعة عليها وتسوية أمورها وتطبيق المواد والتفاهمات الدستورية بين المركز وإقليم كردستان ومخصصات البيشمركة وأستقطاع رواتب الموظفين في الأقليم وعدم إجراء استفتاء سكاني حقيقي في العراق، كل تلك الأمور تظهر غياب الإرادة الوطنية الحقيقية المسلوبة من قبل بعض الجهات التي تنفذ اجندات مشبوهة مرتبطة بالخارج .

كما تظهر الأزمة الحقيقية لدى منظومة الحكم أو الطبقة السياسية في العراق في عدم الألتزام بالمبادئ الأساسية التي تشكلت عليها الدولة العراقية الحديثة، من تفاهم وشراكة وتوافق لحل المشاكل في العراق واعادته الى وضعه الطبيعي الوطني. في ظل عرض الأزمات التي تعاني منها الطبقة الحاكمة في العراق والتي تظهر غياب الإرادة الوطنية لابد من الألتزام بالمبادئ الوطنية، وليعلم القارئ العزيز أن غياب الإرادة الوطنية الحقيقية والمسلوبة في العراق ستقود الشعب العراقي الى أزمات مجهولة، وستجعل من العراق ساحة صراع لتنفيذ الأجندات الإقليمية والدولية على حساب مصالح الشعب العراقي، وستقود العراق الى الفوضى والفساد وغياب كافة أركان الدولة الفدرالية المدنية الديمقراطية.

 

 

 

روداو

Top