• Friday, 01 November 2024
logo

موقف رئاسة إقليم كوردستان من القضية الفلسطينية

موقف رئاسة إقليم كوردستان من القضية الفلسطينية

شيروان الشميراني

 

نجحت رئاسة إقليم كوردستان في التعبير الدقيق بألفاظ مفهومة بعيدة عن الغموض والالتباس عن الموقف الرسمي لإقليم كوردستان، تجاه ما يحدث في غزة، وذلك في نقطتين، أولاهما، إن من حق الشعب الفلسطيني الطبيعي أن تكون لهم دولتهم الخاصة بهم والمستقلة بسيادة كاملة، والثانية، إن حصار غزّة والحرب القائمة عليها لا يمكن القبول بها، فهي بدايةٌ نهايتها هي كارثة إنسانية بحق المدنيين، ونحن (الشعب الكوردي) أكثر من نفهم معاني الحصار والتهجير والتشريد.

هذا الموقف الواضح الذي جاء على لسان رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني صائب، يوضح جملة من المسائل وقائم عليها في الوقت ذاته:

- إنه حق لهذا الشعب المظلوم تحت الاحتلال الدولي في عالم تنفرد به الولايات المتحدة الاميركية في تقرير المصير، والذي أحتلت أرضه واغتصبت من قبل العصابات أن تكون له الدولة التي تمثله على الأرض بكامل مقوماتها، وقد أقرّ هذا الحق أسوأ القوانين والمعاهدات الموقعة بين الطرفين منذ أوسلو، والموقف الدولي حتى ذلك غير الداعم للشعب الفلسطيني هو هذا، ثم إنه شعب يمتلك أرضاً حقه الطبيعي أن يرفع علمه عليها ويمتلك أبناؤه القرار المستقل السيادي.

- إنه تجسيد لآلام الشعب الكوردي طيلة قرن كامل من الزمن، المحروم من الدولة والمحروم من الحديث بإسمه، والمغتصب حقه، والمعاناة التي عاشها من القتل والتدمير والتشريد في المخيمات في إيران وتركيا والعراق، إن الإحساس بمعاناة شعب مثل شعب فلسطين وأنسب من يجسد هذه المعاناة والآلام هو الشعب الكوردي، وبالتالي أكثر من يحسّ بوجع الانسان الفلسطيني في غزة وغيرها من الأراضي المحتلة هو الإنسان الكوردي لا يجاريه غيره في هذا العالم الفاقد للحياء والمراقب الفاقد للقيم والناظر الفاقد للإحساس تجاه أوجاع الانسان الغزاوي، الذي يعيش تحت وطأة القصف ليأتي الحصار في الطريق، ليموت من يموت بالقنابل ومن ينجو من القنبلة يموت جوعاً ومن نجا من الموت جوعاً يموت عطشاً، ومن ينجو من كل ذلك يموت من حسرة الفراق، فالبعد الإنساني وبعيداً عن الابعاد الأخرى فيه الكفاية ليكون الشعب الكوردي متعاطفاً يلمس بإحساسه الحي ألم الشعب الفلسطيني، ومن هذا المنطلق قال مام جلال طالباني: (نحن الكورد فلسطين ثانية ولسنا إسرائيل ثانية) كما يقول المعادون ممن لا يريحهم رؤية الشعب الكوردي على المسار الصحيح.

- إن موقف رئاسة إقليم كوردستان الواضح هو ردّ على كل المرجفين من المغرضين ممن يتكئون على معاداته وهم يرفعون العلم الإسرائيلي فوق أبنية عواصمهم، إتهموه عند الإستفتاء في 25 من شهر أيلول 2017 وعند رؤية علم إسرائيلي واحد من متفلت عميل، وأخذه حجة الحضور الصهيوني في إقليم كوردستان، وحبذا لو جاءت جهة محايدة وقارنت الحضور الصهيوني في الإقليم الكوردي بتلك الدول، تلك الدول التي أغلقت سمعها عن كل التوضيحات المرسلة في وقته وتمسكت بقميص يوسف للإستدلال على أن الذئب أكله.

- إنه موقف عقلاني، موقف منسجم مع المواقف الشعبية للجيران، ففي كل الأحوال نحن وإياهم على أرض مجاورة نعيش، الحكمة السياسية تقضي ونحن كالشعب الفلسطيني نبحث في عالم ظالم، الحكمة تقضي الانسجام مع هذه الشعوب في قضية هي القضية المركزية لنا كلنا، بحكم الدين والعقيدة والتاريخ.

- الدين والعقيدة واضحان، اما التاريخ، فإن لأجدادنا الكورد من العائلة الأيوبية، في عمق التاريخ حضور يراه حتى الأعمى ويقرأه حتى من الأمي، صلاح الدين، السلطان الناصر للدين والمحرر للأرض، إن الموقف هو إنسجام مع الوجود الكوردي في تلك الأرض المباركة، الوجود الذي مازال باقياً متجذراً في شوارع القدس وأَحياء غزة. والتاريخ الحديث أيضاً، حيث المشاركة في معارك القرن العشرين كلها، ومعروف موقف مؤسس الحركة الكوردية الحديثة المرحوم "مصطفى البارزاني" عندما قرر وقف الحرب مع حكومة بغداد الظالمة في سنوات الثورة، عندما نشبت الحرب وشارك الجيش العراقي في معركة 1967.

- هنا وإنطلاقاً من موقف رئاسة إقليم كوردستان أخاطب بعض الأصوات النشاز ممن يقفون ضد غزة بناء على الموقف الايديولوجي من التيار الإسلامي عموماً، إنكم لا عقلانيون ولا إنسانيون ولا حكماء في تلك الأحاديث التي تلقون بها، وكلامكم يأتي ضد الشعب الكوردي قبل الوصول الى قلاع الحروب الدينية والآيديولوجية، ضد الشعب الكوردي قيَماً ومبدأً، إن القياس يحكم بإعتماد موقف رئيس إقليم كوردستان أن يكون هو الموقف الرسمي والشعبي السياسي، ولا احد نسي ما حدث بعد 16 أكتوبر من الأعمال العقابية من دول الجوار بالتوافق مع الأميركيين وأمام صمت العالم وفي مقدمتهم الكيان الإسرائيلي.

 

 

 

روداو

Top