شهادات عليا
مصطفى كامل
شهد العراق في السنوات الأخيرة، ظاهرة متنامية تتعلق بالحصول على الشهادات العليا من جامعات غير رصينة في دول مثل لبنان وإيران. هذه الظاهرة، التي تبدو في ظاهرها طموحة، تحمل في طياتها العديد من التحديات التي تهدد جودة التعليم وكفاءة الأداء الوظيفي في مؤسسات الدولة.
يتجه العديد من الموظفين نحو هذه الشهادات ليس بهدف تحقيق معرفة أعمق أو تطوير مهاراتهم، بل لتحقيق زيادة في الرواتب أو لأهداف شخصية أخرى، مما يضع عبئاً إضافياً على كاهل الدولة دون أن يُثمر عن فوائد حقيقية.
جودة التعليم هنا تكون موضع تساؤل كبير، فالشهادات التي تُمنح من هذه الجامعات قد لا تعكس تأهيلاً حقيقياً أو مستوى تعليمياً يليق بمسؤوليات الوظيفة. إضافة إلى ذلك، تضع هذه الظاهرة عبئاً مالياً كبيراً على الدولة، إذ تُلزم بزيادة الرواتب بناءً على شهادات قد لا تكون ذات قيمة عملية حقيقية، مما يؤدي إلى تضخم في عدد الموظفين غير المؤهلين، ويؤثر سلباً على الإنتاجية العامة.
وللتصدي لهذه التحديات، ينبغي تعديل مخصصات الشهادات بحيث تكون الفوارق في الرواتب قليلة ومدروسة. على سبيل المثال، يمكن تخصيص 25 ألف دينار لحملة الشهادة الابتدائية، 50 ألف دينار للشهادة المتوسطة، 75 ألف دينار للإعدادية، 100 ألف دينار للمعهد، 125 ألف دينار للبكالوريوس، 150 ألف دينار للماجستير، و175 ألف دينار للدكتوراه. هذا التعديل سيضمن عدم حدوث فجوات كبيرة في الرواتب ويحد من السعي نحو شهادات غير رصينة.
كما ينبغي أن تكون الحكومة ملزمة بتعيين حاملي الشهادات العليا من الجامعات العراقية فقط، وذلك وفقاً لخطة وزارتي التعليم العالي والتخطيط وحاجة البلد الفعلية. أما بالنسبة للشهادات من الخارج، فيجب أن تبقى حقاً مكفولاً لكل عراقي دون أن تترتب عليها التزامات على الدولة، ويتم تنظيم قبولها بما يتماشى مع حاجة البلد وخطط الوزارة.
إن دعم التعليم الحكومي والأهلي، وكذلك الحصول على الشهادات من الخارج، هو أمر لا بد منه لتحقيق التطور المعرفي، لكن بشرط ألا يثقل كاهل الدولة ولا يتعارض مع خطط وزارتي التعليم العالي والتخطيط. هذه النقاط المهمة يجب أن تكون محط اهتمام مجلس الوزراء ومجلس النواب لضمان توازن بين تطوير التعليم وتجنب الأعباء المالية غير الضرورية، وهو ما سيسهم في بناء عراق أكثر استقراراً وازدهاراً.
روداو