• Saturday, 27 July 2024
logo

لماذا فشلت الحكومة الاتحادية في تنفيذ برامجها الحكومية؟

لماذا فشلت الحكومة الاتحادية في تنفيذ برامجها الحكومية؟

د.سامان شالي 

 

يمكن أن يعزى فشل الحكومة الفيدرالية في العراق في التنفيذ الكامل لبرنامجها الحكومي إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي، والتحديات الأمنية، والفساد، والاقتصاد، وعدم الكفاءة البيروقراطية، والانقسامات الطائفية، وإعادة هيكلة الحكومة، والتدخل الخارجي، وتطبيق الدستور. هذه العوامل تجعل من الصعب على الحكومة الاتحادية تنفيذ سياساتها للبدء في إعادة بناء البنية التحتية في العراق.

1. عدم الاستقرار السياسي: واجه العراق عدم استقرار سياسي كبير منذ الإطاحة بنظام صدام حسين في عام 2003. وقد كافحت البلاد لتشكيل حكومات مستقرة بسبب الخصومات السياسية العميقة والتوترات العرقية والطائفية والمصالح المتنافسة بين مختلف الفصائل السياسية. ولا تزال هذه التوترات مستمرة حتى اليوم. وإلى أن يتم حلها، سيكون من الصعب تحقيق الاستقرار السياسي.

2. التحديات الأمنية: يواجه العراق تحديات أمنية مستمرة، بما في ذلك التمرد والإرهاب والعنف الطائفي وتفشي الأسلحة والميليشيات الخارجة عن القانون. وقد أعاقت هذه التهديدات الأمنية قدرة الحكومة على تنفيذ برامجها بفعالية، مما أدى إلى تحويل الموارد والاهتمام عن مبادرات الحكم والتنمية. كما أثر الضعف الأمني على جذب المستثمرين إلى العراق لبناء البنية التحتية لأن المستثمرين يبحثون عن بيئة مستقرة.

3. الفساد: ينتشر الفساد على نطاق واسع في كافة مؤسسات الدولة فى العراق، وقد أدى إلى تقويض الحكم، وإعاقة التنمية الاقتصادية، وتآكل ثقة الجمهور في الحكومة. وكثيراً ما يعيق الفساد تنفيذ البرامج الحكومية من خلال استنزاف الأموال، وتشويه الأولويات، وتقويض آليات المساءلة. إن عدم قدرة الحكومة على محاسبة الفاسدين الكبار يزيد من الفساد، كما أن حماية الفاسدين من قبل الفاسدين الكبار تقلل من فعالية الحكومة لمحاربة الفساد.

4. التحديات الاقتصادية: يواجه العراق تحديات اقتصادية، بما في ذلك الاعتماد على عائدات النفط، وارتفاع معدلات البطالة، وعجز البنية التحتية. ويمكن للقيود الاقتصادية أن تحد من قدرة الحكومة على تمويل وتنفيذ برامجها بفعالية. وبينما زادت عائدات النفط في السنوات القليلة الماضية، فإن العجز آخذ في التزايد، مما يشير إلى فشل السياسة المالية وزيادة الفساد في الدولة. فشلت الحكومة في التخطيط لتنويع الاقتصاد لتقليل اعتمادها على عائدات النفط والاستثمار في الزراعة والصناعة والسياحة؛ سيؤدي ذلك إلى زيادة فرص العمل الجديدة وتقليل البطالة.

5. عدم الكفاءة البيروقراطية: اتسمت البيروقراطية في العراق بعدم الكفاءة، والروتين، ونقص القدرات، مما أعاق تنفيذ البرامج الحكومية. وأعاقت العقبات البيروقراطية، والتأخيرات الإدارية، ونقاط الضعف المؤسسية، تقديم الخدمات ومشاريع البنية التحتية. إن التدخل السياسي في إسناد المناصب العليا لشخصيات غير كفؤة بدلاً من تعيين التكنوقراط يؤدي إلى عدم الكفاءة والإنتاجية في مؤسسات الدولة.

6. إعادة الهيكلة الحكومية: ارتفاع عدد الموظفين الحكوميين إلى أكثر من أربعة ملايين وقلة إنتاجيتهم لدقائق معدودة يوميا يعيق تنفيذ البرنامج الحكومي. لذلك يجب العمل على تأهيل الموظفين وتقليل أعدادهم ودعم القطاع الخاص لتوظيف موظفي الحكومة.

7. الانقسامات الطائفية: المشهد السياسي في العراق منقسم بشدة على أسس طائفية، حيث تتنافس الفصائل الشيعية والسنية والكردية على السلطة والنفوذ. وكثيراً ما أدت الانقسامات الطائفية إلى جمود سياسي، وحكم مجزأ، وعدم القدرة على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضايا السياسة الرئيسية، مما أعاق تنفيذ البرامج الحكومية. كما أن الشيعة يديرون الحكومة على أساس الأكثرية والأقلية، وهذا يزيد من الانقسامات بين جميع الشركاء؛ وهذا يخالف مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن التي قام عليها العراق الجديد عام 2003.

8. التدخل الخارجي: تعرض العراق لتدخلات خارجية من القوى الإقليمية والجهات الفاعلة الدولية، مما زاد من تعقيد ديناميكياته السياسية وعرقلة جهود الحكومة. وكثيراً ما أدى التدخل الخارجي إلى تفاقم التوترات الداخلية، وتقويض قدرة الحكومة على الحكم بفعالية، والسيطرة على سيادتها المفقودة. استعادة السيادة للعراق تبدأ من الداخل، بوجود حكومة وطنية تضع مصلحة العراق قبل مصالح الدول الخارجية، بمشاركة الجميع تحت مظلة الدستور.

9. تطبيق الدستور: فشل الحكومة في تنفيذ برنامجها بسبب عدم تطبيق الدستور الذي يعتبر مفتاح حل كافة المشاكل في العراق، بما في ذلك عدم تشكيل المجلس الاتحادي والاحصاء والتعداد العام للسكان وتنفيذ المادة 140 وقانون الغاز والنفط، العفو العام عن السجناء السياسيين، الخ.

10. البنوك: فشل الحكومة العراقية في مراقبة البنوك العراقية التي تشكو من عدم الثقة بها داخليا ودوليا بسبب تعاملاتها المشبوهة مع الدول المحظورة وعدم التزامها بالقوانين الدولية المتعلقة بغسل الأموال. ولذلك نرى أن البنك الفيدرالي الأمريكي قد حظر استخدام البرمجيات (السوفت) والتعامل مع هذه البنوك عالمياً، وهذا يقلل من ثقة المستثمرين الأجانب في البنوك العراقية والاستثمار في العراق، وهذا سيؤخر البرنامج الحكومي.

ويتطلب التصدي لهذه التحديات جهودا متضافرة من جميع الشركاء في الحكومة لتعزيز المؤسسات، وتحسين الحكم، ومعالجة الفساد، وتعزيز المصالحة، وتعزيز الحوار السياسي الشامل وتطبيق الدستور. وبدون معالجة هذه القضايا الأساسية، ستستمر الحكومة الاتحادية في العراق في مواجهة الصعوبات في تنفيذ برامجها وتلبية احتياجات مواطنيها. وما لم تتخلى الحكومة والبرلمان والمحكمة الاتحادية عن حكم الأغلبية والأقلية في قراراتها، فإن الحكومة ستفشل في تحقيق الاستقرار وسيادة القانون لإعادة بناء العراق من جديد.

 

 

 

كوردستان24

Top