١٦ آب تاريخ و تأريخ و ثبات
فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
التأريخ هو تحديد منطقة في حدث من التاريخ الذي هو كل الاحداث، تحديدها و معالجتها تحليلا و تفسيرا، والتعمق في كل عوامل معادلتها التي انتجتها.
تاريخ الحزب الديمقراطي الكوردستاني يؤرخ في السادس عشر من شهر آب سنة ١٩٤٦، و تأريخه هو العوامل البشرية و الجغرافية و السياسية و الزمانية التي تفاعلت خلال تحركها من نقاط موغلة في القدم، نمت و تجذرت و انطلقت و انتشرت مرورا بمئات السنين و ما جايالها من قيام دول و زوالها مرت مؤثرة في واقع و اداء و فكر اجدادنا و وعيهم لتصل الامور الى الحاجة لقيام كيان حزبي بنظرية سياسية تنظيمية تشكّل بموجبها الحزب برئاسة مصطفى البارزاني.
٧٨ سنة من ذلك اليوم لليوم، تغير عرش العراق فيها من وصي الى ملك، والى جمهورية ومجلس سيادة وحكم عسكري لقاسم وعشرة رؤوساء بينهم رئيس مؤقت، ونحن ثابتون على طلب حقوق شعبنا و شعوب العراق، فيما الحكم يمر بمراحل اداء لم تزل بحاجة لتعديل و تقويم.
نحن لا نختصر الحركة التحررية الكوردستانية لكنها و الحركة الوطنية العراقية لم تكن لتصبح قوة ضاغطة حقيقية لولانا نحن، نحن السابقون السبّاقون الى العمل الضخم و الكلام القليل، العمل لعراق غير العراق الدامية ايدي حكامه بذبح احراره ومناضليه و مجاهديه و علمائه، عراق الانعتاق من العصبية و التبعية و الفئوية و التورط في احلاف الخسارة او حروب النيابة او مشاريع اجتهاد معتقدات تهلك الحرث و النسل.
نهج البارزاني والسادس عشر من آب حراك اجتماعي غير للافضل بنية المجتمع، ووفر الشجاعة و الاستعداد و البدء بثورة وطنية ضد الجهل مستبدلا الظلام بضياء القلم، مبعدا الفقه عن تفسيرات الطبقية و التخادم مع الاقطاع، محذرا من ادمان افكار تبدو مغرية لكنها غريبة عن طبيعة شعبنا.
لم نكن تبعا لمعسكر وان لم تخل ساحة من وجود مؤمنين بأحدى كتلتي قوى السياسة في العالم، بل كنا و نبقى قوة جماهيرية بفكر قومي واع و ذهنية عمل تتشابك ضمن نظام الحركة في ساحة معقدة ليس في العراق بل في كل اجزاء كوردستان و ما يستتبع ذلك بالضرورة من وجود مصالح دولية مرتبطة جغرافيا و سياسيا مع الكيانات التي تتوزع عليها امتنا.
نهج البارزاني و السادس عشر من آب، مشروع عمل كبير ممتد مترامي الافاق، عمل فيه رجال و نسوة من كل مشارب الثقافة و الهويات كوردا و غير كورد ايمانا بقضية التحرر الانساني و قضية شعب ومصير امة لم تقبل بالانصهار على تعدد المغريات و تنوع قساوة الهجمات و تجدد المؤامرات.
نهج البارزاني و السادس عشر من آب، نهج ثورات ووثبات و انتفاضات الدفاع عن كل كوردستان و العراق، وهما المنجز في بيانات الاعتراف بالشعوب و معاهدات السلم التي لها كبير الاثر في لجم تغول السلطة الغشوم.
حزب البارزاني تاريخا و تأريخا هو حزب ثبات على مطالب الاحرار في عدم قبول مفروضات من حاكم يريد ان يبني زائف المجد على حساب المحكومين.
حزب البارزاني تاريخا و تأريخا هو حزب القلم الحر و الصوت الصادق و الكلام الفاصل و السلاح الذي يتصدى للسلاح الاجير.
حزب الذين جرى تسفيرهم و تهجيرهم و قتلهم احياء في مقابر جماعية مرات اسرا و مرات خنقا.
حزب العمل الوطني و الجبهات الاصيلة واعية الفكر و القرار صادقة العمل كبيرة العطاء.
حزب العفو عن المسيء و حزب التجاوز عن المخطىء وحزب تجميع القوى و التواصل مع الناس و تلبية حقهم.
نهج البارزاني و حزبه، نهج النهوض و الاعمار ، و ترميم و بناء الاجيال، اجيال لا تعرف الخوف و تعمل لتأمين المستقبل.
هذا الثبات دعائمه صارت عمل مؤسسيا لضمان دوامه، و لحفظ تاريخنا، و تقديم الدروس المستخلصة من اسفار ثورتي ايلول و گولان و الانتفاضة و بناء اولى تجارب الديمقراطية الحقة على ارضنا التي شبعت من الدم الذي سفحه اعداؤنا و البارود الملقى علينا خلال عقود النضال.
هذا الثبات متجذر و ينبت و يزهر كلما عصفت بثمارنا نيران الحاقدين على الحرية، فما ان تزاح غمة حتى نكاد نسبقها للعمل على هدف امتنا في ان تكون حرة غير مكبلة بقيد من قيود الظلام.
مبارك لنا و لكل الاحرار يوم انطلق فيها حزبنا ليبني واقعا لا وهما تجربة كوردستان، تعايشا و امنا و اقتصادا و علما و ضمانا للمستقبل.
مقال منشور في صحيفة الزمان