• Friday, 03 May 2024
logo

هل يتدخل البارزاني في الشأن السوري ....شفان ابراهيم

هل يتدخل البارزاني في الشأن السوري  ....شفان ابراهيم
صرح الرئيس بارزاني أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن العالمي المنعقد في ميونخ، عن عدم قبوله فرض أي رؤية على كورد سوريا، وخاصة من طرف من يحاولن فرض أنفسهم بالقوة على كورد سوريا، وأوضح الرئيس بارزاني عن استعداده للتدخل عسكريا ودبلوماسياً ضد المعتدين على الكورد في سوريا. تصريحات بارزاني جاءت منسجمة مع احترام الحالة الوطنية السورية، فأشار إلى ضرورة توافق الكورد مع شركائهم الشعب السوري.
تصريحات بارزاني تنم عن حسه القومي بضرورة الدفاع عن بني قومه وشعبه، حين أوضح انه يملك الحق بالتدخل، كما تتدخل بقية الدول لحماية قوميتهم وهويتهم في دول أخرى من ضمنها سوريا.
وضمن السياق ذاته، أماطت اللحظات الحرجة بين وفدّي النظام والمعارضة مع ديمستورا في جنيف 3، اللثام عن المطمور بتأثير الظروف السياسة المستحدثة، أو نتيجة عدم دنوّ الوقت المناسب للإشهار.
فالأحداث الكبرى، مهما تبلغ من بشاعتها الدموية، قد تشقّ رؤىً جديدة غير مُدركة وغير متوقعة سلفاً. فما أسسه نابليون في حروبه فتحت الباب أمام أبناء القوميات للمطالبة بحقوقهم في بلدان أوربية شتى، حتى التي لم تصلها المد الثوري النابليوني.
وعرف عن البارزاني منذ بداية الثورة السورية مواقفه الداعمة والمساندة للثورة السورية، ليس أدل من القول رفضه المكرر لاستقبال مندوبي النظام السوري، ورفضه الدعوات المتكررة من النظام السوري والمتضمنة استقباله كرئيس دولة، وهو – النظام السوري- الذي كان مصراً على عدم استقبال البارزاني أكثر من رئيس حزب. وفي الاتجاه المقابل فإن الإقليم الكوردستاني لم يهدأ من استقبال الوفود السياسية والعسكرية والقيادات والتنظيمات الشبابية والحزبية الكوردية منها والسورية. وليست التفجيرات التي شهدتها مناطق الإقليم بمحض مصادفة أو بعيدة عن ردة الفعل والانتقام من مواقف الرئيس البارزاني المؤيدة للثورة السورية.
المواقف والاتفاقيات الدولية لا تتجزأ في نتائجها على الشرق الأوسط، وتحديداً العالم العربي، فما ستتمخض عنه نتائج النزاع السوري بعد 5 سنوات، وبعد تدويل القضية السورية، حصر الحل خارج الدولة والشعب السوري، فإن الوضعية الجديدة سيكون للعراق ولإقليم كوردستان العراق النصيب الأكبر من التغيرات التي ستطرأ على أتفاق روسيا وأمريكيا بخصوص المنطقة، والاتفاقية الدولية الجديدة. هذه الحقائق دفعت بالبارزاني إلى تقديم رؤيته لجميع أطراف الحركة السياسية في كوردستان العراق، خاصة وأن الإقليم اليوم هو نتاج ثورة بدأت منذ عبد السلام البارزاني الأول ضد الإنكليز وإلى اليوم، مروراً بجميع المحطات والانتكاسات والانتصارات الثورية والعسكرية والسياسية والتتويج بالفدرالية الكوردية. رؤية البارزاني كانت واضحة خاصة من جهة الترسيم الجديد للحدود الدولية بالدماء، وهي تلك الدماء التي تسترخصها قوات البيشمركة لترسيم حدود دولة كوردستان.
إن غياب الإجماع الوطني السوري خاصة إبان الربيع العربي على وطنية الحركة السياسية الكوردية في سوريا حتى مع طروحاتها بالفدرالية، تفضح بجلاء واضح مدى هشاشة النسيج السياسي السوري، وهي تخوض معركة ضد النظام، ومعركة ضد أي وافد جديد كنتيجة من نتائج التغيرات الواجب وجودها بعد ثورات الربيع العربي، وإلا آل التغيير الموعود والمنشود إلى فشل بيّن. لكن آل أيضاً إلى فضح الفكر التحرري الضدّيّ بين طرح تغيير النظام السوري والإبقاء على نتائج مراسيمه وقراراته وتعريبه ضد الكورد، لدرجة أن بعضهم أصبح كالقلاع المدافعة عن الوضع القائم. المعارضة السورية مثقلة بالهموم والمشاكل ومتطلبات المرحلة، لكن ما غاب أو ربما غُيّب عن طروحاتها وتطبيقها عملياً كان ولا يزال طرح مسألة الإجماع الوطنيّ، خاصة وأن الشرخ كان متسعاً والهوة كبيرة بين مكونات الشعب السوري قبل الثورة، وهو ما أثبتت الأيام أن توسيع الشرخ مستمر والكراهية والعداوات بين الجماعات المختلفة لغوياً ودينياً وقومياً مستمرة.
وضمن حلّ القضية الكوردية وثقل مواقف الرئيس بارزاني ومشروع حزبه –الحزب الديمقراطي الكوردستاني- فإن دعوته للاستفتاء على الاستقلال وإصراره على المضي قدماً في طرحه على الرغم من الخناق والحصار الداخلي والخارجي للإقليم، والهجوم الشرش باستخدام داعش ضد مختلف مناطق الإقليم، ينتظر الشعب الكوردي بترقب وتوجس حذر ما سيؤل إليه الوضع الكوردي في الإقليم داخلياً على صعيد التفاهم الكوردي –الكوردي وهو ما سينعكس بصورة مباشرة وواضحة على الوضع الداخلي للكورد في كوردستان سوريا. وضمن سياق العلاقة المتبادلة بين مواقف الكورد في طرفي الحدود المصطنعة، فإن الكورد وربما كُل دعاة حق تقرير المصير ومطالبي احترام خصوصية الأقليات والشعوب التي تعيش على أرضها، تجد في دعوة البارزاني للاستفتاء على الدولة الكوردية أمرين: أولهما مدى تأثير هذا الاستقلال على كوردستان سوريا وهل ستكون جزئاً منها أم سيقتصر الاستقلال على الإقليم فقط، وثانيهما أن هذه الدعوة تشبه الشمعة الساطعة وسط ظلام الركام والحرب والدمار والقتل على الهوية وعلى الوجود الآدمي في المنطقة. البارزاني يشيد أسوار دولة الكورد في مقابل تضعضع حدود دول أخرى، والكورد ينشدون إقامة دولتهم في مقابل انهيار دول لم يحافظ لا شعوبها ولا حكامها على كيانها وبقائها، وإن حصل وتم توحيد شطريّ كوردستان فإن اختلاف التصورات والقراءات والتطبيقات ستكون العبرة والنتيجة الأبرز في تاريخ الكورد المبعثرين على طول الأرض وعرضها في المنطقة مقارنة مع مواقف واستهتار الأنظمة بدولها على الرغم من جبروتهم وقوتهم. الاختلاف يكمن في التصور المطروح لإنشاء دولة كوردستان، في مقابل إصرار تلك الأنظمة على التفتيت والتدمير. الكورد ومنذ قرن من اليوم يشعرون أنهم في سجن كبير، لا في وطن يؤويهم ويحميهم، وهم المدركون جيداً أن الوطنية المتشدقة بها من لدُن النظام وبعض أطراف المعارضة السورية ليست سوى فرض العروبة على شعبٍ قدّم ملايين الشهداء كرمش عين. فهل سيعلن البارزاني عن الدولة الكوردية ضمن نطاق جغرافي صغير، أم سيكون للكورد في سوريا الفائدة الأكبر وتوحيد شطرهم الكوردي مع جنوب كوردستان، حينها سيبقى المثقف العربي يناضل لسنوات كي يثبت أن البارزاني تدخل في سوريا، وسيبقى يصر على نسف ورفض أي وجود لكوردستان سوريا.
الفرق شاسع، الكورد يضخون دمائهم لاستنهاض حلمهم الموءود المستعد للنمو دوماً، وبين من يناضل في اغتيال أحلام الآخرين.
Top