• Friday, 03 May 2024
logo

البارزانية فلسفة بناء الدولة....شفان ابراهيم

البارزانية فلسفة بناء الدولة....شفان ابراهيم
تتزامن ذكرى رحيل البارزاني هذه السنة، مع جملة من التطورات والتناقضات التي تعصف بالمنطقة عامة وكوردستان خاصة، والتي قدّ يجد الكورد أنفسهم قاب قوسين أو أدنى من الظفر بالحصة الأكبر من تقاسم الكعكة والنفوذ، بالرغم من إن الكورد لا يشكلون الحلقة الأقوى في معادلة فرض القرارات ورسم الاستراتيجيات بعيدة المدى. كل ذلك يتوقف على رهان فك ارتباط الكورد لعلاقاتهم مع الدول التي احتلت كوردستان على مر التاريخ. ولعل من استطاع رسم سياسة ازدواجية ايجابية تخدم مصالح الكورد وفق المنظور القومي الكوردستاني، معتمداً على سياسية ملئ الفراغات وأتباع اليد الناعمة في البداية هو الرئيس مسعود البارزاني الذي أتم ما بدأته سلالة بارزان من انتفاضات وتضحيات جسام.
ففي خضم تغيير موازين القوى في المنطقة وفرض رؤى جديدة وصياغة قناعات مختلفة عن ما سبقتها كنتائج للحرب العالمية، كان عبد السلام البارزاني يرسم خطوات التسامح والتآخي الكوردي – المسيحي، وما سعيه إقناع المستشرق اللاهوتي الاسكتلندي ويكرام لفتح مدارس في منطقة بارزان لتعليم أطفال الكورد إلا دليل على تمايز ذهنية عبد السلام عن سواه. واقتناع ويكرام كان عبر معاينته لمعيشة المسيحيين في بارزان وغيرها وما عاينه من انفتاح ومساواة بين المسيحيين والكورد، وهي النقطة التي كانت ولا تزال العامل الأبرز التي أرقت فكر وخطط أعداء الكورد وإلى اليوم. بل أن ويكرام لم يتردد عن إطلاق أسم (شيخ النصارى) على الشيخ عبد السلام تجسيداً لدوره في إنصاف المسيحيين ورعاية أوضاعهم وحماية أمنهم.
اليوم بات مهمة الرئيس البارزاني المهمة الأصعب التي يواجهها في مسيرته النضالية، فما حمله من أرث نضالي، وسجل بطولي في السياسة والحرب، يُجيز لنا القول، إن سلالة بارزان وإن رحلوا، هم ملوك الحرب وأمراء السلام. حتى الأمس القريب كانت القضية الكوردية ورقة يتلاعب بها المجتمع الدولي كيفما تقضي مصالحه، ولنا بثورة أيلول كأبرز فرائس الحرب الباردة، خير دليل وخير درسٍ يستفيد منه الكورد في الأجزاء الأربعة. لكن محاولة اختراق داعش لأسوار هولير بالأمس القريب خير دليل على التغيير الجذري لوضعية الدبلوماسية الكوردية دولياً. لكن وعلى الرغم من الدعم الدولي اللامحدود للرئيس البارزاني ومشروع الدولة الكوردية كأبرز نتاجات مشروع الشرق الأوسط الجديد، وعلى الرغم من التواجد الكثيف للبعثات والقنصليات والشركات والمصالح الدولية والأجنبية في الإقليم الكوردستاني، وسعيهم نحو تأمين حقوق الكورد عبر رسم حدود خاصة بهم، إلا أن ما يثير دهشة الغريب قبل القريب، محاولة البعض في العمق الكوردي من عرقلة المشروع والطموح الكوردستاني، وتفضيلهم مصالحهم الخاصة على مصلحة المشروع الكوردستاني. يقيناً ثمة خلخلة في بنية الإنسان الكوردي مردّها إلى حالة التبعية والانقياد الذي ترعرع عليه منذ بدايات التقسيم الدولي لكوردستان. هؤلاء لم يتعظوا لا من دروس التاريخ، ولا من نتائج مؤامراتهم السابقة ومؤامرات الحكام والملوك العراقيين الذين توالوا على حكم العراق ورحلوا، وبقيت البارزانية صنوان مع البقاء وتراتيل الوجود. لعل العربي الناشد للحرية يقول: استطاع البارزاني من زرع البيشمركة في قلب كوباني، وتغيير خارطة حقوق الأقليات وإخراجها من خانة حصر حلها بالدول التي يعيشون فيها، عبر إرساله للبيشمركة عبر حدود ثلاث دول، أما فلسطين فلا تزال تنتظر منذ نصف قرن دخول رغيف خبز عربي إليها.
في ذكرى رحيل وميلاد البارزاني الخالد دعونا نقف ملياً عند مقولة الرئيس مسعود البارزاني: من الدروس المركزية التي يجب أن نستفيد من تجربة ثورة أيلول وقيادة البارزاني، هو أن نحرص على وجود دائم لنا في الساحة ليحسب الآخرون حسابنا وعلينا أن لا نظن قط أن جهة ما مستعدة للتضحية بمصلحتها في سبيلنا أو معاونتنا بدون عوض.
Top