• Tuesday, 14 May 2024
logo

الرواتب أزمة الأزمات في العراق

الرواتب أزمة الأزمات في العراق
د.كوفند شيرواني



يبدو أن العراق أصبح، وبلا منافس، بلد العجائب والغرائب في مجالات عدة، فبعد الأزمة المالية غير المسبوقة التي حلت في البلاد والعجز الكبير في الموازنة العامة الذي بلغ نصفها وهو حدث لم يسجل حتى في أفقر الدول في آسيا وأفريقيا، تأتي ازمة الرواتب التي أقلقت العراقيين، الموظفين والمتقاعدين وغيرهم لأكثر من شهر.



‏الرواتب والاقتصاد العراقي

‏الرواتب هي احدى علامات الخلل و هي أحدى المعضلات الجدية التي يواجهها الاقتصاد العراقي الذي يعاني من أزمة مالية واقتصادية على حد سواء. وتحصل الأزمة المالية عند اضطراب الوضع الاقتصادي في بلد ما بسبب اختلاف التوازن بين الإنتاج والاستهلاك وهذا ما حصل في العراق، فالبلد صار يستهلك اكثر بكثير مما ينتج، وحتى ما ينتجه البلد تشكل مبيعات النفط نسبة تزيد عن 90% ‏منه. ‏أما مصطلح الأزمة الاقتصادية فيشير إلى حصول تباطؤ في الاقتصاد بسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي (GPD) أو نقص السيولة النقدية أو تدهور الأسعار انخفاضا أوارتفاعا. وعليه فالأزمة في العراق اقتصادية ومالية في الوقت ذاته.

ولهذا الوضع أسباب تتلخص في الآتي :



الاستمرار بالسياسة المالية والنقدية الحالية التي أوصلت البلاد إلى هذه الحالة.
عدم وجود رؤية وفلسفة اقتصادية واضحة، وعدم الأخذ برأي الخبراء في الاقتصاد والمالية .
عدم القيام بإصلاحات جدية في هيكلة الاقتصاد العراقي ودعم القطاعات المتراجعة فيه كالزراعة والصناعة والسياحة.
الإخفاق في تنمية موارد النفط وتنويعها الى مجالات التصنيع وزيادة قدرات المصافي النفطية.
استشراء الفساد المالي والإداري وتهالك البنى التحتيىة.


‏الرواتب الخلل الكبير

يشكل موضوع الرواتب احد العلامات البارزة على سوء الادارة وعدم التخطيط. وهذه العوامل وغيرها مهدت للازمة المالية الراهنة والى عجز الدولة عن تأمين الرواتب في مواعيدها. ومن المؤشرات الواضحة على الخلل في الرواتب هي :



تتطلب الرواتب تأمين المستحقات النقدية لسبعة ملايين مواطن (أربعة ملايين موظف وثلاثة ملايين متقاعد)، تقدر بـ (4-5) مليار دولار شهريا، أي قرابة 50 مليار دولار سنويا.
هذا الترهل الكبير في الوظائف يكلف الخزانة مبالغ وصلت الى 65% من الموازنة في العام 2019، لترتفع بدرجة أكبرعند تراجع الإيرادات النفطية في العام الحالي حتى أصبحت الموازنة مقتصرة على النفقات الجارية (رواتب ومصاريف تشغيل مرافق الدولة) ولا تترك شيئا للبرامج والمشاريع التنموية أو الاستثمارية.
التباين الكبير بين رواتب الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) مع سائر دوائر الدولة الأخرى.
النسبة بين أعلى و أقل راتب في الدولة تتجاوز واحد الى 100، وهي نسبة غير مقبولة في المقاييس المحاسبية الدولية وتشير الى خلل في سلم الرواتب والى انعدام العدالة فيه.


‏الخيارات المطروحة أمام وزارة المالية العراقية في بحثها عن وسائل سريعة لتمويل المبالغ اللازمة للرواتب تمثل جميعها خيارات صعبة وهي باختصار:



-الاقتراض الداخلي والخارجي هو حل بدأت به الحكومة مستندة الى قانون الاقتراض الذي أقره البرلمان في شهر حزيران من العام الحالي والذي يسمح للحكومة إقتراض 15 مليار دينار من الداخل وخمسة مليارات دولار من الخارج. وهذا الحل، وعلى سرعته، سيزيد المديونية التي وصلت مؤخرا إلى 134 مليار دولار.

‏-خفض قيمة العملة المحلية، أي تقليل قيمة صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي. يمكن لهذا الحل أن يقلل العجز في السيولة النقدية بنسبة 20% ،إلا أنه سيقلل من القدرة الشرائية للفئات محدودة الدخل والفئات الفقيرة.

-طبع المزيد من العملات الورقية، وهو حل لاينصح به خبراء المالية لأنه سيسبب تضخما نقديا مع تبعاته السيئة .



‏وبالاعتماد على القروض، تمكنت وزارة المالية من تأمين رواتب شهر أيلول وشرعت بتوزيعها اعتبارا من يوم الأربعاء 7-10 ، لكن الشكوك لاتزال قائمة حول قدرة الوزارة على تأمين رواتب الأشهر الثلاثة اللاحقة من السنة الحالية.

أزمة الرواتب ترافقت مع جدل حاد بين الوزارة والبرلمان. ويعتقد بعض المحللون، ان هذا الخلاف المستجد يخدم مصالح سياسية لأطراف متنفذة في البرلمان تريد احراج حكومة الكاظمي ، وقد يكون الامر وراءه دوافع انتخابية ستزدا‏د علاماتها وشواهدها ‏حدة و وضوحا مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة في شهر حزيران من العام القادم.










باسنيوز
Top