• Thursday, 02 May 2024
logo

الكاظمي في حقل الألغام

الكاظمي في حقل الألغام
معد فياض

غريبة هي ممارسات الأحزاب السياسية العراقية، أحزاب الإسلام السياسي خاصة، وقادتها، ممارسات اقل ما يمكن قوله انها بعيدة عن التوصيف الوطني، ولا يمكن ان نصنفها باعتبارها حريصة على مصلحة البلد والشعب، بقدر حرصها وتكالبها على مصالحها الشخصية الضيقة. ممارسات هذه الاحزاب لن نجد لها مثيل في بقية انحاء العالم، فهي ترفع شعارات دينية وقادتها يتلونون علينا ليل نهار بخطب ضد الفساد وينادون بالاصلاح بينما هم من يتصدرون قوائم الفساد والتخريب وممارساتهم أبعد ما تكون عن قيم السماء والارض.

أكثر ممارسات قادة هذه الاحزاب غرابة، وتعبيرا عن ابتعادها عن الانتماء للوطن وللشعب، هي انها وافقت على تكليف، مصطفى الكاظمي، رئيسا للحكومة، بضغط من الشارع العراقي، وتشارك في هذه الحكومة بوزراء ووكلاء وزراء ودرجات خاصة ومدراء عامين وسفراء ومستشارين وكبار الضباط في الجيش العراقي وبقية الأجهزة الأمنية، وفي ذات الوقت تحارب الحكومة، وبتعبير أكثر دقة تضع العصي في دواليب رئيس الوزراء وتحاول نصب الفخاخ والعراقيل في طريق تنفيذه للبرنامج الحكومي، والاكثر من هذا وذاك هو ان قادة هذه الاحزاب يحرضون كتلهم البرلمانية لعرقلة مشاريع الحكومة وقوانينها ليخرجوا لنا على الفضائيات منددين بالاداء الحكومي ومشهرين بها وكأنها حكومة دولة مجاورة أو بعيدة وليسوا مشاركين فيها.

مما ألفنا سماعه من قادة هذه الاحزاب ونوابهم في البرلمان، على سبيل المثال، هو أن الحكومة ورئيسها غير قادرين على محاربة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين! وأن هذه الحكومة عاجزة عن حصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الميلشيات! ومن ابداعات نوابهم في البرلمان هي تشريعهم لقوانين ليست في مصلحة المواطن العراقي عامة والبسيط خاصة، ليعلنوا بعدها، ايضاً من خلال الفضائيات، أن الحكومة لا تعمل لصالح المواطنين.

قادة احزاب وكتل سياسية وبرلمانية تشارك في الحكومة وتعمل ضدها، بل وتحرض العراقيين عليها، هل هذا نوع من انواع الانفصام بالشخصية "شيزوفرينيا سياسية" مثلا؟ أم تخبط في المواقف والاتجاهات التي تحددها بوصلات دول مجاورة او بعيدة لتحقيق اجندات خارجية بحتة لا علاقة لها بمصالح العراق والعراقيين؟.

هؤلاء من يطلقون على انفسهم قادة احزاب سياسية، يجتمعون ويسهرون ويخططون ويجتهدون من اجل وضع الخطط المخربة لبرامج الحكومة ورئيسها، بينما الاحرى بهم ان يعملوا على ايجاد خطط مساعدة وحلول للمشاكل والازمات التي تنقذ البلد من الهاوية التي قادونا اليها هؤلاء القادة.

ومن المضحك المبكي حقاً، هو ان قادة الميلشيات المسلحة يعلنون عن ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، ويهاجمون الحكومة لانها غير قادرة على تنفيذ ذلك، وبذات الوقت وتحت جنح الظلام يطلقون االصواريخ التي تقتل العراقيين الابرياء وتهدد امن واستقرار المواطنين، بينما حيتان الفساد الذين سرقوا، وما زالوا اموال الشعب يصدعون رؤوسنا بخطبهم عن الاصلاح، وايضاً، يهاجمون الحكومة لعجزها عن محاربة الفاسدين! هل هناك انفصام نفسي وسياسي أكثر من هذا؟ وهل هناك مهرجان مجاني لاستعراض المواقف الغريبة يشبه هذه المهرجانات؟.

هنا انا لست بصدد الدفاع عن رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، وحكومته، بل احاول ان اكون محايداً قدر الإمكان، والحقائق التي ذكرتها آنفاً تؤكد بأنه من الصعب على أية حكومة، واي رئيس وزراء ومهما كانت قدرته وقوته وحكمته وبلاغته للعمل من أجل تحقيق برنامجه وسط هذه الظروف الشاذة. ليست هناك أية حكومة في العالم تستطيع العمل وسط بيئة معادية ومعرقلة، ومع أحزاب تزرع الألغام في طريقها، بل مع ما تسمى بالقيادات أو السياسيين الذين يشاركون بالامتيازات ويعملون ضد تحقيق الانجازات.

قادة هذه الأحزاب يتصورون، واهمين، بأنهم قادرون على خداع الشعب وتمرير أكاذيبهم وتقديم أنفسهم كمصلحين وأنهم يتمتعون بالنزاهة ويقفون ضد السلاح المنفلت، وأن ايديهم نظيفة من دماء العراقيين واموالهم، لكن العراقيين استطاعوا وعبر أكثر من 17 سنة من كشفهم ومعرفة اساليبهم التي صارت بالية، وان كل ما يفعله هؤلاء (القادة) هو استعراض عضلات كاذبة، ودعاية انتخابية رخيصة تحت عناوين حزبية ملفقة.

كان من الأحرى على هذه الأحزاب وقادتها أن لا يشاركوا في الحكومة، إذا كانوا ضد توجهاتها، وأن يتحولوا الى معارضة ايجابية تدعم خطط وبرامج رئيس الوزراء تعبيراً عن حرصهم على البلد وأهله، وان لا يضعوا خطوة مع الحكومة والف خطوة ضدها، وأن يقدموا مصالح العراق والعراقيين على مصالحهم.

من الإنصاف هنا أن نقول بأن عمر الحكومة ستة اشهر، وليس من حق أي جهة أن تحملها تبعات فساد وخراب واقتتال 17 سنة، ولا من حق اي جهة ان تحاسبها عن اتساع عدد الميلشيات وانفلات السلاح الذي حدث بدعم من حكومات سابقة وبتأييد من دول خارجية، وكان على الاحزاب التي تريد ان تحاسب رئيس الحكومة ان تزيل الألغام من طريقه وتغيب العقبات وتتعاون معه، وأن تحسم موقفها فيما اذا كانت مع الحكومة أو ضدها.. وليس لنا سوى ان نقول اعان الله مصطفى الكاظمي وفريق عمله وهم يعملون وسط حقل الألغام هذا.





روداو
Top