• Friday, 29 March 2024
logo

وقائع حياتنا وتفشي كورونا الانانية والتحقير من الاخرين

وقائع حياتنا وتفشي كورونا الانانية والتحقير من الاخرين
ساره‌ سهيل



ما نعيش من كارثة كورنا بكل آلامها وصعابها ومخاض خوفنا على أنفسنا وأحبتنا، الا ان هذا الوباء الشرس للأسف الشديد لم يغير في نظرتنا لانفسنا وللآخرين الا ما رحم ربي، في أن يراجع بعضنا سلوكه اليومي ولم يراجع اخلاقه، باعتباره هو والاخرين في الانسانية في مركب حياة واحد لا يفرق فيه بين غني وفقير متعلم او أمي، وقد تغرق المركب بنا جميعا ـ لا قدر الله ـ ما لم نتراحم ونعلي من انسانيتنا ويفهم بعضنا بعضا ويلتمس بعضنا للبعض سبعين عذرا .

هذه اخلاق سماحة اسلامنا الحنيف وكل الاديان السماوية التي حضت على اخلاق التراحم والحفاظ على كرامة الاخرين وصون حقوقهم من الاهانة او التجريح، ولكن أين نحن من هذه الاخلاق؟!

تابعت على موقع النجوم عدة فيديوهات تعكس ما يستشعره اصحاب القلوب البيضاء من مرارة الحلق عندما يقع ظلم على انسان ضعيف، او يتعرض احد الاشخاص للاهانة والنقد والتجريح والقهر دونما ذنب اقترفه، ومرجع هذا الظلم كله هو الشعور المتضخم لدى الكثيرين بالأنا وبأنهم اعلى مكانة او قدرة او سطوة اجتماعية أوفكرية تسول لهم تجريح الاخرين بسهولة دون وجع ضمير.هذه الفيديوهات، تعكس واقع مرير نشاهده جميعا في حياتنا اليومية في سلوك الناس الذين لا يرحمون غيرهم علما بأن من لا يرحم لن يرحم، فهاهو سائق التاكسي يطالب بأجره وفق حساب العداد بينما الزبونة ترفض اعطائه كامل حقه وتنقص منه وتكيل له السباب والشتائم، بل وتهدده باحضار شرطة المرور، ولما طال به الوقفة جاءه رجل المرور ليحرر له مخالفة، بينما سائق التاكسي فقير مغلوب على أمره ولا يدري ماذا يفعل .

الفيديو الثاني لبائع بيض ينادي عبر الميكرفون على بضاعته ليجلب الزبائن، بينما يقوم احد كتاب الدراما بتوبيخه واحتقاره واهانته، لان صوت البائع يزعجه، وتناسى مؤلف المسلسلات حق البائع في الترويج لبضاعته لانها مصدر دخله، وتناسى ايضا حقيقه ان ما يكتبه من مسلسلات قد تخرب البيوت بافكار مسمومة وتزعج كثير من الاسر .

قرر بائع البيض ان يلقن هذا المؤلف درسا في الحياة فذهب إلى بيته ليحطم اصنام الافكار البالية لدى المؤلف ويحطم الأنا المتضخمة لديه، والتي تجعله لا يرى في الدنيا الا نفسه ولا يسمع الا صوته، ولا يفكر لحظة في سماع صوت الاخرين او التفاهم معهم او التماس الاعذار لهم .

وها هو بائع البيض يعري مؤلف المسلسلات وهو يقدم أبطاله من المجرمين والخونة والفسدة، دون ان يقدم شخصيات سوية مكافحة وشريفة وهي ايضا كثيرة في الحياة، فمن أذن يزعج من؟ بائع البيض هو ينادي على بضاعته، أم مؤلف المسلسلات التي تدمر اخلاق الناس وتعلي من شأن الأنا الامارة بالسوء؟!

أظن ان كل البشر بحاجة الى مراجعة أنفسهم وتصحيح نظرتهم للحياة وللاخرين، فالاخرين ليسوا عبيدا لنا، بل عباد لله وحده، وكل من يظن في نفسه قدره على التحكم في الاخرين واهانتهم وقهرهم، فاني أذكرهم بقدرة الله عليهم، فبلحظة يتحول العزيز الى ذليل بقدرة قادر .

فالدرس الذي لقنه بائع البيض لكاتب الدراما الذي تلقى تعلميه من الكتب، كشف عن بائع البيض الاكثر خبرة بالحياة والاكثر ثقافة بالنفس البشرية، بل وانه أكثر اخلاقا حتى لو كان أميا أو نصف متعلم.

نحن بحاجة لثقافة الاخلاق قبل اي شيء، فالاخلاق هي ميزان الرحمة والعدل والعلاج النفسي لكل امراض النفس الامارة بالسوء، وعندما نحققها في سلوكنا اليومي سنقضي على كل الامراض وفي مقدمتها كورونا.







روداو
Top