• Friday, 26 April 2024
logo

:الدكتور نبيل عبد الفتاح المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية ل"كولان ":على قيادات الجماعة القبول بالأمر الواقع والكف عن التحريض على العنف والإرهاب

:الدكتور نبيل عبد الفتاح المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية ل
مازال الوضع فى مصر متوترا بعد سقوط حكم الدكتور محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين ،حيث واصل أعضاء الجماعة إعتصامهم وتكررت المظاهرات والمواجهات مع قوات الأمن وأفراد الجيش والمواطنين ، للمطالبة بعودة الرئيس المعزول ، وفى الوقت ذاته استمرت الحشود المضادة من باقى القوى المصرية لتأييد و دعم الجيش المصرى فى رعايته لخارطة الطريق التى أسفرت الأيام الماضية عن تشكيل حكومة إنقاذ وطنى ، وأيضا فى عملياته لمواجهة الجماعات الإرهابية فى سيناء ،وللتأكيد على أن ماجرى هو ثورة شعبية وليس إنقلابا على الشرعية.ووسط هذا الحراك الكبير فى مصر لاتزال العديد من التساؤلات مطروحة بشأن حاضر ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين خاصة والإسلام السياسى عموما فى مصر والمنطقة ، وقد طرحت "كولان " أسئلة حول هذا الموضوع على الدكتور نبيل عبد الفتاح المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية والخبير فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، فكان الحوار التالى :

أسماء الحسينى


مازال الوضع فى مصر متوترا بعد سقوط حكم الدكتور محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين ،حيث واصل أعضاء الجماعة إعتصامهم وتكررت المظاهرات والمواجهات مع قوات الأمن وأفراد الجيش والمواطنين ، للمطالبة بعودة الرئيس المعزول ، وفى الوقت ذاته استمرت الحشود المضادة من باقى القوى المصرية لتأييد و دعم الجيش المصرى فى رعايته لخارطة الطريق التى أسفرت الأيام الماضية عن تشكيل حكومة إنقاذ وطنى ، وأيضا فى عملياته لمواجهة الجماعات الإرهابية فى سيناء ،وللتأكيد على أن ماجرى هو ثورة شعبية وليس إنقلابا على الشرعية.
ووسط هذا الحراك الكبير فى مصر لاتزال العديد من التساؤلات مطروحة بشأن حاضر ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين خاصة والإسلام السياسى عموما فى مصر والمنطقة ، وقد طرحت "كولان " أسئلة حول هذا الموضوع على الدكتور نبيل عبد الفتاح المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية والخبير فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، فكان الحوار التالى :


- كيف تجمعت كل هذه القوى المصرية المتباينة على صعيد واحد لإسقاط حكم الدكتورمحمد مرسى ؟

=الأخطاء الفادحة التى ارتكبها الرئيس المعزول وجماعته ساعدت في إحداث توافق إرادات خلال الثورة المصرية الثانية بين غالبية واضحة من الشعب المصرى ومؤسسات الدولة لإحداث تغيير جذري في تركيبة السلطة، بهدف الحفاظ علي الأمن القومي لمصر، بعد أن اتضح أن الإخوان يعملون لصالح تشابكاتهم مع الجماعات الجهادية والتكفيرية في الخارج، ويحاولون تقوية شوكة بعضهم في سيناء؛ حتى يفقد الجيش السيطرة عليها ، وهو الأمر الذى لم تسمح به القوات المسلحة، وتتصدى له الآن بكل قوة وحزم ، وقد كانت هناك سيناريوهات جاهزة قبل 30 يونيو، وأولها العنف والفوضى، وهو ما يفلعونه الآن، و لابد أن تضع الدولة آليات للتصدي لهم من خلال الأساليب السياسية، وأن تضغط القوى الثورية لإحداث تغيير جذري في مستوى التعليم، وهو ما يضمن القضاء على هذه الأفكار الضالة ونشر قيم الإسلام بسماحته.

- أى مستقبل ينتظر برايك جماعة الإخوان المسلمين الآن فى مصر ...وهل يتم العمل الآن لإقصائهم ؟

=جزء كبير من الجماعة هم من الشعب المصري ، ولا يتحملون أخطاء مرسي والقادة ولا يمكن إقصاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الأخري من المشهد السياسي ولابد من التعامل معهم بالحوار والنقاش وإعلاء كلمة القانون وإذا كانت هناك اتهامات جدية في حقهم فلابد أن يتم إكفال الضمانة القانونية للدفاع عنهم وهذه هي تقاليد الدولة المصرية ولابد من إعطاء فرصة للعناصر الإصلاحية داخل الجماعة في إعادة تأهيلها وأن يحصلوا علي فرصتهم كاملة في التنافس الشريف علي أساس سليم.

- هل سيتجه الإخوان والقوى الإسلامية المتحالفة معهم برأيك إلى العنف بعد عزل الدكتور مرسى ؟

=لا أستبعد عودة ظهور العنف من جانب الجماعات الراديكالية الإسلامية ، وهو أمر متوقع تماما ولكن التجرية أثبتت أن النزوع إلي العنف والتشدد الديني لا يأتي بنتيجة ولا يحقق التفوق لهذه الجماعات، ولدينا خبرات واسعة في التصدي الصارم لهذه الجماعات في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، ولكن وجودها الآن سيكون بشكل مختلف تماما، ففي الفترة السابقة التي ظهرت فيها وبخاصة في صعيد مصر كان هناك تعاطف مع فكر الجماعات الراديكالية، ولكن الوضع الآن مختلف كثيرا فهناك اتجاه عام لرفض العنف والتكفير، وبخاصة بعد التجربة الفاشلة لجماعة الإخوان المسلمين في السلطة، ومحاولاتهم في تغيير شكل المجتمع، وهو ما تصدي له الشعب بالتعاون مع أجهزة الدولة واكتشف المصريون بوضوح الفارق بين الخطاب الديني الذي انتهجوه وقالوا إنهم يسعون من خلاله إلي إقامة دولة قائمة علي العدالة الاجتماعية التي لم تتحقق، ولم يكن هناك مشروع لتحقيقها، وثبت أن كل ما يرغبون فيه هو الوصول إلي السلطة فقط ،وبخاصة مع ظهور لهجة خطاب قادة الجماعة التي يدفعون من خلالها قواعدهم الشعبية للصدام مع الشعب وبات واضحاً بين المصريين أن الخطاب الديني الذي تستخدمه الجماعة ما هو إلا قناع.

وهل يجر العنف الحالى مصر إلى فوضى ؟-

=إن لجوء الإخوان إلى أعمال عنف سيدفع بمزيد من عمليات العنف المضادة، وهو ما يجر البلاد فى دوامة لا تنتهى من العنف ، وعلي الإخوان أن يعوا نتائج عمليات العنف و الاغتيالات التى جرت فى السابق. ، لكن أعتقد أن محاولات نشر الفوضى ودعم الإرهاب لن تنجح ؛ لأن التاريخ لا يعيد نفسه، وهم أثبتوا للشعب كله أن مصلحة مصر ليست ضمن حساباتهم، فكل ما يعنيهم هو حماية التنظيم والحفاظ على الجماعة ونشر أفكارها، حتى لو عن طريق الدم

-وكيف تفسر حالة الجماعة وأنصارها الآن ؟
= العنف الذي يمارسونه هو أمر متوقع في حالات الصراع السياسي، خاصة في أعقاب الإنتكاسة التى تعرضوا لها ، و انتصار إرداة الشعب التي كشفت تواطؤ الجماعة والتيار السلفي مع المجلس العسكري من قبل، والمزايدة بدم الشهداء، والمتاجرة بالدين؛ للوصول إلى غايتهم في الحكم، وفرض السلطة على الشعب المصري، وتحويل الدولة المصرية من دولة مدنية حديثة إلى دولة يتم صياغتها على الهوى الأيدولوجي لجماعة الإخوان المسلمين، كما أن زعمهم بأنهم يحرصون على الثورة وشاركوا فيها هو أمر غير صحيح؛ فلم يشاركوا في 25 ثورة يناير إلا عدد قليل منهم وبدون أوامر الجماعة.

- وماهو السبيل للخروج من الأزمة الراهنة فى مصر ؟

=الحل أن تقبل جماعة الاخوان المسلمين بالأمر الواقع وأن تستمر التيارات السياسية فى تنفيذ خارطة الطريق بموافقة الجميع تحت رعاية المؤسسة العسكرية وألا يستمر مؤيدو الرئيس السابق فى التظاهر وان يرضخوا لإرادة الملايين من المصريين،واستمرار مظاهرات الإخوان ميدان رابعة لن يؤدي إلى أي شيء بل سيزيد الأمور تعقيدًا والخاسر فيها هم جماعة الإخوان ،ومؤيدو الرئيس المعزول، لأنهم بهذا لن يكونوا موجودين في المشهد السياسي بشكل فاعل ،ويجب على قيادات الإخوان الكف عن التحريض على العنف، لأنها لن تؤدي إلى شيء سوى جر البلاد إلى حرب أهلية لم تعرفها مصر وليست في ثقافة الشعب المصري من الأساس، و سيكون ذلك خسارة لهم بالدرجة الأولى وسيفقدون شعبيتهم تمامًا، ولن يستطيعوا الرجوع للمشهد السياسي بعد كل أحداث العنف التى يقومون بها .

- وهل هناك إمكانية ما لتطور إيجابى داخل جماعة الإخوان ؟
= أتوقع أن تبدأ مراجعات في أفكار جماعه الإخوان بعدما تهدأ الامور، ويجب الإشارة هنا إلى أن وصول القطبيين لسده القيادة في مكتب الارشاد، تسبب للمره الاولي في ضرب الفكره الاخلاقيه والدينيه لمشروع حسن البنا مؤسس الجماعة .

- الإخوان يقولون أن الشرعية معهم ، وأن القوى المدنية وفرت الغطاء السياسى للعسكر لإسقاط الديمقراطية التى أتت بهم إلى السلطة ؟

=أحب أن أشير هنا إلى أنهم يختزلون المسألة الديمقراطية والشرعية فى جزئية صناديق الإقتراع ، بكل ما تتضمنه من رشوة الجماعة الناخبة للفئات الفقيرة والمحتاجة فى العديد من مناطق مصر ، وهو أمر يجعل من الآليات الإنتخابية مسألة إجرائية محضة لاتعكس أى توجهات ديمقراطية ولاتعكس القيم والإدراكات الديمقراطية حول الدولة والنظام السياسى وعلاقات الدولة بالمواطنين ،وكانت سياسات وممارسات الرئيس المعزول وقراراته تعيد إنتاج النظام التسلطى الذى كان موجودا فى مصر منذ 1952 ، بمعنى أنه يستخدم القوانين والدستور بطريقة غير ديمقراطية ، لاتتيحها تاريخ التقاليد الدستورية المصرية ولا المبادىء الدولية.

-مازال كثيرون ينظرون لما حدث فى مصر كإنقلاب عسكرى ..؟

= ما حدث في 30 يونيه هو استجابة الجيش لإرادة الأغلبية الساحقة ، ولذا نرفض وصفه بأنه انقلاب ، فالإرادة الشعبية هي التي خلعت الرئيس المعزول محمد مرسي، الذى هو المسئول الأول والأخير عن دخول القوات المسلحة إلى معترك الحياة السياسية، وذلك بسبب سياسته الخاطئة في إدارة البلاد ، مما ترتب عليه أن أمهلته القوات المسلحة مهلة، ولكنه لم يأخذ برأي القوات المسلحة، مما ترتب عليه عزله من منصبه.

-وماذا بشأن علاقة الجيش بالوضع السياسى في المستقبل؟

=الحكم الآن وفي المستقبل بين مؤسسة الرئاسة والجيش هو الشعب فهو الحكم الفصل بين جميع مؤسسات الدولة ،والشعب أيضًا هو الذي سيحدد تطور هذه العلاقة.

-وهل يؤثر إجهاض تجربة الإخوان في مصر على مستقبل الإسلام السياسى فى المنطقة والعالم ؟
= لاشك أن التجربة الفاشلة للإخوان في مصر سوف تؤثر سلبًا على القوى الإسلامية في الدول العربية الأخرى، مثل السودان وتونس والأردن وخاصة فلسطين، وأتوقع أن يفقد الإسلام السياسي نفوذه تدريجيًا، وأن يؤدى فشل الإخوان فى مصر إلى أن يخسر المشروع الإسلامي جاذبيته في المنطقة .

- لماذا انصب برأيك غضب المصريين وإنتقاداتهم على الإخوان المسلمين أكثر مما وجه للتيار السلفى الأكثر تشددا ؟

= بالرغم مما يثيره التيار السلفي الجديد من تساؤلات ونقاشات، بدت خلال الفترة الماضية تطورات مهمة في نسق خطابه السياسي مما ينبئ بإمكانية تطوير أفكارهم ودورهم خلال الفترة القادمة، وهناك نخبة تتشكل من التكنوقراط والتجار السلفيين، التي دفعت بالسلفيين إلى غمار العمل الحزبي والسياسي، وترسم اليوم تصوراً خاصاً متبايناً مع تصور الشيوخ التقليديين للدعوة السلفية، وربما تقود هذه النخبة في المرحلة القادمة نحو تحولات أكبر في مسار الدور السلفي السياسي الجديد.

- وماذا بشأن حزب النور السلفى تحديدا ودوره فى المرحلة الراهنة بعد إزاحة الإخوان ، وبعض القوى المدنية تتهمه بمحاولة فرض شروطه فى تشكيل الحكومة وغيرها من القضايا ؟

= أعتقد أن رفض حزب النور للتشكيل الحكومى الجديد ما هو إلا محاولة لتعظيم أوراق تفاوضهم , والحصول على أغلبية البرلمان , فحزب النور قد أدرك أنه أمام موجة ثورية قادرة على إزاحة الكثير، فحاول أن يكسب تعاطف الشعب مبكراً ليحظى بفرصة المشاركة في الحياه السياسية وصنع القرار، وأعتقد أن حزب النور قد استفاد كثيراً من تجربته السابقة مع الإخوان , وأنه يحاول حالياً أن يطور علاقته بالخارج وتوطيد علاقته بالولايات المتحدة خاصةً وأن يبرز دوره أمام العالم.

- وماذا بشان التحالف بين الجماعة الإسلامية و"الإخوان المسلمين " ؟

=بعد خروج بعض العناصر المنتمية إلى الجماعة الإسلامية من السجون سواء عن طريق المراجعات أو العفو الرئاسي الذي منحه لهم الرئيس مرسي فور تسلمه السلطة، أصبح هناك شكل من أشكال التحالف أو صفقة سياسية ما تمت بينهما، ويبدو أن هناك محاولة لرد ما يمكن أن نسميه الجميل لجماعة الإخوان ،و التحالف بين الطرفين ربما يأتي في إطار أن كليهما في قارب سياسي واحد الآن في مواجهة معارضين يرغبون في إقصاء الإسلاميين.
Top