• Saturday, 27 April 2024
logo

كاروان آكرەیی : الحزب السیاسي الذي يدّعي تبني البرنامج القومي عليه قبول التعددية السياسية

كاروان آكرەیی : الحزب السیاسي الذي يدّعي تبني البرنامج القومي عليه قبول التعددية السياسية
غدت المشكلة الكوردية في الشرق الأوسط جزءاً من التحولات التي حدثت في المنطقة،وبين هذه التحولات اصبح التفكير على المستوى القومي بأتخاذ خطوات للبناء القومي و محو آثار السيطرة على افكار افرادها ضرورة ملحة في هذه المرحلة،كما ظهرت في الوقت ذاته رؤى سياسية مختلفة بشأن هذه المسألة ولهذا نجد أن من بين هذه الأختلافات تواجهنا العديد من الأسئلة, ومنها: هل انه من الضروري أنْ يكون تفكيرنا في هذه المرحلة قومياً؟وكيف يمكن جمع المكونات السياسية الكوردستانية على صعيد جزء ومن ثم جمع كل الأجزاء ضمن برنامج قومي مشترك؟ماهي نقاط الضعف في تفكيرنا القومي و التي تؤدي الى تشتت طاقات الأمة؟وكيف يمكن التفكير في أن الحزب لايستطيع تمثيل الأمة بمفرده و يجب انْ تجتمع كافة الأحزاب السياسية تحت مظلة التفكير القومي؟هذه الأسئلة وغيرها نطرحها على السياسي و المثقف كاروان آكره يي حيث أجاب على الأسئلة التي وجهتها له مجلة(كولان) و تتعلق بهذه المسألة المهمة.
غدت المشكلة الكوردية في الشرق الأوسط جزءاً من التحولات التي حدثت في المنطقة،وبين هذه التحولات اصبح التفكير على المستوى القومي بأتخاذ خطوات للبناء القومي و محو آثار السيطرة على افكار افرادها ضرورة ملحة في هذه المرحلة،كما ظهرت في الوقت ذاته رؤى سياسية مختلفة بشأن هذه المسألة ولهذا نجد أن من بين هذه الأختلافات تواجهنا العديد من الأسئلة, ومنها: هل انه من الضروري أنْ يكون تفكيرنا في هذه المرحلة قومياً؟وكيف يمكن جمع المكونات السياسية الكوردستانية على صعيد جزء ومن ثم جمع كل الأجزاء ضمن برنامج قومي مشترك؟ماهي نقاط الضعف في تفكيرنا القومي و التي تؤدي الى تشتت طاقات الأمة؟وكيف يمكن التفكير في أن الحزب لايستطيع تمثيل الأمة بمفرده و يجب انْ تجتمع كافة الأحزاب السياسية تحت مظلة التفكير القومي؟هذه الأسئلة وغيرها نطرحها على السياسي و المثقف كاروان آكره يي حيث أجاب على الأسئلة التي وجهتها له مجلة(كولان) و تتعلق بهذه المسألة المهمة.

ترجمة/ بهاءالدين جلال
كولان: كل أمة في مرحلة من المراحل التـأريخية تحتاج الى عملية بنائها القومي،وان هذه العملية بحاجة الى تفكير قومي من اجل اعادة تعريف هويتها القومية و الوطنية بعد مرحلة الشمولية،ولقد بدأت الآن تلك المرحلة بالنسبة للكورد، ولكن يلاحظ انّ هناك ضعفاً في تفكيرنا القومي ،ماهي نقاط الضعف التي تتجسد في هذه المسألة؟
كاروان آكرەیي:قبل كل شىء نقطة الضعف الرئيسة في تفكيرنا القومي تتجلى في اساليب الصراع السياسي بين الأحزاب الكوردستانية،أي هناك توجهات بأتجاه جعل الحزب بديلاً للأمة، و هذه هي المشكلة الأساس في هذه المسألة،قد يكون هذا التفكير هو أحد اسباب نتائج التقسيم الذي تعاني منه كوردستان،و الصراعات الموجودة بين الأحزاب تدخل في اطار تعزيز مواقعها على حساب الأمة ،ولكن من يستطيع اخراجنا من هذا الأطار وأنْ يقوم حزب ما بشكل عملي بالتعبير عن الوجود القومي و بأهداف معينة،ليتمكن من خلال ذلك سحب المعادلة الى جانبه و عدم النظر الى المشكلة بمنظور سياسي و كسب الجماهير اليه،ولكي ينظم الناس الى الحزب اختيارياً و يقتنع بأن الحزب يتبنى القومية و يعمل على بناء الشخصية القومية،قد يدّعي أحد الأحزاب بأنه يعمل بهذا الأتجاه و لكن الأهم هو قناعة الناس بما يحمله هذا الحزب من اهداف تخدم الأمة و يستفيد من طاقات ابنائها،وعلى سبيل المثال الأستفادة من امكانيات المرأة لانها ثروة قومية و عندما يتم تجاهل دور المرأة يظهر انّ هناك اموراً سياسية ضيقة لدى هذا الحزب أو ذاك و الذي لايستطيع الأستفادة من امكانيات الأمة الثرية و فتح آفاق أمام المرأة ليظهر دورها في عملية بناء الأمة،وهذه العملية تشمل شرائح المجتمع الأخرى من الطلبة و الشبيبة حيث من الضروري لملمة طاقاتها و تجسيدها لخدمة المسيرة القومية الحقيقية.
وللأسف استطيع القول انّ هذه المجالات قد تم استغلالها لأغراض سياسية و حزبية ما أدّى الى تفكك و تشتت الأمة و عدم استخدامها لخدمة و تعزيز شخصية الأمة بل لمصلحة الأحزاب السياسية،واعتقد انّ هذه الأجراءات تعتبر من الأخطاء التأريخية و سببها كما اشرت اليه هو وجود الصراع السياسي بين الأحزاب،سواء كان صراعاً تأريخياً أم من اجل الأستحواذ على السلطة،ولو نظرنا الى اوضاع كوردستان الراهنة فأننا نشعر أن ( بيدة- حزب الأتحاد الديمقراطي) هو أحد النماذج الذي يحاول اضفاء الصفة الحزبية على امكانيات الأمة،في حين أنّ ايديولوجية بيدة هي ذات ايديولوجية حزب العمال الكوردستانيPKK وعليه محاولة احتضان عموم المكونات الفكرية و الأجتماعية للأمة ،ولكن يعتقد بيدة و على غرار PKK أنّ ما يتبناه من افكار حزبه يمثّل الأمة،ولهذا نجد أنّه يرفض كافة العناصر والتوجهات و الاراء الأخرى،وهذه مشكلة كبيرة جداً والمسألة لاتؤدي فقط الى الفردية و الدكتاتورية بل ينتج عنها هدر في امكانيات الأمة و في النهاية تؤدي الى انهيار عملية بناء الأمة التي تضم عموم مكونات و امكانيات الأمة المختلفة.
كولان:لو توقفنا بصراحة أكثر عند نقاط الضعف لتفكيرنا القومي، كيف يمكن تحديد هذه النقاط؟
كاروان آكرەیي:اعتقد يجب البدء من نقطة مهمة وهي كيف يتمكن حزب سياسي تجسيد سياسته و برنامجه و موقعه من منظور قومي في عملية بناء الشخصية القومية،ومن هنا يمكن الأشارة الى الواقع السياسي في اقليم كوردستان الذي يتسم بالتعددية السياسية و بأنه بيئة ملائمة للأحزاب لغرض قبول سياسة التعددية وهو نقطة انطلاق في التفكير القومي،ولكن للأسف اعتقد أن الأحزاب السياسية لدينا لم تؤمن لحد الآن بهذه المبادىء و مفادها أنّ الحزب السياسي لا يعني الأمة بمفرده ،بل هو جزء منها و عليه النظر الى يمينه و يساره و يقر بأن كل الأحزاب تدخل في هذا الأطار،و لذا يجب التـأكيد على مسألة مهمة اخرى وهي اظهار نية الأحزاب و مع عموم اعضائها و مؤيديها في تفكيرها بأنها أحزاب قومية وعليها عدم رفض الآخرين مع ضرورة وجود صراعات سياسية وهي أمر طبيعي بين الأحزاب عموماً، قد يكون لحزب معيّن برنامج يخدم المبادىء القومية اكثر من غيره، والسؤال الرئيس هنا هو كيف يمكن التعامل مع العنصر القومي لدى حزب سياسي ينتهج هذا المبدأ؟و للأجابة عنه يجب تحمّل مسؤولية تعزيز شخصيتنا القومية وذلك بقبول الجانب الآخر و الحرص على توجيه كل الطاقات من اجل تطوير الشخصية القومية و وملامحها الأصيلة.
كولان:كل الأمم تحتاج في مرحلة تأريخية معينة الى بناءها القومي،ومن الضروري الأستفادة من هذه المرحلة ، وعلى سبيل المثال فإن كوردستان الجنوبية سنحت لها لأول مرة فرصة واحدة منذ معاهدة سيفر و حتى الأنتفاضة وعلى مر 80 عاماً المنصرمة،وقد تمت الأستفادة منها في نقل هويتنا القومية الى مرحلة اخرى وتمخضت عنها التجربة الحالية بالرغم من النواقص والأخطاء،ولقد توفرت الفرصة ذاتها لكورد غرب كوردستان كيف يمكن استغلالها من اجل البدء بعملية البناء القومي؟
كاروان آكرەیي:ابدأ اولاَ من اقليم كوردستان حيث اننا و بسبب الصراعات القائمة لاننظر الى وضعنا الحالي باهتمام كبير ولكن اقليمنا ومن منظور الكوردستانيين في الأجزاء الأخرى و المهجر فإنّهم ينظرون اليه بأعجاب و اهمية كوننا اصحاب الهوية القومية،حيث كان في الفترة الماضية عندما يريد مواطن أو مجموعة تعريف نفسه للأخرين يحتاج الى جهد كبير أما بعد ربيع عام 1991 فأننا تجاوزنا هذه المرحلة و ظهر لدينا مفهوم آخر الا وهو مفهوم الوعي القومي و المرحلة الآخرى تؤكد على خدمة الآمة و وضع برنامج لترسيخ البناء القومي وصولاً الى الأمم التي قطعت اشواطاً تأريخية كبيرة وهي تملك الآن هويتها القومية،ولقد بدأ الكورد هذه العملية، حيث كنا في السابق نعتمد على الأدلة التأريخية لأثبات هويتنا أما الآن فالوضع مختلف حيث تربطنا علاقات قوية مع معظم الدول و اصبحنا اصحاب أرض و هوية،لذا على الكورد في غرب كوردستان أنْ يدرك جيداً أنّ البناء القومي في جنوب كوردستان عبارة عن وجود الأمة و الوطن و اذا ما ارادوا تبني هذه العملية ينبغي حذو اقليم كوردستان بالرغم من النواقص و الخلل الموجودة،كذلك عليهم مراعاة هذه المسألة والأستفادة من امكانيات و طاقات الأقليم حيث أنه مستعد لتزويدهم بها و اذا كان هدفهم الأنفصال وعدم ايلاء الأهتمام بالجزء الجنوبي من كوردستان فأن عمليتهم هذه سوف لن تكون موفقة و ذات عمق تأريخي ما يؤدي الى تشتيت و اضعاف الأمة،لذا فمن المهم بالنسبة الى الحزب الذي يدّعي القومية في أي جزء من اجزاء كوردستان أنْ يعترف قبل كل شىء بأنّه لايمثل الأمة بمفرده بل عليه قراءة اللوحة القومية كما هي و التكيّف معها وأنْ لايحاول فرض الواقع مثلما يريد،ولهذا نجد أنّ الواقع الحالي لغرب كوردستان هو واقع تعددي حزبي ظهر في مرحلة اثبات الوجود القومي ككورد ولكن لم يبدأ بعد بمرحلة البناء القومي،و في غرب كوردستان هناك واقع يعلمه الجميع و عناصر القومية واضحة ايضاً وهي عبارة عن الأحزاب السياسية التي تمثل شرائح و مناطق معينة،وانّ أي حزب في غرب كوردستان اذا ما اعتبر نفسه أنّه يمثّل الأمة بمفرده فهو واهم و لو كان ذلك صحيحاً اذاَ لماذا لايدعم كل افراد الشعب ذلك الحزب؟و سواء كان بيدة أم غيره،وللأسف اعتقد أنّ بيدة يستغل نضاله الحزبي و استخدام الأمة من اجل تعزيز موقعه و ليس لخدمة المشروع القومي الكوردي،ولهذا السبب يظهر بيدة كحزب مغلق و متطرف،حزب لايستطيع التكيف مع الأخرين،و هذا التصرف يضر الأمة قبل كل شىء،لأن الأمة عبارة عن حراك جماعات و افراد تتفق على صيغة قبول الآخر و الأستفادة من طاقات البعض بأتجاه الحراك المنظم وصولاً الى الهدف المنشود وهو بدء عملية البناء القومي في غرب كوردستان،و يتحقق هذا الهدف من خلال التنسيق مع اقليم كوردستان بأعتباره كان مبادراً في عملية البناء القومي و الآن فهو في مرحلة دستورية يحاول بكل الأساليب و الطرق جمع الأمكانيات و الطاقات القومية في الأقليم.
كولان: ماهي الأضرار التي سوف تلحقها العقلية الفكرية المغلقة ل(بيدة) بهذه الفرصة التأريخية التي وجدت لغرب كوردستان؟
كاروان آكرەیي: اذا نظرنا الى هذه المسألة ببساطة و يكون لبيدة برنامج قومي يوظفه في خدمة تحرير الشعب و الوطن فإنّه من الواضح أنّ عموم الشعب سوف يلتف حوله و العكس صحيح،و كما اشرت في السابق أنّ هناك واقعاً في غرب كوردستان يجمع بين التعددية وبين الآراء و التوجهات المختلفة،لذا فإن حزب لن يلتزم بهذه التعددية ولن يجسد نضاله و برنامجه لتحقيق الهدف المنشود وهو البناء القومي فإنّه يتحمل المسؤولية التأريخية ويضر بالشعب في هذا الجزء من كوردستان،لذا فمن الواجب على جميع الأحزاب عدم تحويل كوردستان الى مختبر لأختبار بعض الأيديولوجيات و مواقف غامضة و التي لاتحوي في طياتها الشعور و الأنتماء القومي ،ويجب أنْ يعلم بيدة بأنه لايمثل بمفرده الأمة و حركتها القومية بل انّه احد اجنحة هذه الحركة تجمعه و الأطراف الأخرى نقاط مشتركة لخدمة اهداف الأمة السامية و انعاش الحركة القومية.
كولان: منذ بداية المشكلة السورية رأينا أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الرئيس البارزاني كانا فاعلي الخير لصالح نمو و ازدهار طاقات الأمة في غرب كوردستان، ولكن نلاحظ أنّ بيدة يكنْ العداء الى الحزب و الرئيس البارزاني ،ترى لماذا هذا العداء؟
كاروان آكرەیي:من المعلوم ما يقوم به بيدة هو بالتنسيق مع دمشق ولكن ليس في اطار واضح بل اتخذ التنسيق ابعاداً واسعة،ويقصد بذلك بقاء الأسد في السلطة وهذا التصرف ل (بيدة) لايتعلق باي هدف قومي لشعب كوردستان،بل هو تنفيذ اجندات على المستوى الأقليمي يدخل في المصلحة المناوئة للكورد و بيدة يعلم جيداً المكانة القوية و الواضحة للرئيس البارزاني في الصراعات الأقليمية لذا فهو يجد أنّ هذه المواقف القومية الأصيلة للبارزاني تعرقل تنفيذ اغراضه و برنامجه العدائي،ولهذا يحاول بشتى الوسائل تغيير اتجاه المشكلة بين الكورد و نظام الأسد الى مشكلة بين بيدة و اقليم كوردستان، وفي سياق ذلك نرى أن ما يفعله بيدة هو تضليل الرأي العام للشعب الكوردي وتشتيت جهوده القومي بأعتباره يملك الأسلحة و يسيطر على جزء كبير من مناطق غرب كوردستان،انّ الحماس الذي كنا نشعر به في بداية الأنتفاضة السورية لم يعد مستمراَ حيث تعرضت الجماهير الى اعتداءات متكررة من بيدة الذي يدّعي الثورية و القومية،و كل ما يفعله هو ابعاد الأخرين عن اصل المشكلة و الصراع مع النظام،كما انّ عموم الأطراف الكوردستانية تعترف بأن الصراع هو فقط مع النظام السوري وليس مع غيره،و تفضّل توظيف جميع الطاقات و الأمكانيات بهذا الأتجاه و عدم توجيهها الى دول اقليمية اخرى.
كولان: ولو عدنا شيئاً الى الوراء ، فأننا نجد أن اقليم كوردستان كان منذ البداية وسيلة لحث عموم الأطراف لأستغلال هذه الفرصة ، هل هناك قراءة اخرى حول رسالة الأقليم لغرب كوردستان؟
كاروان آكرەیي: قبل كل شىء هناك خلافات بين الآراء السياسية في غرب كوردستان،وحتى بينها وبين اقليم كوردستان الى حد معين،ولكن وجود تلك الخلافات لايعني عدم امكانيتها في اعداد برنامج مشترك،وقد حاول الرئيس البارزاني جمع احزاب الغرب في الأقليم و اراد اعلامهم بنبذ الخلافات القائمة بينهم وكذلك مع الأقليم وتوجيه كافة الجهود بأتجاه حسم الحقوق القومية للكورد مع النظام السوري،وأكد سيادته أنّ الآلية المناسبة لهذا الغرض تكمن في تجسيد كل الطاقات في اتجاه واحد و وضع برنامج قومي مشترك و نبذ الخلافات السياسية الثانوية،ولكن للأسف فإن بيدة قدّم الخلافات الثانوية على الخلافات الرئيسة،كما ان الخلاف الرئيس لبيدة في الدفاع عن الشخصية القومية مفقود لأنه لايعلم مع منْ يختلف ،وهل هو مع المحتل و قام بتقسيم وطنه؟لذا فأن قيام بيدة بأشغال الاخرين من اجل مصالح حزبية هو الحاق الأضرار بالهوية القومية، اعتقد انّ هذا التصرف لبيدة هو عمل تكتيكي في هذه المرحلة،أي جعل تطوير حزبه بمثابة ستراتيجية و البرنامج القومي امر ثانوي،وهذا يؤدي الى تغيير مسار العمل القومي للجماهير بأتجاهات خطيرة و تشتيت امكانيات الأمة،ولكن مما لاشك فيه أن بيدة وبهذه العقلية لايتمكن جمع كل الأحزاب حوله، لأنه كلنا يعلم بأنّ الفكر الأنفرادي و الدكتاتوري ل(بيدة) و PKK اصبح معروفاً لدى الأطراف الأقليمية ذات العلاقة في الشرق الأوسط .
كولان: بالنظر الى المسألة الكوردية في اطار الشرق الأوسط نتوصل الى حقيقة وهي أن هناك ارتباطاً واضحاً بين اجزاء كوردستان الأربعة، وهذا يعني ان مشروع البناء القومي الذي بدأ في جنوب كوردستان يكاد يتوسع ليشمل الأجزاء الأخرى، كيف يجب أنْ يفكّر الكورد في هذه المرحلة؟
كاروان آكرەیي:بالنسبة الى هذه المسألة أنا لدي رأي خاص، ففي الواقع إنّ الكورد اصبح مجزءاً ويعيش كل جزء من كوردستان و منذ سنوات طويلة كل حسب خصوصيته و النظام السياسي الذي يحكمه،ما احدث اختلافاً في الأراء و الثقافة من الناحيتين الأجتماعية و الأقتصادية،لذا فإن جمع كل هذه الأجزاء قد يكون مستحيلاً من الناحية التأريخية،و المهم هنا هو أنّ نظرة الدول الخارجية بالنسبة الى أي جزء من اجزاء كوردستان لاتختلف عن نظرتها الى عموم الكورد في الشرق الأوسط،لذا يجب انْ نعلم أنّ أي خطوة نتخذها في اقليم كوردستان سيكون لها تأثير على الأجزاء الأخرى من كوردستان و العكس صحيح،ان اقليم كوردستان قد قطع شوطاً متقدماً بالمقارنة مع تلك الأجزاء وذلك بسب بعض الألتزامات و المبادىء الدولية ويجب أن لانتخذ أي خطوة تؤدي الى تأجيج الأوضاع في المنطقة و تكون مناسبة و لاتتعارض مع القوانين الدولية،كما علينا وضع المظلة القومية و الدولية في الحسبان و مراعاة ظروف كل جزء من كوردستان على حدة،و بأختصار شديد أود القول أنّه ليس من واجب اقليم كوردستان اليوم قيادة الحركة القومية و التحررية لعموم اجزاء كوردستان،لأن كل جزء له خصوصيته و ظروفه الخاصة يحاول التقدم بأتجاه اهدافه المعينة،قد يكون نموذج اقليم كوردستان حافزاً مشجعاً للأجزاء الأخرى حيث انطلق حل المشكلات السياسية القومية من الأقليم،ولقد شهدت شعارات الحركة السياسية في اجزاء كوردستان الأخرى نجاحات و انتكاسات عديدة ولكن هذه الأجزاء تتابع بأستمرار تجربة الأقليم في هذا الصدد، وبرأيي أنّ حزب العمال الكوردستاني يعمل بذات الأتجاه و التوجهات التي كان يتبعها في الثمانينيات و التسعينيات و كان يعتبرنفسه هو الحزب القومي الكوردستاني الأوحد في المنطقة و حاول بشتى الوسائل توسيع رقعته و نفوذه في عموم كوردستان من خلال الممثلين الذي اصطنعهم بنفسه و تحت مسميات عديدة،وهذه تثيرمشكلة كبيرة جداً بالنسبة لتلك الأجزاء و للأقليم على حد سواء،ومن الناحية العلمية لايمكن لأي حزب تم استحداثه من قبل حزب العمال الكوردستاني و انتهج ذات البرنامج و الأيديولوجية أنْ يضيف اي شىء الى مسار تطور الأقليم،لأنّ الأخير له خصوصيته، اذا على العمال الكوردستاني انْ يدرك جيداَ أنه ليس الحزب القومي الوحيد في المنطقة كما يظن و لايستطيع فرض ارادته على الواقع الحالي في الأجزاء الأخرى من كوردستان،وكما رأينا إنه أحدث اضطرابات و توترات في اقليم كوردستان في الفترة السابقة،وللأسف فإنه مستمر على ذات النهج لحد الآن و بخلاف الواقع الراهن لأقليم كوردستان و خصوصيته.
كولان:لو عدنا الى اقليم كوردستان حيث أشرتم اليه كثيراً لوجدنا انّ فيه قراءة نقدية للتفكير القومي مع وجود افكار أو نظرات حزبية وعلى سبيل المثال شاهدنا في اول جلسة لبرلمان كوردستان أنّ عضوين من اعضائه امتنعا عن الوقوف عند سماعهم النشيد القومي الكوردي (أي ره قيب)، السؤال هو هل أن اقليم كوردستان لن يتعرض هو الآخر الى انتقادات لاذعة في هذا الجانب؟
كاروان آكرەیي:هذا دليل على أن ادعاءاتنا بالقومية نابعة من النظرة الحزبية الضيقة،ولو كانت تلك الأدعات وصلت الى مستوى من ترسيخ الشخصية القومية و المؤسسات القومية في الأقليم لكانت هناك متابعة للأشخاص الذين امتنعوا عن الوقوف اجلالاً لهذا النشيد و اتخاذ اجراءات قانونية بحقهم،واذا كان هذا البرلماني يعتقد بانه يتصرف وفق مبادىء حزبه و برنامجه و ينظر الى القومية من هذا المنظور فهو يرتكب خطأ فادحاً و يتعامل خلاف قوانين و انظمة الأقليم المتبعة،يعتقد هذا الشخص أنه تصرف من منظور حزبه الأسلامي و ليس من واجبه القيام لذا كان لزاماً عليه عدم دخول قبة البرلمان منذ البداية،لأن برلمان كوردستان تم اقراره بقوانين وطنية و قد أصدر الكثير من القوانين وليس من الشرط أن تكون تلك القوانين تعكس مبادىء و توجهات حزبه،وعندما يصدر البرلمان قانوناً يتوجب على كل المواطنين و الأوساط و الأحزاب و الأطراف السياسية الألتزام بمضمونه،لذا فإنّ النشيد القومي الكوردي هو الآخر قد نُظّم بقانون و لايجوز بذريعة وجود جملة معينة في النشيد يأتي البعض و يظهر عدم قناعته بها، وهذا هو بحد ذاته دليل على السذاجة الفكرية و الوعي القومي ، كما ان السكوت عن هذا الأستخفاف بالنشيد القومي يشكّل ايضاً خطأً لايقبل النقاش.
كولان: ولكن يكاد يصبح هذا الأستخفاف مسألة طبيعية وذلك لعدم وجود قانون يضع له حدوداً؟
كاروان آكرەیي: من الضروري وجود مثل هذا القانون.
كولان:لانخرج في اطار تفكيرنا القومي ،اليوم امامنا مشروع كبير خاصة في اقليم كوردستان والذي يدخل مرحلة ما بعد الأنتخابات، وهناك عملية تشكيل حكومة جديدة و قد عيّن الحزب الديمقراطي الكوردستاني السيد نيجيرفان بارزاني لرئاستها ليشرف على المشروع في اطار التفكير القومي،ولكن في كل الأحوال ينتابنا بعض القلق بشأن تشكيل هذه الحكومة في حال التفكير من المنطلق القومي، هل انتم متفائلون؟
كاروان آكرەیي:الحكومة الديمقراطية هي حكومة الأغلبية،تمارس عملها بالتحالف بين عموم الأطراف مع وجود المعارضة تعمل هي الأخرى وفق ظروفها،ان وجود توأم السلطة و المعارضة يعني نواة الديمقراطية،لاأعتقد أن ديمقراطيتنا تدخل ضمن هذا الأختبار أي بمشاركة كل الأحزاب و القوى و الأطراف السياسية في الحكومة،القناعة هنا تكمن لدى جميع الأطراف بأن حزب الأغلبية تقوم بالتحالف مع احزاب اخرى بتشكيل الحكومة،أما الطرف الذي لايرغب في المشاركة عليه توضيح موقفه في البقاء ضمن المعارضة كما ينبغي العمل وفق مبادىء المعارضة،التعددية هنا لاتعني عدم اتاحة الفرصة امام حزب ما للمشاركة في الحكومة وانما يعني وجود فرصة اخرى امامه للعمل في خط المعارضة و قد يكون هذا الحزب نشطاً و ذا برنامج يستطيع العمل بين الجماهير بشكل موفق ويتمكن من خلال ذلك كسب المزيد من المؤيدين بالأستفادة من مواقع الخلل و النواقص التي قد تظهر لدى الحكومة.
كولان: يجري الحديث الآن بانّ التحالف يكون وفق التسلسل الأنتخابي، وهناك قلق لدى البعض في حال تحالف البارتي و الأتحاد الوطني بمفردهما و اعتبار ذلك عملية تخرج عن سياق الديمقراطية ما قراءتكم لهذه المسآلة؟
كاروان أكرەیي:وهذا ليس من شروط الديمقراطية في تشكيل هذه الحكومة لأن نتائج الأنتخابات التي تم اعلانها تشير الى حزب الأغلبية أما الأحزاب الأخرى تأتي ضمن الأصوات التي حصلت عليها و ليس بالمشاركة في الحكومة،بل انها تستطيع مواصلة عملها السياسي من اجل تشكيل الحكومة،كل حسب الأصوات و مواقعها في البرلمان,وعلى سبيل المثال الحزب الديمقراطي الكوردستاني وهو حزب الأغلبية قد تكون له نقاط مشتركة مع حزب آخر حصل على خمسة مقاعد فقط،و يجوز تشكيل تحالف بينهما اذا ما اكتمل النصاب القانوني، هذا من الناحية الديمقراطية، أما من الناحية السياسية،فأن الأستقرار السياسي يتطلب مشاركة عموم الأحزاب في الحكومة،ولكن ليس من الشرط أن تكون مشاركة كل الأحزاب وفق استحقاقها الأنتخابي،المهم هنا هو أنّ الحكومة القادمة لا تكون حكومة فاشلة و مشلولة وعلى الأحزاب المشاركة أنْ يكون لها الدور الفاعل و المؤثر في هذه العملية،و تؤمن بالمشاركة و بكل جدية.
كولان:السؤال الأخير يتعلق بأجتماع مجلس قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي رشح السيد نيجيرفان بارزاني لتشكيل الحكومة الجديدة(التشكيلة الثامن)، ماهي الصعوبات التي سوف يلاقيها السيد نيجيرفان في المحادثات التي يجريها مع الأطراف الكوردستانية من اجل تشكيل الحكومة و كم تستغرق المهمة برأيكم؟
كاروان آكرەیي: اعتقد أن عموم احزاب المعارضة ترغب في المشاركة و في ذات الوقت تفكر في المعارضة،وفي هذه الحالة سوف تسبب مشاكل لعملية تشكيل الحكومة،كل الأحزاب من البارتي و الأتحاد الوطني و التغيير و الجماعة الأسلامية و الأتحاد الأسلامي تحاول استخدام ورقتها،لآن هذه الأحزاب تدرك جيداً موقع البارتي لذا تفكر في مسألة مدى استجابة البارتي لمطالبها و أي منها يستطيع اكمال النصاب معه،وهذه تجربة جديدة حيث لم تعلن المعارضة حتى الان بقاءها خارج الحكومة،بل تميل الى المشاركة وفي هذا المنطلق ينبغي أنْ تدرك كل الأحزاب و تؤمن بمبدأ المشاركة وفق استحقاقاتها وأنْ يكون برنامجها جزءاً من برنامج الحكومة العام،واذا وجدت لديها مثل هذه القناعة اعتقد تكون عملية تشكيل الحكومة أسهل،ولكن للأسف نرى أنّ بعض الأحزاب ومن منطلق تضليل الرأي العام تعلن أن لديها اجندات و برامج خاصة في الحكومة القادمة تنوي تنفيذها،وفي الواقع الأحزاب التي سوف تشارك في هذه الحكومة تستطيع تنفيذ بعض برامجها بالأتفاق و التنسيق مع حزب الأغلبية و أنْ تؤدي دورها في اطار هذا التحالف،و في رأيي فأنّ الجانب السياسي للمسألة يتطلب تشكيل حكومة وطنية بالرغم من الصعوبات التي تواجهها و قد تكون من جانب الأستمرار في الحكم أمراً صعباً للغاية اذا لم تواجه الفشل، فالحكومة الوطنية ذات القاعدة العريضة تعني حكومة فعاّلة بالمقارنة مع الحكومة التي يشكّلها حزب واحد أو حزبين أو ثلاثة احزاب.
Top