• Friday, 26 April 2024
logo

الدكتورفؤاد حسين: لن يكتب النجاح لهذا البلد إذا حكمه مكون واحد

الدكتورفؤاد حسين: لن يكتب النجاح لهذا البلد إذا حكمه مكون واحد
في حوار خاص مع وزير خارجية العراق، د. فؤاد حسين، تم تسليط الضوء على علاقات العراق مع الدول المجاورة وسبل تعزيزها، والمشاكل بين دول الخليج وبين إيران وتأثيرها على الأوضاع في العراق، والهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت المنطقة الخضراء وأربيل والأنبار، وعن كيفية استعادة جواز السفر العراقي مكانته، وزيارة بابا الفاتيكان المرتقبة إلى العراق وإقليم كوردستان وآثارها....
حاوره: سنكر عبدالرحمن
في حوار خاص مع وزير خارجية العراق، د. فؤاد حسين، تم تسليط الضوء على علاقات العراق مع الدول المجاورة وسبل تعزيزها، والمشاكل بين دول الخليج وبين إيران وتأثيرها على الأوضاع في العراق، والهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت المنطقة الخضراء وأربيل والأنبار، وعن كيفية استعادة جواز السفر العراقي مكانته، وزيارة بابا الفاتيكان المرتقبة إلى العراق وإقليم كوردستان وآثارها.
* كانت لكم في الأيام الأخيرة زيارة إلى السعودية، هل بمستطاعكم تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين العراق والسعودية؟
فؤاد حسين: الزيارة كانت لها مجموعة أغراض، من بينها العلاقات بين البلدين بعد السنوات 2015، 2016، 2017 وخاصة في العام 2019 حين كان السيد عادل عبدالمهدي رئيس وزراء العراق وقام وفد عراقي رفيع بزيارة السعودية، وتم خلال الزيارة التوقيع على 13 مذكرة تفاهم، إضافة إلى وجود اتفاقيات سابقة بين البلدين.
دخلت العلاقات مع السعودية مرحلة مختلفة، إذ تحولت من علاقات ترفل بالمشاكل إلى أخرى طبيعية، وهي في تقدم تدريجي. جزء من أعمالنا خلال هذه الزيارة كان مرتبطاً بالعلاقات الثنائية بين البلدين، والقسم الآخر كان مرتبطاً بأوضاع المنطقة والعالم،والتي تؤثر على الأوضاع في المنطقة وفي البلدين.
* ذكرتم أن العراق أعاد تطبيع علاقاته مع السعودية في عهد عادل عبدالمهدي، وكان العراق يعمل كوسيط بين السعودية وإيران، هل لا يزال العراق يمارس نفس الدور؟
فؤاد حسين: في الحقيقة العلاقات بدأت في أيام العبادي، وواصل عبدالمهدي تحسين العلاقات، ولا تزال العلاقات مستمرة.
هناك في الحقيقة مشاكل بين عدد من دول الخليج وبين إيران، وكان لهذه المشاكل تأثير مباشر على الأوضاع في العراق، فعندما نجتمع مع الطرف السعودي نتحدث عن الظروف التي لها علاقة بإيران، وكذلك الحال في اجتماعاتنا مع الإيرانيين، وستكون لنا محادثات معهم قريباً وسنبحث معهم هذه المسائل.
المسألة ليست مسألة قيامنا بالوساطة، بل تكمن المسألة في أن تلك العلاقات لها أثر سيء على الأوضاع في العراق ولا تصب في مصلحة العراق، وكلما ساءت أوضاع المنطقة كلما كان لها أثر سيء على العراق. إن ساءت الأوضاع على العراق فإنها ستؤثر سلباً على المنطقة، أي أن الأمور مرتبطة ببعضها البعض. لهذا من الأفضل لنا أن نبحث هذه المواضيع ويكون لنا دور فيها، ونحن نخوض في هذه الأمور على أسس تخدم مصلحة العراق.
* هل تم تنفيذ الاتفاق العراقي للحصول على 400 ميغاواط من الكهرباء من شبكة الخليج أم أن هناك حاجة إلى المزيد من المحادثات؟
فؤاد حسين: قطع هذا الاتفاق مراحل جيدة، فخلال زيارة عادل عبدالمهدي وكنت حينها نائباً لرئيس الوزراء، وقعنا مذكرة تفاهم، وقد قطعت الآن مرحلة جيدة وتوصلت وزارة الكهرباء إلى اتفاق معهم.
أزمة الكهرباء في العراق لا تكمن في الانتاج والشراء، بل تكمن في التوزيع. أي أن هناك مشكلة في نظام التوزيع، ووزارة الكهرباء تخوض محادثات معهم لمساعدتهم.
* هل ستنتهي هذه المشكلة قريباً؟
فؤاد حسين: حسب اعتقادي، ولكون العراق بحاجة إلى الكهرباء، فإن هذا الاتفاق ضروري وقد اجتاز مرحلة جيدة.
* الهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت المنطقة الخضراء وأربيل والأنبار، باتت موضوع الساعة في العراق والمنطقة والعالم، إلى أي مدى كان لهذه الضربات تأثير على علاقات العراق مع الدول وعلى مساعي جذب المستثمرين الأجانب إلى العراق؟ ألم يزد هذا من صعوبة مهامكم؟
فؤاد حسين: بلى. زادتها صعوبة إلى حد كبير. لأن الاستثمار بحاجة إلى مجتمع وإلى ظروف آمنة، وهذه الهجمات طاردة للمستثمرين وتجعلهم يهربون منا، لأن الاستثمار مرتبط في النهاية بالناس وبرؤوس الأموال، ولا تذهب رؤوس الأموال إلى أماكن تلمس فيها الخطر، فرأس المال جبان ويفر، وصاحب رأس المال لا يستثمر في مكان لا تكون فيه الأوضاع مستقرة. لذا فإن لهذه الأحداث تأثيرات سيئة.
* على صعيد ذي صلة بالهجمات الصاروخية، كانت لكم في الثالث من شباط الحالي زيارة إلى إيران، ألم تتناول محادثاتكم مع الإيرانيين الهجمات الصاروخية التي تشن على بغداد وأربيل، بينما هناك الكثير من الكلام عن كون منفذي الهجمات فصائل مسلحة مقربة من إيران، هل طرقتم هذا الموضوع مع الجانب الإيراني؟
فؤاد حسين: عندما قمت بتلك الزيارة كانت هناك هجمات مكثفة على المنطقة الخضراء، وبحثنا تلك المسألة مع المسؤولين الإيرانيين، وأعلنت إيران أنها لا علاقة لها بتلك الهجمات الصاروخية ولا تؤيدها، لكن هناك من يسمع لهم، وأعتقد أن إيران حاولت أن تتوصل معنا إلى فهم واقع كون تلك الهجمات متوقفة منذ فترة طويلة.
وأعود لأقول إن إيران أبلغتنا بأنها لا تؤيد تلك الهجمات الصاروخية ولا تساندها، وقد أصدرت إيران بياناً بخصوص الهجوم الأخير على أربيل والهجمات على المنطقة الخضراء وبلد وغيرهما أدانت فيه تلك الهجمات.
* هذا صحيح، إيران تقول لسنا الفاعلين، لكن أميركا تقول إن الصواريخ المستخدمة في الهجوم على أربيل إيرانية الصنع وتتهم الفصائل التابعة لإيران بتنفيذ الهجوم.
فؤاد حسين: ليس من شأننا أن نتحدث عن هؤلاء وعن أولئك، ما يعنينا هو أن تحقيقات جرت وتوصلت إلى نتائج، لكن ليس معروفاً متى ستعلن تلك النتائج. ستعلن عنها الأجهزة الأمنية، لكن الحكومة العراقية تعرف من هم وأي نوع هم وستجري محاكمتهم، لكني لا أعرف متى سيتم الإعلان عن كل ذلك.
هذه الهجمات هجمات إرهابية، ونحن ندرجها في إطار الإرهاب، والذين نفذوا تلك الهجمات إرهابيون مهما كان اسمهم أو عنوانهم.
* هذا يعني أن أولئك سيعاملون معاملة إرهابيين؟
فؤاد حسين: لا شك في ذلك. لأن هذا عمل إرهابي وقد أصدرت الغالبية العظمى من القوى السياسية العراقية بياناتها ولم يتبنّ أي منها هذا الفعل، ولا شك أن الحكومة عندها معلومات، والأجهزة الأمنية في أربيل وفي بغداد لديها معلومات عن الهجوم الصاروخي على أربيل.
وستكون هناك متابعة لهجوم بغداد أيضاً.
* هل يوجد تنسيق بين أربيل وبغداد بخصوص هذه المسألة؟
فؤاد حسين: لا أدري بعد. هذا من شأن الأجهزة الأمنية، لكن هذا النوع من الأعمال ليس سوى عمل إرهابي.
* في أي مرحلة هي العلاقات بين العراق وتركيا؟ خاصة بعد زيارة مصطفى الكاظمي إلى تركيا.
فؤاد حسين: كانت هناك جفوة بين بغداد وأنقرة لفترة، لكن بعد زيارة مصطفى الكاظمي والوفد المرافق له إلى تركيا، شهد الوضع شيئاً من الهدوء والتحسن، وقرر الجانبان أنه حتى في حال وجود مشاكل بين البلدين، فإنها يمكن حلها عن طريق الحوار واللقاءات وليس عبر وسائل الإعلام.
تطورت علاقاتنا مع تركيا بفضل تلك الزيارة، وسيزور وزير الخارجية التركي العراق قريباً وسنستمر في محادثاتنا مع تركيا.
تركيا دولة مجاورة كسائر جيراننا، وهي دولة مهمة للعراق، والتبادل التجاري بين العراق وتركيا هو الأكبر من نوعه عند العراق، في السابق كانت الصين تأتي في المرتبة الأولى، لكن بسبب تفشي كورونا تراجع التبادل التجاري مع الصين في حين زاد مع تركيا.
من مصلحة تركيا أن تكون لها علاقات جيدة مع العراق، ومن مصلحة العراق أن تكون له علاقات جيدة مع تركيا.
* يشكو العراق مرات كثير من قيام تركيا بتنفيذ ضربات جوية وبرية على الأراضي العراقية، وقد نفذت تركيا مؤخراً هجوماً على جبل كارا، فهل أطلعت تركيا العراق على هذا الهجوم مسبقاً؟
فؤاد حسين: بصفتي وزيراً للخارجية لم أكن على علم بذلك الهجوم. لكن من المعلوم أن تركيا نفذت عمليات عسكرية عديدة في تلك المناطق ليس فقط في الفترة الأخيرة بل في فترات سابقة لها أيضاً.
عند تواجدنا في أنقرة، تباحث رئيس الوزراء والمسؤولون الأمنيون في هذا الموضوع.
* هناك أيضاً اتفاق سنجار بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية العراقية، لكنه لم ينفذ حتى الآن، وتشكو أربيل بهذا الخصوص، وتركيا تهدد بشن هجوم على سنجار. هل كانت للعراق اتصالات مع تركيا حول هذا؟ وما هو موقف العراق من ذلك؟
فؤاد حسين: مسألة سنجار شأن داخلي. يجب حل هذه المسألة داخلياً، وهذا الاتفاق بين الإقليم والحكومة الاتحادية كان اتفاقاً جيداً، وهو جيد حقاً. كان للاتفاق أصداء في الدول المجاورة، وعلى مستوى العالم، ومنها فرنسا وأميركا، وخلال زيارتي لمصر تحدث عنه رئيس الجمهورية المصري باهتمام، ومع الفرنسيين والألمان تحدثوا باهتمام كبير عن ذلك الاتفاق، لأن سنجار مسألة ذات نواحي رمزية، وهي مهمة ستراتيجياً، ولهذا كانت هناك أصداء في الداخل والخارج. أما وجود مشاكل في تنفيذ الاتفاق أو وجود مشاكل ترتبط به، فهذا صحيح.
* ما هي تلك المشاكل؟
فؤاد حسين: أعتقد أن المسؤولين عن الاتفاق جادون جداً في العمل عليه، وهم في تواصل مع الإقليم للتمكن من حلها.
هل تعتقد أن هناك تأثيرات من الخارج تؤدي إلى عدم تنفيذ الاتفاق؟
فؤاد حسين: وجودها وعدم وجودها ليس مستبعداً، والمسؤولون عن تنفيذ هذا الاتفاق أدرى بذلك، أنا على اتصال مع الذين يعملون عليه في بغداد ويسعون لحله، وأرى أن بغداد في الأخير تريد حل هذه المسألة مع الإقليم.
* هل يخطط العراق لإلغاء تأشيرة السفر بين العراق وبعض الدول، وذلك بهدف تقديم تسهيلات للحركة السياحية وغيرها من المجالات؟
فؤاد حسين: عند زيارة وفد الحكومة العراقية إلى تركيا، سبقتُ رئيس الوزراء إلى هناك، وكان لي اجتماع مع وزير الخارجية، وكانت تأشيرة السفر من بين الأمور التي تحدثنا عنها، وهناك اتفاق مبدئي بيننا لإلغاء تأشيرة السفر بين الجانبين، وليس مستبعداً أن ننفذ ما اتفقنا عليه مبدئياً عند زيارة وزير الخارجية التركي للعراق. كما طرقنا هذه المسألة مع الرئيس التركي، أردوغان.
الأوضاع الداخلية الأمنية والاقتصادية للعراق تثير بعض المشاكل، فمثلاً هناك وباء كورونا والدول باتت لا تمنح تأشيرات السفر بسهولة، وهناك دول أخرى فيما بينها... لكن المشكلة عند العراق ليست واحدة بل عدة مشاكل. مثلاً هناك من يحصل على تأشيرة السفر ثم يسافر ولا يعود بل يطالب بحق اللجوء في الدول الأخرى، وعندما يفعلون ذلك تتخذ تلك الدول مواقف تجاه جواز السفر العراقي، فهؤلاء يسافرون بجواز سفر وحاصلون على تأشيرات سفر.
مسألة داعش في العراق أثرت على هذه المسألة أيضاً، رغم أن تنظيم داعش ليس عراقياً خالصاً، صحيح أن التنظيم ناشط على أراضي العراق وسوريا، لكن التنظيم الإرهابي ناشط أيضاً في العالم الخارجي، ولكن هناك مخاوف من احتمال سفر الناشطين منهم من العراق إلى الدول الأخرى لينشطوا فيها. لكن بصورة عامة، فإن أوروبا هي أكثر من ينأى بنفسه عن مسألة تأشيرة السفر، ولهذا فإن هذه المسألة ليست هيّنة ولها علاقة بالأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية للبلد. العراق معروف بأنه إضافة إلى النفط يقوم بتصدير المهاجرين، ولهذا فإن الدول الأخرى تعد هذا مشكلة، وعندما كنت في اليونان فاتحوني في هذا الخصوص، ولما ذهبت إلى ألمانيا وفرنسا وهولندا تحدثوا عنه أيضاً، وأي بلد أوروبي نتوجه إليه يتحدث عن اللاجئين العراقيين. كما أن تلك الدول بدأت تدخل تغييرات تدريجية في سياساتها تجاه مسألة اللاجئين. لذا فإن مسألة إلغاء تأشيرة السفر ليست بتلك السهولة، بل أن المعادلة معكوسة حالياً وتطالب الدول بالتشديد على وجوب وجود تأشيرات السفر.
* يدور الحديث كثيراً عن كون جواز السفر العراقي من بين الأسوأ عالمياً، ماذا بإمكان وزارة الخارجية العراقية أن تفعل ليستعيد جواز السفر العراقي شيئاً من مكانته التي خسرها؟
ؤاد حسين: جواز السفر يشبه العملة، إن كان اقتصادك قوياً ستكون عملتك قوية، وإن كان وضعك الأمني جيداً يكون جواز سفرك قوياً، يجب أن يكون وضعك الاقتصادي جيداً ليكون جواز سفرك قوياً، وأن تكون أوضاعك الاجتماعية جيدة ليكون جواز سفرك قوياً، إذا استخدم الناس جواز السفر هذا وذهبوا للإقامة في دولة أخرى وتحولوا إلى لاجئين، فلا شك أن جواز سفرك لن يكون قوياً، هذا يعني أن لجواز السفر علاقة بالأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في كل بلد. الدول ذات الاقتصاد القوي جداً، مثل دول الخليج، جوازات سفرها قوية، لماذا؟ لأن الأمن والاستقرار مستتبان في بلادهما، ولا يذهب حامل جواز سفرها للجوء إلى دول أخرى.
ومع كل ذلك، حاولنا مع عدد من الدول العمل على تسهيل منح تأشيرات السفر لحاملي جواز السفر الدبلوماسي أو إلغائها، وقد توصلنا حتى الآن مع بعض الدول إلى مرحلة التوقيع على مذكرات تفاهم بهذا الخصوص.
* هل تقدم وزارة الخارجية العراقية تسهيلات ومساعدات لممثليات حكومة إقليم كوردستان في الخارج؟
فؤاد حسين: بعض هذه الممثليات كان قائماً من قبل، أي قبل إسقاط نظام صدام حسين. مسألة ممثليات الإقليم أو الأحزاب والحركة الكوردية في الخارج مسألة قديمة، ولكنها لم تكتسب الصفة الدبلوماسية، فهذا بحاجة إلى قانون، يجب حصولها على هذه الصفة بموجب قانون، صحيح أن هذا وارد في الدستور، لكن لم يكن هناك مقترح منذ 2003 لإصدار قانون بهذا الخصوص.
يجب أن يكون هناك تعاون في طريقة التعامل مع ممثليات الإقليم والبعثات الدبلوماسية العراقية، وليس لدى إقليم كوردستان ممثليات في كل مكان إلا في عدد محدود من الدول.
* ألا تعتقد أن المصادقة أو إصدار قانون في البرلمان العراقي مستحيل، خاصة وأن هناك الآن أطرافاً تطالب صراحة بإغلاق تلك الممثليات الموجودة حالياً؟
فؤاد حسين: البرلمان هو المكان الذي يشرع القوانين، وهذا الأمر بحاجة إلى عمل سياسي ولا يتم بقرار من الوزارة، يجب أن تطرح الأطراف السياسية الكوردستانية هذا الموضوع على الأطراف السياسية العراقية في الوقت المناسب وتبحثه معهم لتمهيد الأرضية لتشريع قانون من هذا النوع في البرلمان.
* بخلاف هذا، ماذا تفعل وزارة الخارجية العراقية لتقوم الدول بفتح قنصليات لها في أربيل، في حين يوجد الآن في أربيل ما يقارب 40 قنصلية؟
ؤاد حسين: في الوقت الحاضر هناك قنصليات تم افتتاحها وهناك بعثات جاءت حديثاً، وكثير من الدول التي جاءت لديها قنصليات هناك وبعضها ليس له قنصلية حتى الآن.
بصورة عامة، العلاقات بين الإقليم وبغداد جيدة حالياً، ولكن توجد الآن مشاكل أخرى، وتلك المشاكل الأخرى سيتم حلها تدريجياً على ما أرى.
هناك أيضاً مسألة العلاقات الدبلوماسية من خلال بغداد ومن خلال قناصلهم، لكثير من الدول قنصليات هناك، والدول الأخرى التي تطلب فتح قنصليات لها هناك نساندها، وخلال زياراتي إلى الدول أو عند زيارة وزراء الخارجية لنا بحثنا في هذا الموضوع.
من المهم أن تكون هناك قنصليات في البصرة والموصل وأربيل، والهدف من هذا هو تمكين الدبلوماسيين من مساعدة مواطنيهم وأن ينفذوا سياسات بلادهم تجاه الإقليم وتلك المحافظات، فيتم على وجه الخصوص إنشاء علاقات اقتصادية، مثلاً بين البصرة وواحدة من الدول، وبين الموصل ودولة، وبين الإقليم ودولة في المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والآن الصحية أيضاً، من المهم لنا أن تكون هناك قنصليات. من المعلوم أن للإقليم علاقات مع مجموعة من الدول التي لديها قنصليات هناك.
* عدم الاستقرار الذي ساد البصرة لفترة، دفع أميركا لإغلاق قنصليتها هناك، هل تنوي أميركا إعادة فتح قنصليتها هناك؟
فؤاد حسين: لا أدري. أنا أرى أنه عندما تكون البصرة ماضية باتجاه التحسن سيعيدون فتحها، وهناك قرار في هذا الاتجاه. عندما تمضي أوضاع العراق باتجاه الاستقرار، ستفتح هذه القنصليات، وحالياً هناك دول تنوي فتح قنصليات لها في الموصل، وستفتح دول قنصليات لها في المستقبل، وهذا رهن بالأوضاع.
أنا أرى أن الأوضاع في البصرة تمضي باتجاه التحسن وهي الآن تمضي نحو التحسن، وفي الأخير ستفتح القنصليات. السياسة الأميركية الآن مختلفة عما كانت عليه في عهد ترمب الذي كان ينوي في أواخر أيامه سحب السفارة أيضاً.
* كيف ستكون علاقات العراق مع أميركا في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، خاصة وأن ملف العراق كان في يد بايدن لفترة طويلة ولديه اطلاع كبير على شؤون العراق. هل تعتقد أن علاقات العراق مع أميركا ستتحسن مقارنة بما كانت عليه في ظل إدارة ترمب؟
فؤاد حسين: ليس جو بايدن وحده، بل كل الممسكين بملف الخارج، والأمن والملف العسكري في هذه الإدارة، فمثلاً الممسكون بوكالة الاستخبارات والبنتاغون والخارجية والأمن القومي، كانوا كلهم من العاملين على ملف العراق، وعاش بعضهم في العراق، أقام بعضهم عشر سنوات في العراق. أغلب الذين في الإدارة الحالية بواشنطن من مسؤولين في الخارجية وأمنيين عملوا في العراق أو كانوا يمسكون بملف العراق، وهذا يعني أنهم يفهمون العراق جيداً، ويعرفون شعب العراق، ويعرفون المسؤولين العراقيين، ما يعني أن التواصل معهم سيكون أسهل، وهذه كلها تصب في مصلحة العلاقة بين بغداد وواشنطن.
* هل كانت للمشاكل الخاصة بالموازنة العامة بين أربيل وبغداد انعكاسات على عمل الفريق الكوردي في الحكومة العراقية؟
فؤاد حسين: بذل الزملاء في مجلس الوزراء جهوداً أكثر مما بذلت أنا، وعمل كل أعضاء الفريق على هذا الموضوع بطريقتهم وبحسب قدراتهم، أنا بصفتي وزيراً للخارجية أعرف أن الأوضاع الداخلية العراقية إن لم تكن جيدة فإنها ستؤثر على السياسة الخارجية، أي كلما كان الوضع الداخلي جيداً يمكن لنا أن نتحرك أكثر في الخارج، وكان صوتنا مسموعاً أكثر عند الناس في الخارج، وسيحسب لك الذين في الخارج حساباً أكبر. لكن إن تدهور الوضع في الداخل لن تستطيع. لأن السياسة الخارجية بالنتيجة رهن بالأوضاع الداخلية، الأمور في الداخل تمكنك من إقناع الخارج.
العلاقة بين بغداد والإقليم كانت منذ 2003 إلى الآن مهمة في السياسة الخارجية العراقية، العالم الخارجي يحسب لهذا ويراقب كيف هي هذه العلاقة، وفي هذا الاتجاه بذلت كل جهد ككوردي وكوزير لتكون العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، وعندما كانت تلك العلاقة تتدهور كنا نحاول العثور على سبيل لتحسينها، العثور على سبيل لحل المشاكل عن طريق الحوار. يمكنني القول إننا الآن في مرحلة توجد بها مشاكل، ولكن يوجد إلى جانبها أيضاً حوار دائمي. فهناك باستمرار وفد من بغداد موجود في أربيل ووفد من الإقليم موجود في بغداد. المشاكل التي بين الجانبين متنوعة، وليست من نوع واحد.
* الموازنة العامة تمثل الآن المحور الرئيس للحوار. بحسب رؤيتكم وخبرتكم في بغداد، هل ستتفق أربيل وبغداد بخصوص الموازنة؟
فؤاد حسين: على ما أرى، نعم. مشروع الموازنة يشرف على الاكتمال، وقد أرسلته الحكومة إلى البرلمان وناقشته اللجنة المالية في البرلمان، وانتهت منه اللجنة المالية، وبقيت فقرة وحيدة هي تلك المرتبطة بحصة إقليم كوردستان.
هناك رؤى مختلفة، فهناك من يقول بإرسالها إلى البرلمان كما هي والبرلمان يصادق عليها، وهناك من يقول إنه في حال إرسالها كما هي إلى البرلمان ربما ستثير مشاكل ولن يتم التصديق عليها بالتالي، وهذا سيؤدي إلى مشكلة افتقار العراق إلى موازنة عامة، وهذا ليس في صالح الوضع العام بالعراق، كما أنه ليس جيداً للإقليم أن لا تكون هناك موازنة، وقد رأينا كيف كانت الأوضاع في العام 2020. لهذا تم تأخير المسألة قليلاً حتى يتم التوصل إلى اتفاق، أو أن تتفق الغالبية من القوى السياسية على تلك الفقرة، فإن اتفقت ستذهب الموازنة إلى البرلمان وعندها ولأن بين تلك القوى السياسية اتفاقاً خارج البرلمان، ستصوت عليه داخل البرلمان.على ما أرى سيتفق الإقليم مع بغداد في الأخير.
* من المتوقع أن تتوصل الأطراف الشيعية إلى اتفاق على نص معين يكون شبيهاً بالمادة التي أرسلتها الحكومة إلى البرلمان، هل من جديد في هذا الاتجاه؟
فؤاد حسين: هناك قوى تدعم الفقرة الموجودة في مشروع قانون الموازنة، لكن بصورة عامة، يحسب الناس حساب ظهور أجواء أخرى عند مناقشتها في البرلمان وبالتالي إفساد الأمر. لذا نريد تجنب تكرار تلك المشكلة التي حصلت مع قانون تمويل العجز المالي، وعندها ستحدث مشكلة كبيرة، وتكون هناك مشكلة سياسية.
قدمت قوى سياسية شيعية فقرة قريبة من التي وردت في الموازنة، وتتباحث بشأنها فيما بينها، وتم إعلام حكومة الإقليم بذلك، ولننتظر توصلهم في الأيام القادمة إلى قناعة بخصوص النص الذي ليس بعيداً عما جاء في قانون الموازنة. المسألة ليست مسألة مضمون، بل هي مسألة طريقة صياغة النص، ثم عندما يتوصلون إلى اتفاق سيتم بعون الله التصويت على القانون في الجلسة القادمة للبرلمان.
* هل كانت حكومة إقليم كوردستان راضية عن النص الذي كتبه هؤلاء؟
فؤاد حسين: لا أدري. انتظروا قدوم وفد حكومة الإقليم في هذه الأيام.
* أي أن البرلمان لن يصوت على قانون الموازنة ما لم يتم الاتفاق على القسم المرتبط بحصة إقليم كوردستان؟
فؤاد حسين: هناك مبدأ عدم الدخول إلى البرلمان حاملين مشاكل معنا، لأن ما حصل مع قانون تمويل العجز المالي لا ينبغي أن يحدث مرة أخرى.
* من المتوقع أن لا تتمكن الحكومة العراقية من إعداد مشروع قانون موازنة 2022 بسبب الانتخابات، هل هناك حديث عن أن تكون هذه الموازنة لسنتين؟
فؤاد حسين: لا، هي لسنة واحدة، ولا أظن أن تكون لسنتين.
* كان لرئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، خطاب في يوم الشهيد العراقي بأربيل، وقال إن الشراكة لم تعد قائمة في العراق وعلى كل الأطراف أن تجتمع وتتصارح وأن يبني الشركاء في العراق، الكورد والشيعة والسنة، شراكة حقيقية. أنتم في الحكومة وفي اجتماعاتكم مع الأطراف، هل تجدون أن اجتماعاً ومحادثات بهذا الخصوص ضرورية؟
فؤاد حسين: أين تكمن الحاجة إليها... فالبرلمان والحكومة بالنتيجة نتاج الأحزاب السياسية، والأحزاب السياسية هي التي تتقدم وتجري الانتخابات وممثلوها يذهبون إلى البرلمان ثم يتم تشكيل الحكومة.
أنا أرى أن هناك حاجة للحوار مع القوى السياسية العراقية من شيعة وكورد وسنة ومكونات أخرى بطريقة مختلفة، لن يكتب لهذا البلد النجاح إذا حكمه مكون واحد ولم يتشارك فيه الآخرون، المشاركة تختلف عن الشراكة، عندما أنشئ نظام هذا البلد بعد 2003، أنشئ على أساس الشراكة. صحيح أن المثل يقول إن الشراكة تعني المشاكل، كذلك هي الديمقراطية لها ثمنها
هناك نوع من الشراكة في النظام الديمقراطي، والثمن هو أن اتخاذ القرارات لن يكون سهلاً بل صعباً، لكن هذا هو النظام الديمقراطي، وديمقراطية العراق جديدة، وهي وليدة حبلى بالأمراض وفي طور النمو، وهذا بحاجة إلى وقت، لكن ليس هناك طريق آخر أمام شعب العراق، وعليه فقط أن يتبنى ديمقراطية صحيحة، والديمقراطية الصحيحة في العراق رهن بالشراكة.
المجتمع العراقي متعدد الألوان، ولأن المجتمع العراقي متعدد الألوان والمشارب، كذلك الأحزاب متعددة الألوان والمشارب، ولكي يمضي النظام قدماً يجب أن تكون هناك شراكة بين القوى الرئيسة.
ثم كيف هي آلية خلق هذه الشراكة، يجب أن يكون هناك حوار. السؤال هو هل هناك شراكة الآن؟ ليس مستبعداً أن تكون، لكن بخصوص الشراكة في اتخاذ القرار قد يشارك الكورد في معترك ما، بينما لا يشارك الكورد كثير من المعتركات على الساحة السياسية.
* هل للكورد مآخذ على الشراكة القائمة في العملية السياسية بالعراق في السنوات الأخيرة؟
فؤاد حسين: للكورد مآخذ، وهناك مكونات أخرى لها مآخذ، ولكن هذا لا يعني أنه ليس للكورد أخطاء، نحن أيضاً عندنا أخطاؤنا، ولكن علينا ككورد أن نخلق في النهاية نموذجاً تقبل به الأطراف كافة على الأقل، صحيح أنك لن تحصل على كل شيء، ولكن عليك أن تأخذ ما يمكن أن تأخذه على أساس الشراكة، وأن يحترم كل طرف الطرف الآخر. لكن ليس بإمكان مكون واحد أن يحكم العراق لوحده.
* زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق وإقليم كوردستان مهمة وتاريخية، هل طرأ أي تغيير على تلك الزيارة؟
فؤاد حسين: على حد علمي، لأن وكيل وزارة الخارجية هو الذي يشرف عليها، ليست هناك أي تغييرات
* أي أن البابا سيزور العراق في الموعد المحدد لزيارته؟
فؤاد حسين: لا يزال الأمر على حاله.
* هل اتخذت الحكومة العراقية الاستعدادات اللازمة من الناحية الأمنية، لكون البابا سيزور الموصل ومناطق أخرى؟
فؤاد حسين: نعم.
* ما هي الفوائد التي سيجنيها العراق عالمياً من نجاح زيارة البابا إلى العراق وإلى إقليم كوردستان؟
فؤاد حسين: البابا يمثل الكاثوليكية في كل العالم، لكنه شخصية دينية عالمية، يحسب لها في كل العالم. زيارة البابا للعراق تعني قدوم عشرات بل مئات القنوات الإعلامية، وتحمل زيارته إشارة إلى كون العراق آمناً، أو أكثر أماناً، زيارة البابا إلى العراق إشارة إلى أن للعراق تاريخاً، لأن البابا يذهب لزيارة الأماكن التي لها علاقة بتاريخ البشرية، وتاريخ البشرية جاء من هذه المنطقة، وهذا واقع.
كل هذا والزيارة نفسها لها ثقلها، لكن نتيجة الزيارة إن استغلها العراقيون بالطريقة الصحيحة ستكون ذات فوائد كبيرة للعراق.
* هناك شكوى تتكرر مرات كثيرات، وهي أن العراق لم يستطع استغلال المواقع الأثرية الدينية، سوى النجف وكربلاء وبعض المناطق الأخرى في مجال السياحة الدينية، فمثلاً سيزور البابا أور الذي هو موقع أثري تاريخي قديم في العراق، لكن أور لم يستغل حتى الآن كموقع أثري للسياحة الدينية لجذب مسيحيي العالم. هل تتوقعون أن يتحول أور بعد هذه الزيارة إلى موقع للسياحة الدينية؟
فؤاد حسين: ستكون نتيجة هذه الزيارة أنها ستلفت انتباه المزيد من الناس إليه ومتابعته والقراءة عنه، لكن بالنتيجة وإن توخيت الحقيقة، لن يتوجه السياح إلى هناك ما لم يستتب الأمن والأمان في العراق، وكما أن رؤوس الأموال لن تأتي، فلن يأتي السياح. هذا مرتبط بالأمان في داخل العراق.
علينا أن ندرك أن كل الأمور ترتبط بالأمن والأمان في البلد، فإن مضت الأوضاع في العراق صوب الأمن والأمان سيأتي السياح، سيذهبون إلى أور وإلى بابل وإلى أربيل وإلى أماكن كثيرة. في العراق أماكن كثيرة، وهناك سياح عاديون، سياح ثقافيون، وسياح دينيون، والأديان المتنوعة، والمذاهب كافة، الشيعة والسنة لهم مزارات في العراق، وللإيزيديين مزارات في العراق، والمسيحيون يأتون إلى أور. في الصيف يمكن للسياح من دول الخليج الذهاب إلى كوردستان، فهناك الجبال والأجواء والطبيعة الجميلة، يمكن أن تصبح السياحة قطاعاً مهماً جداً من قطاعات الاقتصاد العراقي. كما ستبنى علاقات اجتماعية، وهذا سيخلق حركة اقتصادية كبرى، ولكن تلك الحركة الاقتصادية لن تولد إن لم يكن الوضع آمنا ولم يكن الأمن مستتباً.
تلك الصواريخ القليلة والكاتيوشا التي يطلقونها، يظن الفاعلون أنهم أتوا أمراً عظيماً، لكنهم خربوا البلد، لهذا أقول إن هذا الفعل عمل إرهابي، لأن الفاعل يخرب بفعلته كل شيء.
* لم يتطرق الفريق الذي يشرف على الاستعدادات في سفارة الفاتيكان بالعراق، ولا فريق البابا إلى الهجمات الصاروخية، هل أدت تلك الهجمات إلى شيء من التردد عندهم؟
فؤاد حسين: زيارة البابا قائمة حتى الساعة ولا مشاكل تعترضها.




شبكة روداو الأعلامية
Top