• Monday, 29 April 2024
logo

نيجيرفان بارزاني و شخصيته المتميزة والتشكلية الحكومية السابعة -حكومة الناس–

نيجيرفان بارزاني و شخصيته المتميزة والتشكلية الحكومية السابعة -حكومة الناس–
ترجمة: دارا صديق نورجان


ترى ماذا نقصد ب(حكومة الناس) أو بشكل أصح ماذا نقصد عندما نقول: إن الشخصية المتميزة لنيجيرفان بارزاني تجعل التشكيلة الحكومية السابعة حكومة الناس؟ وهل نعني بذلك أن سيادته سيعمل وفق برنامج يختلف عن برنامج التشكيلة السادسة؟ أم أننا نقصد بذلك أنه سيدير ذات البرنامج وينفذه ولكن بصورة جديدة أحدث، وأن نتساءل:
الم تكن حكومة أقليم كوردستان حكومة الناس ولم تعمل على خدمتهم.؟ إن الغاية من توجيه هذه الأسئلة لأنفسنا مع بداية هذا التقرير إنما هي كي لا يشعر القارئ أو يتصور من خلال عنوانه أنه مقارنة أو تفضيل للتشكيلة السابعة (التي لم تعلن بعد) على التشكيلة التي سبقتها إذ كان للسيد نيجرفان بارزاني في التشكيلات الثلاث الأخيرة (الثالثة والرابعة والخامسة) دور رئيس فقد تولى في التشكيلة الثالثة منصب نائب رئيس الوزراء في حين أنه تولى فيما بعد رئاسة التشكيلتين الرابعة والخامسة، أي بمعنى آخر: إذا ما تابعنا التشكيلات تلك فأن نيجيرفان بارزاني كانت له حصة الأسد فيها، أي بمعنى آخر: أن ما يتوقع منه الآن إنما هو مقارنة بما نفذه من قبل وأننا نتأمل منه الآن أعمالاً أحسن وأنجازات أكبر. وحتى لوكان الأمر كذلك وبشكل مقارنة زمنية و فعلية، فأننا نقول بصراحة أن هذا التقرير ليس مقارنة بل هو توقف عند مستويات التطورات التي استجدت في تجربتنا الديمقراطية وعبرة واتعاظ من الأخطاء التي حدثت منذ بداية عملية إعمار أقليم كوردستان بعد عام 2004 و بالذات منذ بداية التشكيلة الحكومية الخامسة وهذا ما يضعنا أمام حقيقة أن هذا التقرير هو وقفة أمام متطلبات المرحلة القادمة أكثر من أن يكون عودة الى الماضي.. من هذا المنطلق وعندما نقول أن(التشكيلة السابعة) ستكون حكومة الناس فأن ذلك ليس مجرد تنويه فحسب بل هو متطلب المرحلة الراهنة ويجب أن تكون هي حكومة الناس.. ونكرر ثانية أننا عندما نتطرق الى كل هذه الجوانب والحقائق فهذا لا يعني أن التشكيلة الخامسة أو السادسة لم تكن حكومة الناس بل أننا نستعمل مصطلح (حكومة الناس والشعب) من منطلق أن حكومة أقليم كوردستان ، وفي أية تشكيلة كانت، قد وجدت أن من أعلى مهماتها، أن تكون بمستوى متطلبات الناس وطموحاتهم.. غير أن المرحلة الراهنة تتطلب مشاركة أوسع وتفاعلا أكبر من الناس مع حكومتهم وأن تكون مقترحاتهم بمثابة عضو دائم وحاضر في أجتماعات مجلس الوزراء.. ويشارك الناس ، وبشكل عملي، في صنع القرار الحكومي, وإلا يكون واجبهم مجرد تقديم المطاليب بل أن يكون مشاركة صادقة في تنفيذ المتطلبات والطموحات وتصريف وإدارة الأمكانيات المتاحة لمعالجة المشكلات والمعضلات والنواقص وتطوير المدن وتقدمها وأنهاء أزمات السوق وفصل السياسة عن الأعمال (البزنس) وهذا ما يتطلب إيجاد آلية تضمن تفاهما واسعاً بين الناس وبين المؤسسات الحكومية وليس فقط بين الناس وبين مجلس الوزراء... وكمثال على ذلك نقول: في حال قررت الحكومة في برنامجها أنشاء متنزه كبير في اربيل يضم عدة قاعات للعرض السينمائي فأن النقطة الأوجب لضمان تنفيذ هذا المشروع هي التشاور مع أبناء أربيل عن طريق مجلس بلدية أربيل وأكثر من ذلك بالأمكان الأستئناس بآراء كلية الهندسة ونقابة المهندسين فيها ايضا لكي يوافق هذا المشروع الكبير آراء ورغبات أبناء أربيل بصورة عامة و كذلك الحال بالنسبة للسليمانية و دهوك أيضا وفي وجهة نظر آخرى نتصور أنه في حال وجود بعض النواقص في أربيل والعديد من متطلبات الناس فهذا لا يعني أن ينتظر أبناؤها أن تعالج لهم الحكومة وحدها أو تلبي مطاليبهم بل يجب أن تكون هناك آلية تضمن تعاون الناس مع الحكومة أيضا طريقاً لتنفيذها وفق الأمكانيات المتوفرة أمام المجتمع ولدى الحكومة معاً.. أن هذا التوجه الذي من المتوقع أن تتبعه التشكيلة السابعة في فترة رئاسة نيجيرفان بارزاني لها إنما هو خطوة أخرى للتقدم في سير عملية إدارة الحكم في أطار النظام الديمقراطي...

(خصوصيات نيجرفان بارزاني قوة فاعلة لأعادة ترتيب النظام المؤسساتي).
من المهم بمكان في عملية البناء الديمقراطي بصورة عامة وفي المرحلة الأنتقالية بصورة خاصة أن يحظى أية شخصية يرشح لمنصب رئيس الحكومة.
بموافقة جميع الأطراف.. إن هذا الأجماع أو التوافق على شخص معين, إنما من شأنه أن يبنى قوة تكون في غاية الأهمية من أجل بناء نظام مؤسساتي وإعادة ترتيب المؤسسات وترسيخ أسسها ومع ذلك فلا يمكن أن نتناسى أونغفل الفارق الموجود بين عملية بناء و ترتيب النظام المؤسساتي وبين عملية إدارة الدولة بصورة مؤسساتية ، وبمعنى أكثر دقة وصراحة نقول:
إننا في عملية بناء النظام المؤسساتي وتنظيمه وترسيخه نكون بأمس ألحاجة الى قوة تتمكن بجدارة من ترسيخ النظام المؤسساتي و سيادة القانون في المجتمع.. غير أن الحقيقة في عملية إدارة المؤسسات إنما تستجد قوة تحدد سائر القوى وهذا يعني أننا نحتاج الى الشخصية المتميزة لنيجيرفان بارزاني ليعمد الى جمع كل القوى والأطراف وترسيخ النظام المؤسساتي في أقليم كوردستان و ذلك لتتحول المؤسسات تلك مستقبلا الى القوة التي تتمكن من تحديد وتحييد القوة التي بنت تلك المؤسسات أي أن الأجماع القائم بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني(البارتي) وبين الأتحاد الوطني الكوردستاني(الأتحاد) على ترشيح نيجرفان بارزاني وكذلك تقبل المعارضة (وإن لم تشارك في الحكومة) لذلك الترشيح إنما يعني أن نيجيرفان بارزاني هو تلك الشخصية المتميزة التي يؤمل منه أستخدام مختلف الآليات والطرق لتنفيذ برنامج الحكومة وهنا نرى من الأهمية بمكان أن نتوقف إزاء(التميز) الذي أستخدمناه لشخصية نيجيرفان بارزاني والأعلان بأن هذا التميز لم يستخدم في هذه الحالة لكونه الأفضل من بين الجميع بل أننا نعني أن بأمكانه أن يتفهم فكرة الحكومة والحزب في آن واحد ولكن دون أن يخلط بينهما، أو بمعنى آخر أنً بمقدور تأثير هذه الشخصية ورجل الدولة هذا أن ينقل وسط أتخاذ القرار من أجتماعات مشتركة للمكتبين السياسيين للبارتي والأتحاد الى داخل مبنى مجلس الوزراء وأن يمحو القرارات الحزبية، وبشكل عملي وفعلي الى قرارات حكومية ، وهذا كله لا يعود فقط الى الثقة التي يوليها المكتب السياسي للبارتي لنيجيرفان بارزاني بل أنه يحظى بهذه الثقة من لدن الرئسي الطالباني والرئيس البارزاني أولاً ومن بعدهما المكتبان السياسييان للحزبين في آن يؤدي المهمة كما ينبغى، وهذا يعني أنه قد برهن أهليته لهذه الثقة.. وكثيرأ ما سمعنا من السيد جلال الطالباني قوله:
إن نيجيرفان بارزاني هو مرشحي أنا لا مرشح الديمقراطي الكوردستاني، كما أنه من و جهة نظر أحزاب المعارضة، هو الشخص الوحيد، بعد الرئيس البارزاني والرئيس الطالباني، الذي يتمكن بقدراته الدبلوماسية و إمكانياته السياسية، من توجيه العلاقات من منحاها المعقد ومسارها المتوتر عن طريق الحوار نحو مدارج التفاهم المتبادل.. إن هذه الحضال المتميزة لنيجيرفان بارزاني وخصوصياته تلك هي في غاية الأهمية سواء بالنسبة للمرحلة الراهنة أم في أطار العلاقة بين الحكومة وبين المعارضة ويحمل بذلك ويرفع مهمات صعبة عن كاهل السيدين مسعود بارزاني و جلال الطالباني و يهيئ لهما الأجواء للأنشغال بالدرجة الأساس بالقضايا المصيرية لأقليم كوردستان و لعموم العراق ويؤديا مرة أخرى دورهما التأريخي اللأئق في هذه المرحلة الحساسة التي يمربها الأقليم والعراق وبصورة عامة.

(الخصال الشخصية لنيجيرفان بارزاني و توجهات التشكيلة السابعة)
نحن لا نتعرض الى الأفتراضات والتوقعات أزاء التشكيلة السابعة من وجهة نظر أن نيجرفان بارزاني لديه عصى سحرية وأن كل المعضلات في الأقليم سوف تحل وتتلاشى بمجرد توليه رئاسة الوزراء بل ننطلق في تصوراتنا تك من تميزه في أنه سوف يراعي نقطتين مهمتين هما:
1- يتعامل مع الواقع بأنه: صحيح هو المرشح القادم من الأتفاق الستراتيجي القائم بين البارتي وبين الأتحاد لتولى رئاسة حكومة أقليم كوردستان غير أنه عندما يتولى هذه الحقيبة فأنه لن يعمل لصالح الحزبين الحليفين فحسب، أو يتعرض لمشكلاتهما فقط بل هو مؤمن بأن الحكومة تمثل مصالح جميع الشرائح والأطياف والديانات والقوميات ومختلف وجهات نظر المجتمع.
2- إن التأمل هذا يؤدي بنا الى حقيقة أخرى وهي وجوب ان تكون الحكومة هي حكومة الجميع( وسواء اشترك فيها الجميع أم لم يشتركوا) وإذا كانت المهمة الأساسية للحكومة هي أن تواجه جميع المشكلات والقضايا، فأن هذه المعضلات هي أكبر م أن يعالجها لوحدهما ما يحتم على الحكومة أن تطلب مساعدة جميع الأطراف السياسية وأبناء كوردستان عموما.
وتعاونهم لمعالجة تلك القضايا كما أن من واجبات أطراف المعارضة أيضاً ، سواء كانت داخل الحكومة أم خارجها، أن تتعاون مع الحكومة في حل المشكلات.

إن التنويه الى تلكم النقطتين إنما يثير نقطة أهم وهي: صحيح أن برنامج التشكيلة السابعة هي ذات البرامج الوزارية، غير أن أسلوب عمل نيجرفان بارزاني في هذا المسعى يتجسد في أنه لا يهمل برامج المعارضة البديلة أو مقترحات وأنتقادات الصحفيين والمثقفين ، بل يستفيد منها كآلية رئيسة لتنفيذ برنامجه الحكومة، و يتوقع منه، بعد أن يتم تكليفه من قبل برلمان كوردستان العراق بتشكيل الوزراء الى جانب تداوله الرسمي والشخصي مع مختلف الأطراف والأحزاب السياسية للمشاركة في الحكومة ويتحدث بصراحته المعهودة عن نوع العلاقة المرتقبة بين الحكومة وبين المعارضة، و يتوقع منه في ذات الوقت أن يلتقى مع المثقفين والصحفيين والشخصيات الأجتماعية والدينية في كوردستان ويتداول معهم عن قرب الخطوات الرئيسة لأنجاح برنامجه الحكومي ويدعوهم في ذات الوقت للتعاون معه لتحقيق هذا الهدف... إن هذه الشفافية التي من المؤمل أن تظهر بداياتها مع مباشرة التشكيلة السابعة لأعمالها، ستهيئ أرضية تضمن أن لا تعتزل الحكومة في وادو المعارضة في واد آخر، أو أن يلتزم الصحفيون والمثقفون موقفاً متحفظاً.. بل أن هؤلاء ومعهم المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ستكمل، كعناصر رئيسة للحكم ومهماتها مراقبة أعمال الحكومة وأدائها، عملية الحكم في هذا البلد.. وبصورة أوضح وأدق: يتوقع من التشكيلة السابعة الا يكون الحكم فقط عبارة عن اصدار القرارات من قبل الحكومة بل سيكون عبارة عن مراقبة تنيفذها ايضاً من قبل الجهات. آنفة الذكر أعلاه.. إن هذا الوضع الذي تجسده الشخصية المتميزة والمختلفة لنيجيرفان بارزاني في الحكم والأدارة تبلغنا أن قناعته الشخصية أن وجود اية نواقص في برنامج الحكومة كبرنامج سياسي للبارتي والأتحاد من الناحية النظرية، لا يضمن ، عندما يدخل حيز التنفيذ، عدم حدوث أي تلكؤ أو تباطؤ في تنفيذه أو الا يتسبب البرنامج في هذه الحالة ولا يجر معه جملة من المشكلات.. وإذا كانت وسائل الأعلام التابعة للبارتي وألاتحاد تتبع في تعاملها مع الحكومة سياسة تجنب الأنتقاد وإبراز أنجازاتها ومكتسباتها وتستمر في اسلوبها هذا، فأن مستجدات الأجواء التي يهيئها نيجيرفان بارزاني يضمن له استفادة قصوى من الأنتقادات والمقترحات الجدية لوسائل الأعلام خارج الأتحاد والبارتي وأعلام المعارضة ايضاً وذلك لتفعيل أكثر لبرنامج تشكيليته السابعة.. أي أن هذا التجمع المثالي بين الحكومة والأعلام والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني وأطراف المعارضة كفريق عمل لأنجاح الحكم إنما يقف بوجه الوضع المعقد ويتجاوزه وهو أمر لم يكن بالمقدور أنجازه قبل ذلك...

وهنا لا بد لنا أن نؤكد مرة أخرى أن التفاؤل بتهيئة التشكيلة السابعة.
لأجواء أكثر مواءمة للحكم لا يعود الى اختلاف البرنامج بل هو الأختلاف في آلية إدارة القدرات لتنفيذ البرنامج نفسه، أو أنه كان هناك في السابق تخلف في تلك الآلية أو لم تكن كما يجب، بل القصد في ذلك هو أن المديات المتوقعة من أختلاف وتميز شخصية نيجيرفان بارزاني لآلية إدارة القدرات.
والأمكانيات لا تتجاوز مدى قدرات البارتي والأتحاد و بصورة أدق.

أن جميع التوجهات أزاء التوقعات من شخصية نيجيرفان بارزاني وأداء التشكيلة السابعة لحكومة أقليم كوردستان تتركز في حقيقة أن بأمكانه توسيع مديات التعاون في التنفيذ والآداء و يكون تفاعل القدرات خارج(البارتي والأتحاد) مع نيجيرفان بارزاني و برنامجه أكبر مما كان في السابق.
إن هذه الحقيقة تقول لنا أو تعلمنا إن الحاكم في النظام الديمقراطي هو أكبر من قدرات الحزب الحاكم أو التحالف الحكم أيضاً فمهتهما هي أن جميع عناصر الحكم بما فيها المؤسسات العامة للدولة وأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والأعلام والمثقفون و عموم الناس) هي جزء أو قسم من عملية الحكم، ولأن الحكومة كسلطة تنفيذية داخل هذه العملية، تؤدي دور قائد الطائرة، فأن عليها أن تتفاعل و بصورة مباشرة مع العناصر الآخرى كافة و تكون لديها في ذات الوقت الأجابة الصحيحة لها كلها، وهذا ما يماثل قائد الطائرة الذي يطير من مطار الى آخر و تتكون لديه علاقات متباينة مع جميع الركاب في رحلته الى محطته الأخيرة ولكن لا يشترط أن تكون للركاب علاقات مباشرة مع بعضهم البعض...

وبذات الأتجاه ليس شرطا أن تكون هناك علاقات مباشرة بين عناصر المجتمع والدولة و بين الحكومة أو تكون لهم علاقات مباشرة فيما بينهم ما يعني أن تلك العناصر تضغط على الحكومة من جهة، فأنها ستكون عوناً لنجاح الحكومة وتنفيذ برنامجها من جهة أخرى لأن برنامجها هو في الواقع لصالح عموم الناس.


(بناء المؤسسات وأعادة تنظيمها هو إيجاد و تنظيم لتشجيع القدرات).
إذا ما كانت الأنسانية قد أستخدمت أو أنجبت في إطار الحكم النظام الليبرالي كأنفع نظام، فأن الواقع يقول أن هذا النظام هو عبارة عن بناء المؤسسات وفق القانون و تفعيل دورها في تطوير الأقتصاد... إن هذه الحقيقة التي أعتبرتها الليبرالية أو التاريخ إسهاماً لهذا النظام في أسعاد الأنسانية، إنما كانت تأكيداً على دعم القوانين التي تدار المؤسسات عن طريقها، وكي نتفهم أو نفهم جيداً العلاقة بين الفاعلية المؤسساتية وبين النظام الليبرالي ، فأن الأخير يولد بأستمرار تساؤلين أساسين هما:
أولا: هل نحن مع توجه أن تتولي الحكومة كل السلطات؟
ثانياً: أم مع أن تكون للحكومة سلطات محددة و تنفيذ مجموعة من الواجبات المحددة والفعالة؟
إن الأجابة على هذا السؤال تشكل لحد الآن نوعاً من الأشكالية للحكومة شبه الليبرالية لأنه كثيرا ما يختلط توسيع مديات العمل الحكومي مع تحديد تلك المديات، وحتى في دول العالم الغربي نجد أن الحكومة قد تتدخل في بعض الجوانب والمهمات التي هي في الواقع ضمن أعمال منظمة غير حكومية(NGOs) أي أن الأشكالية في تلك الدول موجودة وإن كانت بشكل محدود.. غير أن هذا التوجه يختلف تماماً في الدول النامية والشرقية بصورة عامة حيث يؤمنون أكثر ويتطلعون الى أن تكون سلطات الحكومة سائدة الى أبعد مدياتها، وغير محددة أطلاقاً.. ولا شك في أن السبب الكامن من وراء هذا الأختلاف إنما يعود الى الخصال الفكرية للقادة هناك ولأن معظم قادة الشرق يرون أن بالأمكان تحويل المجتمع وتغيره بكلمات سحرية و خطب رنانة فأنهم والأمر هكذا لا يسمحون للمؤسسات أن تحدد من سلطاتهم لأن الهدف الحقيقي لبناء مؤسسات قوية هو تحديد السلطات و تنظيم التفاعل السياسي والأقتصادي والأجتماعي وهذا مطمح قد تمكن من تحقيقها، وعبر التاريخ من يمتلكون ارادة البناء التنظيمي أو النظامي، ويؤمنون في تعاملهم مع جميع القضايا بأن الحقائق كلها لا تجتمع لديهم وحدهم ما ضمن أن يعلن النظام معالجته المحددة للقضايا وعلى أساس المحدوديات التي توفرها المؤسسات، وكانت المعالجة تلك عبارة عن أشراك جميع عناصر المجتمع ما أوجد حقيقة أن النظام المؤسساتي و سواء كان الهدف لديه حل القضايا السياسية أم لتطوير الأقتصاد وأنعاشه، إنما يعتمد بدرجة كبيرة على تعاون الأفراد والمجموعات.. عن هذا الجانب و دور القانون والمؤسسات في تطوير الأقتصاد يثير البروفيسور(توم، جي ، بالمر) من معهد(كاتو) تساؤلا مفاده: لماذا تكتسب المؤسسات كل هذه الأهمية؟

ويجيب قائلاً: إنما يعود ذلك لأهمية الحافز أولاً ولكون المؤسسات مصدر تحفيز الأفراد والمجموعات ليتعاونوا معاً ويبتعدوا عن العنف والتطرف.. ويشير في هذا المنحى الى مؤسسات كوريا الجنوبية التي تمكنت بشكل رائع من إدارة قدرات الأفراد في تلك البلاد بحيث غدت الجنوبية تعيض في أشراقات دائماً وعلى العكس منها نجد أن كوريا الشمالية تعيش في ظلام دامس بسبب أخفاقها أو عدم رغبتها في تطوير القدرات كما يجب.

هنا فأن الأمور تسير نحو حقيقة أن المتوقع من التشكيلة السابعة (المقبلة) لحكومة أقليم كوردستان هو تقوية المؤسسات وتعزيزها لتوفير(تحفيز فعال و بناء) وتطوير القدرات وتفعليها وفق المستلزم والطموحات ضماناً لأدارة أمثل وأفضل لأمكانيات الحكومة وتقديم خدمات لائقة للمواطنين.

في هذا المجال، وفضلا عن كونه أحد مؤسسي النظام المؤسساتي في اقليم كوردستان وإيمانه بأن تعزيز المؤسسات و تنميتها هو أفضل طريق لمواجهة الفساد ومعالجة النواقص والسلبيات، فأن نيجيرفان بارزاني يؤمن بالشفافية و الحكم الصادق الرشيد..

ما يعني أن كل ذلك هو عبارة عن عوامل ينتظر منها أن تؤمن أتخاذ خطوات واسعة في مجال مراجعة الهيكلية المؤسساتية وتعزيزها.. فهو، أي نيجيرفان بارزاني ، مقتنع تماماً بألا تكون هناك أية خلافات على بناء مؤسسات قوية غير أن الأعتيادي والسائد لديه هو وجود خلافات وأفكار وأساليب مختلفة في العمل على آلية إدارة المؤسسات أي أن نيجيرفان بارزاني، وكما هو شخصية متميزة فأن همومه وتطلعاته لمستقبل هذا البلد هي متميزة ايضاً، فقد كانت كل طموحاته، أثناء فترة التشكيلة الحكومية الخامسة التي ترأسها، هي وضع كوردستان على خارطة الطاقة العالمية وكان يهمه أن تغدو كوردستان مصدراً للطاقة، ما دعاه الى أن يقول في رده على مزاعم(من أدعوا أن الأتفاقات النفطية التي أبرمها لم تكن شفافة) وبكل صراحة.. إن ما يهمني هنا هو أن تنجح هذه العملية وهذا مالا يمكننا تحقيقه إن لم تكن الأتفاقيات النفطية شفافة ما حدا بنا في هذه المرحلة ليس فقط الى نشرها على شبكة الأنترنيت بل طبعناها على شكل كتاب هو في متناول أيدي الجميع.. ويواصل نيجيرفان بارزاني حديثه وأبتسامة أمل مرسومة على محياة قائلاً: وإذا ما وفقنا الله تعالى وأنعم علينا بنجاح كوردستان في هذه العملية وجعلها صاحب مصدر للطاقة، عندها ربما يكون أمامنا فسحة أو مجال لتكون أتفاقياتنا غير شفافة أيضاً غير أنه أمر لا يجوز الأتيان به في الوقت الحاضر..

هذه الأحاديث التي أطلقها سيادته بعيداً عن أعين المصورين والأعلام إنما هي أشارة و دلالة على تميزهموم هذه الشخصية وتطلعاتها و أهتماماًتها والتي تسعى الى تفعيل كل المصادر الأنسانية و الطبيعية لضمان مستقبل وضاء وعيش رغيد لأقليم كوردستان وشعبه.. كما أن نيجيرفان بارزاني هو شخصية متميزة أيضاً في مجال إدارة الحكم والتعامل مع الصحفيين والأعلاميين، ومؤمن أعز ايمان و متميز في مجال تقبل الأنتقادات الصحفية وإن لم تكن صحيحة أو بناءة أو واقعية و قد يكون مستعداً للأدلاء بتصريحاته أو استقبال ذات الصحف أو الصحفيين مستقبلاً. وهذا ما يحدد تصور نيجيرفان بارزاني للعمل الصحفي وكالآتي:
من المستحيل أداء حكم ديمقراطي بغياب صحافة حرة ونقد جدي وبناء... ما أشتهربه على الدوام في أوساط الحكومة والقيادة بأنه صديق للصحيفين ويدافع عنهم ويقول لكل الأوساط: أنكم أنتم من تخفون المعلومات عن الصحفيين ثم تغضبون عنهم إذا ما توصلوا الى أية معلومات عن طريق جهودهم الذاتية.. وهو أمر يوضح لنا أهمية الصحافة بالنسبة اليه وبين أنه لا يقارن دور الصحافة في العملية الديمقراطية ببعض الأنتقادات التي قد تكون غير واقعية في حالات معينة، ولا يرى – في نظرته للصحافة- صحة ممارسة ضغوط مادية أو اقتصادية عليها لكتم الأصوات بل هو في الواقع عون للصحف وبالذات تلك التي تنتقده أو تنتقد عموم المجالات بشجاعة وأنصاف.. فهو لا يخفى عنهم المعلومات بل هو يجتمع معهم شخصياً في تداول أهم القضايا وأيجاد الحلول المناسبة لها(كما في القضية التي اثيرت في بورصة أوسلو حول أحدى الشركات النفطية وذكرت فيها حكومة أقليم كوردستان سهواً او الهجمات التي نفذتها تركيا على حدود الأقليم في عام 2008 وغيرها) كل ذلك ليتعامل الصحفيون مع القضايا والمشكلات على ضوء المعلومات التي يدلى بها هو.. وكذلك الحال في تعامله مع المثقفين وإيمان سيادته بأنتقاداتهم الصريحة فهو ينظر الى تطلعاتهم وإنتقاداتهم من إيمانه بأن (إنتقادات المثقفين هي نابعة من فكر مخلص وبناء لحاضر هذا البلد ومستقبله ويجب الأستماع اليها وأحترامها، حتى وإن كانت تلك الأنتقادات، وفق تصور فكري، للمثقف، بعيدة عن الواقع أو قاصرأ في بعض المعلومات السياسية وإمكانيات الحكم أيضاً.. فهو يرفض أطلاقاً انتقادات المثقفين بل أن انتقاداتهم برأيه هي موضع أحترام خاص بحيث يجعله على أستعداد تام لتزويدهم بكل المعلومات التي من شأنها أن يفكروا بشكل أشمل وأكثر واقعية وهنا لا بد من القول : أن المثقفين وإن كانوا لا يتوافقون مع السلطة إلا أن لهم علاقات مستمرة مع نيجيرفان بارزاني وكذلك الحال بالنسبة للفنانين و في شتى الحقول والحالات ومن أجزاء كوردستان الأربعة وكذلك من أبناء الجالية الكوردية في الخارج، فإن لمعظمهم نوعاً من العلاقة معه ما يعني إن بأمكان تميز شخصية نيجيرفان بارزاني الربط والتواصل بين الأطراف المختلفة ومختلف مجالات واتجاهات المجتمع وهذا هو سر نجاح وتميز(نيجيرفان بارزاني).
Top