• Monday, 06 May 2024
logo

تجاهل مبادىء الشراكة والتوافق و التوازن تهديد لبناء ومستقبل العراق الجديد

تجاهل مبادىء الشراكة والتوافق و التوازن تهديد لبناء ومستقبل العراق الجديد
ترجمة/بهاءالدين جلال

تمريرالموازنة لايشكل فقط بعداً اقتصادياً على اقليم كوردستان ، بل يسبب ايضاً خطراً على الشراكة و التوافق و المعان و الدلالات التي بنى عليها العراق الجديد، وهذا هو التفسير الواضح من المالكي لمعارضيه العراقيين وشركائه في العملية السياسية بأنه يلجأ الى استخدام الأغلبية و انتهاج التفرد في حسم المسائل وبهذا يكون قد خرق كل مبادىء الأتفاقيات المبرمة سابقاُ.لذا نجد أن المراقبين متفقون على أن الأوضاع في العراق تتجه من السيء الى الأسوء ما يشكل خطراً على وحدة ألاراضي العراقية، وفي هذا السياق نرى أن النواب و الوزراء الكورد في بغداد فد دُعوا الى اقليم كوردستان من اجل التشاور و اجراء المحادثات حول مستقبل العملية السياسية.
الدكتور روز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي الأتحادي ل(كولان):
علينا أن نعرف هل بقي امامنا خيار للسلام أم لا، والاّ علينا التفكير في اتخاذ موقف آخر
المرحلة التي يمر بها العراق حالياً مرحلة فتحت ابواب الخطر على التعايش و وحدة العراق و يؤدي بالعملية السياسية نحو الهاوية،خاصة بعد تمرير موازنة العراق لهذا العام بأغلبية الأصوات و من دون حضور نواب الكورد،في حين بني العراق الجديد على مبادىء التوافق و الشراكة بين عموم الأطراف،وان دل ذلك على شىء فإنه يدل على أن نوري المالكي يحاول اتخاذ خطوات عملية بأتجاه الحكم الفردي لمكون واحد،وهذا غير مقبول ابداً،لذا نجد أنّ النواب الكورد في البرلمان العراقي و الوزراء الكورد في الحكومة الأتحادية عادوا الى اقليم كوردستان للتشاور ومناقشة هذه المسألة، وللمزيد من الحديث حول هذه المسألة التقت (كولان) الدكتور روز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي الأتحادي و وجهت له عدداً من الأسئلة:
* كنا في انتظار حصول انفراج في المشكلة القائمة بين بغداد و الأقليم ، ولكن نجد أنّ الموازنة العامة للعراق تم تمريرها من دون مشاركة الكورد،كيف تقرأون هذا المشهد الجديد؟
- قبل هذا الموضوع كان هناك تأزم في العلاقات بين الأقليم وبغداد،فالكثير من النقاط و البنود التي طرحتها اتفاقية اربيل لم تأخذ مجراها للتنفيذ حتى وصلت الأمور في السنتين الأخيرتين الى التباعد بين الجانبين،لذا تم عقد الكثير من الأجتماعات بأتجاه تهدئة الأوضاع،وتعزيز التحالف الذي ادى الى تشكيل الحكومة الحالية وحل المشكلات القائمة، حتى وصل الأمر الى التفكير في ارسال السيد نيجيرفان بارزاني الى بغداد ولكن من غير تحديد موعد معين،ولكن مع كل الأسف ظهرت مشكلة اخرى و هي الموازنة،وقد تمت مناقشات مستفيضة في وقت سابق بشأنها في وزارة المالية و في مجلس الوزراء الأتحادي من قبل ممثلي حكومة الأقليم وبغداد،ولكن وفق المستجدات الضرورية استوجب اجراء بعض التغييرات في الموازنة للعام الحالي، منها مسألة انتاج النفط في اقليم كوردستان،و مستحقات الشركات المنتجة و العاملة في الأقليم،و النقطة الأهم هي مسالة تنفيذ المادة 140 الدستورية اذا كان حلفاؤنا يقتنعون بضرورة تنفيذها وكذلك حل المشكلات الأخرى التي تترتب على المادة فيتطلب ذلك رصد المزيد من الموازنة الخاصة لها،الى جانب مسألة البيشمركة التي تثار لها سنوياً عرقلة في تخصيص موازنة لها، هذه المشكلات ادت الى تأزم العلاقات بين الأقليم و الحكومة الأتحادية تارة وبين التحالفين الوطني و الكوردستاني و العراقية تارة اخرى،ومع كل المحاولات الي بذلتها حكومة اقليم كوردستان و المقترحات التي قدمتها من اجل الأنفراج في الوضع المتأزم ولكن التحالف الوطني الذي يضم جميع الأحزاب الشيعية لم يستجب و كانت مواقف كل هذه الأحزاب متطابقة،وعلاوة على ذلك اتفق الجميع وفي غياب النواب الكورد على تمرير الموازنة من جانب واحد و دون مراعاة موقف اقليم كوردستان و شعبه،اما بالنسبة الى الجوانب السلبية لهذه الموازنة اود القول أنها تحتوي على نواقص تتعلق بمسألة المادة 140 و كذلك البيشمركة و انتاج النفط و الأسوء من كل ذلك هو التفرد في اتخاذ قرار تمريرالموازنة،اعتقد هذه سابقة بعيدة كل البعد عن مبادىء الدستور و روح التحالف و الشراكة و التوافق و توسيع هوة انعدام الثقة بين عموم الأطراف،هذا الأمر يتطلب المتابعة و توحيد موقف حاسم و واضح من الكورد، لذا على كل الأطراف الكوردستانية سيما النواب الكورد في بغداد التشاور مع رئاسة اقليم كوردستان و برلمان كوردستان و حكومة اقليم كوردستان،من اجل وضع حل مناسب و اتخاذ الأجراءات المناسبة،
* بعد كل هذه المستجدات اجتمع الرئيس البارزاني مع النواب الكورد في البرلمان العراقي و الوزراء الكورد في الحكومة الأتحادية من اجل التعامل العصري و المدروس مع هذه المسألة الحساسة، تُرى ماهي الأجراءات التي تم بحثها في الأجتماع؟
- كما اسلفتُ خلال اجابتي عن السؤال الأول ، ان النواب الكورد سيبقون في الأقليم لحين اتخاذ موقف صريح و واضح حول الخطوة التي اتخذها التحالف الوطني بشان تمرير موازنة عام 2013،و الموقف الذي يتخذه الأقليم بهذا الخصوص يتطلب فيه مراعاة مصلحة اقليم كوردستان و قبل كل شىء ايجاد مخرج إنْ وجد، والاّ التفكير في اتخاذ خطوة اخرى، لا استطيع الأشارة الى ما قد تم اتخاذه لحد الآن،الموضوع قيد الدراسة و التشاور في الوقت الحاضر.
* هناك احاديث تطرح هنا و هناك بشان انسحاب النواب الكورد من بغداد في حال عدم اعادة النظر بالموازنة وفق ما يطلبه الكورد،هل من صحة لهذه الأحاديث و هل ان اتخاذ مثل هذه الخطوة يُسهّل من حل الأزمة؟
- المقترحات كثيرة،قد يجوز هذه النقطة هي احدى تلك المقترحات، وقناعتي الشخصية تكمن في قيام حكومة العراق الفدرالي و التحالف الوطني بالدرجة الآولى بأعادة النظربمواقفهماو خاصة وفق المسائل الثلاث التي اشرتُ اليها،وهي المادة 140 و موازنة البيشمركة الى جانب موضوع انتاج النفط و الذي يصب في مصلحة العراقيين.
* يتم التأكيد دائماً على ضرورة قيام التحالف الوطني و خاصة دولة القانون التي يمسك بزمام السلطة في العراق باعادة النظر بتصرفاتها ازاء الكورد و في ادارة العراق، ولكنها مصرة على الأسلوب الذي تدير به امور البلاد،كيف ترون مستقبل هذا التعامل؟
- هناك خياران، الأول يكمن في التزام حكومة العراق الأتحادي بمبادىء اتفاقية اربيل والتي اتفق عليها جميع الأطراف(التوافق،الشراكة،التوازن)و جوهر الأتفاقية ليس في تسنم فلان منصب رئيس الجمهورية أو منصب رئيس الوزراء، هذه هي آلية الأتفاقية أما جوهرها فهي العمل بشراكة و اتخاذ القرارات بالتوافق و خلق التوازن الدستوري تراعى فيه العدالة لكل المكونات المؤسسات الفدرالية،اما الخيار الثاني هو الأنفصال في حال عدم الألتزام بكل تلك المبادىء.
* كان الحديث يركّز في السابق على اسلوب التفرد و التسلط من قبل احد اطراف التحالف الوطني و هو حزب الدعوة و دولة القانون، ولكن ما رأيناه كان مفاجئاً عندما كانت عموم الأطراف في التحالف الوطني شاركت في مسألة تمرير الموازنة،ماهي تداعيات هذا التصرف في العلاقات بين الكورد و الشيعة؟
- صحيح هذا هو موقف التحالف الوطني و الأحزاب الشيعية المشاركة في البرلمان العراقي ولكن كما اشرت اليه انه يشكل سابقة خطيرة، ويجب أنْ يُبحث لماذا كان للأطراف الشيعية موقف موحد،واذا كان هذا الموقف هو لمعاداة الكورد،فعلى الكورد مراجعة كل المعادلات مرة اخرى،اتمنى على الأخوة الشيعة أنْ لا يكون موقفهم هذا هو لمعاداة الكورد،و ان يدركوا جيداً أنّ الوضع اخطر مما يتصورونه.
*فيما عدا التحالف الوطني الذي دخت اطرافه هذه الجبهة عموماً في مسألة تمرير الموازنة،نلاحظ أنّ اطرافاً عربية اخرى و بالأخص القائمة العراقية قد تعاونت مع التحالف الكوردستاني لأيجاد حل مناسب لهذه الأزمة، ولكنها فجأة اتخذت موقفاً معادياً للكورد عند مناقشة الموازنة ومن ثم تمريرها، ماهي ملاحظاتكم عن هذه النقطة؟
- اقولها بكل صراحة،أنّ جزءاً قليلاً من القائمة العراقية دخل هذه الجبهة،لقد بقيت العراقية لفترة طويلة مع التحالف الكوردستاني ولكن القائمة ليست موحدة بل فيها اتجاهات مختلفة،انها تضم كتل عديدة ولكن في كل الأحوال لاتستفيد من موقفهم هذا،مع تأكيدي على أنّ التزام القائمة بالمبادىء الثلاثة التي اشرت اليها سابقاَ هو الحل الأمثل للمشكلات القائمة بدلاَ من توجه بعض اعضائها الى العمل مع الحكومة و الأخرين يصوتون الى جانب التحالف الوطني.
* لقد بُني العراق بعد2003 على المبادىء التي ذكرتموها،ولكن هذه المرة لم تتم مراعاتها، ما قولكم بهذا الشأن؟
- بزوال هذه المبادىء سوف يتحول العراق الى بلد غارق في المشكلات و الأزمات تعود بتداعياتها على المواطنين في عموم العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه،لذا يتوجب على الأحزاب السياسية الكوردستانية والعراقية بذل اقصى الجهود من اجل ارساء دعائم و اسس تلك المبادىء،ليعيش العراق في الأمن و الأستقرار و التقدم.
*من الواضح أنّ المشكلات القائمة في العراق لايمكن حلها بلغة الحوار و التفاوض في اطار العملية السياسية،ولايوجد هناك أي دور للولايات المتحدة الأمريكيةوالسؤال هو : هل بالأمكان حل الأوضاع المستعصية في العراق من دون تدخل وسيط عادل؟
- انا افضّل وجود مراقب دولي في مثل هذه الأزمات بالرغم من انها مشكلة داخلية ولكن شريطة أن يكون الوسيط قوياً و صادقاً و جريئاً في اصدار القرارات و لاينحاز الى مصلحة بلاده و عليه مراعاة مصداقية القضية و التعامل مع جميع الأطراف بعدل و مساواة،وحسب معلوماتي فإنّ الكورد لم يمانعوا تعيين المراقبين أو الوسطاء من اجل حل المشكلات المستعصية بين الأطراف المشاركة في الحكم.
*بأعتباركم ممثلين عن الكورد في بغداد هل تلاحظون بقاء بصيص من الأمل في شراكة الحكم بالعراق؟
- في الحقيقة هناك قليل من الأمل، و بالنسبة لنا ككورد علينا تعزيز صفوفنا و يكون لنا موقف موحد في بغداد،فالكورد الآن في بغداد لهم موقف واحد وبغية المحافظة عليه يتطلب منا جميعاً حل خلافاتنا الداخلية،وفق مسؤولية نتحملها ولايمكن تهميش مصلحة شعب كوردستان العليا على حساب مصالح خاصة التي من الممكن تأجيل تحقيقها في وقت آخر،وهذا هو الموقف الصائب الذي بالأمكان تأثيره على الكتل العراقية الأخرى لمراجعة مواقفها و الأنصياع الى المبادىء الأساسية التي بني عليها حكم العراق من الشراكة و التوافق و التوازن،ما يدفع بالأطراف العراقية الى التفكير في مصلحة العراق وارساء دعائم التعايش و العدالة و المساواة بين عموم المكونات المشاركة في العملية السياسية.

الدكتور محمود عثمان عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكوردستاني:
لايمكن لمكون واحد تمثيل جميع العراقيين و سوف يكون مصيره الفشل الذريع

وحول المسألة ذاتها استطلعت كولان رأي الدكتور محمود عثمان عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكوردستاني حيث اشار الى أنّ تمرير الموازنة بهذا الشكل يهدد معاني الشراكة و التوافق الى الخطر،لذا نحن نرفض مثل هذا التصرف،وهذا نابع من التعامل الفردي لرئيس الوزراء والذي يهدف الى فرض الأغلبية في تبني القرارات،وهذه تجربة جديدة له ولكن في مسألة الموازنة وتمريرها يمكن الوقوف على نقطة معينة ألا وهي أنّه ليس كل منْ صوّت لصالح التمرير هو مؤيد للمالكي، قد يكون البعض صوّت لصالح رصد مبالغ لمشاريع معيّنة في مناطق معيينة و هذا أمر طبيعي،ولكنهم لم يؤيدوه في مسائل أخرى، أما ما يتعلق بالأغلبية و الأقلية، نرى أنه في اقليم كوردستان الأغلبية هم الكورد بينما في بغداد تختلف المسالة حيث هناك السنة و الشيعة و الكورد و التركمان،ولهذا لايستطيع مكون واحد انْ يمثّل كل العراق، وهكذا بالنسبة الى الأحزاب و المكونات الأخرى،لأنّ عراق اليوم يختلف عن العراق في عهد النظام البائد،حتى أنّ صدام حسين الذي حكم البلاد بالحديد و الدم لم يتمكن من الأستمرار فيه،لذا كل من تجرأ و اتخذ هذه الخطوة سيكون مصيره الفشل.
ديندار دوسكي وزير الهجرة و المهجرين في الحكومة الأتحادية:الكثير من الأطراف غير الكوردية ايضاً غير راضية عن اداء الحكومة العراقية الحالية
لقد ادى تأزم الأوضاع و السياسة الرعناء التي تنتهجها حكومة بغداد،أثّر على اداء حكومة بغداد و شخص المالكي،فيما اشار ديندار دوسكي وزير الهجرة و المهجرين في الحكومة الأتحادية الى تدني اداء الحكومة العراقية و قال ل(كولان):الى جانب تمرير الموازنة بهذا الشكل فإنّ الكثير من الأطراف غير الكوردية من السنّة غير راضية عن اداء تلك الحكومة،والسبب هو عدم مراعاة مبادىء الشراكة و التوافق و التوازن في المؤسسات الحكومية وخاصة من رئيس الوزراء العراقي،ونرى الآن كيف أنّ السنة خرجوا في تظاهرات من مناطق عدة بعد تهميشهم من قبل حكومة بغداد،و اوضح وزير الهجرة و المهجرين في الحكومة الأتحادية أنّ النواب الكورد والوزراء قد تم استدعائهم للعودة الى الأقليم من اجل التشاور في مسألة الموازنة،لذا فأنّ التوافق يدخل في مصلحة الكورد و الشيعة والسنة،ولكن في حال استمرار الأوضاع بهذا التردي و التأزم فمن المستجيل تحقيق الأستقرار و الأمن و الأزدهار،و اضاف هناك جهود تُبذل من اجل حل الخلافات من قبل الكورد و الولايات المتحدة الأمريكية و قوى و اطراف شيعية و سنيّة، لاتوجد في دول العالم الديمقراطية والأغلبية السياسية،وعلى سبيل المثال بعض الأخوة من الشيعة يدعون بانهم الأغلبية ولكن هذا غير صحيح، لأن كل من الكورد و السنة و الشيعة هم الأغلبية داخل مكوناتهم،ولكن لايمكن أن يكونوا الأغلبية في العراق، وما نستغرب اليه الآن في العراق هو اننا لم نر لحد الآن أي توافق في القرارات و كذلك التوازن في شؤون المؤسسات الحكومية،لقد تم تمرير الموازنة من دون التوافق، ولكن ما يشكل الخطر في مشاريع القوانين الأخرى كقانون النفط و الغاز الذي هو الآن امام البرلمان العراقي اذا ما تم تمريرها على هذا النحو،لأنه يشكّل خرقاً للمبادىء التي تشكّلتْ بموجبها الحكومة الحالية في بغداد.
Top