• Monday, 06 May 2024
logo

القضية الكوردية و (عملية الأمرالي)

القضية الكوردية  و (عملية الأمرالي)
ترجمة/ بهاءالدين جلال

نحن نعلم جيداً ان منطقتنا تعيش وسط العديد من المشكلات و التوترات وانه ليقلقنا جداَ عندما تراق دماء الكورد أو الأتراك أو أي شعب آخر،نحن نعيش مع الشعوب الأخرى و علينا مد يد الأخوة الى بعضنا البعض، ان حزبكم و قائدكم انتهجا سياسة حكيمة لحل المشكلات،وهنا اود أنْ اشكر اردوغان على ما ابداه من الجرأة و توجه الى دياربكر و قال: يجب انْ نحل قضية اخواننا الكورد وقد زار اربيل في العام المنصرم مشيراَ الى أنّ زمن انكار الكورد قد ولّى،وازاء هذا ارى أنّه على عموم الكورد تأييد هذه السياسة و ينبغي قيام الكورد جميعاَ بنبذ العنف ، وان قوة الدولة أوالحزب لاتظهر في عدد جنودها بل في ما تستطيع تقديمه من خدمات.وان قوة حزب العدالة و التنمية و اردوغان تتجسد في هذا الأنفتاح الذي اتبعاه على الصعيد الداخلي و الخارجي.
* اتذكر ما كان يقال في الثمانينيات عن القضية الكوردية بأنها قضية واحدة،أوهي عدة قضايا،وكان كل طرف من الأطراف يوضح الأسباب التي تثبت صحة ادعاءاته،ولكن ما ارغب في طرحه هنا هو حسب قناعتي الشخصية أنّ القضية الكوردية تضم في فحواها الديمقراطي معنى لقضية أمة مظلومة ذات مصير مشترك ومن المستحيل ان تبقى دون حل حتى النهاية،ولكن يمكن وصفها بأنها في الوقت ذاته قضية معقدة تضم مسائل مختلفة بسبب الظروف السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية و الثقافية تخص كل جزء من اجزاء كوردستان و تختلف بأختلاف متطلبات الحركة السياسية .
* كان هناك غبن تأريخي أو جغرافي،و كانت امكانية الكورد محدودة و لم تتوفر له الفرصة المناسبة حتى يعلن دولته المستقلة،ولكن ليس الكورد هم الشعب الوحيد الذي لايملك الدولة بل هناك شعوب اخرى في منطقة الشرق الأوسط تعرضت مثل الكورد الى التجزئة و الظلم و الأجحاف و الأبادة،وهذا يؤكد أنّ الكورد ذاقوا الأمرين على يد النخبة الحاكمة و الشعوب المتسلطة،ومن اجل تحقيق تطلعاتهم و ضمان حقوقهم القومية المشروعة لجأوا الى الثورات و الأنتفاضات و التي ادت الى مضايقة الحكومات و السلطات القمعية.
* مع التغييرات التي طرأت في مطلع التسعينيات توفرت للكورد في العراق فرصة لأدارة جزء من منطقتهم المعروفة اليوم بأقليم كوردستان،تمثلت في انشاء كيان قانوني و دستوري شبه دولة والذي تم تثبيته فيمابعد في الدستور العراقي و على الصعيدين الأقليمي و الدولي حتى وصل الأمر الى أنْ يتحدث رئيس الوزراء السيد نيجيرفان بارزاني عن موقع الأقليم على خارطة الطاقة العالمية و الشراكة الستراتيجية، ولكن لاتزال المشكلة الكوردية في العراق بقيت دون حل نهائي .
*نتيجة لظهور التوترات و اتساع رقعة اللامبالاة و فقدان النظام الحاكم للسيطرة على الأوضاع الراهنة في سوريا وقعت مدن وقرى كوردية المتاخمة مع تركيا بيد القوى السياسية الكوردية سواء كان ذلك بالأتفاق مع نظام الأسد أم لا،و لايستبعد أنْ يحدث تطور آخر بعد زوال نظام الأسد ويكمن في اجراء ترتيبات سياسية و ادارية تسمح للكورد بأدارة مناطقهم والذين يشكّلون 12-15%من سكان سوريا.
* كما هو معلوم ان الجزء الأكبر من الكورد يعيشون في تركيا ويُقدّر عددهم بأنهم يشكلون20% من مجموع سكانها،القضية الكوردية في تركيا متجذرة،ولكن بعد بدء المواجهات المسلحة بين PKK و الحكومةعام1984 اصبحت القضية اكثر وضوحاً،لقد طرأ تغيير على خطاب PKK خلال السنوات الثلاثين المنصرمة،وخاصة بعد اعتقال زعيم PKK في 15 شباط من عام 1999 في نايروبي،التغيير من شعار الدولة المستقلة الى الحكم الذاتي و ارساء الديمقراطية و الحرية الثقافية و الآن الى ضمان حقوق المواطنة المتساوية و التآخي بين الكورد و الأتراك في تركيا ديمقراطية و حديثة،وقد اعلن PKK وقف اطلاق النار مراراً ولكنه لم يستمر الاّ لفترة وجيزة واستؤنفت اعمال العنف مرة اخرى،وبعد تسلم حزب العدالة والتنمية مقاليد السلطة منذ 2002 بدأت مرحلة اخرى و اعترف اردوغان في 2005 لدى زيارته الى مدينة دياربكر اعترف بوجود القضية الكوردية في تركيا،ولذا نجد ان جولات عديدة من المحادثات غير المباشرة في عام 2006 و المباشرة أواخر 2007 حتى ربيع عام 2011 عقدت بين (ميت) التركية و PKK،والمعروفة ب(عملية اوسلو)،و بالأستفادة من الأنفتاح و وجود هامش ديمقراطي في تركيا،نشأت حركة سياسية –مدنية متوازية تعتمد على الجماهير و خبراء ضوابط العمل الديمقراطي و المدني تمثلت في BDP واتي لعبت المرأة فيها دوراً متميزاً،والتي استطاعت في الأنتخابات العامة في 12 من حزيران 2011 الحصول على نسبة10% و أهّلتها لدخول البرلمان، ومن جهة اخرى بعد انهاء المعتقلين السياسيين اضرابهم عن الطعام بدعوة من اوجلان وجد اردوغان المفتاح في امرالي عن طريق معتمده و رئيس جهاز(ميت) هاكان فيدان،حيث بدأ العملية مع اوجلان في نهاية العام المنصرم،وقد بعث اوجلان قبيل عيد نوروز رسالة الى كل من الحكومة التركية BDP و زعماء PKK في قنديل و قادة KCK في اوروبا و بنفس المحتوى،اعقب ذلك اطلاق سراح ثمانية اسرى لجنود الأتراك من قبل PKK،هذا و قد تُليتْ رسالة اوجلان في احتفالية نوروز بمدينة آمد، والتي اُعلن فيها انتهاء النضال المسلح و بدء عصر جديد،وسرعان ما فسّر اردوغان فحوى الرسالة بالأيجاب،كما رحب بها الرئيس البارزاني و حكومة اقليم كوردستان و الأحزاب الكوردستانية و الأدارة الأمريكية و الأتحاد الأوروبي و فرنسا و المانيا و روسيا و منظمة حقوق الأنسان ترحيباً حاراً،وهذا يعني ان هناك املاَ في التوصل الى عملية السلام بين الكورد و بين تركيا و انعكساتها الأيجابي على الرأي العام التركي،حيث نرى أنّ مصطلح PKK الأرهابي الذي كان يُطلق عليه في السابق قد تغيّر ليحل محله مصطلح PKK الخارج عن القانون و PKKدون اى صفة،وبدلاً من كلمة(الأرهابي)يستخدم لمسلحي PKK مصطلح (المقاتلون Fightersأو ميليتانت Militant او المتمردون Rebels ،وبحسب استطلاع هناك 58% منهم يؤيدون عملية السلام،اما بين المؤسسات المحافظة و التي تشكّل مركزي تصويت AKP و MHP،هناك تحفظ ازاء اردوغان و التحدّث عن صفقة بين اردوغان و اوجلان،ومفادها انَّ اردوغان يرى من وراء ذلك تحقيقاً لمصالحه في الأنتخابات البلدية و الرئاسية المقبلة،ويحتاج اردوغان الى تأييد المعارضة وهي BDPالذي يشغل 33 مقعداً في البرلمان.
*وكما هو معلوم ان تركيا عززت علاقاتها مع اقليم كوردستان ليست على الصعيدين الأقتصادي و التجاري بل على صعيد الأتصالات و العلاقات الدبلوماسية و خير دليل على ذلك هو افتتاح القنصلية التركية في اربيل،وحسب الكاتب في صحيفة ميلليت التركية هناك قرابة 1000 شركة تركية تعمل حالياَ في اقليم كوردستان.
*وجاء على لسان اردوغان في 26/3 خلال حديثه مع مجموعة نواب من حزبه لمتابعة العملية وحشد الرأي العام،ان تشكيل لجنة الأعيان يلعب الدور المتميز كهيئة استشارية مدنية،وفي المجتمعات التي شهدت الأضطرابات و الفوضى و الحروب الأهلية او بعد انتهاء الدكتاتورية فيها كما هي في جنوب افريقيا و دول امريكا الجنوبية يتم تشكيل مفوضيات للمصالحة و تقصي الحقائق او العدالة،ولكن لايمكن معرفة ما يدور في تركيا حول هذا الجانب،ويرى السيد دافيد فيليبس الخبير في الشؤون الكوردية في مقاله الذي نشره في 27/3 يرى ضرورة وجود مفوضية للقيام بهذه المهمة،على اية حال الجانب المخفي من العملية هو عدم الأعلان عن مراحل العملية و جدولتها وماتم الأعلان عنها فقط هو ما جاء في مقال الكاتب المذكور:
1- انسحاب مقاتلي PKK الى خارج الحدود و القاء السلاح،و يجري الحديث بشأن انتهاء العملية في غضون شهر ايلول المقبل،اي قبل استئناف الدورة البرلمانية و مناقشة الموازنة،اهمية الموضوع يكمن في عدد المقاتلين الموجودين داخل تركيا و مسار انسحابهم و وجود ضمان بشان الأنسحاب، وضمان بعدم مطاردتهم من قبل الطائرات التركية،وهل ان الأنسحاب يتم مع الأسلحة أم بدونها.
2- كتابة دستور مدني جديد و ديمقراطي يجعل من المواطنة اساساً Equal citizenship وجعل لغات اخرى غير التركية للكتابة و القراءة،ومنح البلديات صلاحيات اضافية من اجل الأدارة الذاتية،علاوة على اجراء تعديلات في بعض القوانين مثل قانون العقوبات و الأحزاب السياسية و الأنتخابات وتخفيض نسبة 10% للدخول الى البرلمان،وقانون الصحافة وضد الأرهاب، ولقد تم اعتقال عدد كبير من اعضاء KCK وفق قانون مكافحة الأرهاب.
3- التطبيع..السماح للمقاتلين و اعضاء PKK من الخارج(قنديل و اوروبا)للعودة الى تركيا و الأنخراط في المجتمع والدخول في العملية السياسية،هذه المرحلة بحاجة ايضاً الى الأتفاق و قانون العفو العام،اي ماذا يكون مصير PKKو اوجلان؟ماهو دور اوجلان في العملية؟هل يبقى في السجن أم يتم اخلاء سبيله؟لأنه ليس من المعقول أنْ تجرى المفاوضات مع طرف يتحقق السلام على يده و لن يطرأ أي تغيير على وضعه الخاص.
*الجدير بالذكر،ماذا يكون دور القيادة السياسية لأقليم كوردستان في مراحل العملية،خاصة أنّ طرفي العملية يعلّقان الآمال على اقليم كوردستان في تقديم الدعم و الاسناد لهما وقد اثبتت القيادة الكوردستانية دوماً على التعاون،وهل آن الأوان ليعقد الكورد مؤتمرهم القومي؟
* على أية حال شئنا أم أبينا سوف تؤثر تلك الأوضاع و المستجدات على اوضاع الكورد في ايران،اين تتجه القضية الكوردية هل تتأثر بالتغييرات التي تطرأ على المنطقة،وحسب علمي فإنّ حكومة طهران لم تعلّق حتى الآن على عملية السلام في تركيا وقد تراقب الموقف و التطورات عن كثب.
* اذاً،فإن القضية الكوردية في أي جزء من اجزاء كوردستان يجد طريقه الخاص وفق الظروف الواقعية، قد لايبقى للحدود بين الكورد أي قيمة و اهمية،أي انهم يؤكدون على الأندماج و انتعاش الأقتصاد و الثقافة في جغرافيا و بيئة اوسع بدلاً من تشكيل دولة قومية.
Top