• Monday, 06 May 2024
logo

مهمات الصحافة الكوردية: مشاركة في عملية البناء الديمقراطي وسلطة لمراقبة الحكم

مهمات الصحافة الكوردية: مشاركة في عملية البناء الديمقراطي وسلطة لمراقبة الحكم
دون مساعدة الإعلام العام , سيكون الخبر بضاعة تجارية و المواطن شاريا له. (يوركن هابرماس)


ترى هل أن الإعلام هو سلطة أم يقف عاجزا أمام السلطة؟
و هل هو داخل عملية الحكم أحد أهم عناصر الحكم في النظام الديمقراطي أم يراقب أداء الحكومة خارج محفل الحكم ؟
و إذا كان هذا العنصر المهم هو أحد مستلزمات بناء نظام الحكم و حث الخطى نحو حكم رشيد , فلماذا لا تتم مساعدته من قبل الدولة أسوة بسائر عناصر الحكم (الحكومة و البرلمان و السلطة القضائية و الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني) , و وفق القانون , و لا تخصص موازنة لإنشاء بنى تحتية رصينة لنظام الإعلام في البلاد و السعي لبناء إعلام مهني و صحفي مهني في بلد مثل إقليم كوردستان حيث نرى أن جميع مناحي المجتمع و مختلف أطراف البنى التحتية هي في مرحلة البناء و لم يصل فيها القطاع الخاص بعد مرحلة الوقوف على قدميه داخل اقتصاد السوق الذي ما زال عاجزا عن تحديد هويته في مجال التنافس ؟
• و على ماذا يعتمد الإعلام ليحافظ على ديمومته و يؤدي مهمته بصورة مهنية؟
• و هل بإمكان الإعلام الاستمرار إن اعتمدت على شركة ما أو المنظمات الدولية غير الحكومية (NGO'S) أو بإيرادات الإعلانات و أداء مهماتها بصورة مهنية .
• و في بلد مثل إقليم كوردستان حيث تمتلك الأحزاب السياسية فيه أكثرية وسائل الإعلام المسموعة و المرئية و المكتوبة و الإلكترونية , و هل تستخدم هذه الأحزاب الإعلام لنشر أفكارها و مبادئها و رسائلها الحزبية؟ أم أنها تعتبر الإعلام و وسائله كأحد عناصر النظام الديمقراطي و هدفها أن يؤدي دوره في عملية الدمقرطة المحلية أو الداخلية و من ثم في العملية الديمقراطية الداخلية ... هذه بعض الأسئلة التي من المهم إثارتها في الذكرى السنوية للصحافة الكوردية و الوقوف أمامها و من ثم الإجابة عليها و تحديد المهمات الآنية الراهنة للصحافة الكوردية على ضوئها.
"التحول في مهمات الصحافة الكوردية"
منذ عام 1898 حيث تم طبع أول صحيفة كوردية في القاهرة من قبل مقداد مدحت بدرخان و بقيت الصحافة الكوردية في كوردستان الجنوبية و لمدة تناهز قرنا واحدا في خنادق المقاومة و خارج السلطة و الحكم باستمرار ,فيما نرى الصافة الكوردية في الأجزاء الأخرى من كوردستان لا تزال خارج السلطة و الحكم و لم تتهيأ لها فرصة سانحة كالتي تهيأت في كوردستان الجنوبية في أن يطرأ تحول على عمل الصحافة الكوردية , صحيح أن بعض التغيير قد طرأ على وجوه حكام تلك الدول إلا أن مهمة الصحافة الكوردية في الأجزاء الثلاثة الأخرى من كوردستان قد بقيت ذات المهمة التي صدرت من أجلها أول صحيفة كوردية "كردستان" قبل 115 عام , و كانت مهمتها المقاومة و الدفاع عن حقوقنا و هويتنا القومية , كما طرأ تحول في جنوب كوردستان التي شكلت فيها حكومة و برلمان كوردستان في محافظات أربيل و السليمانية و دهوك وإدارة كرميان التي تديرها حكومة إقليم كوردستان , إلا أن مهمة الصحافة الكوردية في المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم من سنجار إلى خانقين لا تزال تماثل المهمات الابتدائية للصحافة الكوردية لأن مواطني تلك المناطق مازالوا في سعي دائب لإثبات هويتهم القومية و انضمامهم إلى إدارة حكومة الإقليم.
أي أننا لو أمعنا النظر بواقعية إلى أوضاع صحافتنا لوجدنا أنها تحتل و تسمى في إطار الدائرة الكبيرة التي تسمى الصحافة الكوردية أو الكوردستانية مدى قليلا و ضيقا جدا من التحول ضمن حدود حكومة الإقليم و تحولت مهمة الصحافة من المقاومة إلى المشاركة في عملية البناء الديمقراطي و إلى سلطة تراقب عملية الحكم و السير نحو إتباع أو تحقيق حكم رشيد.
هنا عندما نتوقف عند هذا الإطار الصغير و نترك الحلقة الكبيرة, فإننا لا نقصد من وراء ذلك إهمال منحنى المقاومة و محولة إثبات هويتنا الوطنية و القومية بل الغاية هي كيفية الانطلاق من هذا التحول , و كيف أنها تحث الخطى في جزء من كوردستان الجنوبية لتصبح جزءا من العملية الديمقراطية و الحكم في النظام الديمقراطي , كذلك الحال في رغبتنا في أن تغدو الصحافة الكوردستانية ضمن الدائرة الكبرى جزءا من الحل الديمقراطي للقضية الكوردية في أجزاء كوردستان الثلاثة الأخرى و تصبح في إقليم كوردستان جزءا من مسعى إعادة المناطق الكوردستانية خارج الإقليم إلى سيادة و إدارة حكومة الإقليم.
إلا أن التحول الذي طرأ على مهمة الصحافة الكوردستانية في مناطق إدارة حكومة الإقليم يفرض أن تكون مهمة الصحفيين فقط في التعامل مع ذلك التحول أم من واجب جميع العناصر الأخرى في حكم البلاد أن يغيروا وجهة نظرهم إزاء الإعلام و يتعاملوا معه وفق مستوى ذلك التحول ... و إذا ما كان الرد على هذا السؤال يفرض المسؤولية من هذا المنطلق على الصحفيين في أن ينظروا إلى العمل الصحفي الحالي نظرة مغايرة فإنه يوجب من جانب آخر فرض المسؤولية على عناصر الحكم الأخرى كافة و بالأخص الحكومة و الأحزاب السياسية في أن ينظروا إلى الإعلام بذات المستوى وأن يدركوا حقيقة أن الإعلام بالنسبة للنظام الديمقراطي هو (العمود الفقري للديمقراطية) ولو أمعنا النظرة من الناحية العلمية البيولوجية إلى العمود الفقري للإنسان لوجدنا أن مجرد مرض أو إصابة إحدى فقرات الظهر تمنعه من الوقوف على قدميه أو الوقوف مستندا على دعامة أو ما شابه , و لو قارنا ذلك من الناحية السياسية مع إصابة الإعلام العام بجميع أشكاله الحزبية و الأهلية و الحكومية , بمرض أو خلل أو تعذر عليه أن يكيف نفسه مع هذا التحول , فإن العمود الفقري للحكم سيصل بخلل و يتعذر على النظام أن يقف على قدميه بثبات. ولو نظرنا , من هذا المنطلق إلى عملية الحكم و البناء الديمقراطي و النظر إلى الإعلام داخل هذه العملية , كعنصر رئيس فيها , لتوصلنا إلى حقيقة أنه , و كما أن من الخطأ استنساخ تجارب الدول الأخرى في عملية البناء الديمقراطي و مواجهة الفساد و عملية التنمية (حتى و إن كانت تلك التجارب ناجحة في بلدانها) فإننا نرتكب خطأ أكبر في إنشاء بنى تحتية لنظام العمل الإعلامي إذا ما استنسخنا في ذلك تجارب الدول و الإعلام الغربي أو الدول الليبرالية الديمقراطية هنا لا نقصد أن نسعى إلى إجراء أي تغيير أو تحول في مهمة الإعلام بل الغاية هي تأقلم و انسجام مختلف أساليب الإعلام (الأهلي و الحكومي و الحزبي) مع مهمات الإعلام في النظام الديمقراطي مع قانون لعبة هذا النظام و واجبات الإعلام و إدارته داخل النظام السياسي. أي أنه لو شمل التحول إلى جانب الصحفيين أو الإعلاميين , الجهات الحزبية و الحكومية أيضا, فإنه بالإمكان في هذه الحالة وجود إعلام أهلي مع الإعلام الحزبي و الحكومي, فكل منه يخدم العملية الديمقراطية بأسلوبه الخاص . و قد يظهر سؤال آخر: كيف يتمكن الإعلام الحزبي و الحكومي من خدمة العملية الديمقراطية في البلاد؟ و تكون إجابتنا على هذا التساؤل بعدة نقاط:
• على الحزب السياسي داخل النظام الديمقراطي أن ينتهج العمل الديمقراطي داخل صفوفه قبل محاولته بناء مجتمع ديمقراطي و ذلك لأن أي حزب لا يقوم بإعداد كوادر ديمقراطية, سوف يفشل في بناء الديمقراطية داخل المجتمع ... هنا سيتحول إعلام الحزب في عملية الدمقرطة الداخلية للحزب , بمثابة العمود الفقري للعملية الديمقراطية داخل الحزب ما يبرر عدم وجود مبادئ جامدة في الأحزاب السائرة نحو الديمقراطية تجمع أعضاءه بعضهم ببعض , بل هناك مسألة وطنية عامة يجمع اختلاف وجهات النظر عليها بين الجميع صحيح أن الهدف العام فيه هو واحد إلا أن وجهة النظر بشأن تنفيذ هذه المسألة مختلفة و سيكون لهذا الاختلاف انعكاساته داخل إعلام الحزب و يستجد بذلك الحوار و التفاهم و الانتخاب الأفضل داخل الحزب. و لو أخذنا الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني الكوردستاني مثالا على ذلك ( و هما الحزبان الحاكمان في إقليم كوردستان) فإن المهمة الرئيسية لإعلامهما لا تقتصر على إبراز الجوانب الإيجابية للحكم في الإقليم بل عليه (إعلام الحزبين) أن يكون سلطة المراقبة على كوادر الحزبين اللذين يتولون مناصب عامة في الحكم و في حالة التخلي عن ذلك فإن من شأنه الإضرار بالثقة الجماهيرية للحزبين عن طريق عمل كادر غير كفء في وظيفة عامة ما يجعل إعلام البارتي و الاتحاد يضطران , من أجل مصالح الحزبين , تحديد النواقص و السلبيات و توجيه الانتقادات إلى كوادرهما و حزبيهما و مع ذلك فإن من شأن العملية الديمقراطية الداخلية للحزب ضمان استمرار هذه الانتقادات و الحزب هو العامل الرئيس في البناء الديمقراطي داخل المجتمع و لم يتهيأ أو يظهر له بديل حتى الآن , فإن تلك الاستمرارية ستكون بالنتيجة لصالح المجتمع أيضا ... إلا أنه في حال عدم تولد هذا التحول داخل الحزب في النظر إلى الإعلام بأنه العمود الفقري للديمقراطية و اعتبار إعلام حزبه فقط آلة لتزيين و تجميل فكره الحزبي , فإن مثل هذا الإعلام سيتحول إلى أداة لمحو الاختلافات بدل إظهارها كما هي..........
• في الدول النامية لا توجد مشكلة تحديد السلطات داخل النظام قدر مشكلة أسلوب الحكم فيه ........فالدول الغربية و بالأخص بريطانيا و الولايات المتحدة , و لأنه لم تكن لديها مشكلة تحديد أسلوب الحكم منذ البداية, فإنها أكدت أكثر على تحديد السلطات في عملية توزيعها , و حاولت كل سلطة حماية استقلاليتها بشتى الوسائل المتاحة . و يرى الكثير من الخبراء و المفكرين السياسيين أن نقل التجربة البريطانية و الأمريكية إلى الدول النامية قد تسبب في إيجاد المشكلات لتلك الدول بدل معالجة مشكلاتها. و هذا هو السبب الرئيس في فشل عملية التحول نحو الديمقراطية في معظم تلك البلدان ... هذا الأمر يسير بنا نحو حقيقة أن النقطة الأهم في الدول النامية هو تحديد أسلوب نظام الحكم , و الذي لا يقتصر على إجراء الانتخابات فحسب, بل بناء أسس الليبرالية الديمقراطية لذا فإنه إن قامت حكومة ما أن تؤدي عملها على أسس نظام ديمقراطي ليبرالي و في إطار الواجبات الحكومية في عملية توزيع السلطات فإنه حتى لو كان له إعلام خاص به , فإن الإعلام الحكومي سيكون سببا في إعطاء المعلومات الحقيقية للمواطنين , بدل أن تكون وسيلة دعاية حكومية , في تزايد مشاركتهم في عملية الحكم و صناعة القرارات الحكومية و ستكون من شأن قرارات الحكومة , كونها أعلى سلطة تنفيذية أن تلقي بآثارها و فاعليتها على مختلف أطراف المجتمع لذا فإن إعلام الحكومة سيؤدي دورا جيدا في تقدم المجتمع ... و كما هناك وجود للإعلام الحكومي في نموذجي الولايات المتحدة و بريطانيا , لا بل أن الرئيس الأمريكي لا يزال يحظى بخطاب إذاعي يوجه من خلاله رسالته للشعب الأمريكي ؛ فإن من المهم بالنسبة لحكومة إقليم كوردستان أن يكون لها إعلامها و ذلك ليس بسب حاجة الحكومة لقناة تنشر من خلالها إنجازاتها كدعاية إعلامية , بل بسبب وجود فكر راديكالي مثل المعارضة فإن هناك مشكلة أسلوب الحكم في الإقليم . أي أن المعارضة الموجودة تشكك في توجه الحكم التي تنوي الحكومة ممارستها على أسس الديمقراطية الليبرالية ... هذا بغض النظر عن وجود نواقص حكومية في أدائها التنفيذي من عدمه , بل أن المشكلة تكمن في أن طرفي الحكومة و المعارضة لا تتصرفان وفق قواعد و أسس قوانين اللعبة الديمقراطية أي أن المسألة بالنسبة للمعارضة لا تتلخص في وجود نواقص لدى الطرف الحكومي بل في رفضها لأسلوب الحكم و تصرفات الحكومة و إدارتها على الأسس الليبرالية و الديمقراطية . ثم إنه لم يستجد في العالم بعد أسلوب حكم وسط بين رفض الديمقراطية الليبرالية و بين ظهور سلطة متفردة متسلطة, لذا فإن في هذه الحالة حيث تتغير و تتحول مشكلة فصل السلطات و تحدديها في النظام الديمقراطي إلى مشكلة نظام الحكم عندها سيقع النظام الديمقراطي بأكمله أمام تهديد فكر و مبدأ راديكالي عندها سيكون من المهم بالنسبة للحكومة أن تكون لها قناة إعلامية تزدر المواطنين بالمعلومات الصحيحة و السليمة و إعلامها بأداء الحكومة .... إن الصحافة الأهلية أو ما يسمى بالمستقلة في الدول النامية تحتاج أسوة بجميع مجالات المجتمع إلى إعادة بناها التحتية ليصار إلى بناء نظام إعلامي على أساسها و لا يمكن فصل هذا الجانب المهم عن عملية الحكم برمتها .. و إذا ما كانت هناك وجهات نظر تعتقد أن الإعلام الأهلي هو ذلك الإعلام المعتمد على إراداته الذاتية أن تكون له قابلية في تأمين إيراداته فإنها وجهة نظر صحيحة من الناحية النظرية , أما من الناحية العلمية فإن ذلك قد خلق إشكالات عديدة حتى في الدول الليبرالية الديمقراطية الغربية و ليس في الدول النامية ... فلا تتجاوز نسبة أي شركة إعلامية , برأي الفيلسوف الألماني ( يوركن هابرماس) 3 – 5 % فيما تبلغ نسبة أرباح أي شركة أخرى 10 -15 % وإن أرباح الشركات الإعلامية في تناقص مستمر .... ما اضطرها للتجارة بالأخبار و اتخاذ المواطن مشتري ما جعل الديمقراطية في الغرب في مهب المخاطر ما دفع بـ (هابرماس) بمطالبة الحكومات بمساعدة الإعلام لكي لا يتاجر بالأخبار لأن المواطن , كمستلزم , يحتاج للمعلومات لا أن يكون مشتريا و يقدم على اقتناءها كبضائع تجارية , و هنا لا بد من التساؤل : إذا ما كان تأمين مصادر الإيرادات لاستمرار العمل الإعلامي في الدول الغربية الصناعية هو مشكلة سائدة – فأية مشكلة ستكون لدى الإعلام الأهلي لدى الدول النامية ؟ ما يودي بنا للتوقف أمام مهمات الإعلام في المرحلة الانتقالية, لأن الإعلام , فضلا عن كونه كهوية عامة سببا لحماية الديمقراطية ؛ فهو في المرحلة الانتقالية سبب مهم للبناء الديمقراطي و تكون مهمة فيها أصعب من مرحلة ما بعد تجاوز المرحلة الانتقالية و هو أمر من المهم مراعاته بشأن دور الإعلام . و من المهم و الحتمي أيضا يراعي الإعلاميون أهمية هذه المحلة بكون أي دولة تمر بمرحلة الانتقال و بناء الحياة المؤسساتية لها خصوصيتها و على الإعلام أن يشارك في عملية البناء وفق تلك الخصوصيات أي أن يتعاون في توفير بيئة صحية سليمة لعمله الإعلامي الذاتي وهذا يعني أنه لو اقتصرت مهمة الإعلام في الغرب أو الدول التي تسمى بـ(الديمقراطية الناضجة) على مراقبة السلطات و الحرص على منع المسئولين في المواقع و الوظائف العامة من سوء استخدام صلاحياتهم؛ فإن المهمة الرئيسة للإعلام في الدول النامية تكون تحديد أسلوب الحكم و الفصل بين السلطات و تتحول لاحقا إلى مراقبة تحديد السلطات
بيري أرنولد لمجلة كولان:
"مشكلة الدول النامية هي عدم الالتزام الطوعي للصحفيين بأخلاق الصحافة"
البرفسور بيري. أي . آرنولد هز أستاذ العلوم السياسية في جامعة ( نورث داما) و أحد النشطاء الذين نظموا الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة مؤلف كتاب ( كيف نصنع زعيما نموذجيا) وقد حدثنا عن دور الإعلام في عملية إعادة البناء الديمقراطي في الدول النامية في حوار أدناه محاوره الرئيسية:
• في النظام الديمقراطي تشترك مجموعة من العناصر في عملية الحكم و من بينها الإعلام, فكيف يكون دوره داخل عملية الحكم الديمقراطي؟
• الديمقراطية هي نظام , ما يبرر توقعنا وجود أحزاب سياسية في الديمقراطية و إجراء انتخابات فيها و يعني ذلك أن تتوفر المعلومات لدى المواطنين و حول القوى المشاركة فيها و مرشحيها و برامجها و المسائل السياسية و العامة أيضا لذا نرى في هذه الحالة أن الإعلام يؤدي دور توفير و إعطاء المعلومات للمواطنين و الذين سيكون ذلك سندا لهم في تأمين معطيات مسبقة للتصرف الديمقراطي .
• البرلمان و الصحفي كلاهما يراقبان الأداء الحكومي, فأين الاختلاف بينها ؟
• برأي إن الإعلام و المشرعين يتوافقان في التوجه و ينتسب المشرعون إلى إطار مؤسسات الدولة و تأتي بعدهما المؤسسات الإعلامية و بالاعتماد على تصور وجود تأثير مهم للإعلام على وجهات نظر المواطنين و تصوراتهم , و أكثر من السلطة التشريعية أو التنفيذية ؛ فإن ذلك يؤيد أن تكون للإعلام و المؤسسات الخبرية تأثيرات كبيرة على هذا المسار , ستكون متوجهة نحو الأحسن أو الأسوأ .... لأنه لا يشترط أن تلتزم المؤسسة الإعلامية في البحث وراء هدف معين فهناك مؤسسات أنشئت , كما القنوات الخبرية أو التلفزيونية , من أجل الربح و المكسب المادي و قد تكون أخبارها المنشورة , و لصالح جهة معينة غير صحيحة , و إذا ما اعتمدت تحولات أو الأحداث المستقبلية للمجتمع بالدرجة الأساس على أسلوب تفكير المواطن و رغباته , فإن ما يتعلمونه من خلال الإعلام سيكون له تأثيره على المستقبل.
• و هل يجوز أن تدعم الحكومة وسائل الإعلام في تأمين إيراداتها؟
• المشكلة تكمن هنا في أن الإعلام , إذا ما ساعدته حكومة ماديا , سيكون وسيلة دعاية لها و يكون مبرره أحيانا ضعف الأساس الاقتصادي للإعلام, ما يعني ضرورة مساعدة الحكومة الديمقراطية لأجهزة الإعلام نظرا لأهميتها بالنسبة للديمقراطية و لو كان الدافع الأساس لمساندة المسئولين و السلطة في أجهزة الإعلام هو لمصالحهم الشخصية و دعم أحزابهم و تحولها التالي إلى وسيلة دعاية لها ؛ فإن ذلك يشكل خطورة كبيرة و متعلقة بالدرجة الرئيس بالدول النامية في إطار الديمقراطيات الحديثة حيث لم تترسخ بعد أسس الديمقراطية ذاتها و يكون للديمقراطية تقاليد و أسس ضعيفة و واهية فيها ... و أعود ثانية إلى سؤالكم : هل أن هناك أسلوب بديلة لدعم الإعلام من قبل مؤسسات حكومية و بديل حكومي لضمان استقرار الإعلام ؟ و نتذكر هنا ضرورة تخصيص بعض مسؤوليات الجامعات لمساندة بعض القنوات التلفزيونية أو الصحفية.
• ما مدى أهمية الأخلاق الصحفية لبناء الرأي العام ؟
• هذه المشكلة شاخصة في بعض الدول النامية أو المتطورة مثل الولايات المتحدة و الدول الأوربية في كيفية العمل من أجل ضمان التزام الصحافة و الإعلام بالأخلاق الرفيعة و إعداد التقارير بدقة .. و الجواب هنا هو : عدم وجود الالتزام بالأخلاق الصحفية في العديد من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة التي يتوقع أن يكون الصحفيون أنفسهم روادا و يتحلون بأخلاقيتهم الشخصية , أي إعداد الصحفيين بعدم خلقها بل فرضها من أجهزة الإعلام و نقول على سبيل المثال عدم توفر الإجازة الحكومية لدى أي من محرري الصحف أو أن تحدد لهم الحكومة و تبين أي التقارير هي الأدق . و المشكلة تكمن في وجود جميع الحالات و التقارير الصحفية السيئة في الدول النامية و عدم وجود أي ضمانة لتنظيم ذاتي , هنا أنا أتحدث عن الحالات السيئة , فالملاحظ في باكستان مثلا حيث تواصل أجهزة الإعلام نشر أخبار العنف و الفكر التآمري و الدعوات الواهية , و دون أن يكون أي تنظيم لهذه الحالة . ثم السؤال ما هي جودة الإعلام ؟ و قد يكون أفضل جواب على ذلك هو الجواب السابق أو التقليدي و هو وجود (سوق الأفكار) أي ا، يكون أنسب رد على تقرير سيء هو التقرير الصحيح و قد تكون هناك مؤسسة إعلامية جيدة لكي تبرهن أن التقرير السيء يكو ن كاذبا في جميع الأحوال و الأسلم وجود مواطن يحمل معلومات من شأنها تمييز الحقيقة في كل ذلك.
• و إلى أي مدى يشارك الإعلام في الدول النامية في عملية التنمية و مواجهة الفساد ؟
• المهم في سؤالكم هو أنه قد يكون وجود مؤسسة إعلامية جيدة أمضى سلاح لمواجهة الفساد... إلا أن أجهزة الإعلام في حال اعتمدت على إيرادات الإعلام للقطاع الخاص فإن بالإمكان في هذه الحالة قمع تلك الأجهزة و أعود ثانية هنا للحديث عن أهمية اعتماد الإعلام على الحكومة و إلى سؤالكم حول ضرورة عدم اعتماده على القطاع الخاص , فعندما افترضت إمكانية مساعدة بقية مؤسسات المجتمع و من بينها الجامعات , للإعلام عندها سيتحرر من التأثير الحكومي و القطاع الخاص عندها ستكون لدينا مؤسسة إعلامية يمكننا تقييم المؤسسات الأخرى عن طريقها .و عندها سيظهر صوت من أعماق المجتمع يلتزم بتنظيم التقارير بشكل موضوعي , و إن ما أود أتلافاه هو التوصل إلى نتيجة تكون ردا على سؤالكم و هو : نعم يجب مساعدة الإعلام من قبل الحكومة لأنني لا أرى ذلك حلا للموضوع سيما في المجتمعات النامية و لنأخذ الآن حالة مخالفة : بإمكاننا الإشارة إلى حالتين بارزتين للإعلام حيث تتم مساعدته من قبل الحكومة مثل مؤسستي(B.B.C)و (NPR) الأمريكية فهما مؤسستان إعلاميتان في منتهى الإختلاف , إلا أنهما حالتان نادرتان و هو ما يستلزم مستوى ديمقراطيا رفيعا جدا مع وجود بناء قوي و راسخ يسمح للحكومة أن تكون لها مؤسسة إعلامية حرة و مستقلة و لا اعتقد أن لدى الدول النامية مثل هذه الإمكانية.
• و ما مدى تأثير إمكانية نشر المواطنين كما الصحفيين , المعلومات و الأخبار و التوجهات المختلفة على شبكة الانترنت , تأثيرها على الإعلام ؟
• هذا في الواقع هو سؤال له أهميته . فما تتحدثون عن تفاصيلها الآن تخلق فوضى كبيرة في الإعلام و الصحافة سوءا كعمل أم كمهنة في العالم المتحضر و أتوقع زيادتها في العالم النامي و المشكلة هنا هي أن كل شخص سيكون محررا و مراسلا أيضا أي أن ما يسمح به الإعلام الاجتماعي و الانترنت هو عبارة عن انتشار موجة من المعلومات و وجهات النظر و أفكار غير محددة, ربما بإمكان أي شخص أن يكون مراسلا إلا أن بإمكان القليلين أن يكونوا مراسلين جيدين ما يخلق فوضى كبيرة و كان أن فكرنا في الولايات المتحدة في مخاطر العلاقة بين التوصل إلى المعلومات التي تنشر على الانترنت و على الإعلام الاجتماعي و هي أن الناس يبحثون على الانترنت وراء الأخبار و المعلومات التي توافق آراءهم أو الأصوات التي تنسجم مع أفكارهم و مبادئهم و ولائهم و يغلقون بوجه غيرها من المعلومات ... هذا في الواقع تطور خطير بالنسبة للديمقراطية و إلى أن يحدث ذلك .. أي أننا نتصارع في العالم المتطور مع قضية (كيفية حماية استعداد إعلامي قوي و مؤثر)
روبرت انتيمان لمجلة كولان:
(مساندة الحكومة للإعلام في مهمة في الدول النامية)
• الثابت أنه لا وجود للإعلام دون وجود الديمقراطية, و السؤال لماذا تكون الديمقراطية معيارا لمستوى الديمقراطية في أي بلد ؟
• أولا الرأي العام هو جزء من الديمقراطية و يجب أن تقف على أعمال الحكومة و تتمكن من وضع الحكومة أمام مسؤولياتها , و يجب أن يكون الإعلام حرا قدر الإمكان ليقوم بإيصال المعلومات حول أعمال الحكومة إلى الرأي العام ... فنحن نعلم أن للحكومة في الدول الديمقراطية تأثير كبير على أعمال و نشاطات الإعلام و تغطية الأخير مديات التوتر و الخلاف الحكومي و بينما يطلبه الإعلام هو مسألة أساسية للديمقراطية و بعكسه فإن وضعا شبيها بوضع الاتحاد السوفيتي السابق سوف يتولد و يستجد , حيث كانت مهمة الإعلام إيصال ما تريده الحكومة و إخفاء أعمالها عن الرأي العام.
• إلى أي مدى يؤدي الإعلام دوره ف تغيير المجتمع؟
• يولي الإعلام بطبيعته الاهتمام لجميع قضايا المجتمع و مشكلاته و يرغب في إحداث جو و مناخ درامي أي أنه إن تطلب الأمر إنعاش المجتمع أو وجود مشكلات فيه , فإن الإعلام يؤكد عليه أكثر و يواجهها و تعرف الناس بها . و يحقق هذا المسار أسرع مقارنة بالمؤسسات البيروقراطية في البرلمان و الحكومة , ما يمكن القول أن تأثير الإعلام يوازي تأثير البرلمان , و قد تستجد أحيانا بعض المسائل التي تتسبب في تعكير بناء السلطة و اهتزازه و قد لا ترغب السلطة القائمة إلى اعتراف بوجود تلك المستخدمات . هنا يرغب الإعلام الحر في تغطية تلك الأشياء و يكون ذلك السبب في تغيير الثقافة مثلا.
• و ماذا عن المساندة الاقتصادية للنظام الديمقراطية للإعلام ؟
• الحقيقة هي أنه قد يوفر تأمين الإيراد المالي للإعلام من قبل الحكومة مجالات لممارسة ضغطها على المؤسسات الإعلامية و قد تهددها في سحب تلك المساعدات إن لم تتعاون معها . أو تحديد مديات عملها أو إخفاء بعض المعلومات عن الناس هذه في الواقع هي من مخاطر مساعدة الحكومة للإعلام و على العموم فإن المساعدة أمر جيد إذا ما كان هناك قانون جيد يمنع استخدام المساعدات للضغط على الإعلام للعمل وفق توجهات الحكومة .
• هل من الضروري , في مرحلة التنمية و التطور أن يلتزم الصحفيون بأخلاقهم المهنية و نشر المعلومات الصحية لكي يسهم الناس و بالاتجاه الصحيح في عملية الحكم و أهمية الصحفيين وفق هذا النهج؟
• هذه مسألة في غاية الأهمية فأنا أتفهم صعوبة هذا الأمر في الدول السائدة في مرحلة التطور الديمقراطي لأنه ليست لدى هذه المؤسسات مبالغ مالية كبيرة , أي أنها لا تتمكن من دفع مستحقات المراسلين و المحررين بصورة جيدة و منتظمة أي أن الصحفيين يتعرضون في بعض الحالات للفساد و الرشوات سيما لمن لا تدفع لهم مؤسساتهم رواتب جيدة و يحتمل أن يتسلم الرشوة و يكتب تقريره بشكل غير دقيق... و الأهم كما ذكرتم أن يواكب التقدم الديمقراطي التقدم الاقتصادي أيضا لأن من شأن اقتصاد مزدهر أن يكون رافعا لإعلام و الاشتراكات أي تستجد جملة مؤسسات تحظى ببنى تحتية أفضل و أساس اقتصادي متين و يتسبب ذلك في ولادة صحافة ملتزمة بالأخلاق لأن بإمكان الصحفي أن يكون ملتزما بالأخلاق و المراسيم و المواصفات الجيدة...
• مدى تأثير التقدم التكنولوجي في الإعلام على العمل الجماهيري؟
• صحيح أن بإمكان الناس أن ينشئ إعلامه الخاص و إرساله عن طريق الانترنت إلا أولا:قد تصل تلك المعلومات إلى عدد محدود من الناس أي معلومات محددة لقلة من الناس ممن يستخدمون الانترنت و قد لا يكون لها تأثير كبير على السياسة في هذه الحالة , و إذا ما كان هناك موضوع مهم فالأثير أنه ينتشر عن طريق (التويتر و الفيس بوك ) و بالسرعة المطلوبة و هذا أمر جيد و قد شاهدنا و لاحظنا الدور المتميز لهذا الإعلام في البلدان التي تتوفر فيها مديات الإعلام الاجتماعي مثل مصر و تونس و غيرهما, في حث الناس على الانتفاضة . المشكلة تكمن في عدم وجود أي معيار عادل في غربلة هذه المعلومات و قد تنتشر معلومات غير صحيحة أو ربما خطرة غير صحيحة ربما خطرة ... أو أن تؤجج نيران الخلافات القائمة في أماكن البلدان أخرى بسبب انتشار معلومات كهذه .. أي يجب أن يكون هناك نوع من التوازن بين إمكانية وجود إعلام اجتماعي و انترنت , و تهيئة مناخ زيادة احتمال تشكيل حومة ديمقراطية و يعمل على تعرض الحكومة إلى تعقيدات في السيطرة على المعلومات و هو أمر جيد و قد يؤدي هذا الإعلام إلى نتائج سيئة بغياب المهنية و عدم تنقية المعلومات و تنقيحها..
• و إمكانية مواجهة الإعلام للفساد باعتبار أن للقطاع الخاص تأثيره المباشر على إرادات الإعلام
• هذه في الواقع مسألة معقدة لأنه لم تعالج بعد في الولايات المتحدة حيث يعتمد الإعلام على الإعلانات بشكل واسع أي سلطة الشركات ... أي أنه سيبقى هناك توتر دائم بين حرية التعبير و الانتشار الحر للمعلومات مع رغبات المؤسسات القوية و العملاقة ليس المؤسسات الحكومية فحسب بل و الاقتصادية أيضا غير الراغبة في التطرق إلى قضايا الفساد الموجودة في الشركات الأمريكية .... ما يجعلها مشكلة مشتركة في عموم العالم و لا أحمل بدوري حلا شافيا رغم اعتقادي بأن الانترنت هو مصدر يمكن على الأقل نشر بعض المعلومات عن طريقه لتعريف الناس بها ... و سأبقى على قناعتي لضرورة انتباه الإعلام المحترف و المهني إلى هذه المسائل قبل أن تمارس المؤسسات القوية ضغوطا كبيرة بهذا الشأن.

ترجمة: دارا صديق جان
Top