• Monday, 06 May 2024
logo

شراكة أحزاب الحكم والمعارضة أساس توازن النظام الديمقراطي

شراكة أحزاب الحكم والمعارضة أساس توازن النظام الديمقراطي
(على أحزاب الحكم والمعارضة أن تعتبر نفسها شركاء في تطوير العملية الديمقراطية، فالمعارضة تقوم بعمل بناء إذا ما ساندت التوجهات التي تنتقد الحكم الآن، إلا أن عليها أن توضح أدلتها وتبرهن ما هية الأسباب التي تؤدي الى تحولات آنية على الأوضاع وأسلوب تلك التحولات).

دينيس مارشال
السكرتير البرلماني العام للكومنويلث

نشر المفكر الأمريكي (سايمور مارتن ليبست) في مقال له بعنوان : لا يمكننا الأستغناء عن الأحزاب السياسية)..
عام 1998 في مجلة(جورنال أوف ديمكراسي) وأكد فيه ضرورة وجود الأحزاب السياسية لبناء العملية الدمقراطية، ويشير أن الحزب السياسي إنما ينظم المصالح الأجتماعية ويمثلها و يؤسس للشراكة السياسية، وهذا الرأي يشبه الى حد كبير ساحة لتدريب وتأهيل القادة السياسيين الذين يتولون مناصب حكومية رفيعة في المستقبل ، هذا فضلاً عن أن الصراع أو المنافسة بين الأحزاب السياسية والسعي للفوز في الأنتخابات طريقاً لأدارة المؤسسات الحكومية يشكل أهمية أخرى للأحزاب السياسية... إن ما يؤكد عليه سايمور مارتن ليبيست هو أهمية الحزب لتنظيم و تمثيل المصالح الأجتماعية، إلا أن الأخيرة لا تعني فقط مصالح الأشخاص المؤيدين أو من صوتوا لحزب معين، ما يفرض أن تكون المصالح الأجتماعية هي المصالح العامة للمجتمع في هذه الحالة.. صحيح أن النظرة الى تلك المصالح تنطلق وتختلف باختلاف وجهات نظر الأحزاب السياسية، ولأن طموحات أحزاب السلطة والمعارضة تكمن في تطوير العملية معاً، أو بصورة اوضح أن أحزاب السلطة والمعارضة لا ترفض بالنتيجة توجهات بعضها البعض والسبب الرئيسي في ذلك هو أن عملية الأقتراع والتصويت في الأنتخابات في الأنظمة الديمقراطية ترفض التوقعات والتوجهات المسبقة لكل الأطراف وتصنف، بصورة نسبية، توجهات الأحزاب تلك بين الحسن والأحسن، وهو تصنيف ينظر اليه بتقدير من قبل الأحزاب التي تهدف المشاركة في بناء العملية الديمقراطية وتطويرها و يكون الخط الأحمر الضامن ألا يعتبر أي حزب نفسه صاحب حقيقة التوجهات .. ما يعني أن الأحزاب السياسية، إذا ما أحترمت ارادة شعبها، لا تتمكن أكثر من ذلك من طرح توجهاتها كقيم عامة أو أصرارها على صحة توجهاتها بنسبة 100% ولن تقبل أي حوار أو مساومة بل أن حدوث و ظهور هذه الحالة في أي مجتمع ديمقراطي سيؤدي الى اختلال التوازن في النظام الديمقراطي وبالتالي ستكون الأبواب مشرعة لأيجاد شرخ من عدم الثقة بين الأحزاب والناس، وإذا ما سادت مسألة ضعف الثقة هذه
فإن ذلك سيمهد تماماً لزوال مبدأ التوازن والمراقبة و عجز أو فشل المؤسسات الحكومية في أداء مهماتها بصورة منظمة بل تبدو ضعيفة وبالتالي التمهيد لظهور شخصيات جماهيرية و عرض نفسها كأنها المنقذ للناس وأهمال مؤسسات الدولة وأسس التوازن والمراقبة و سيادة القانون.

(الحزب السياسي عند بدايات العملية الديمقراطية)

إذا كانت أحدى معطيات سقوط جدار برلين الأيجابية أنهاء الأنظمة العسكرية، فإن أحدى تداعياته السلبية والآثار السيئة هي تأكيد المساعي الدولية تجاه منظمات المجتمع المدني بصورة تؤدي تلك المنظمات الدور الذي تؤديه الأحزاب السياسية لبناء الديمقراطية.. وقد ظهرت عقب عقدين من الزمن من سقوط الجدار النتائج السلبية في أن منظمات المجتمع المدني، و رغم أهميتها القصوى لتطوير النظام الديمقراطي، فإنها غير قادرة على الأحلال محل الأحزاب السياسية... عن ذلك يشير (إيفان دوهرت) رئيس برامج الأحزاب السياسية في المعهد الديمقراطية الوطني (NDI)، والأمين العام السابق لحزب(سلتين) الأيرلندي في بحث أجراه بعنوان( أخلال التوازن في الديمقراطية) صراحة الى أن الديمقراطي إذا ما كان الحزب السياسي حسب تعبير(ماكس فيبر) وليدا رضيعاً للديمقراطية، فإن مساعي المجتمع الدولي لأيلاء أهتمام متزايد بمنظمات المجتمع المدني في دول الكومنويلث قبل سقوط جدار برلين، قد ولدت رضيعاً أمثل وهو منظمات المجتمع المدني والشاهد هنا أن إيفان دوهرتي لا يقلل من أهمية هذه المنظمات إلا أنه يؤكد أنها لا تحل محل الأحزاب السياسية، لذا فإن محاولات مثل هذا الأحتلال سوف تؤدي الى الأحلال بالتوازن في النظام الديمقراطي إلا أن السؤال الأهم هنا هو : لماذا حاول المجتمع الدولي في ثمانينيات القرن الماضي الأهتمام بمنظمات المجتمع المدني بدل الأهتمام الأحزاب الديمقراطية؟ والرد هنا سيؤدي بنا نحو الوقوف صراحة عند حقيقة أن الغرب لم يولى أهميته ببناء الديمقراطية قدر أهتمامه بإسقاط دول المعسكر بالأشتراكي؟ لذلك فعندما حدث بعض الأنفتاح في صفوف تلك الدول خلال ثمانينيات القرن الماضي في مجال السماح للمنظمات والنقابات بالعمل بحرية و دون أن تسمح بإجازة الأحزاب السياسية للعمل العلني وأنتاج وعرض برامج صحيحة و صريحة بديلة ضد الأنظمة الأنقلابية أو العسكرية عندها فقد تحملت منظمات المجتمع المدني مسؤولية أجراء التحولات ما أدى الى ظهور الأحزاب الشيوعية العسكرية فقط في أجواء نشاط المجتمع المدني دون وجود أحزاب ديمقراطية، وبالتالي توجه غالبية الناس وبشكل واسع الى منظمات المجتمع المدني وأبتعدت عن الأحزاب السياسية و عدم تهيئة الأرضية المناسبة لتشكيل أحزاب ديمقراطية قوية وسد الفراغ القائم والأسوء من ذلك كان ظاهرة فقد الثقة بالأحزاب والأبتعاد عنها في العملية الديمقراطية و سادت، كوباء مقحم، كل الدول التي دخلت(في أطار التحولات المسماة الموجة الثالثة للديمقراطية، مرحلة عملية الأنتخابات و بدايات العملية الديمقراطية) لذا فإن الملفت في تلك الدول بعد عقدين من الزمن وأكثر، هو أن مشكلة الأحزاب السياسية هي مشكلة رئيسية في فشل العملية الديمقراطية.. و هي ظاهرة لها وجودها من روسيا الى فنزويلا ومن بيرو الى باكستان و يعاني منها المجتمع الدولي بقوة.. وهو الذي جعل الرئيس الروسي السابق يلسن يفقد الثقة بالحزب السياسي ولا ينتمي اليه، كما أن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين هو الآخر لا ينتمي بصورة رسمية الى أي حزب سياسي، إلا أن الحزب السياسي الذي يؤيده لم يحصل سوى على 25% من مقاعد البرلمان الروسي ما أدى الى حصر و قلة التجارب الديمقراطية الناجحة في المساحة الجغرافية الواسعة للموجة الثالثة للديمقراطية وهو في الواقع من تداعيات تشكيل نوعين من الأحزاب في تلك الدول بين حزب قوي يقوده رئيس جماهيري و بين ضعف الأحزاب الديمقراطية ولم يحدث فيها أن تشكل حزب ديمقراطي قوي.. و لو تعاملنا و تعرضنا الى اقليم كوردستان ضمن هذا السياق، لوجدنا أن جانباً آخر من خصوصية الأقليم كان تشكيل جبهة قبل الأنتفاضة بأسم الجبهة الكوردستانية وكانت هذه الجبهة الثورية مؤمنة بالديمقراطية من جهة و تضم من جهة أخرى حزبين قويين هما الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني الكوردستاني المؤمنان بالديمقراطية أن قيادة هذه الجبهة، التي كان يمثلها الرئيس البارزاني والرئيس الطالباني، كانت هي الأخرى تؤمن بالديمقراطية، لذا فقد أعلن السيد مسعود بارزاني ، وكان يومها رئيس الجبهة، قبل أي شخص آخر ومن مدينة كويسنجق، بعودة السلطة الى الشعب وأجراء الأنتخابات في أقليم كوردستان، وحدت ثقة البارتي والأتحاد بالديمقراطية هذه بأتخاذ الخطوات نحو تشكيل التجربة الديمقراطية في كوردستان إلا أن قلة خبرات الحزبين في أدارتها قد خلقت مشكلات معقدة غير أن أخلاصهما و رغبتهما الصادقة لأنجاح الديمقراطية و نجاح التجربة، و رغم تشكيل أدارتين في أجواء الأقتتال الداخلي ، فإن التجربة الديقمراطية غدت محمية، ووقع الحزبان أتفاقا ستراتيجياً بينهما لضمان تجاوز المرحلة الأنتقالية وعبر تراكم الخبرات في أدارة العملية الديمقراطية وتولى السلطة معاً.. إلا أن هذه المرحلة حيث كان شعب كوردستان يتطلع نحو المستقبل في أستقرار عملية الحكم الديمقراطية ضمن أطار الأتفاق الستراتيجي مسارها الصحيح و تجاوز الحالات التي ادت الى الأقتتال الداخلي وعدم الثقة، فإن ذات الوباء الذي تعاني منه الموجة الثالثة للديمقراطية، قد توجهت نحو كوردستان مع أنفصال حركة(كوران) عن الأتحاد الوطني الكوردستاني، و بدأت معهاً عملية فقد الثقة بالأحزاب وأعلنت(كوران) نفسها حزباً سياسياً و حصلت على الأجازة القانونية من وزارة الداخلية في حكومة أقليم كوردستان...

(لماذا بدأت حملة فقد الثقة بالأحزاب؟).
إن محاولة فقد المواطنين ثقتهم بالأحزاب في النظام الديمقراطي هي في البداية مسعى لأنهيار وتدهور أسس النظام الديمقراطي، و ينطلق من أضعاف المؤسسات الشرعية والأستهانة بها في عيون المواطنين والتلاعب بقوانين البلاد، بمعنى ضمني أن النظام بعمومه فاسد وغير شرعي والسبب في ذلك هو الأحزاب السياسية التي صوت لها المواطنون في الأنتخابات أي أن هؤلاء يبذلون مساعيهم لعدم ثقة المواطنين بالأحزاب و بدل أن تكون عوامل تنظيم و تمثيل مصالحهم، إنما تتحول الى عوامل لتفتيت المصالح العامة وهدرها والعجز عن جمعها و تمثيلها كما ينبغي..!!! أي بمعنى آخر عندما يغدو الحزب السياسي أداة جامدة ميتة فإن ذلك يؤدي الى أنتفاء التوازن في النظام الديمقراطي و ظهور شخصية(شعبوية) ينظر اليها الناس كشخصية منقذة ، و قد بدأت هذه الظاهرة أو الحالة مع الأسف من الدمقرطة الداخلية للأتحاد الوطني الكوردستاني او عملية الأنتخابات الداخلية فيه حيث عجز السيد نوشيروان مصطفى(رئيس حركة كوران الآن) و جماعته عن حسم نتائج تلك الأنتخابات لصالحهم ما أدى الى أعلانه الأستقالة من الأتحاد و قرر الأنشغال بالعمل المدني والبحثي عدم ممارسة العمل الحزبي، وبدأ(العمل المدني) ذلك بالتعاون مع السيد جلال الطالباني في أطار شركة(ووشه) وكان هدفها الرئيس فقد جماهير الأتحاد ثقتهم بحزبهم و جعله حزباً لا يحمل أية ثقة، إلا انه، وكما أشرنا اليه آنفاً، و بسبب ثقة البارتي والأتحاد وبالأخص الرئيسين البارزاني والطالباني، ببناء العملية الديمقراطية وثقتهما الراسخة بجماهير الحزبين، والأكثر من ذلك ثقتهما بإنه ليس هناك أحد بأمكانه أنشاء وأبتداع آفة عدم الثقة بالأحزاب في كوردستان، فقد تعاملاً بصورة ديمقراطية مع ظهور(حركة كوران) والسيد نوشيروان مصطفى رئيس حزب كوران، رغم أن الحركة قد أستخدمت وأختبرت خلال الحملات الأنتخابية في تموز من عام 2009 كل الطرق والأساليب لجميع الأصوات، إلا أنه بعد أنتهاء الأنتخابات فقد زارا السيدان د. برهم صالح وأزاد برواري اللذين كلفهما السيد رئيس الأقليم لتشكيل حكومة أقليم كوردستان وتولى منصبي رئيس ونائب رئيس التشكيلة، زار مقر رئيس حركة كوران و دعياه والحركة للمشاركة في الحكومة وأكثر من ذلك فقد أجتمع السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان، في إطار زيارته لمنطقتي السليمانية وكرميان، مع السيد نوشيروان مصطفى، ثم قام السيدان نيجيرفان بارزاني وعماد احمد المكلفان بتأليف التشكيلة الحكومية السابعة، و قبل أعلان الحكومة، بزيارة السيد نوشيروان وكان الهدف الكامن وراء كل تلك الزيارات هو أنه تعتبر حركة كوران نفسها شريكة في العملية السياسية إلا أن ذلك لم يتحقق مع الأسف ليس لأن الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني لم يعتبرا حركة كوران شريكة في العملية، بل كان العامل الرئيس هو عدم رغبة السيد نوشيروان مصطفى و حركته في أعتبار البارتي والأتحاد شريكين في العملية السياسية و تطوير العملية الديمقراطية في أقليم كوردستان و يعود السبب و ينطلق من جهة نظره المعادية للأسس الرئيسة للديمقراطية، وهي عدم القبول بنتائج الأنتخابات سواء كانت داخلية حزبية أم عامة في سائر أنحاء البلد، ولو أمعنا النظر في مجمل مواقفه الذي تولى لغاية عام 2006 منصب نائب السكرتير العام للأتحاد الوطني الكوردستاني وفيما بعد رئيس شركة(وشه) و حاليًا رئيس حزب كوران، لتوصلنا الى حقيقة أنه لم يقبل أطلاقاً بنتائج الأنتخابات سواء في صفوف الأتحاد ام الأنتخابات العامة في الأقليم شخصياً و ليس عدم قبول الأتحاد كحزب سياسي بل عندما يكون الطرف الخاسر فيها، لقد كان نوشيروان مصطفى في عام 1992 رئيس حملة الأنتخابات للأتحاد الوطني الكوردستاني إلا أنه لم يكن مستعداً لدخول قبة برلمان كوردستان عندما لم يحقق الأتحاد الأكثرية البرلمانية و تحول الحكم الى المناصفة مع الديمقراطي الكوردستاني، وأبتعد عن صفوف الأتحاد لفترة من الزمن الى أن ترك صفوفه نهائياً عندما لم يتمكن فيما بعد من قبول نتائج الأنتخابات الداخلية للأتحاد وعمد الى تشكيل حزب جديد، وأعاد الكرة ثانية عندما رأس في عام 2009 الحملة الأنتخابية لحركة كوران ولم يقبل بنتائجها كشخص ولم يكن مستعدا لقبول عضوية برلمان كوردستان العراق.. كل ذلك يعني أن السيد نوشيروان مصطفى يعتبر وجهات نظره هي الصحيحة فهو عندما لا يحقق الأصوات اللازمة في عملية التصويت كما تصورها هو، فهو غير مستعد ليس لقبول نتائجها فحسب بل وحتى تمثيل من أدلوا بأصواتهم لصالحه.. هذه الحالة التي تسمى في تأريخ الفكر، ب(التفكير العقلي المجرد) هي وضعية واجهت فريدريك الأكبر.. رئيس ألمانيا في الحقبة ما قبل الثورة الفرنسية- ايضا فعندما كان يفكر بهذا الأسلوب فإنه كان يتعرض، عند الممارسة العملية، الى كثير من الأخطاء والفرق بينهما هو أن فردريك الأكبر كان يشعر بهذه الحالة غير الصحية فقد كلف الفيسلوف والمفكر الكبير(عمانوئيل كانت) بمعالجة هذه المشكلة وتبين فيما بعد أنه قد ألف كتابه(أنتقاد العقلية المجردة) الذي أعاد فيه تعريف (المعرفة) وفيما بعد كتبه (أنتقاء العقل العملي وبناء الميتافيريقياً- ما وراء الطبيعة- وأنتقاد ملكة الحكم) والتي غدت بمجموعها أساس وجوهر( عملية السلام الدائم) وهو ذاته الذي أصبح جوهر النقاط الأربع عشرة للرئيس الأمريكي ويدرو ويلسن وتشكيل عصبة الأمم. وهي النقاط التي نال الرئيس الأمريكي على أساسها جائزة نوبل للسلام ، أن إنكار تصحيح مسار التفكير المجرد يولد لدى مثل هؤلاء الرؤساء وهما بإن غالبية أبناء البلاد يؤيدون توجهاتهم و يتعقبون خطاهم... إلا أن التأريخ في الواقع يبلغنا أن هؤلاء القادة. المعروفين على مستوى محلي محدود ويصوت لهم بعض الناس، لا يمكن أن يصوت لهم الناس خارج هذه الدائرة.. هنا لو أمعنا النظر في نفوذ نوشيروان مصطفى كرئيس لحركة كوران لوجدنا أن الغالبية العظمى من أصواته قد أجتمعت في حدود مدينة السليمانية وتأخذ بالتنازل والتراجع شيئاً فشيئ الحركة قد دخلت أنتخابات عام 2010 بقائمة مستقلة على أمل نيل الأصوات في محافظة كركوك، إلا أنها قد حصلت على مقعد واحد فيها فقط، ما يعني أنها حاولت أنهاء ثقة الناس بالبارتي والأتحاد إلا أن الملاحظ اليوم هو أن ثقة الناس بحركة كوران أخذت تتضاءل بالفعل وستكون الأنتخابات القادمة أختباراً لأي الأحزاب التي تفقد ثقة الجماهير..
(التحول من المطلق الى النسبية يولد العقلية السياسية الديمقراطية)
إن جمالية النظام الديمقراطي تكمن في أنه يولد المجتمع المفتوح الذي بدوره تكمن جماليته في أنه لا وجود للحقيقة المطلقة في السياسة ولا يمتكلها أحد.. ولكي لا يتعارض هذا الواقع مع المقدسات الدينية فإن الخطوة الأولى بالنسبة للمجتمع المنفتح أو المفتوح تبدأ بفصل الدين عن السياسة ولا يعني ذلك أن مثل هذا المجتمع يرفض الدين، بل بالعكس نرى أن العدالة والتوازن والمقدسات الدينية محفوظة في المجتمع المفتوح وتعتبر جميع الديانات على ذلك المستوى من القدسية ويجب عدم أدخالها في المسائل السياسية وهذا لا يعني أيضاً أنه ليس لسياسي مسيحي في أوربا دخول الكنيسة او سياسي شرقي دخول المسجد بل يعني أن ذلك السياسي ، مسيحياً كان أم مسلماً يدخل الكنيسة او الجامع كأحد عبادالله، لا أن يسيس الدين بأعتباره زعيماً، وأن جمالية أخرى للمجتمع المفتوح هي بناء هذا المجتمع على أساس (المحاولة والخطأ ومحاولة لتصحيح الأخطاء)... ثم أن هذا الأساس الذي يربط المحاولة بالخطأ لا يعني أن الأخطاء هي نتاج المساعي والمحاولات بل يعني أن خطوات التقدم تنتج متطلبات أخرى تحتاج الى معالجتها... وكمثال على ذلك نقول إن تحديد عدد السكان يحتاج الى أنتاج(حبوب منع الحمل) إلا أن مثل هذه الحبوب ستؤدي بعد عدة سنوات الى خفض نسبة الشباب وزيادة نسبة المسنين أي أن متطلبات الشباب هي نقص أنتاج المجتمع يجب معالجة وتصح ذات الحالة بالنسبة للتقدم التكنولوجي فكثيراً ما نجد أن التقدم العلمي مثل أستنساخ الأنسان مثلاً قد أوجد مشكلة كبيرة الى درجة، وكما يقول فوكوياما، أنها ستجعل حرية الأنسانية أجمع في مهب الخطر مالم تتم معالجتها، ولو أردنا من هذا المنطلق تعريف أقليم كوردستان في بدايات حث الخطى نحو مجتمع مفتوح، فإننا نشعر بكل وضوح بظاهرة مفادهاً أن نواقص مجتمعنا و متطلباته أيضا هي نتاج عملية التنمية والتطور التي يعيشها الأقليم وربما تكون هناك أخطاء ونواقص في أداء عملية إعادة الأعمار والتنمية إلا أن مرد ذلك هو الى قلة الخبرات التي تزداد بتطور العلمية ذاتها، ولكن هل من نهاية لتلك النواقص، والجواب لا شك في أنها تنتهى فقط في عقول الأطراف التي توزع المجتمع و تقسمه بين الأبيض والأسود وتفكر بأسلوب مجرد بعيداً عن الواقعية، ثم ألا يعني هذا التبرير دفاعاً عن الفساد وأخفاء النواقص ؟ أو عن الأحزاب التي تتولى الحكم الآن وبالأخص البارتي والأتحاد؟ وجواباً على ذلك نقول: لقد كانت أطراف المعارضة خلالً السنوات الأخيرة(الجماعة الأسلامية والأتحاد الأسلامي و حركة كوران) بشكل من الأشكال مشاركة في السلطة وكانت في ذات الوقت معارضة في إعلامها وكمثال على ذلك لقد كان محافظ السليمانية قبل عدة أعوام من تأريخ 2009 عضواً في كوران وكذلك رئيس وعدد من أعضاء مجلس المحافظة ثم أعلنوا رسمياً أنتماءهم للحركة عند بداية أعلانها.. ونتساءل ثانية هل نجح محافظ أربيل في مهمته وهو الآن عضو مجلس قيادة الديمقراطي الكوردستاني أو محافظ السليمانية السابق الذي كان عضواً قيادة(كوران)؟ ويأتي الجواب، أن محافظ أربيل قد منح من بين كل المحافظي العراق شهادة(الحكم الرشيد) يقابله عدم نجاح محافظ السليمانية السابق، ويأتي تساؤل حقيقي:
عندما تأتي حركة كوران و تتحدث في حملاتها الدعائية عن تغيير النظام فلماذا لم يطبق محافظ السليمانية الذي كان عضواً في قيادتها و رئيس مجلس المحافظة وكان هو الآخر من كوادرها المتقدمة، لماذا لم يطبقا نظامهم التقدمي المزعوم؟
إن هذه الأقاويل ليست مجرد توزيع أتهامات بل وقوف أمام عقلية(المطلق) الى أخرى بإمكانها النظر الى الحقيقة داخل المجتمع بشكل نسبي والشعور بعدم وجود الحقيقة المطلقة أو عقلية(المطلق) في المجتمعات المفتوحة وليس لمثل هذه العقليات ومحاولة ترسيخها سوى سياسة ديموغائية لاغير.

ترجمة/ دارا صديق نورجان
Top