• Monday, 17 June 2024
logo

جينين هينيس بلاسخارت: أوضاع العراق الأمنية مهزوزة جداً ولا يمكن توقع إجراء انتخابات دون تزوير

جينين هينيس بلاسخارت: أوضاع العراق الأمنية مهزوزة جداً ولا يمكن توقع إجراء انتخابات دون تزوير


رأت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، أن الأوضاع الأمنية في العراق "مهزوزة جداً"، مشيرة إلى أنه لا يمكن توقع أن تجري الانتخابات دون تزوير.

وقالت بلاسخارت، في مقابلة  "سنبذل كل جهودنا وجهود السلطات العراقية لمنع التزوير، ودون شك للاطمئان ان الانتخابات ستجري على أكمل وجه"، مستدركة أن "يوم الانتخابات هو الفصل، وسيتبين لنا من خلاله ما سيكون عليه الوضع"، في البلاد.


* ما هو الأقسى عليكم، حرارة الطقس في العراق وإقليم كوردستان، أم الأوضاع السياسية الساخنة في البلاد؟

بلاسخارت: الأوضاع السياسية الصعبة في العراق تلفت انتباهي، وحرارة الطقس أيضاً تسبب لي الازعاج، إلا أنني على وشك التأقلم معها.

* أحد الملفات الأكثر حرارة في العراق، الآن هي الانتخابات في تشرين الأول المقبل، قبل كل شيء هل تعتقدين أن الانتخابات ستجري في وقتها؟

بلاسخارت: نحن في الأمم المتحدة نعمل على أن تجري الانتخابات في موعدها، وبرأيي سيكون من الهام أن تجري الانتخابات في موعدها، لأنها من المطالب الرئيسة للمواطنين، هناك أسباب كثيرة لأن تجري الانتخابات في موعدها، سيتلخص دورنا في الانتخابات في المساعدة للاطمئنان أن تسير الانتخابات بشكلٍ ممتاز وشفاف.

* السفير البريطاني السابق في العراق قال خلال الأيام الماضية لرووداو، إن الأوضاع في العراق غير ملائمة لإجراء الانتخابات، برأيك هل تحققت الشروط المناسبة لإجراء الانتخابات في العراق؟

بلاسخارت: أنا على معرفة قريبة مع ستيفن، وقد سألته عن ملاحظاته وآرائه تلك. كانت ملاحظاته مخيفة جداً، والأوضاع الأمنية في العراق مهزوزة جداً، وقد قال لي إنه لم يقصد تأجيل الانتخابات بسبب الأوضاع الأمنية وإنما أراد التأكيد على اجراء انتخابات نزيهة، وأنا اتفق معه في ذلك فالاوضاع الأمنية في العراق مهزوزة بالفعل، واذا نظرنا للانتخابات السابقة، نرى أن عدم الاستقرار في الاوضاع الأمنية العراقية ليس بشيء جديد.

* هل تقصدين أنه كيفما كانت الأوضاع يجب أن تجري الانتخابات في موعدها لأنها تخدم مستقبل العراق؟

بلاسخارت: انا اقصد أن للانتخابات أهمية كبيرة ومن الهام ان تجري في موعدها، حتى نطمئن ان العراق يستطيع القيام بالانتخابات والاصلاح ويسير نحو الأمام.

* وهل ستجرى في موعدها؟

بلاسخارت: نعم ستجرى في موعدها.

* حول دور يونامي في الانتخابات، العراق دعا يونامي ليكون لها دور رئيس في مراقبة الانتخابات، ومتابعتها، هل ستكونين سعيدة بذلك، وهل لديكم كل ما يلزم للقيام بالمهمة في 19 محافظة عراقية حيث اصبحت حلبجة المحافظة الـ19؟

بلاسخارت: الامم المتحدة لديها فريق هام للمساعدة في الانتخابات، وتعاون السلطات العراقية، مع مفوضية الانتخابات أيضاً، حتى يتم اجراء انتخابات نزيهة دون نواقص، واذا ما نظرنا على المستوى العالمي أيضاً، هذا اكبر مشروع تعاوني للانتخابات قامت به الامم المتحدة حتى الآن، وقد قرر مجلس الأمن الدولي أن يضع حمل مراقبة الانتخابات على عاتق يونامي لتقوم بتعيين مراقبة للانتخابات، بشكلٍ يمكّن من اجراء انتخابات وفق قانون الانتخابات وبالشكل المطلوب.

* اذاً هل بإمكانك طمأنة العراقيين وسط هذه الكوراث التي تمر فيها البلاد إلى أن الانتخابات ستجري في وقتها وستكون شفافة ونزيهة دون تزوير وبنتائج مقبولة؟

بلاسخارت: ان اردنا أم لا، واعلم ان هنالك من سيسبب له كلامي ازعاجاً، الا أن الامم المتحدة لا تدير العراق، نحن لسنا سلطة تنفيذية، لذا فالانتخابات للعراقيين، والعراقيون هم من سيواجهها والعراق دولة ذات سيادة.

* ولكن؟

پلاسخارت: لكن نحن هنا للمساعدة وتوزيع أفضل وظيفتنا للمراقبة

* ماذا عن المراقبة؟

پلاسخارت: لا يمكن ان اتوقع أن تجري الانتخابات دون تزوير، الا انني أعلم اننا سنبذل كل جهودنا وجهود السلطات العراقية لمنع التزوير، ودون شك للاطمئان ان الانتخابات ستجري على أكمل وجه ولكن يوم الانتخابات هو الفصل وسيتبين لنا من خلاله ما سيكون عليه الوضع.

* سؤالي هو، اذا ما تبين لكم يوم الانتخابات ان هناك تزوير ماذا ستفعلون وقتها؟

پلاسخارت: انتظر وسترى

* انتظر وسترى؟

پلاسخارت: العالم يشاهد.

* لنذهب الى موضوع هجمات الطائرات المسيرة مؤخراً على اربيل، والهجمات الصاروخية على الاميركيين في بغداد والمناطق الاخرى، قبل كل شيء، هل هناك تهديد مباشر على المدنيين في اربيل وبغداد وباقي اجزاء العراق، تلك المجموعات تنشط تحت علم الحشد الشعبي، وثمة من يقول كلا، لا علاقة لهم بالحشد، الا ان حكومة اقليم كوردستان سلمت تقريرا عن تلك الميليشيات وعلاقتها بالحشد الشعبي للحكومة العراقية، ما هو دور يونامي في نشر الامن والاستقرار في اقليم كوردستان حيال تلك الهجمات التي تقوم بها تلك المجموعات الخارجة عن السيطرة؟

پلاسخارت: أعتقد ان الاجابة هي في تلك الكلمات الاخيرة، نحن نتحدث عن بعض القوات المسلحة التي تقوم بعدة نشاطات ضد الدولة العراقية، ولا تهاجم اربيل فقط وانما العراق باكمله، للاسف وانا وانت متفقان على ان تلك التهديدات مستمرة في حياة العراقيين، وتضع حياتهم في خطر، وتضع البلاد في مواجهة مستقبل غير معلوم، واذا ما استمرت تلك الهجمات بالإمكان أن تتوقع هجمات مضادة عاجلاً أم آجلاً، كما شهدنا في الفترة الأخيرة. ثم ماذا سيجلب علينا ذلك؟ دورة عنف لامتناهية وخسائر إضافية بالأرواح. أقصد أن هذا في منتهى الخطورة ويعرض الكثير من الأشياء للخطر. نحن نستطيع أن نحث أصحاب السلطة على تشخيص الفصائل المسلحة ومنفذي هذه الهجمات وتحميلهم المسؤولية.

* أي أنك تريدين أن تخبريني عن وجود فرق بين فصائل الحشد الشعبي وترين أنها شرعية؟

بلاسخارت: أنظر، لو عدت إلى الماضي وكيف أصبح الحشد الشعبي جزءاً من قوى الأمن الوطنية العراقية، فإن الأمر أكثر تعقيداً من أن نفصّله في حوار كهذا.

* لا، نحن نتحدث عن الحاضر..

بلاسخارت: لا، ما نشهده اليوم في العراق، هو وجود فصائل مسلحة تنشط خارج سيطرة وسلطة الحكومة، ولها أذرع في خارج وداخل أجهزة الدولة، لهذا لو عدنا للحديث عما يجري، فإننا نتحدث عن فصائل مسلحة تنشط خارج إطار سلطة الدولة.

* خارج إطار سلطة الدولة.. وهل تصفين هذه الفصائل بالإرهابية؟

بلاسخارت: لا يجوز تبرير أي هجوم، فلماذا تجري المحاولة لخلق جو محمّل بالرعب والقتل؟ لماذا عليهم أن يفعلوا ذلك؟ أما عن مصطلح "إرهابي" فهو مصطلح واسع ويشمل أموراً أخرى أيضاً، لكن أي هجوم.. دعني أعيد صياغة كلامي، لا يجوز إيجاد أعذار لأي هجوم. لكن إن رأى أحدهم أنه يجب استهداف البعثات الدولية والأبرياء، فأنا أعده إرهابياً من وجهة نظري.

* ما هي الخطوات التي يجب أن تتبع تجاههم على المستوى الدولي؟ هل تعتقدين بأن على التحالف الدولي أن يمارس دوراً بالضد من هذه الفصائل؟

بلاسخارت: عذراً، هل بالإمكان أن تكرر سؤالك؟

* السؤال هو: ما هو الإجراء الذي يجب أن يتخذ تجاه الفصائل المسلحة الخارجة عن السيطرة في العراق؟ هل ينبغي للتحالف الدولي أن يكون له دور في هذا؟

بلاسخارت: لا، لقد آن الآوان ليقف العراق على قدميه ويؤكد أن بمستطاعه تشخيص منفذي الهجمات وإلقاء القبض عليهم. هذا واجب العراقيين. لا شك أيضاً أن الحضور الدولي، أعني الأمم المتحدة أو أي مؤسسة دولية أخرى، جاء تلبية لدعوة الحكومة العراقية نفسها. لهذا، نستطيع فقط مساعدته وتأمين كادر كفوء. ما أقوله هو أنه لا ينبغي للعراق السماح بأن تنشط فصائل مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة. هذه هي المشكلة بالتحديد. هذا ليس بالأمر الذي يمكن للمجتمع الدولي أن يعالجه عن العراق، بل هو مسألة يجب أن يتعامل معها العراقيون.

* لكن تلك الفصائل الخارجة عن سيطرة الدولة، شكلت خطراً على البعثات الدولية في العراق!

بلاسخارت: نعم، تريد أن تقودني في اتجاه محدد. لكن هو كما قلت، الهجمات مستمرة، وأدت إلى هجمات مضادة. هذه دورة خطيرة لا فائدة منها، وتتسبب في المزيد من العنف في العراق. أريد أن أقول إنه ليس هناك ما يمكن أن يبرر أي هجوم على البعثات الدولية، مهما كانت الأوضاع، والأهم من ذلك هو أن تستهدف الهجمات أناساً أبرياء.

*بعد انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان، تولد شعور لدى أهالي العراق وحتى إقليم كوردستان، بأن أميركا ستنسحب من العراق أيضاً، والانسحاب لن يشمل الجنود الأميركيين وحدهم، بل أيضاً الجنود المتواجدين ضمن التحالف الدولي للقضاء على داعش، هناك قانون للبرلمان العراقي..

بلاسخارت: تقصد هناك قرار.

* أجل، القرار الذي يطالب القوات الأجنبية بمغادرة البلد. هل تعتقدين أن هذا أساس قانوني صحيح لرحيل التحالف الدولي للقضاء على داعش، عن العراق؟

بلاسخارت: قبل كل شيء، هذه مسألة لا تعني الأمم المتحدة، فالعراق بلد ذو سيادة. لهذا يستطيع العراق وأصحاب السلطة في العراق أن يقرروا ذلك بأنفسهم، أو أن يقرروا بقاءهم في البلد، وكذلك متى وكيف يطلبون العون من المجتمع الدولي، سواء من الأمم المتحدة أن من التحالف الدولي للقضاء على داعش. لهذا، أود القول إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سيزور واشنطن قريباً، وعلينا أن ننتظر ما الذي سيبحثه في واشنطن مع الجانب الأميركي. في نفس الوقت، بين العراقيون أنهم يريدون تلقي المساعدة في بعض المناطق، وهذا مختلف عن تواجد قوات مقاتلة على أرض العراق. لكن المسألة ليست أبيضاً وأسود، وهناك احتمالات أخرى بين الاثنين.

* وهل تعتقدين أن العراق سيمر في المستقبل القريب بنفس التجربة التي تمر بها اليوم أفغانستان؟

بلاسخارت: أعتقد أنه ليس من الحكمة أن نقارن بين العراق وأفغانستان، لا شك أن هناك نقاط تشابه بينهما، لكنهما بلدان مختلفان تماماً، من حيث الخلفية والتاريخ.

* هل تلمسين أي احتمال لانسحاب أميركا والتحالف الدولي للقضاء على داعش؟ وكيف سيكون تأثير ذلك على مواجهة داعش؟

بلاسخارت: ليس من حقي الخوض في الحديث عن الانسحاب أو احتمال الانسحاب. دعنا ننتظر وتعرف ما الذي سيحدث في إطار الحوار الستراتيجي. لكن ما أعرفه هو أن الحكومة العراقية أعلنت مرات عديدة أنهم في بعض المناطق يحتاجون إلى إسناد أو مساعدة التحالف الدولي. النقطة الثانية هي أن داعش لا يزال يمثل مشكلة، صحيح أنهم لم يعودوا مثل ما كانوا في السنوات السابقات ولم يعودوا يسيطرون على أي مناطق، لكنهم مازالوا موجودين هناك ويستطيعون تنفيذ ضربات، وفكرهم فعال في الواقع، لهذا لا يجوز أن نغمض أعيننا عن تهديدات داعش هذه.

* هل تشجعون التحالف الدولي على الاستمرار في ممارسة دوره ضد داعش في العراق وسوريا؟

بلاسخارت: إذا كنت صريحة معك، فإن هذا الأمر لا يتعلق بالأمم المتحدة، لا أستطيع التأكيد على ذلك كما يجب، الجميع يتحدث دائماً عن العراق كدولة ذات سيادة، ونحن نفعل ذلك أيضاً، هذا شأن عراقي ويتعلق بالسلطات العراقية ومن ضمنها إقليم كوردستان.

* هل يشكل داعش تهديداً للعراق فقط؟

بلاسخارت: كلا.. داعش تهديد على الجميع، وإذا لم نتعامل مع هذا الخطر ونعمل على تقليصه فإنه في المستقبل سيتسبب بمشاكل ليس في العراق والمنطقة بل سيمتد أكثر لذا فإن داعش قضية دولية، لكن كيف ومتى وبأي طريقة يطرح هذا الأمر في العراق، فهذا يتعلق بالعراقيين، بأن يعرضوا الأمر رسمياً في الحوار الستراتيجي مع التحالف الدولي وأميركا.

* فيما يتعلق بالصراع بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني المستمر منذ 40 عاماً، حيث تنفذ تركيا عمليات عسكرية داخل العراق، ما موقفكم من هذه العمليات التي تسببت بمقتل مدنيين أبرياء وإخلاء القرى؟

بلاسخارت: نحن مطلعون في حال حصول أي صراع أو حادث غير طبيعي، فإذا ما شاب الصراع العنف وتسبب بوفاة المواطنين وتدمير منازلهم وممتلكاتهم، أو نزوحهم، فإننا نطلب منهم أن يفكروا مرتين، العنف ليس حلاً أبداً، الحوار هو السبيل الوحيد للمضي قدماً، ومن المهم أن يكون المسؤولون العراقيون والكورد في مباحثات مستمرة مع المسؤولين الأتراك.

* لكن ليس هنالك مواجهات بين حكومة إقليم كوردستان وتركيا.

بلاسخارت: كلا لكن قلتها عدة مرات وأعتقد أنكم تعلمون جيداً، أن العراق يجب أن لا يُستخدم وأن يصبح ساحة للصراع، للأسف كثيراً ما نرى أن العراق يصبح مسرحاً ليس للمصالحة والحوار بل ساحة لصراع القوى المختلفة.

*: منذ عدة سنوات كان لليونامي دور في تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، هل لا زال لكم دور في ذلك؟

بلاسخارت: المادة 140 مهمة جداً، أجريت الكثير من المناقشات بشأنها بين المسؤولين الكورد والحكومة الاتحادية، وكذلك الحال في الأمم المتحدة، أرى أن هنالك الكثير من المشاكل الكبيرة، أنا في هذا البلد منذ ثلاث سنوات، وما لاحظته أن هناك توافقاً واتفاقاً بين أربيل وبغداد بما تتطلبه الأوضاع، وكلما حدثت مشكلة أو تعقدت الأمور، تليها مباحثات واتفاقيات مؤقتة، لكن بالنتيجة لا يمكن إيجاد حل طويل الأمد للخلافات، لكن طالبت مراراً بحوار أساسي ومؤسساتي بين العاصمتين لضمان التوصل لمعالجات لجملة من المشاكل، مثل الموازنة وتوزيع الإيرادات والمادة 140، الخبر السار هو أن رئيسي الوزراء مصطفى الكاظمي ومسرور بارزاني مع هذا الحوار المؤسساتي، السؤال هو متى وكيف سيتم عقد أول اجتماع بهذا الغرض؟ أرى أن هذه مهمة جداً وأساسية بأن يتم إجراء حوار مؤسساتي من أجل تسوية الخلافات وخاصة المادة 140.

* هل تراقبون في يونامي أوضاع المناطق المشمولة بالمادة 140؟ فالتقارير الأخيرة تشير إلى استئناف عملية تعريب هذه المناطق، وإلى طرد أبناء المنطقة من ديارهم واستقدام أهالي مناطق أخرى من العراق وإسكانهم هناك. هل تتابعون الوضع؟

بلاسخارت: ليست لنا أعين وآذان في كل أنحاء المنطقة، ولكن لا شك نتابع التطورات ونرى الذي يجري، كما نعلم أن الطرفين يتهم أحدهما الآخر. نعم نحن مطلعون.

* وهل تؤكدون صحة تلك التقارير؟

بلاسخارت: نخوض حواراً حول كركوك منذ فترة طويلة. لكن للأسف، لم تتمكن الأطراف حتى الآن من التوصل إلى اتفاق. هذا السؤال هو بنفس صيغة سؤالك المتعلق بالصراع بين تركيا و(بي كا كا) والعراق. كل الأطراف تريد تحديد طرف واتهامه ووصفه بالطرف أو الشخص المذنب. مع ذلك... عليك أنت أيضاً أن تصغي لي. هذا موضوع حساس. لكن ذلك لن يوصلك أنت وأنا إلى أي حل، الأهم من ذلك هو أن تجتمع الأطراف معاً. أن تتحاور وتعمل من أجل حل طويل الأمد.

* أقصد أن هناك أزمة إنسانية في المنطقة، والناس تُقتل هناك بسبب هذا الصراع. الأهالي يضطرون للرحيل ومغادرة ديارهم.

بلاسخارت: هذا سيء للغاية.

* أجل، هو سيء جداً...

بلاسخارت: أنا أدعو لاحترام هؤلاء الأهالي والاهتمام بهم. لكن عليك أن تفهم أن المشكلة أكثر تعقيداً من ذلك. هذا الموضوع حساس، ويدفعني لرؤية الأمور على أنها أسود وأبيض. لكن بين الأسود والأبيض يوجد خمسون طيفاً رمادياً.

* لنتحدث عن إنتاج النفط. هناك مشكلة بين أربيل وبغداد حول إنتاج النفط من جانب حكومة إقليم كوردستان. ليس فقط حول إنتاج نفط كوردستان بل أيضاً حول المواد الدستورية ذات العلاقة. لحكومة إقليم كوردستان تفسيرها لهذه المواد والحكومة الاتحادية تفسرها بصورة مغايرة. حتى المحكمة الاتحادية لا تستطيع حسم المسألة واتخاذ قرار بشأنها. لكن قانون الموازنة لسنة 2021 تم تمريره في البرلمان. هل ترين أن هذا القانون يستطيع حسم هذه الخلافات؟

بلاسخارت: لا، لا أظن ذلك. لست متفائلة، ولو صدقتك القول فأنا لست متفائلة. السبب ذو صلة بما أشرتُ إليه. في حال عدم وجود حوار مؤسساتي منظم بين العاصمتين لحل مشاكل الموازنة وتقاسم العائدات والمادة 140 وغيرها من المشاكل، فسنشهد في الواقع سنوات إضافية حبلى بالأزمات التي لا حل لها. في نفس الوقت يحدوني الأمل، فهناك رئيسا وزراء، مصطفى الكاظمي ومسرور بارزاني، قالا بضرورة وجود هذا الحوار المؤسساتي والعمل عليه. لم يتم البدء بذلك بعد، وأتوقع عقد أول اجتماع بين العاصمتين للحديث عن المشاكل العالقة بصورة أكثر تنظيماً.

* هذا يعني أنك ترين أن هذا القانون يضع أساساً قانونياً صحيحاً لعملية إنتاج النفط في إقليم کوردستان؟

بلاسخارت: أنظر، دعني لا أخوض في تفاصيل إنتاج النفط من جانب إقليم كوردستان. إن كان هناك اتفاق فيجب أن يكون بين طرفين. المقصود هنا هو أربيل وبغداد. رأينا في السابق أنهما يتوصلان إلى اتفاق، لكنه لا ينفذ في الأخير. التنفيذ مهم. دعنا ننتظر ونرى هل سينفذ قانون الموازنة هذا.

* أخبرتني أنك متفائلة باجتماع رئيسي الوزراء..

بلاسخارت: العاصمتان، أجل..

* هل هناك موعد لاجتماعهما؟

بلاسخارت: لا، وإلا لأخبرتك. أنا أقول فقط إن الفكرة تروق لهما ويرحبان بحقيقة كون ذلك هو طريق التقدم والابتعاد عن استمرار الأزمات التي لا حل لها، والمضي صوب حوار مؤسساتي. يجب أن يتحقق هذا.

* موضوعي الأخير، أو بالأحرى سؤاليّ الأخيرين، أولهما عن حرية التعبير في إقليم كوردستان. هل تعتقدين أن حرية التعبير في إقليم كوردستان في خطر؟

بلاسخارت: لو نظرنا في حرية التعبير والحرية في العراق وإقليم كوردستان، أعتقد أن من الإنصاف أن أخبرك بأننا نحب أن نشهد تقدماً. فرغم أن الدستور وكل القوانين والتعليمات تحدثت عن حرية التعبير، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود أي طرف أو سلطة تحاول التضييق على حرية التعبير. يجب أن أؤكد بأن حرية التعبير مهمة جداً وأساسية في بلد ديمقراطي. ففي أي بلد ديمقراطي تجد العديد من الرؤى المختلفة. أنا بصفتي سياسية سابقة، وقد كنت وزيرة، أعلم كم هو صعب أن تواجَهَ دائماً بالانتقاد بسبب الأعمال التي تعملها أو تلك التي لا تعملها. لكن في النهاية، يجب أن ترى في ذلك فرصة لتعيد توضيح سياساتك من جديد أو تعرض وجهة نظرك مرة أخرى. هذا رهن بأصحاب السلطة، لكن هناك أطرافاً أخرى عديدة في العراق لها دور، وتحاول إسكات الناس أو تخويفهم. أجواء الخوف هذه موجودة في العراق، كالتي مورست ضد تظاهرات تشرين، أو كقتل العديد من الشخصيات. هذه كلها جزء من محاولات تحديد حرية التعبير.

* هل كان لكم حوار مع حكومة إقليم كوردستان حول حرية التعبير؟

بلاسخارت: في الواقع، نحن في حوار مستمر. كان هناك الكثير من الحوار. نأمل أن نلمس بعض التقدم في الشهر القادم.

* أصدرت المحكمة في إقليم كوردستان أحكاماً على محتجزي بادينان، هل تعتقدين أن هذه الأحكام كانت منصفة؟

بلاسخارت: من الخطير في بلد ديمقراطي الحديث عن قرارات المحاكم. لأن القضاة والمحاكم مستقلون. لكننا هنا تابعنا محاكمة أولئك الأشخاص وأبدينا رأينا بوضوح، وأنت ترى أني لم أكن سعيدة بتلك النتيجة.

* تهتمون أيضاً بالنظام القضائي في إقليم كوردستان. هل تعتقدين أن هذه المواضيع، التي وكما تقولين لم تكن نتائجها كما تأملين، لها علاقة بالنظام القضائي في إقليم كوردستان وما هو الإصلاح المطلوب فيه؟

بلاسخارت: رغم أني لست سعيدة بنتيجة المحاكمة، إلا أن النقطة الجيدة تتمثل في أن الحوار الذي بيننا حوار بنّاء وصريح. السلطات في إقليم كوردستان عرضت الخطوات التي اتبعت للاستشارة والنصح والمساعدة والتدريب من أجل تطوير النظام القضائي في إقليم كوردستان.

* سؤالي الأخير هو عن توحيد قوات البيشمركة. شدّدت على توحيد قوات البيشمركة. هل تعتقدين بأن توحيد قوات البيشمركة ممكن في ظل ظروف إقليم كوردستان؟

بلاسخارت: الخبر السار هو وجود كثيرين في صفوف البيشمركة، أعني مسؤولي البيشمركة يؤيدون بشدة هذا التوحيد. مستعدون للعمل بهذا الاتجاه ويعملون بالفعل. لكن من الناحية السياسية، الأمر صعب بعض الشيء، لأسباب مرتبطة بالأحزاب نفسها ومرتبطة بالعلاقة مع الأحزاب الأخرى. هذا العمل ليس سهلاً، لكنه الطريق الوحيد إلى الأمام، فلن يستطيع إقليم كوردستان الاستمرار في الانقسام. لن يستطيع الاستمرار في انقسام قوات الحكومة على جبهتين.

* أذكر أننا عندما تحدثنا آخر مرة عن توحيد قوات البيشمركة، كان أثناء عقد مؤتمر حول دستور إقليم كوردستان، حيث ألقيتم خطاباً. قلتم حينها إن على الحزبين الرئيسين أن يجتمعا ويبحثا هذا الأمر، لكي يكون هناك تفاهم بين الأحزاب السياسية وينتهي هذا الاختلاف. هل تعتقدين بحدوث أي تقدم باتجاه تقليل ذلك الاختلاف منذ ذلك اليوم إلى الآن؟ أم أن الاختلاف ازداد ليس بين الحزبين، بل في داخل الأحزاب أنفسها أيضاً؟

بلاسخارت: بخصوص التقدم، يمكننا الحديث عن التقدم في العلاقة بين الأحزاب. أتعلم؟ أظن أنك تشعر بنفس الشعور، تفيق من النوم في بعض الأيام وتشعر بأن نصف الكوب ممتلئ، أي أن هناك أملاً وأننا نمضي في الاتجاه الصحيح إلى الأمام. ثم يحدث شيء، فتتراجع خطوتين، وتنظر في نفس الكوب وتقول إن نصف الكوب فارغ. أي أن هناك مداً وجزراً. الطريق ليس سهلاً. لكن على كل الأحزاب والمسؤولين أن يتيقنوا من أن هذا هو الطريق الوحيد إلى الأمام. أن يدركوا بأن هذا مهم جداً للحفاظ على الحقوق والحريات المتاحة حالياً.

 

 

حاورتها شبكة روداو الأعلامية

Top