• Saturday, 18 May 2024
logo

مجالس المحافظات من جديد.. عودة التناحر السياسي وفتح باب لهدر المال العام‎

مجالس المحافظات من جديد.. عودة التناحر السياسي وفتح باب لهدر المال العام‎

بإعلان الحكومة العراقية، موعد إجراء الانتخابات المحلية، يكون العراق دخل في أجواء انتخابات مجالس المحافظات رسمياً، بعد نحو 3 سنوات على تعطل تلك المجالس، التي أثارت الجدل واسعاً خلال مسيرتها، بسبب أدائها ونشاطها، وصلاحياتها.

ووفقًا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، فإنه تم تحديد "يوم 18 من شهر كانون الأول المقبل موعدًا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023".

وأضاف أنّ "ذلك جاء التزامًا بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره مجلس النواب في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي".

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، حددت الأول من تموز/يوليو موعد فتح باب التسجيل للأحزاب الراغبة بالمشاركة بانتخابات مجالس المحافظات.

وبذلك فإن عودة تلك المجالس إلى الوضع العراقي، باتت قائمة، على رغم الجدل الذي أثارته طوال مسيرتها منذ أول انتخابات أجريت عام 2009، فيما أجرى العراق آخر انتخابات عام 2013، وحينها كانت المدن السنية تشهد تظاهرات عارمة ضد رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي، الذي تمكن من حصد أصوات كبيرة حتى في تلك المناطق، وهو ما أثار الجدل.

ويرى الباحث في مركز النور للدراسات، عقيل عبيد الناصري، أن "تجربة مجالس المحافظات من حيث المبدأ تمثل أهمية كبيرة، فهي تعزز الحكم المحلي، وتساعد الحكومة المركزية في إدارة شؤون المحافظات، وتشريع القوانين الخاصة بها، بما لا يتعارض مع دستور البلاد".

وأضاف الناصري في تصريح أن "ما حصل في العراق خلال السنوات الماضية، هو عكس المبادئ والأفكار التي بُنيت عليها المجالس المحلية، حيث شهدنا أعنف عمليات السرقة والاختلاس وهدر المال العام ، وكانت تلك المجالس مشاركة فيها ، ولغاية الآن تصدر مذكرات استقدام وقبض بحق أعضاء من تلك المجالس، ما يوحي في نهاية المطاف أنها تورطت بالفعل في عمليات الفساد المالي والنهب الممنهج لثروات البلاد".

وتعد تلك المجالس هي السلطة التشريعية والرقابية المنتخبة داخل المحافظات، وتمتلك صلاحيات واسعة، وبحسب الدستور العراقي، لا تخضع لسيطرة أو إشراف أية وزارة، ولها مالية مستقلة واختصاصات إدارية كبيرة.

كما منحها الدستور العراقي إدارة الشؤون المحلية الخاصة لكل محافظة طبقا لطبيعة الموارد والاهتمامات والأهداف الاستراتيجية الخاصة بها، سواء على صعيد البنية التحتية للخدمات أو التخطيط لبناء القاعدة الصناعية والزراعية ومختلف الاحتياجات اليومية.

وبسبب تورط الكثير من أعضاء تلك المجالس في ملفات الفساد، طالب نشطاء حراك تشرين عام 2019، بإلغائها بشكل نهائي، باعتبارها أصبحت حلقة زائدة وباباً من أبواب هدر المال العام، ولذلك اضطر البرلمان حينها للاستجابة لتلك الشروط، تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، وهو ما ينذر بعودتها حالياً، في حال المضي في إجراء الانتخابات، خاصة إذا ما عادت تلك المجالس لنفس أدائها وممارساتها، وفق مراقبين.

ويبرز التحدي الأكبر الآن، أمام الأعضاء الجدد لمجالس المحافظات، وفيما إذا كانوا قادرين على تصحيح المسار، وانتشال هذه الحكومات المحلية من براثن الفساد الذي اصطبغت به، والمضي في إنجاح التجربة والتصالح مع الجمهور مرة ثانية.

 لكن المحلل السياسي، عماد محمد، يرى أن "الفساد في العراق أصبح ثقافة عامة، وربما لا ينجو أحد من هذا الغول، ويعود ذلك في الأساس إلى تفشي الفساد في الطبقة السياسية التي نقلته إلى الكوادر الوسطى في الدوائر العراقية، التي تُسيّر أمورها الآن بالرشوة، لذلك فإن المجالس الجديدة بحاجة إلى إجراءات صارمة، وربما قانون جديد لتنظيم أعمالها، بما يضمن عدم تكرار المجالس السابقة".

وأضاف محمد في تصريح  أن "المهم بعد اجراء الانتخابات هو التوجه نحو الرقابة على الدوائر، والمضي في تشريع القوانين التي تحتاجها تلك المدن، بما يساهم في نهضتها، وعدم الانجرار وراء المهاترات السياسية والتناحر الحزبي، الذي تسبب على مدار السنوات الماضية بتعطل الكثير من المشاريع الخدمية". 

وستكون هذه أول انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013 التي تصدّرت خلالها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج. وقبل ذلك أجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009 فقط.

Top