• Friday, 10 May 2024
logo

الاحتيال الرقمي في إقليم كوردستان.. قضية سام بانكمان - فريد

الاحتيال الرقمي في إقليم كوردستان.. قضية سام بانكمان - فريد

عمر مرادي

 

بعد محاكمة دامت خمسة أشهر، أصدرت محكمة نيويورك يوم الخميس حكماً بالسجن على (سام بانكمان – فريد) لمدة 110 سنوات، والمحكوم عليه واحد من مؤسسي منصة FTX الخاصة بتبادل العملات الرقمية.

ألقي القبض على سام بانكمان – فريد في أواخر العام 2022، وقبل الكشف عن تورطه في الاحتيال كان يعرف على أنه واحد من النخبة في مجال العملة الرقمية وأصحاب المليارات الشباب على مستوى العالم. أسس سنة 2019، عملة FTT الرقمية ومنصة FTX، ولم يمر وقت طويل حتى أصبحت FTX ثانية أشهر المنصات الخاصة بتبادل العملات الرقمية التي استثمر فيها الناس العاديون والتجار والمستثمرون مليارات من الدولارات.

في أواخر العام 2022، انهارت عملة بيتكوين وأصاب الإفلاس الشركات الرقمية، وكانت FTX واحدة من عشرات المنصات المعروفة عالمياً والتي أعلنت إفلاسها.

داميان ويليامز، المدعي العام في نيويورك، قال: جريمة سام واحدة من كبرى الجرائم المالية في التاريخ الأميركي تم من خلالها الاستحواذ على ثمانية مليارات دولار من أموال الناس".

الاحتيال الرقمي في إقليم كوردستان

نتيجة غياب الثقة بالمصارف ومستقبل الاقتصاد في إقليم كوردستان والعراق، توجد كميات هائلة من العملة النقدية عند المواطنين. في الواقع، تشير تخمينات البنك المركزي العراقي إلى أن هناك نحو 59 مليار دولار من العملة النقدية يتم تداولها في العراق، وخمس هذا المبلغ الضخم جرى ادخاره أما الباقي البالغ نحو 43.5 مليار دولار فهو مبالغ نقدية عند المواطنين.

ولأن أغلب التعاملات التجارية في الداخل، كمعاملات بيع وشراء العقارات والسيارات والاحتياجات اليومية وكل البضائع والسلع الأخرى يجري باستخدام العملة النقدية، فإن احتمالات التعرض للاحتيال والتزوير وخسارة الناس أموالهم عالية. إذ توجد في المحاكم الآلاف من ملفات الاستحواذ على الأموال بانتظار حسمها، وأغلبها لا يخرج بنتيجة.

من جانب آخر، فإن الافتقار إلى سوق بورصة نشط إلى جانب اقتصاد أحادي البعد مهزوز، دفع المواطنين إلى التوجه نحو الاستثمار في المنصات الرقمية.

شهدت السنوات الأخيرة العديد من الحملات الإعلامية لصالح المنصات والمواقع المتنوعة، والتي زعمت أن إيداع مبلغ من المال فيها سيعود خلال أشهر وسنوات بأرباح كبيرة على المستثمرين والمواطنين، ثم بعد فترة سرقت ملايين دولارات المواطنين وهرب أصحاب تلك المواقع.

لا يوجد في العراق وإقليم كوردستان أي قانون خاص بإنشاء صندوق استثماري رقمي، ولهذا فإن التعامل مع هذه المواقع وإيداع الأموال فيها محفوفان بالمخاطر.

قضية سام بانكمان القانونية تبين أنه حتى في حالة المواقع المعروفة عالمياً، فإن خطر الإفلاس والاحتيال في التعاملات الرقمية كبير. فكيف بإقليم كوردستان والعراق حيث لا توجد شركات مسجلة معترف بها ومرخص لها قانونياً بالتعامل بالعملات الرقمية.

في أحيان كثيرة، يجري الاتصال من خلال شبكات التواصل الاجتماعي بمواطنين شباب ويقدم المتصل نفسه ويروي قصته وكيف أنه من خلال الاستثمار في منصة أو موقع إلكتروني استطاع أن يربح، ويدعو هذا الشاب للاستثمار في تلك المنصة أو الموقع. ثم في الأشهر الأولى، يدفعون لهذا الشاب أرباحاً من رأسماله الأولي ويجعلونه يثق بالموقع، لكن الموقع يتوقف فجأة ويذهب رأسماله. وقعت عشرات الأنواع من هذه الحوادث، وقد عرضت الحياة الاجتماعية للناس إلى مخاطر حقيقية.

نوع آخر من الاحتيال عبر الإنترنت، يأتي نتيجة كشف أرقام هاتف وحسابات الأشخاص في مواقع التواصل كواتساب وغيره. على حين غرة، تتلقى اتصالاً وتقدم لك أنواع من الأدلة على أن المتصل شخص حقيقي يتبع شركة أو مصرفاً أو منظمة معتمدة في بلد آخر، ويخبرونك بأنك فزت بآلاف أو عشرات آلاف من الدولارات في قرعة. يبدون أنفسهم بأنهم حقيقيون بعد أن حصلوا على بيانات شخصية عنك بطرق مختلفة غير شرعية. ثم يطلبون منك أن تدفع لهم بضع مئات من الدولارات كنفقات لإرسال مبلغ الجائزة لك.

وحسب واحدة من شركات تحويل الأموال الدولية العاملة في إقليم كوردستان، فإن عشرات المواطنين يراجعونهم كل شهر لتحويل أموال لهذا الغرض، لكن الشركة تشعر فوراً بأن هؤلاء تعرضوا للاحتيال وينصحون هؤلاء المواطنين بعدم تحويل تلك الأموال للخارج.

ووفقاً لمفوضية التجارة الأميركية، تم خلال العام 2022 عن طريق الإنترنت الاحتيال على الناس وسرقة 8.8 مليار دولار منهم، وهو رقم أعلى بمقدار 2.6 مليار دولار من حجم الاحتيالات الرقمية في العام 2021.

ورغم أن أميركا وبريطانيا والدول المتقدمة لديها منظمات قانونية متخصصة في التحقيق وإعادة الأموال المسروقة من الناس، لكن قدرات هذه المنظمات محدودة، كما أن إلقاء القبض على المحتالين بعد مرور فترة من الزمن يقلل بدرجة كبيرة من فرص استعادة الضحايا لأموالهم.

توجد في أمريكا منظمة (فين سين) التابعة لوزارة الخزانة الأميركية وفي بريطانيا منظمة (أكشن فراد) وهما مسؤولتان عن متابعة ملفات الاحتيال عبر النت، لكن ملفات الأفراد لا تلقى الاهتمام الجاد كالقضايا المرتبطة بالإرهاب، وإن تعرضت أموالك للسرقة فلن تقدما لك شيئاً، فكيف إن كنت تعيش في إقليم كوردستان ولا تبلغ يدك أي وسيلة أو مكان لاسترداد أموالك.

ويقول المدعي العام في نيويورك، داميان ويليامز: "نريد أن نجعل من سام بانكمان – فريد عبرة لكل من يعمل في سرقة أموال الناس ويظن أنه سينجو بفعلته إلى الأبد"، لكن هل من السهل العثور على أمثال هؤلاء؟.

 

 

 

روداو

Top